مجلس النواب يوافق نهائيا على قانون التأمين الموحد    20 مايو 2024.. البورصة تعاود الهبوط بانخفاض طفيف    لماذا يتهم المدعي العام للجنائية الدولية نتنياهو وجالانت بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية؟    إسبانيا تستدعي السفير الأرجنتيني في مدريد    أحمد أوفا يقود هجوم إنبي أمام المصري في الدوري    تحرير 118 محضرا مخالفا خلال حملات تموينية وتفتيشية بالمنيا    ضبط 4 متهمين بتجميع خام الذهب الناتج عن تنقيب غير مشروع بأسوان    المحكمة تنتدب الطب الشرعي في محاكمة طبيب متهم بإجهاض السيدات في الجيزة    انطلاق ورشة لتدريب الشباب على فن الموزاييك بثقافة الإسكندرية    الرعاية الصحية: التوعوية بضعف عضلة القلب في 14 محافظة.. و60 منشأة صحية شاركت بالحملة    إطلاق أول استراتيجية عربية موحدة للأمن السيبراني الشهر المقبل    محمود محي الدين: 15% من الأجندة العالمية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة    فلاح يقتل والده بأسيوط.. هكذا عاقبته المحكمة    موعد الفرحة: تفاصيل عيد الأضحى في السعودية لعام 2024    تشافي ولابورتا.. تأجيل الاجتماع الحاسم في برشلونة    "وحشتني يا بسبوس".. إيمي سمير غانم توجه رسالة لوالدها في ذكرى وفاته    سلمى أبو ضيف تنشر جلسة تصوير لها بفرنسا.. ومنى زكي تعلق (صور)    فرقة «المواجهة والتجوال» تواصل نجاحاتها بالعريش والوادي الجديد    «السرب» الأول في قائمة إيرادات الأفلام.. حقق 622 ألف جنيه خلال 24 ساعة    مجلس النواب يوافق نهائيا على الحساب الختامى للموازنة العامة للدولة    تأثيرات الإفراط في تناول الفواكه لدى كبار السن.. نصائح وتوصيات    7 تعديلات مرتقبة في قانون مزاولة مهنة الصيدلة.. أبرزها رسوم الترخيص والورثة    نائب رئيس نادى السيارات: مسيرات للدراجات النارية ومسابقات سيارات بالعلمين أغسطس 2024    طلب إحاطة بشأن تكرار أزمة نقل الطلاب بين المدارس    اليوم.. مصر تواجه بوروندي في بطولة أمم أفريقيا للساق الواحدة    شيخ الأزهر يستقبل سفير بوروندي بالقاهرة لبحث سبل تعزيز الدعم العلمي والدعوي لأبناء بوروندي    بروتوكول تعاون بين التأمين الصحي الشامل وكلية الاقتصاد والعلوم السياسية لتطوير البحث العلمي فى اقتصادات الصحة    تطوير المزلقانات على طول شبكة السكك الحديدية.. فيديو    رئيس النواب: التزام المرافق العامة بشأن المنشآت الصحية لا يحتاج مشروع قانون    محافظ أسيوط: التدريب العملي يُصقل مهارات الطلاب ويؤهلهم لسوق العمل    براتب خيالي.. جاتوزو يوافق على تدريب التعاون السعودي    تفاصيل أغنية نادرة عرضت بعد رحيل سمير غانم    إكسترا نيوز تعرض تقريرا عن محمد مخبر المكلف بمهام الرئيس الإيرانى.. فيديو    فتح باب التقدم لبرنامج "لوريال - اليونسكو "من أجل المرأة فى العلم"    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    الإفتاء توضح حكم سرقة الأفكار والإبداع    ضبط المتهمين بسرقة خزينة من مخزن في أبو النمرس    مصرع شابين في حادث تصادم بالشرقية    تحرير 142 مخالفة ضد مخابز لارتكاب مخالفات إنتاج خبز بأسوان    توجيه هام من الخارجية بعد الاعتداء على الطلاب المصريين في قيرغيزستان    مجلس النواب يستكمل مناقشة قانون إدارة المنشآت الصحية    22 مايو.. المؤتمر السنوي الثالث لطلاب الدراسات العليا فى مجال العلوم التطبيقية ببنها    رئيس جامعة بنها يشهد ختام فعاليات مسابقة "الحلول الابتكارية"    قائمة البرازيل - استدعاء 3 لاعبين جدد.. واستبدال إيدرسون    مرعي: الزمالك لا يحصل على حقه إعلاميا.. والمثلوثي من أفضل المحترفين    وكيل وزارة بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذى الحجة    وزير الري أمام المنتدى المياه بإندونيسيا: مصر تواجه عجزًا مائيًّا يبلغ 55% من احتياجاتها    بعد وصولها لمروحية الرئيس الإيراني.. ما هي مواصفات المسيرة التركية أقينجي؟    