بعد انفراد الرئيس الرحل أنور السادات بالسلطه المطلقه فى الحكم اثر أحداث15 مايو 1970، وكنتيجه طبيعيه لذلك فقد أعطى الدستور المصرى فى11سبتمبر1971 لرئيس الجمهورية صلاحيات وسلطات واسعة وبدون تحديد لامكانية محاسبتهولا إقالته من منصبه بشكل محدد أواستثنائي طبقا للمادة 74، فهو يتولى السلطة التنفيذية بنفسه م 137 والوزراء هم مجرد معاونون له وينفرد بحق عزلهم م 138, فى حين قيد من سلطات البرلمان فى تقرير مسئولية الوزراء وسحب الثقة منهم بقيودكثيرة ويجوز له تعيين نائب أوأكثر ويحدد اختصاصاتهم ويقوم بعزلهم م 139 ويعين رئيس الوزراء ونوابهم ويعفيهم منمناصبهمم 141 ويعين الموظفين المدنيين والعسكريين والممثلين السياسيين ويعزلهمم 143 وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة م 150 ورئيس مجلس الدفاع الوطني م 182والرئيس الأعلى للشرطة م 184 وتتبعه المجالس القومية المتخصصة م 164 ، وله حقاقتراع القوانين م 109 وحق إصدارها أو الاعتراض عليها م 112 وأن يعلن حالة الطوارىءم 148 ، وغير ذلك ليصنع من رئيس الجمهوريه فرعونا على مصر. ثم جاءت التعديلاتالتى أدخلت على الدستور فى عهدالرئيس السابق حسنى مبارك وفى ظل العمل بأحكام قانون الطوارئ !!!! واستئثار الحزب الوطنى بالسلطه لتزيد من وسائل القمع وكبت الحريات فى الدولهوأصبح القضاء بالتوريث فانعدمت الشفافيه وسادت الفوضى والوهن والأنانيه والأساليب الغير شرعيه فى التعامل فى أوصال الأمه وانتشر الفساد فى جميع أجهزة الدوله لتصبح نهبا ومغنما ومرتعا للقيادات فى النظام وأعوانهم فى حماية من القانون ورجاله. فمن الثابت أن دكتاتورية الحزب الواحد هى أسوأ أنواع الدكتاتوريه ولا تأتى الا بالوبال والخراب والدمار على الشعوب وصفحات التاريخ قديما وحديثا ملأى بالأمثله على ذلك أيضا الماده (26) من الدستور التى أقرت : "للعاملين نصيب فى إدارة المشروعات وفى أرباحها..."وأصبح هذا الحق قاصرا على القيادات العليا وأتباعهم دون باقى العاملين وفى ظل انعدام أى رقابه حقيقيه من قبل الأجهزه الرقابيه المختلفه ليتعدى دخلهم الشهرى المليون جنيها فى الوقت الذى لايزيد فيه مرتب استاذ الجامعه كثيرا عن الألفين من الجنيهات على سبيل المثال . أما فيما يتعلق بالحقوق والحرياتنجد ثلاثة ملاحظات رئيسية. أولاً : حقوق وحريات تقوضها قوانين لا يحيل الدستور الحالي الكثير من الحقوق والحريات إلى القوانين واللوائحالتنفيذية لاستيضاح التفاصيل فحسب، وإنما يحيل الكثير من هذه الحقوق إلى قوانين تحدمن المبدأ الدستوري وتضع قيدا عليه وفي كثير من الأحيان تأتي القوانين لتفرغ الحقالدستوري من مضمونه الأصلي. ومعني ذلك أن القانون الذي يفترض إنه يخدم المبدأالدستوري لأنه أدني منه يصبح عمليا أعلى منه ويقوض المبدأ الدستوري ذاته. والأمثلةعلى ذلك كثيرة مثل "يقوم النظام السياسي في جمهورية مصر العربية على أساس تعددالأحزاب، وينظم القانون الأحزاب السياسية " (مادة 5)، "حرية الرأي مكفولة ولكلإنسان التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من سائلالتعبير في حدود القانون" (مادة 47). "حرية الصحافة، والطباعة والنشر ووسائلالإعلام مكفولة وذلك كله وفقا للقانون" (مادة 48). "للمواطنين حق الاجتماع الخاص فيهدوء غير حاملين سلاحا ودون حاجة إلى إخطار سابق. والاجتماعات العامة والمواكبوالتجمعات مباحة في حدود القانون" (مادة 54 ). "حرية الصحافة مكفولة والرقابة علىالصحف محظورة وإنذارها أو وقفها أو إلغائها بالطريق الإداري محظور وذلك كله وفقاللدستور والقانون" (مادة 208). "للصحفيين حق الحصول على الأنباء والمعلومات طبقاللأوضاع التي يحددها القانون" (مادة 210). "الاجتماعات العامة