الهيئة الوطنية للانتخابات تعلن القائمة النهائية لمرشحي الفردي لمجلس الشيوخ 2025 في الفيوم    براتب 10000 جنيه.. «العمل» تعلن عن 90 وظيفة في مجال المطاعم    جامعة بنها الأهلية وكلية هيرتي الألمانية تبحثان التعاون الأكاديمي (تفاصيل)    هيئة الثروة المعدنية تتعاون مع «آسيا بوتاش» الصينية لاستكشاف خام الفوسفات    السفير اليابانى يؤكد عمق العلاقات مع مصر ويثمن جهودها لوقف الحرب على غزة    ارتفاع الأسهم العالمية بعد وصول الأسهم الأمريكية إلى مستويات قياسية جديدة    عضو هيئة العمل الوطنى الفلسطينى: جنود الاحتلال يسرقون المساعدات ويمنعوها عن غزة    مصر أكتوبر: العلاقات "المصرية - السعودية" تستند إلى تاريخ طويل من المصير المشترك    «النواب» يقر خطة ترامب لخفض تمويل المساعدات الخارجية ب 9 مليارات دولار    خروج الوافد الجديد.. فيريرا يجري تعديلًا على تشكيل الزمالك أمام رع    تقرير: نجم مانشستر سيتي على أعتاب الرحيل    الهلال يزاحم ليفربول على ضم إيزاك    مصرع شخص وإصابة آخرين إثر حادث انقلاب سيارة ملاكي في مياه بحر أبو الأخضر بالشرقية    «الصحة»: حملة تفتيشية على المنشآت الطبية بغرب النوبارية    إخلاء العقارات المجاورة لعقار الساحل المنهار    ضبط المتهم بإدارة كيان تعليمي للنصب على المواطنين بالقاهرة    الليلة.. أنغام تُشعل أجواء افتتاح مهرجان العلمين 2025 بقيادة المايسترو هاني فرحات    35 شهيدًا فى غزة منذ فجر اليوم بنيران الاحتلال الإسرائيلي    على بدرخان رئيسا للجنة الاستشارية العليا لمهرجان بورسعيد السينمائى    نسرين طافش بالحجاب في المسجد النبوي    ألبومات الصيف تعود.. وثنائيات النجوم تضيء المشهد    منها «الغيرة يعني حب».. 7 خرافات عن الحب والعلاقات يجب أن تعرفها    أمين الفتوى: يجوز للزوجة أن تحتسب ما تنفقه على زوجها من أموال كصدقة تطوعية (تفاصيل)    فريق طبي بوحدة الجراحات الميكروسكوبية بجامعة أسيوط ينجح في إنقاذ يد طفل بعد بتر شبه كامل نتيجة حادث بمفرمة لحم    حزب مصر أكتوبر: العلاقات "المصرية السعودية" تستند إلى تاريخ طويل من المصير المشترك    التفاصيل الكاملة لأزمة «الوفد في القرآن».. و«كريمة» يطالب بمحاكمة عبدالسند يمامة    ننشر أسماء 7 مترشحين لانتخابات مجلس الشيوخ عن محافظة شمال سيناء    تقارير: النصر يتمم ثاني صفقاته الصيفية    لموظفي العام والخاص.. موعد إجازة ثورة 23 يوليو والمولد النبوي    مصرع عامل في حريق اندلع داخل 3 مطاعم بمدينة الخصوص    إنفوجراف| مصر ووزراء خارجية 10 دول يؤكدون دعم وحدة سوريا وسيادتها    جهاز تنمية المشروعات ينفذ خطة طموحة لتطوير الخدمات التدريبية للعملاء والموظفين    وسط أجواء احتفالية وإقبال كبير.. انطلاق الموسم الخامس من مهرجان "صيف بلدنا" بمطروح    فيلم "ريستارت" يحافظ على المركز الرابع في شباك التذاكر    وزير الأوقاف ومفتي الجمهورية ومحافظ كفر الشيخ يفتتحون المرحلة الأولى من تطوير مسجد إبراهيم الدسوقي    فتح طريق الأوتوستراد بعد انتهاء أعمال الإصلاح وعودة المرور لطبيعته    حوار| سامية الطرابلسي: أم كلثوم وعبد الحليم وأسمهان رموز يجب الاحتفاء بها    صافي أرباح 24 مليون يورو.. ريال مدريد يكشف تفاصيل ميزانيته ل 2024-2025    بعد تصريحه «الوفد مذكور في القرآن».. عبدالسند يمامة: ما قصدته اللفظ وليس الحزب    زلزال بقوة 4 درجات يضرب مدينة نابولي    دراسة تربط بين نظافة الفم وخطر الإصابة بالسرطان.. نصائح للوقاية    وزير الخارجية يواصل اتصالاته لخفض التصعيد بين إيران وإسرائيل وتفعيل المسار الدبلوماسي    المشاط تعقد اجتماعًا موسعًا مع منظمات الأمم المتحدة و التمويل الدولية لبحث تنفيذ مخرجات المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية    مجلس الوزراء: إعلانات طرح وحدات سكنية بالإيجار التمليكي مزيفة ووهمية    نصر أبو الحسن وعلاء عبد العال يقدمون واجب العزاء في وفاة ميمي عبد الرازق (صور)    عاشور وناجي في القائمة النهائي لحكام أمم إفريقيا للمحليين    الرعاية الصحية وهواوي تطلقان أول تطبيق ميداني لتقنيات الجيل الخامس بمجمع السويس الطبي    الكشف المجاني على 480 مواطنا بقافلة قريتي الروضة ببئر العبد والميدان بالعريش    قبل ترويجها للسوق السوداء.. ضبط 4 طن من الدقيق الأبيض والبلدي    مانديلا العرب ينال حريته.. فرنسا تفرج عن جورج عبد الله.. اعرف قصته    «أمن المنافذ» يضبط قضيتي تهريب ويحرر 2460 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    مواعيد وديات الزمالك في معسكر العاصمة الادارية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 18-7-2025 في محافظة قنا    رئيس جامعة قناة السويس يُعلن اعتماد وحدة السكتة الدماغية كمركز دولي من "WSO" العالمية    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فشكراً أشرف!?    انخفاض أسعار الذهب الفورية اليوم الجمعة 18-7-2025    هل تعد المرأة زانية إذا خلعت زوجها؟ د. سعد الهلالي يحسم الجدل    أبرزها حبس رجال الأعمال.. وزير العمل يوضح كيف اعترض النواب على قانون العمل الجديد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصطفى الفقي يكتب :مصر ودول الخليج... قراءة عادلة
نشر في الوفد يوم 22 - 05 - 2012

تتميز العلاقات المصرية - الخليجية بخصوصية تنبع من التاريخ والجغرافيا معاً.
إذ تقع المملكة العربية السعودية على الشاطئ الشرقي من البحر الأحمر الذي يفصل بينها وبين الأراضي المصرية، وقد تميزت العلاقات بين ضفتي البحر على امتداد التاريخ الطويل بالتوثق والقوة حتى أن المصريين كانوا يرددون عند حديثهم عن جغرافيا بلادهم بأنهم أبناء «بر مصر» ولا يوجد في العالم في نظرهم إلا «بر الشام» و «بر الحجاز»، كما أن ارتباط المصريين بالأماكن المقدسة جعل هواهم دائماً يتجه شرقاً تجاه مهبط الرسالة ومنزل الوحي، ولا شك في أن قلوب المصريين تهفو إلى البقاع الطاهرة ربما على نحو يسبق غيرهم من الشعوب الإسلامية.
وإذا تحدثنا عن علاقات مصر بالمملكة العربية السعودية والشراكة التاريخية بينهما صعوداً وهبوطاً، فإن ذلك يستدعي بالضرورة علاقات مصر بدول الخليج العربي عموماً والتي تميزت حتى قبل الاستقلال بعشرات السنين بالاقتراب والمتانة ويمكن أن نستعرض ملامح تلك العلاقة الوثيقة بين مصر والدول الخليجية في المحاور الآتية:
أولاً: إن العلاقات بين الجزيرة العربية والدولة المصرية القديمة علاقات ضاربة بجذورها في أعماق التاريخ، وعندما أطل الإسلام بنوره على المنطقة تحدث النبي (صلى الله عليه وسلم) عن النسب والمصاهرة التي تربط المصريين القدماء بالعرب حتى أن بعض قدامى المؤرخين الثقاة يعتبرون المصريين أخوالاً للكثير من القبائل العربية وقد عزز من ذلك أن النبي قد تزوج من مصرية هي «مارية القبطية» التي كانت جارية لدى «المقوقس» حاكم مصر فأهداها لرسول الإسلام الذي رفع من قدرها وتزوجها لتكون في منزلة أمهات المؤمنين ثم أنجب منها ابنه «إبراهيم» الذي بكاه عند رحيله طفلاً وقال فيه: «إن العين لتدمع وإن القلب ليخشع وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون»، ولقد استقر في الذهن المصري تاريخياً حتى لدى المسيحيين المصريين أن أواصر قوية تربطهم بشرق البحر الأحمر قبل الإسلام وبعده، ولا شك في أن دخول «مصر» الإسلام قد عزز من هذا الشعور وأضاف إليه حيث لعبت «مصر» الإسلامية دوراً متواصلاً في دعم قضايا العروبة وحملت تراث الثقافة العربية والإسلامية في أزهرها الشريف لقرون طويلة.