باحثة سياسية: مصر تلعب دورا تاريخيا تجاه القضية الفلسطينية    معرض لتوزيع الملابس الجديدة مجانًا بقرى يوسف الصديق بالفيوم    ماذا يتناول مرضى ضغط الدم المرتفع من أطعمة خلال الموجة الحارة؟    عواد: لا يوجد اتفاق حتى الآن على تمديد تعاقدي.. وألعب منذ يناير تحت ضغط كبير    ماذا نعرف عن وزير خارجية إيران بعد مصرعه على طائرة رئيسي؟    الأسد: عملنا مع الرئيس الإيراني الراحل لتبقى العلاقات السورية والإيرانية مزدهرة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 20-5-2024    روقا: وصولنا لنهائي أي بطولة يعني ضرورة.. وسأعود للمشاركة قريبا    دعاء الرياح مستحب ومستجاب.. «اللهم إني أسألك خيرها»    وسائل إعلام رسمية: مروحية تقل الرئيس الإيراني تهبط إضطراريا عقب تعرضها لحادث غربي البلاد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مجلة مجلس الدولة حبيسة الأدراج منذ 15 عاما
(3/3) فى أحدث دراسة للفقيه الدكتور محمد خفاجى عن حصاد 2018 للإدارية العليا العدالة قالت كلمتها ( حقائق وأرقام):
نشر في الوفد يوم 23 - 12 - 2018

أزاح القضاء المصرى منظومة أطلقت على نفسها جياع ابتلاع أراضى الدولة بلا تقنين، واستطاعت العدالة أن تؤكد جذور أدبيات القضاء أعطنى قاضيا عادلا وقانونا ظالما يتحقق العدل، ولكن قضاء المحكمة الإدارية العليا أضاف إلى هذه الثوابت المتوازنة أن العدالة تحلق فى سماء الوطن بجناحيها تقف أمام القوى طالما طغى وتدعم الضعيف طالما استظل بحماية القانون، فى مواجهة حاسمة لأوهام القوة بلا قانون وفى أحدث دراسة قام بها الفقيه المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة عن موضوع «الحصاد القضائى للمحكمة الإدارية العليا فى مجال التوازن الاقتصادى، واسترداد أراضى الدولة وحماية المال العام (حقائق وأرقام) والحنين لمجلة مجلس الدولة وملامحها التاريخية وتواصل الأجيال نشر على موقع نادى قضاة مجلس الدولة حقق خلال يومه الأول 5 الاف قراءة وهو أعلى رقم مشاهدة منذ انشائه، ونشره الموقع الرسمى لمجلس الدولة المصرى على صفحته الرسمية، وربما يدعو البحث إلى تشكيل لجان عالية المستوى لتتابع تنفيذ تلك الأحكام لصالح الدولة، ونعرض لهذا البحث القيم, عن حصاد 2018 للجزء الثالث والأخير على النحو التالى:
أولا: مجلة مجلس الدولة كانت فكرة كامل مرسى عام 1947 وصدرت عام 1950 فى عهد السنهورى باشا:
يقول الفقيه الدكتور محمد خفاجى أن مجلس الدولة المصرى قد ارتأى منذ إنشائه عام 1946 بحسبانه القائم على تبعات القضاء الإدارى فى مصر, والمضطلع بأعباء القانون العام فكرة أن يصدر مجلة يرصدها لخدمة القضاء الإدارى وفقه القانون العام، ولأجيال الشباب من قضاة مجلس الدولة اُخطاب وأقول، إن التاريخ الذى له أهله ورواده، يرصدون ويسجلون، أن فكرة انشاء مجلة مجلس الدولة كانت فكرة المرحوم الدكتور محمد كامل مرسى أول رئيس لمجلس الدولة دونها فى تقريره فى سبتمبر عام 1947، ولكن المجلس لم يصدر تلك المجلة فى عهده، واستطال ظهورها ولم تر النور حتى مطلع عام 1950، وكان أول عدد لها فى عهد المرحوم الفقيه الدكتور عبد الرزاق السنهورى.
