سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المصرى وضع نظرية « الجغرافيا الإنسانية والاجتماعية» و«السيسى» أرسى فلسفة العمران المرتبطة بالفكر الحضارى في دراسة للمستشار الدكتور محمد خفاجى عن دور القاضى الإدارى في بناء الشخصية المصرية: «4»
القضاء الإدارى ساهم فى الحفاظ على طهارة وقدسية المساجد والكنائس تأييد وزارة الأوقاف فى رسالتها بضم المساجد والزوايا والإشراف عليها لحمايتها من التطرف حظر استخدام منابرها لتحقيق أهداف سياسية أو حزبية أو للدعاية الانتخابية حماية للمصالح العليا للبلاد المجتمع الدولى يمر بأزمة مصيرية من دعاة الإرهاب والعنف نتيجة المفاهيم المغلوطة يعتبر موضوع الشخصية المصرية قلب الموضوعات بالغة الأهمية سواء على المستوى الشعبى أو المستوى الرسمى للدولة ، الذى توليه القيادة السياسية جل اهتماماتها وجهدها ، وعلى رأس أجندة الاهتمام العام للوطن ، إيمانا منها بغدٍ أفضل للشباب بما يحقق التنمية والرخاء للشعب ، وفي ذات الوقت الذى تتولى فيه مصر قيادة العالم في حربها ضد الإرهاب والعنف والتطرف بكافة أشكاله وصوره. خاصة وأن مصر تشهد استضافة منتدى وملتقى شباب العالم للعام الثاني بمدينة شرم الشيخ الفترة من 3 إلى 6 نوفمبر 2018 تحت رعاية القائد الرئيس عبد الفتاح السيسي. وفى أحدث بحث علمى للفقيه المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة عن: « المدخل في فلسفة وفكر القاضى الإدارى تجاه قواعد بناء الشخصية المصرية وإعدادها. دراسة تحليلية في ضوء الواقع والمأمول.» نشر على الصفحة الرئيسية لموقع نادى قضاة مجلس الدولة. ونعرض في الجزء الرابع تحت عنوان « مساهمة القاضى الإدارى في بناء الشخصية المصرية في مجال التسامح الدينى والحفاظ على نسيج الوطن ومواجهة التطرف والإرهاب » من هذا البحث الهام على النحو التالى: أولاً: الإنسان المصرى وضع نظرية « الجغرافيا الإنسانية والاجتماعية » ، والرئيس أرسى فلسفة العمران المرتبطة بالفكر الحضارى: يقول الدكتور محمد خفاجى إن الإنسان المصرى هو الذى وضع جفرافيا جديدة غير مسبوقة نطلق عليها تسمية « الجغرافيا الإنسانية والاجتماعية » ، وقد ارتبط هذا المفهوم بفلسفة العمران وهو التوجه الذى يقوده حاليا الرئيس عبد الفتاح السيسى ويضع فلسفة جديدة تحول دون اضمحلال بقايا الفكر العمرانى المستند إلى الفكر الحضارى وهو ما يجعل مصر مؤهلة بهذه المنظومة إلى دخول عصر الانطلاقة بمفاهيم ومناهج تجمعت من خلال التجربة التى جعلت هناك نوعًا من الصداقة الإنسانية والعلاقة البشرية بين الأرض والإنسان ، وقد دخلت هذه الفلسفة إلى عالم العلوم المركبة بدأت فيها الهندسة هى الأكثر تركيباً ، ثم تلتها باقى العلوم الإنسانية التى تستلزم تدرج الخريطة الإنسانية الطبيعية وتطبيقاتها والسلالية وتفاعلاتها مع الأرض واستثمارها ، تحت أفكار السهولة والصعوبة والتحدى ، التى جعلت أرضنا أشبه بنهر متدفق للمعرفة وربطها بالتغير المنشود. ويضيف الدكتور محمد خفاجى: قد استلهمت القيادة السياسية تلك الرؤية من منظور فكرى لعلماء لهم قدراتهم ومكانتهم الإصلاحية أحدهما في عالم البناء والهندسة الإنشائية ، هو الدكتور ميلاد حنا الذى يعتبر واحداً من ألمع المفكرين