ثانياً: لقد تراوحت العلاقات المصرية - الخليجية وفقاً للأوضاع في المنطقة عموماً والنظام السياسي القائم في مصر خصوصاً، ففي العصر الملكي كانت العلاقات بين القاهرة والرياض متوازنة بل جيدة وعلى رغم التنافس التاريخي على الخلافة الإسلامية بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية بين آل سعود في جانب وأسرة محمد علي في جانب آخر، إلا أن علاقات الملك فاروق مع الملك عبدالعزيز اتسمت بالود وقد تكررت اللقاءات بينهما وكان من ثمارها إنشاء جامعة الدول العربية بإيحاء بريطاني ثم اختيار «عبدالرحمن عزام باشا» أول أمين عام لها وهو ينتمي إلى عائلة مصرية معروفة بارتباطها بالعرش السعودي، وعندما قامت الثورة المصرية عام 1952 ذهب وفد الثوار المصريين برئاسة اللواء «محمد نجيب» للقاء العاهل السعودي الكبير وتقديم أنفسهم له، ولم تمض على ذلك شهور قليلة حتى رحل موحد الجزيرة العربية عن عالمنا وخلفه ابنه «الملك سعود» الذي احتفظ بعلاقات طيبة مع الرئيس «عبدالناصر» في البداية إلى أن تدهورت تلك العلاقة في شكل ملحوظ خصوصاً بعد اندلاع الثورة في «اليمن» وبلغت الخصومة ذروتها بين الرئيس «عبدالناصر» والملك الحصيف «فيصل بن عبدالعزيز» إلى أن قامت حرب حزيران «يونيو» العام 1967 حيث اتخذ «الملك فيصل» موقفاً نبيلاً وداعماً للرئيس «عبد الناصر» حتى جمعتهما قمة «الخرطوم» في شهر آب «أغسطس» من العام نفسه وهي التي أعادت الى العرب و «عبد الناصر» شخصياً الإحساس بالثقة في النفس، وعندما رحل «عبدالناصر» عن عالمنا العام 1970 وجاء الرئيس «السادات»، شهدت العلاقات بين «القاهرة» و «الرياض» تقارباً ملحوظاً إلى أن تجمدت بفعل زيارة «السادات» الى القدس العام 1977. وقد تأثرت العلاقات الخليجية مع «مصر» دائماً بالسياق الذي يمضي به محور «القاهرة» - «الرياض» وإن تفاوتت في بعض المراحل، إلا أنها ظلت في مجملها تتحرك في اتجاه إيجابي.