ويضيف الدكتور محمد خفاجى والحق أن إصدار مجلس الدولة المصرى لمجلته لم تكن من حيث أصل نشأة الفكرة على مستوى الدول التى تأخذ بنظام القضاء المزدوج ترجع إليه فقط، بل قد سبقه إلى هذا العمل بحكم الزمن مجلس الدولة الفرنسى ومجلس الدولة الايطالى ، من خلال الدراسات ووثائق الأحكام التى يصدرها رجاله كل عام، وقد أثبتت التجربة منذ البداية الأولى للمجلس –وتواترت فيما بعد- أن العقلية القانونية المصرية سبقت القضاءين الفرنسى والايطالى، فى بعض المبادئ العليا فى كثير من النظريات التى تتعلق بنشاط الإدارة.
ثانيًا: المجلة حبيسة الأدراج منذ 15 عاما ولولاها لما عرف الشعب أن أمين المهدى كان عضوًا بفريق المفاوضة وهيئة الدفاع عن طابا
يقول الدكتور محمد خفاجى إنه إذا كان عدم إصدار مجلة مجلس الدولة الفترة منذ الاعلان عنها فى سبتمبر 1947 حتى مطلع عام 1950 يرجع إلى عدم توافر الامكانيات المادية لإصدار المجلة، فإن جيل الشباب بل وجيل الوسط وهم كُثر، تصيبهم الدهشة، التى لها وجاهتها الظاهرة التى لا يمكن نكرانها، فى عدم صدور تلك المجلة بعد أربع سنوات من بداية الألفية الثالثة، وخلال عدة عهود لرؤساء مجلس الدولة حتى الأن، على أقل تقدير منذ ثورة يناير 2011 أو بالأحرى منذ عام 2004، ففى يدى أخر نسخة تلقيتها فى العام القضائى 2002/2003 فى عهد المرحوم الفقيه الدكتور عبد الرحمن عثمان عزوز رئيس مجلس الدولة الأسبق بتاريخ 9 ديسمبر 2003، وحوت من بين ما حوت، البحث القيم للفقيه المستشار / محمد أمين المهدى – متعه الله بالصحة– رئيس مجلس الدولة الأسبق عن موضوع ( مشارطة التحكيم بشأن طابا بين اعتبارات الشفافية ومقتضيات المشروعية « شذرات من ذكريات» ).
