تقطعت شعيرات الرحمة داخل نسيج قلب ذاك الأب بعدما سادت شهوة المال لديه وخيمت على عقله وراح يبيع ويبتاع فلذة كبده لرجل أراد أن يشتريها دون النظر إلى حقوق الابنة التى أصبحت سلعة تباع وتشتري... فلم تدر ماذا تفعل «هالة» عندما علمت أن والدها قام ببيعها من أجل النقود لفترة زمنية معينة تحت ما يسمى بالزواج، وكانت الصاعقة عندما طالبها بالتنازل عن حقوقها من أجل إتمام الصفقة، وكان قدر الله غير ذلك. «هالة» صاحبة ال19عاماً اختتمت دراستها الثانوية وأرادت أن تلتحق بالجامعة كباقى بنات عمرها، ولكن كان لأبيها مخطط آخر.. رفض الأب طلب ابنته وأرغمها على الاكتفاء بهذه المرحلة، بعدما اتفق مع أحد الرجال ميسورى الحال ليبيع له ابنته تحت ما يسمى بالزواج، تقدم الزوج لطلب يد هالة، ولكنها رفضت من أجل أحلامها التى بناها خيالها البريء، وأبلغته أنها تريد إكمال دراستها فهى متفوقة وستلتحق بالجامعة، ولكن هيهات فلا حياة لمن تنادى، تم عرض البيع والموافقة على الشراء والثمن وجاء يوم تنفيذ الاتفاق. تزوجت الضحية من هذا الرجل المطلق وأب ل4 أبناء بعد صراعات استمرت طويلاً بينها وبين أبيها الذى أعمت عينيه النقود، وراح يقتلها بالكلمات الموجعة: «إنتى لازم تعملى بلقمتك ونومتك».. نظرات مؤلمة وعبارات جارحة تتلقاها «هالة» من أبيها، إلى أن ظنت أن هذا الزوج سوف يكون أرحم عليها من أبيها الذى نزع الله من قلبه الرحمة أمام الأموال. ذهبت «هالة» إلى منزلها الجديد التى ظنت أنها سوف تنعم بداخله بالاستقرار مثل أى عروس، ولم تكن تعلم أنها فترة مؤقتة وسوف تنقضى سريعاً لدى هذا المتاجر بأعراض البشر أمام حفنة من النقود، انقضت الأيام الأولى من الزواج سعيدة وسرعان ما تبدل الحال من شهر عسل إلى مشاجرات وخلافات لكى ينتهى هذا الزواج سريعاً ويبحث عن ضحية جديدة تحت مسمى الزواج الشرعي. ظلت الزوجة تعمل كخادمة له ولأطفاله وكان يعايرها بأبيها وأنه قبض ثمنها وباعها فيجب أن تعمل مقابل هذه الأموال، لم يعد فى مقدور هذه الضحية الاستمرار على كل هذه الإهانة والمعاناة التى تلقاها من العمل فى المنزل فاتجهت إلى العقاقير الطبية والمسكنات للصبر على هذا الظلم، وأراد الله أن يرحمها من هذا العذاب فأنعم عليه بطفل ليكون لها عصمة من هذا العذاب. حملت «هالة» من زوجها المؤقت التى بيعت له، فى بداية الأمر كانت سعيدة بحملها رغم كل ما تعانيه، ولكن سرعان ما تغير هذا الشعور عندما اصطدمت سعادتها باستياء زوجها وأبيها من الحمل الذى لم يكن ضمن مخططاتهما، وبدأت تفكر عن سر هذا الاستياء، وازدادت المشكلات يوما تلو الآخر إلى أن وصلت لمرحلة التشاجر والعذاب الذى قرر الزوج أن يحتويها به نتيجة لهذا الحمل، وذات يوم طلب منها الزوج إجهاض هذا الجنين. فوجئت «هالة» بطلب زوجها وإصراره على عدم الاحتفاظ بالجنين الذى لم يكن ذنبه غير أنه نتيجة زواج مدفوع الثمن حب جده للأموال وأبيه للنساء، رفضت الزوجة طلب زوجها وازدادت المشكلات أكثر من سابقتها وامتنعت أن تذهب مع زوجها للطبيب لقتل الجنين. فشل مخطط الأب والزوج بوجود هذا الجنين وأراد أن يكتم أنفاسه من قبل أن ينبض قلبه، تمسكت الزوجة أكثر وأكثر بهذا الجنين، فلم يجد ما يفعله غير أنه يقوم بإجهاضها بنفسه وبالفعل زاد فى المشاجرات والتعدى عليها بالضرب ولكن إرادة الله أقوى من كل شيء، فكان القرار بطلاق هذه الزوجة ليرتاح باله. طلق زوجته غيابياً وعادت إلى منزل والدها مرة أخرى وكان فى استقبالها الكلمات المعسولة بالعذاب والأيدى المبطنة بالعنف، فلم تجد ما تفعله غير أنها تصبر على قسوة أبيها، احتضنت «هالة» طفلتها لتكون حصادها من هذه الفترة التى مرت عليها مسبقاً، لم تظل «هالة» ثابتة أمام هذا الظلم وذهبت إلى المحكمة وقسم الشرطة وقامت بتحرير محاضر ضد زوجها الذى طردها وطفلتها من المنزل. تشاجر الزوج والأب فلم يكن فى اتفاقهما كل هذه الأحداث، فقد اتفقا فقط على بيع وشراء «هالة» ولفترة محددة لم يكن فى حسبانهما أن تنجب «هالة» طفلتها وتصمد أمامهما دفاعاً عن حقها وحق طفلتها، فقد جن جنون الأب والزوج من أفعالها، كل منهما يحمل المسئولية للآخر وليس فارقاً معها «هالة» أو طفلتها البريئة التى مازالت تفتح عينيها لنور الحياة.. حاول إرغام ابنته على التنازل عن المحاضر والقضايا التى أقامتها ضد زوجها لنيل حقها وحق طفلتها أمام ضغط الزوج وتنفيذاً للاتفاق وهو بيع وشراء فقط دون أي تبعات.. ولكن «هالة» رفضت وواجهت الموت أثناء ولادتها بعد تخلى الجميع عنها، ولكنها أبت أن يضيع حق ابنتها على الإطلاق.. كفى ما فعلاه فيها من ذل وهوان.. جعلها والدها سلعة من أجل المال.. ونظر إليها زوجها على أنها مجرد امرأة دفع ثمنها ويريد أن يتحكم فى حياتها وقوتها، وكأنه من خلقها، ولكن لم يحدث وصمدت «هالة» ومازالت صامدة تنتظر حكم القضاء وانتقام الله.