بمذاق سياسى في تنمية المجتمع ، والثانى هو عالم الجغرافيا والمفكر والفيلسوف الدكتور جمال حمدان أحد كبار المفكرين الاستراتيجيين الذى جعل من الجغرافيا رؤية استراتيجية متكاملة للمقومات الكلية لكل تكوين جغرافي وبشرى وحضارى. ويذكر الدكتور محمد خفاجى: إذا كانت دراسة المفكر الكبير الدكتور العالم العقائدى المحترم المرحوم ميلاد حنا حول رؤية مستوحاة من كتابه « الأعمدة السبعة للشخصيات المصرية » والتى أشار فيها إلى رؤيته بأن الخلاف بين المسلمين والاقباط هو وجهة نظر ثقافية لأن التركيبة المصرية الحالية تحتاج إلى وقفة وأن المصرى دائما كما قال الدكتور حنا «سنى الوجه شيعى الدماغ قبطى القلب فرعونى العظام» وقد تناول الدكتور حنا فكرة التعددية الدينية والمياه المشتركة بين المسلمين والأقباط ودراسته تعتبر أول دراسة جريئة لاقتحام عمق الشخصية المصرية من نظر الدكتور المفكر ميلاد حنا، فإذا كان ذلك كذلك ، فإنه حق للمجتمع أن يتلمس دور القاضى الإدارى وعميق فكره وأصول فلسفته ، تجاه الحفاظ على النسيج الوطنى في ضوء مستجدات العصر وظهور جماعات إرهابية تتخذ من الدين ستاراً للتأثير على الشعوب وصولاً للسلطة وليس دعما لحقوق الشعوب. ثانياً: القاضى الإدارى المصرى ابتدع لأول مرة في العالم قاعدة حظر بيع الكنائس ولحقه المشرع المصرى في صورة تكاملية بينهما: يقول الدكتور محمد خفاجى إن الحديث عن أمر الكنائس من الأمور بالغة الدقة والحساسية ، والقاضى الإدارى لعب دوراً جوهرياً في بناء الشخصية المصرية في مجال الحفاظ على كيان الكنيسة المصرية ، وقد سبق القاضى الإدارى المشرع في هذا الصدد ، وتوضيح ذلك أن المشرع أصدر القانون رقم 80 لسنة 2016 بشأن تنظيم بناء وترميم الكنائس - الجريدة الرسمية العدد 38 مكرر (ه) في 28 سبتمبر 2016 - بينما كان القاضى الإدارى سباقاً في حكم أصدرته محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية برئاستنا في الدعوى رقم 831 لسنة 13 قضائية بجلسة 28/3/2016 أى قبل القانون بستة أشهر وضع فيه القاضى الإدارى المصرى قاعدة مهمة أنشأها دون أن يسبقه أى قاض على مستوى العالم ، قوامها حظر التعامل بالبيع أو الشراء على الكنيسة التى لها ذات حصانة المسجد فمتى أُقيمت فيها الصلاة انتقلت من ملكية العباد إلى ملكية رب العباد في قضية كانت تتعلق ببيع كنيسة من الأروام الارثوذكس اليونانيين لأحد المواطنين بمركز ومدينة رشيد فأقام دعواه طالبا الحكم بإلغاء القرار السلبى لجهة الإدارة بالامتناع عن اصدار ترخيص بهدم الكنيسة بعد أن صارت ملكه بموجب عقد بيع مسجل وحكم من المحكمة المدنية بتسجيل العقد كذلك وهو الأمر الذى رفضته المحكمة. ويذكر الدكتور محمد خفاجى أن القانون رقم 80 لسنة 2016 بشأن تنظيم بناء وترميم الكنائس مشتملا على عشر مواد ، محددا في المادة الأولى منه وصف الكنيسة ، وأهمها على الإطلاق نص المادة السابعة التى جاء نصها كالتالى « لا يجوز تغيير الغرض من الكنيسة المرخصة أو ملحق الكنيسة المرخص إلى أى غرض آخر، ولو توقفت إقامة الصلاة والشعائر الدينية بها، ويقع باطلا كل تصرف يتم على خلاف ذلك » والحق أن المشرع المصرى استقى هذه المادة الخطيرة نصا وروحاً ومعنى من حكم القاضى الإدارى المذكور