ويضيف الدكتور محمد خفاجى أنه يكاد يحار العقل، هل هو مقال فى القانون أم هو دفء النفس أم حديث عزيز وغزير الذكريات، وكان من شرف وفخر قضاة مجلس الدولة، أن أمين المهدى كان عضوًا بالفريق المكلف بالمفاوضة بشأن وضع المشارطة ومن بعدها عضوًا بهيئة الدفاع فى الأحداث التى عاصرت صياغة مشارطة التحكيم التى وقعت بتاريخ 11 سبتمبر سنة 1986، ودُرجت تسميتها بمشارطة التحكيم بشأن طابا، وكان من ثماره إصدار حكم هيئة التحكيم فى 29 سبتمبر 1988 كاشفًا وجه الحق، باسطًا سيادة مصر على كافة أراضيها، فكيف لجيلى ومن بعدى هدير أجيال الشباب أن يعلم قضاته العظام إلا من خلال مجلته الأثيرة على القلوب والعقول، ويزداد الاسى الممزوج بالحنين لمجلة مجلس الدولة، أن الدولة فى عصرها الحالى وبعد ثورة 30 يونية 2013، قد شملت بالحماية والرعاية موازنات الجهات القضائية، ومن بينها مجلس الدولة، والتى أصبحت معروفة لدى الأجهزة السيادية للدولة، ولم تعد سرًا يخفى على من يملك الاطلاع عليها من أولى الأمر، فهل شُح مورد وجُف ينبوع منذ عام 2004 حتى الأن لإصدار أعظم مجلة شهدها الوطن العربى فى العصر الحديث أم هو ترتيب أولويات، ولم يعد للعلم فيها مكان الصدارة، وجرأة الاقدام
ثالثًا: عودة المجلة واجب عام ومطلب مشروع:
يقول الدكتور محمد خفاجى إن مجلة مجلس الدولة تئن حزنًا طوال خمسة عشر عاما حبيسة الأدراج، وقد أعياها حبسها عن الظهور
والنور، وبات الحنين إليها واجبًا عامًا ومطلبًا مشروعًا وسؤالًا يبحث عن إجابة ونداءً يتحسس الاستجابة والرأى عندى أن الانتظام فى إصدار مجلة مجلس الدولة بات مطلبًا ملحًا لشباب القضاة وغيرهم من الأجيال اللاحقة له عمرًا والسابقة عليه تعيينًا، بعد أن استقام لمصر نظام قضائى كامل تباهى به الأمم المتحضرة، فاستوى قضاءً مصريًا خالصًا من نبت أفكار وابداعات رجاله، تعتز به مصر وتفتخر، حيث إن اطلاع شباب قضاة مجلس الدولة فى مجلتهم على أفكار شوامخ الفكر القانونى من أساتذتهم جيلًا بعد جيل، هو الذى يجعل شعلة قضاء مجلس الدولة وقادة دائمًا، ينهل منها شباب القضاة زادهم فى العمق القانونى، إن مجلة مجلس الدولة بما تضمنته من فقه رجاله وعطائهم القضائى، وما اُستن من مبادئ، ما كانت لتستقيم على نهجها السديد، قبل استحكام التجارب ومر الزمان، وفى اعتقادى أن ما تركوه يعد تراثًا وأثمن ما يمكن أن يتركه سلف لخلف، تراثًا عماده الحق والعدل والانصاف، وقوامه العزة والكرامة والافتخار.
ويضيف الدكتور محمد خفاجى يكفى للدلالة على أهمية مجلة مجلس الدولة أنها بمثابة السفر العظيم الذى تُنقش فيه من أبحاث رجاله ما يشار إليه بالبنان، فى كل ما هو جديد وجدير، وإننى أتساءل مَن مِن شباب القضاة اطلع على درة الفكر الرصين عن مقال « مخالفة التشريع للدستور والانحراف بالسلطة للفقيه الأب عبد الرزاق السنهورى أو مقال " رقابة القضاء لدستورية القوانين " للمستشار السيد على السيد، أو مقال حقوق الإنسان فى الفكر القانونى المقارن " للدكتور فؤاد العطار، أو مقال " الوظيفة العامة " للدكتور ضياء الدين صالح، أو مقال " نظرية النظام والشركات التجارية « للدكتور مصطفى كمال وصفى، وغيرهم من عباقرة مجلس الدولة لعدة أجيال، يتعلمون الشباب كما تعلمنا، كيف يبحثون ؟ وكيف يفكرون ؟ وكيف يحكمون ؟ فى سبيل توفير العدل لوطنهم بالعلم والمعرفة والضمير والنزاهة والاستقلال، والتى كانت نبراسًا للباحثين ورجال الفقه فى الجامعات، فكم من حكم قضائى بتقريره نظرية مستجدة، كانت محلا لرسالة ماجستير أو دكتوراه، وهى الخصيصة التى تلازم رجال مجلس الدولة فى كل عصر وكل جيل، مع اختلاف خصائص كل عصر وفقًا لسنة التطور والحياة.