والمواكب مباحة فيحدود القانون" (المادة 54). "لا يجوز تقييد حرية المواطن في التنقل أو الاقامة، إلافي الأحوال المبنية بالقانون " (مادة 50)للمواطنين حق تكوين الجمعيات على الوجه المبين في القانون" (مادة 55). وهذا علىسبيل المثال وليس الحصر، وإذا رجعنا إلى القوانين المتعلقة بإنشاء الأحزاب أو تكوينالجمعيات الأهلية أو إصدار الصحف أو المتعلقة بحق التجمع السلمي نجد قوانين غاية فيالسوء تقوض المبدأ الدستوري من أساسه وتحوله على نص عديم المعني، وقس على ذلكالكثير من الحريات والحقوق الموجودة في الدستور التي تقلصها أو تلغيها قوانين. والشيء الهام أن المبدأ الدستوري يظهر بأنه مع الحريات وبأنه يتوافق مع المواثيقالدولية في حين أن القانون الذي ينظم هذا المبدأ يتعارض معه ومع المعاهداتوالمواثيق التي وقعت عليها مصر. فإذا زدنا على ذلك الشروط والموافقات الأمنية قبلإنشاء حزب أو صحيفة أو جمعية أو حتى اجتماع سلمي لا تضح في النهاية أن المبدأالدستوري يكاد يكون مقوضا تماما. ثانياً : حقوق وحريات لم تطبق فى الواقع هناك حقوق وحريات كتبت في الدستور المصري لأغراض سياحية فقط، ولم تطبق في الواقع قط،وإنما نقلت من دساتير متقدمة بشكل نصي، وهي سياحية بمعني أنها للتباهي والفرجةبالنسبة للخارج ولم تكتب من آجل الداخل : مثال على ذلك المادة (41) "الحرية الشخصية هيحق طبيعي وهي مصونة لا تمس ". فالحق الطبيعي بالنسبة للحريات يعني أقصى درجاتالحرية بالنسبة للحريات الشخصية فهل هذا مطابق للواقع - بالطبع هناك الكثير من المواد المتعلقة بالحريات تحديدا أبعد ما يكون عنتطبيقها في الواقع العملي، فهناك بون شاسع بين حريات يقررها الدستور ووقائع دولةأمنية بوليسية تتحكم في كل شيء في حياة مواطنيها. ثالثا: حقوق وحريات غير موجودة في دستور71 حيث تخلفت نصوصالدستور كثيرا عن حركة واقعنا الحاضرفلم يشمل أمورا أصبحت تمثل سمات أساسية في المجتمعات المتقدمة الحديثةمثل مبدأ الشفافية الكاملة والمراقبة الدقيقة والمحاسبة والمساءلةللحاكم ومعاونيه والوزراءعن كافة الأفعال والمصروفات، وهذه كلها تمثل حقوقا أساسية من حقوق الشعوب في مواجهة السلطات. أيضا لا يشمل حريات كثيرة تتعلق بدور المجتمع المدني في ظل العولمةالحالية وحرياته وحركته، فالمجتمع المدني أصبح يمثل حكومة موازية تراقب وترصد حركةالمجتمع وحقوقه في مواجهة السلطات القائمة، كما لم يعالج الدستور الحقوق السياسية للمصريين فيالخارجسواء المهاجرين بصفة مؤقتة أو مهاجرين بصفة دائمة ومحتفظين بالجنسيةالمصرية بشكل واضح ومحدد، سواء فيما يتعلق بحق التصويت والمشاركة السياسية أو فيمايتعلق بالمساواة في أمور كثيرة . ولم يعالج الدستور أيضا حقوق المجتمع فيما يتعلق بالمحافظة على آثارهوكنوزه التاريخية والتي تعد مصدرا هاما من مصادر الدخل القومي، ومفاخر تاريخية تنقلروعة الحضارة المصرية عبر عصورها المختلفة إلى العالم الحديث. وبناء عليه فإن الحاجة ماسة لتقليص سلطات رئيس الجمهوريةدستوريا بأن تتوزع تلك السلطات إلى أهلها دون أن تتركز فى يد فرد مهما كان هذاالفرد صالحا ، فإذا كان فرعون صالحا اليوم فلا نظلم الأجيال القادمة إن جاءها فرعون ظالم.كذلك الغاء الماده (26)وتحديد حد أقصى للأجور بما فيها البنوك وكافة قطاعات الدوله حتى لو هاجر كل الكفاءات المزعومه الى دول أخرى. ترى هل يأذن واقعنا الحالى بانهاء التشرذم والتباعد بين أطياف الثوره وإعادة التأمل فى شئوننا حتى ننعم بحياةنيابية واجتماعية سليمة تسود فيها الحريات أم أن تشرذم الفاقهين ، وتناطحالأيديولوجيين ، واستثمار الطغاة لهذا الواقع سوف يسهم في زيادة محنتنا؟! آملأن يتدارك الفاقهون الأمر ولعله يكون قريبا إن شاء الله تعالى.