الذى وضع هذه القاعدة ودليل ذلك أن القانون صدر بتاريخ لاحق بستة أشهر بالتمام والكمال. ويضيف الدكتور محمد خفاجى أن هذا هو المعنى الايجابى في أن يكون التفاعل الايجابى سائدا بين القاضى والمشرع فيكون كلاهما مكملاً للآخر ،فدور المشرع سن القواعد القانونية العامة لتنظيم سلوك الأفراد ودور القاضى أن يسير على هدى تلك القواعد ويطبقها على الأنزعة القانونية والوقائع المعروضة أمامه ، ولكن تطبيقه لتلك القواعد ليس تطبيقًا أعمى ودون بصيرة وإنما له أن ينبه المشرع بما يراه من عيب في التطبيق ، فالقاضى الإدارى الواعى هو الذى ينبه المشرع إلى عيب أو نقص في التشريع حسبما يبين له من تطبيقاته للقاعدة القانونية الواجبة التطبيق ، والمشرع الواعى أيضاً هو الذى يضع ما يراه القاضى الإدارى من رؤية حول رؤيته و مناشدته لسد نقص أظهرته بيئة الحياة العملية ، فالأصل في وظيفة القاضي تطبيق القوانين والفصل في المنازعات المعروضة أمامه طبقا للقانون، وهو ملزم قانوناً بالفصل في المنازعة الداخلة في اختصاصه و إلا اعتبر منكراً للعدالة. ويذكر الدكتور محمد خفاجى: قد قبلت المحكمة تدخل البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية ورئيس هيئة الأوقاف القبطية للأقباط الارثوذكس والأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح والخمس مدن الغربية للأقباط الأرثوذكس تدخلا انضماميا لموقف الحكومة المصرية فكل من هؤلاء من الرموز الدينية الذين يكون لهم مصلحة فى تدخلهم فى الدعوى للدفاع والذود عن الكنيسة التى هى مكان العبادة للديانة المسيحية بغض النظر عن اختلاف الطوائف والمِلل فمصلحتهم قائمة فى الإبقاء على الكنيسة كدار عبادة للمسيحيين ، مما انتهت معه الحكم بقبول تدخلهما فى الدعوى. ورفضت المحكمة الدعوى وأيدت المحكمة الحكومة المصرية في امتناعها عن إصدار ترخيص بهدم الكنيسة ولا شك أن هذا الحكم يعد مساهمة فعالة من القاضى الإدارى تدل على وعيه وفهمه فى سبيل بناء الشخصية المصرية التى تحافظ على النسيج الوطنى للأديان الثلاثة دون مساس بقدسيتها وطهارتها. ثالثاً: مساهمة القاضى الإدارى في بناء الشخصية المصرية بالحفاظ على طهارة وقدسية المساجد والكنائس بحظر إقامة الملاهى الليلية بالقرب منها. يقول الدكتور محمد خفاجى: ساهم القاضى الإدارى في بناء الشخصية المصرية والحفاظ على طهارة وقدسية المساجد والكنائس بحظر إقامة الملاهى الليلية بالقرب منها برشيد وكفر الدوار ، ولحسن الطالع فقد كان يوم صدور حكم المسجد هو ذات يوم صدور حكم الكنيسة وكأن الله عز وجل شاء أن يعطى رسالة للمصريين بتوحد المساجد والكنائس كدور للعبادة في محراب العدالة. وقد كان القاضى الإدارى واعياً مدركاً بأهمية الرسالات السماوية الثلاث وممارسة الشعائر الدينية لها كحق دستورى ، فحظر إقامة الملاهي الليلية أو قاعات الحفلات والأفراح بالقرب من دار العبادة سواء كانت كنيسة أو مسجداً مناطه هو الحفاظ على وقار دور العبادة وطهارة ممارسة الشعائر الدينية بها دون تفرقة، وهذا الوقار يتوافر للمسجد كما يتوافر للكنيسة أيضاً، فكلاهما دار عبادة ويتمتعان بالحماية ذاتها التي أوردها القانون والدستور. ويضيف الدكتور خفاجى أن القاضى الإدارى فى سبيل حفظه