ويذكر الدكتور محمد خفاجى لقد كانت مجلة مجلس الدولة المصرى مراَة صادقة لحياة مجلس الدولة، تؤدى دورا رائدا فى عالم الفقه والقضاء على حد سواء، خلال خمسين عاما منذ سنتين لاحقتين على تاريخ انشائه حتى سنوات قليلة من بداية الألفية الجديدة، حيث كان الجميع ينتظرها، وينتظر جهد وعطاء أبنائه، وما جادت به قرائحهم، فى سبيل توفير العدل الإدارى فى كافة أرجاء البلاد،وقد غابت تلك المراَة ولم نعد نرى حقيقة صنع التاريخ، وإذا كان فكر أساتذتنا الاَباء قد أحنى جهدهم وسهرهم ودأبهم قامات من عظيم الرجال، إلا أنه قد أحنى كذلك رؤوسنا تقديرًا وحبًا ووفاء وإخلاصا.
رابعًا: القضية الأساسية ان بعض الجهات لم تستوعب الدروس، وغير مبصرة لقدرات وملكات رجالها:
يقول الدكتور محمد خفاجى إننى أريد فى هذه المناسبة، أن أقرر أن رأس الدولة المصرية وهو الحكم بين السلطات، يحرص على أن يكون كل جهوده الوطنية فى ضوء الشمس ووضح النهار، ولا يخفى إطلاقا الرئيس على الشعب أى نشاط، إيمانا منه بحق المعرفة للجميع ويعتمد على أخلص الرجال المخلصين للوطن المنتقين بكفاءة واقتدار، ورغم ما تبذله القيادة السياسية من جهود أصبحت مسجلة ومعروفة، إلا أن القضية الأساسية التى أراها جاثمة على صدر بعض الجهات والهيئات على اختلاف أنواعها فى بلادى، أنها لم تستوعب الدروس، وأنها غير مبصرة لقدرات وملكات رجالاتها ، كلٍ فى عطائه وتخصصه وتفوقه ونبوغه، ذلك أن أصابع اليد الواحدة لا تماثل فيما بينهما، حتى يكتمل بناء التقدم فى مصر ويزدهر، ولنخلق فى نفوس الشباب المتميز، ما ينمى فى عقيدتهم وشعورهم بعظم المسئولية، وايصال الحقوق إلى أصحابها فى وقت وجيز، فإذا ما تلقفتها العقول قابلتها بالاستحسان والقبول، وهذا ما لا يقل أهمية عن تحقيق العدل ذاته فالعدالة البطيئة ظلم مستتر.
خامسا: الشريعة الإسلامية حثت على العلم:
يقول الدكتور محمد خفاجى لقد حثت الشريعة الإسلامية على العلم، بالترغيب فى طلبه، والدعوة إلى تحصيله، فوردت عدة نصوص سواءً فى القرآن الكريم أو فى السنة النبوية الشريفة تُعلى من شأن العلم، وتُبين مَنزلة العلماء وفَضلهم على من سواهم، ومن ذلك قول الله تعالى: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِى الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ)، سورة الزمر،
الآية 9. كما إنَ للعلماء منزلةً عظيمةً ودرجةً رفيعةً بين النَاس فى الدنيا والآخرة، ومصداق ذلك قول الله تعالى: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)، سورة المجادلة آية11، وفضلًا عن ذلك فللعلماء سمةً يكسبهم إياها العلم، ألا وهى خشية الله تعالى ومخافته وتقواه، كما جاء فى قوله تعالى: (إنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ)، سورة فاطر، آية: 28، إذن فللعلماء أثر بالغ فى نفع مجتمعاتهم وتقدمهم ما جَعلهم بحق ورثة لخير البشر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
ويضيف الدكتور خفاجى ولا يَخفى على شباب قضاة مجلس الدولة، ما للعلماء من دورٍ جليلٍ فى خدمة النَّاس ونفعهم، والرقى بالمُجتمع وتقدمه,خاصة فى مجال العدالة, فإن العلمَ رفعة، لأنه ميراثُ الأنبياء, ولذلك لَما خُيِّرَ سيدنا سُلَيْمَانُ–عليه السلام–بينَ العلم وَالْمُلْكِ وَالمال، اختار العلم، فَأَعطاه اللَّهُ المال والْمُلْكَ مع العلم،وحينما دخل رجل إلى مدينة البصرة فقال: من سَيِّد أهل هذه المدينة ؟ فقالوا: الحسن البصرى، فقال: بِمَ سَادَهم ؟ فقالوا: احتاج الناسُ إلى علمه، واستغنى هو عن دنياهم.