ثالثاً: لقد كان استقلال دول الخليج في فترات متفاوتة مع مطلع الستينات والسبعينات مؤشراً لدخوله الساحة العربية والإسلامية حتى ميلاد «مجلس التعاون الخليجي» العام 1981، ولكن ظهور «صدام حسين» في «بغداد» ودخوله الحرب العراقية - الإيرانية لمدة وصلت إلى ثماني سنوات كان أمراً أزعج المنطقة على نحو كبير وفتح الباب للصدامات الدامية وعمليات الابتزاز المادي والمعنوي للدول الخليجية الجديدة من أجل الإنفاق على «مغامرات» الرئيس العراقي السابق ونزواته السياسية الكبرى إلى أن جاء غزوه «الكويت» فتوثقت العلاقات الخليجية - المصرية على نحو غير مسبوق وانضمت وحدات من الجيشين المصري والسوري إلى قوات التحالف التي حررت «الكويت» وأكسبت الرئيس المصري السابق حسني مبارك ونظامه شعبية ملحوظة بين دول الخليج ما زالت آثارها باقية حتى بعد سقوط نظامه حيث تعاطفت معه نسبة لا بأس بها من مواطني الخليج في محنة زوال حكمه وانهيار نظامه، ولا شك في أن مشاركة مصر في «حرب تحرير الكويت» سياسياً وعسكرياً كانت نقطة تحول فارقة في توثيق العلاقات وتعميدها بين «مصر» و «دول الخليج»، وعلى رغم التفاوت الذي يحدث أحياناً في العلاقات بين إحدى الدول الخليجية و «مصر» مثلما حدث عندما انتقل الحكم من الأب إلى الابن في «الدوحة» في منتصف تسعينات القرن الماضي، إلا أن أواصر العلاقة ظلت قوية بين «مصر» وتلك الدول على رغم احتمالات الاقتراب والابتعاد والصعود والهبوط وفقاً للمزاج العربي العام والتدخلات الأجنبية أو الضغوط الخارجية.
رابعاً: لعبت الجاليات المصرية في دول الخليج دوراً مهماً في تشكيل طبيعة العلاقة بين «مصر» وتلك الدول، إلا أن معظم الأزمات التي جرت في العلاقات المصرية - السعودية أو غيرها ترجع في جزء منها إلى ممارسات الجاليات المصرية التي تعمل في تلك الدول والأزمات التي تتعرض لها والشحن الإعلامي المتبادل في هذا السياق، ولعلنا نتذكر هنا نموذجي أزمة حي «خيطان» في «الكويت» وكذلك المشكلة الأخيرة للمواطن المصري «أحمد الجيزاوي» المتهم بتهريب كمية ضخمة من الأقراص المخدرة إلى «المملكة العربية السعودية»... ولقد بلغت المشكلة ذروتها عندما أمر خادم الحرمين الشريفين بإغلاق سفارته وقنصليتيه في «مصر» بسبب ردود الفعل غير المحسوبة من جانب من تظاهروا أمام السفارة السعودية في «القاهرة»، ولحسن الحظ فإن الأمر لم يستمر طويلاً فقد توجه وفد ضخم برئاسة رئيسي مجلسي الشعب والشورى وقيادات الأحزاب ورموز الحياة العامة المصرية على نحو أعاد المياه إلى مجاريها بين القطرين الشقيقين، ويجب أن نعترف هنا بأن تبادل التأثير والتأثر بين «مصر» و «دول الخليج» كان مظهراً ملحوظاً على الدوام، إذ إن نزوح أعداد من قيادات جماعة «الإخوان المسلمين» إلى دول الخليج في خمسينات القرن الماضي هروباً من البطش الناصري قد ترك آثاره على العلاقات بين البلدين فعاد مئات الألوف من العاملين في الدول الخليجية إلى «مصر» وهم يحملون جزءاً كبيراً من ثقافة وتقاليد تلك المنطقة حتى تغيرت بعض مظاهر الحياة المصرية وفقاً للتقاليد الخليجية الوافدة.
خامساً: دعنا نقرر هنا أن التوازن الاستراتيجي في «شرق المتوسط» ومنطقة «الخليج» محكوم بالعلاقات الوثيقة بين «مصر» وشقيقاتها في تلك المنطقة الشديدة الأهمية من عالمنا العربي، فالجار الفارسي على البوابة الشرقية له أجندته في بعض الدول المطلة على الخليج بدءاً من أطماعه في «مملكة البحرين» وصولاً إلى احتلال الجزر الإماراتية الثلاث، لذلك فإن «مصر» تعتبر عمقاً استراتيجياً لمنطقة الخليج تؤثر فيها وتتأثر بها، ولقد استفاد الاقتصاد المصري في العقود الأخيرة من عوائد النفط العربي وتحويلات المصريين في «دول الخليج العربي» بصورة ربطت بين الشارع المصري والخليجيين عموماً باعتبارهم مصدر رخاء ومؤشر دعم للخزانة المصرية.
... هذه قراءة عادلة في ملف بالغ الأهمية لأنه يتصل بالعلاقات بين الشعوب ويمثل ركيزة توازن في العمل العربي المشترك وإضافة إيجابية لعروبة «مصر» وشخصية «الخليج».
نقلا عن صحيفة الحياة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.