للنسيج الوطنى كبناء للشخصية المصرية سواء للمسجد أو الكنيسة ذهب إلى أن الحفاظ على وقار دار العبادة وطهارتها وقدسيتها سواء كانت مسجدا أو كنيسة لا تحسمها قياسات حسابية منضبطة بأرقام محددة، فالأمر مردّه إلى ظروف كل حالة وطبيعة النشاط بالملهى، فذلك مردّه إلى ما تقدّره جهة الإدارة بعد إجراء المعاينة على الطبيعة من معايير للحفاظ على دار العبادة في ضوء النظام العام والآداب العامة. رابعاً: مساهمة القاضى الإدارى فى تأييد رسالة الأوقاف فى ضم المساجد والزوايا والإشراف عليها كأساس لبناء الشخصية المصرية وحمايتها من التطرف يقول الدكتور محمد خفاجى إن القاضى الإدارى ساهم فى تأييد رسالة الأوقاف فى ضم المساجد والزوايا والاشراف عليها كأساس لبناء الشخصية المصرية وحمايتها من التطرف الدينى احتراما لقدسية المنبر ، وتطهيراً لأفكار الدعاة ، وصوناً لجوهر الدعوة تواكبا مع اتجاه الدولة ادراكا منها لرسالتها فى دعم التوجيه الدينى فى البلاد على وجه محكم ، وكان الأمر يتعلق بمدى مشروعية مئات القرارات لوزير الأوقاف في ضم العديد من المساجد والزوايا لوزارة الأوقاف والإشراف عليها والتى أصدرت فيها جميعا محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية الدائرة الأولى بالبحيرة برئاستنا مئات الأحكام بتأييد قرارات وزير الأوقاف المشار إليها بمختلف مراكز وقرى ونجوع محافظة البحيرة وهى المحافظة الأكثر انتشارا للتيارات الدينية منها الحكم الصادر بالدعوى رقم 11943 لسنة 11 ق بجلسة 27/4/2015 والدعوى رقم 2940 لسنة 11 ق بجلسة 26 يناير 2015 وغيرهما الكثير. ويضيف الدكتور محمد خفاجى أن الدولة إدراكا منها لرسالتها فى دعم التوجيه الدينى فى البلاد على وجه محكم ، وتأكيدا لمسئولياتها فى التعليم والارشاد وما يتطلبه ذلك من وضع مبادئ عامة لجميع المساجد والزوايا فى المدن والقرى تستهدف نقاء المادة العلمية وسلامة الوجهة التى يعمل بها الخطباء والمدرسون، بما يحفظ للتوجيه الدينى أثره، ويبقى للمساجد الثقة فى رسالتها ، وأن وزارة الأوقاف برئاسة وزيرها الكفء الدكتور مختار جمعة استعادت مكانتها الدعوية الواجبة بعد فترة طويلة من تهميش هذا الدور الذى كان من نتيجته في الماضى عدم انضباط النشاط الدعوى واستغلاله من جانب المتشددين المنحرفين عن صحيح الدين المستنير ، فعلماء الأوقاف حملوا على أعناقهم حماية الدعوة الإسلامية الصحيحة فى المنطقة العربية والإسلامية فى العالم الإسلامى بأسره ، بالتعاون مع الأزهر الشريف بقدره وعظمة أدائه ، فى مجال رسالته العالمية للتبصير بشئون الدعوة. ولا ريب أن روح التسامح التى يشيعها الإسلام تقتضى الاحترام والإجلال والتحاور مع أصحاب الأديان السماوية فرسالة الإسلام للعالمين تتمثل فى الرحمة التى تحمى ولا تهدد وتصون ولا تبدد. خامساً: حظر استخدام منابرها لتحقيق أهداف سياسية أو حزبية أو للدعاية الانتخابية ، لتعارضه مع قدسية المسجد والإضرار بالمصالح العليا للبلاد يقول الدكتور محمد خفاجى إنه على ضوء التجارب المريرة التى عاشها الوطن من جراء استخدام المساجد خاصة الزوايا فى استغلال البسطاء والفقر والجهل لجذب المؤيدين بين التيارات الدينية المختلفة مما نجم عنه بث روح الفتنة والفرقة