ويذكر الدكتور خفاجى إن العلماءَ ورثة الأنبياء، وهم سُرُجُ الأزمنة، فكلُّ عالمٍ مصباحُ أهل زمانه يستضئ به أهل عصره، فالعلم بحرٌ لا ساحل له، قلَّ أن يصل فيه الكادحُ آخره، فليهتم طالب العلم بالعلم، وليهتم بمسائل العلم وفروعه وأصوله وليحرص على بلوغ هذا العلم، لأن حاجته إلى العلم ماسة وشديدة، وهل يمكنُ لقاضى القانون العام أن يستغنيَ فى كلِّ مجالات حياته عن تعليم أو تعلُّم، أو أخذٍ أو عطاء، خاصة وأنه صاحب ولاية وليس وظيفة، مما يحتل معه العلم منزلةً عُظْمى فى حياته المهنية، فبالعلم تُستجلَب المصالح، وتحصل المنافع، وتنجذِب القلوب، وتنفتح خزائن العلوم، وتنقطع أسباب الجهل، وكم من قاض فقيه من اَبائنا أجاد الفصاحةَ والبلاغة، وكان للعلم فى حيثياته وكتاباته مكان الصدارة، وبالعلم والصبر على بلوغه، يصير كل شاب من شباب قضاة المجلس مشروعَ عالمٍ، وأساس مبدع، وحكيم فذ لا يُشقُّ له غُبار، والعلم يتصل بالعمل، ولنا فى كلام رسول الله أسوة حسنة فقال: « من تساوى يوماه فهو مغبون، فإن لم يكن فى زيادة، فهو إلى نقصان صدقت يا سيدى يا رسول الله.
سادسا: وصايا إلى شباب قضاة اليوم والغد:
يقول الدكتور محمد خفاجى هذا بعض من فيض، أجريته على عُجالة رغم ضيق الوقت، لينهل منه أحبائى الشباب ما يشاءون من الفكر والفقه والعمق، فعقيدة القاضى حياته، فهى المدخل الحقيقى أو الاَمن لإبداعاته، والسياج الحصين لقناعاته، ومنبر الحق لحيثيات كلماته، لأن التجرد أعظم رسالاته، وموازين العدل تعكس دقة حسمه لموضوعاته, وسطوع شمس الحقيقة هى أجلَ بياناته، فهل هناك أجلَ من أن تكون كلمة الله على الأرض هى أقدس مسئولياته!
ويضيف الدكتور خفاجى هل هناك أمجد من دور تعلو مأذنة الحق صيحاته، يا حملة مشعل طريق العدل اليوم والغد وجميع أوقاته، يا سدنة العدالة ، اكتبوا عصارة جهدكم بمداد من الأرق والعرق ، من العدل واستقاماته، فأنتم تسطرون بالقلم الرصاص الذى يعتبر سجل الحياة، وأنقى صفحاته، يقف الجميع أمام المنصة الرفيعة سواسية بدون هوية أو خصائص أمام حياد رجالاته، لأن باب العدالة مهيأ لكى يكون مفتوحًا بفضل القاضى ومهاراته، والقاضى هو القاضى الفنى والخبير الأعلى برصيد ثقافاته، القاضى هو الفقيه بعمق أفكاره وعظيم اجتهاداته، القاضى هو رصيد اللغة والحارس الأمين عليها بدقة عباراته، القاضى هو العين والوجدان والقادر على اظهار الحق باشعاعاته، القاضى هو ابتغاء المهام المهنية والفقهية والعالِم بكل شئون المجتمع حتى علم الرياضيات ومعادلاته.
سابعًا: العلم فى حياة القاضى امتداد لمدارسنا وميراثنا
يقول الدكتور محمد خفاجى العلم فى حياة القاضى امتداد لمدارسنا وميراثنا وتراثنا ورصيدنا وحقائق قوانينا، فالقاضى إمام الحق وأمام مسئولياته، القاضى هو المجتمع الفكرى المنهجى، وهو القادر على أن يعتصر القلم والعِلم اعتصارًا، ويختزله اختزالًا بفضل قدراته، فهو يعتمد فى فلسفة عمله على كل ما هو جوهرى بعميق فكره وتفعيل اَلياته.
ثامنا: لا قاضى مجتهدا مبدعا بغير فكر فلسفى
يقول الدكتور خفاجى إذا كانت فلسفة التشريع هى أساس القانون، فلا قانون بدون فلسفة، ولا تشريع بدون منهج، فإنه لا قاض مجتهد مبدع بغير فكر فلسفى، فلا يوجد على الأرض القاضى المطلق، لأنها خاصية للحكم العدل جل شأنه، وإنما يوجد القاضى الحقيقى الذى هو الشريك التفاعلى مع مناهج التعددية فى المدارس العلمية المختلفة بين فكره ومنهج الأخرين، فالتشريع علم استقراء، فلا توجد بنية راسخة إلا بعد دراسة عميقة لعمق تربة البناء، وهذا هو منهج القاضى بل هو حياته.
تاسعًا: اَباؤكم الأوائل كانوا أكثر القضاة علمًا وفكرًا فى منطقتنا العربية
يقول الدكتور محمد خفاجى إلى أحبائى القاعدة العريضة من شباب قضاة مجلس الدولة الذين لهم مكانة راسخة فى العقل والوجدان أقول، إن اَباءكم الأوائل كانوا أكثر القضاة علمًا وفكرًا فى منطقتنا العربية، وأنتم أبنائهم لن تحيدوا عن المجد جهدًا، فمن ابتغى من طريق العلم ارتواءً فقد اُوتى فضلًا عظيمًا، ومن سعى فى شبابه بابًا فى الابداع فسيجد فيه نصيبًا مفروضًا، ومن خلفه سدًا منيعًا، ولا يحيد عن الاجتهاد محيصًا، ومن لم يتعظ من تجارب الماضى فقد ساء مصيرًا ، يميد به عن العدل علوًا واستكبارًا بعيدًا، ومن لم يتخذ من التاريخ درسًا وعبرة، فقد خسر خسرانًا مبينًا ، وما الحياة حينما تجنح عن الحق إلا لغوًا وغرورًا.
ويضيف الدكتور خفاجى فمن يقرأ تاريخ الفكر القضائى تصبح له أكثر من حياة غير حياته، ومعنى أكثر من معانيه، لأنه يتعرف على أشخاص لم يرها، ويعيش حياتهم دون أن يعرفهم، فإن الكثير من الأحداث تعطيك الأمل وحب الحياة، فمن يقرأ التاريخ لا يدخل اليأس إلى قلبه، فسوف يرى الدنيا أيّامًا يداولها الله بين الناس، فالأغنياء يصبحون فقراء، والفقراء يضحون أغنياء، وضعفاء الأمس أقوياء اليوم، وأقوياء اليوم ضعفاء غدًا، والغالبون مغلوبون، والفلك دوّار، والحياة لا تقف ولا تنتظر أحدًا، والحوادث لا تكفّ عن السير والجريان، والنّاس يتبادلون الكراسى، ومنهم من يصنع من الكرسى معنى ورمزًا، ومنهم من يصنعه الكرسى وسرعان ما يدخل دائرة النسيان لحظة إزاحة الكرسى من مقعده ، لا حزن يستمر، ولا فرح يدوم، فإذا لم تجد فى حياتك من يضيء لك قنديلًا، أو ينير لك طريقًا، أو يغرس فى أيامك وردة زاهرة، فلا تسعَ لمن غَرَس فى قلبك سهمًا داميا، ومضى ساقطًا من حساب التاريخ.
وبالجزء الثالث والأخير ينتهى هذا البحث القيم المتفرد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.