بين أبناء الوطن الواحد التى أدت إلى التنابز اللفظى والعنف المادى مما تسبب فى ضياع كثير من أرواح المواطنين وتخريب الممتلكات نتيجة لتطرف الفكر المتشدد المتحجر ، فإن القاضى الإدارى وضع قاعدة حظر استخدام منابر المساجد والزوايا لتحقيق أهداف سياسية أو حزبية أو للدعاية الانتخابية ، لما فى ذلك من تعارض مع قدسية المسجد والاضرار بالمصالح العليا للبلاد ، فاحترام حرمة المساجد – والزوايا فى حكمها - أمر واجب ، ولا يصح أن تكون بيوت الله محلا للزج بها فى الخلافات التى تنشب بين التيارات الدينية المتصارعة على أمور لا ترقى إلى جلال المساجد ورسالتها المضيئة على نحو يؤدى إلى انقسام الأمة . سادساً: المجتمع الدولى يمر بأزمة مصيرية من دعاة الإرهاب والعنف نتيجة المفاهيم المغلوطة عن وسطية الإسلام المستنير ومصر تتحمل محاربة هذا الإرهاب: يقول الدكتور محمد خفاجى إن المجتمع الدولى بأسره بات يمر بأزمة حقيقية مصيرية لشعوب العالم نتيجة دعاة الإرهاب والعنف والتشدد وقتلة الإنسانية الذين يستغلون الدين لتحقيق مآربهم الدنيئة التى استشرت فى بعض الدول العربية والافريقية والإسلامية وتتحمل مصر باعتبارها الرائدة فى العالم العربى والإسلامى محاربة هذا الإرهاب بل لم تسلم دول اوروبا ومنها امريكا وفرنسا على سبيل المثال من أن ينالها شطر من هذا الإرهاب الأسود ، ولا مرية فى أن اساس هذا الفكر الإرهابى أيا كانت مسمياته تنبثق من المفاهيم المغلوطة عن أصول الدين ووسطية الإسلام المستنير ، وهم عن صحيح الدين الإسلامى معرضون ، وقد ظنوا أنهم بإرهابهم لغالبون ، ألا بئس ما ظنوا وخاب ما كانوا يؤملون ، إنهم لشرذمة قليلون ، وباتت شعوب الدول من إرهابهم لحذرين ، بعد أن عبدوا مفاهيم خاطئة فظلوا لها عاكفين ، وعن مفاهيم صحيح الدين ضالين ، وقد أضلوا بشباب برئ من كل وادٍ فى الدنيا يهيمون ، وما أضلهم إلا المجرمون ، وهم الذين بإرهابهم يفسدون فى الأرض ولا يصلحون ، ولن يرتدعوا عن غفلتهم حتى يذوقوا من عقاب القانون الدنيوى عن فعلهم الأثيم ، فضلا عما ينتظرهم من العقاب الأخروى الأليم. سابعاً: فراغ تشريعى وليس شرعيا لتعريف المجتهد ، ولا يوجد تنظيم تشريعى متكامل لعملية الافتاء فى المجتمع المصرى مما يسبب مأسي دينية ودنيوية ، ومصر تحتاج الاجتهاد الجماعى لا الاجتهاد الفردى: يشير الدكتور محمد خفاجى إلى نقطة فى غاية الدقة القانونية تتمثل فى أن المشرع الوضعى لم يضع تعريفا للمجتهد ، كما أن هناك فراغا تشريعيا – وليس شرعيا - بشأن ايجاد تنظيم تشريعى متكامل لعملية الافتاء فى المجتمع المصرى وهو ما يسبب مشكلات جمة؛ فمن يتصدى للفتوى من غير المتخصصين أو ممن ينقصهم إتقان التخصص فإنه ليس بأهل للفتوى ولا يجوز له ذلك ، وعلماء الأمة قديما وحديثا تواترت آراؤهم على وجوب توافر مواصفات محددة فى المجتهد الذى يجوز له أن يفتى للناس فى أمور دينهم ودنياهم ، ونهى غير المتخصصين الذين لا تتوافر فى شأنهم اهلية الاجتهاد أو ممن ينقصهم اتقان التخصص عن التجرؤ على الاجتهاد والافتاء بدون علم ، لما يترتب على ذلك من مأسٍ دينية ودنيوية أو الاساءة إلى الإسلام وتشويه صورة المسلمين بين مختلف الشعوب ، وتأسيا بمسلك كبار الفقهاء الأوائل الذين أسسوا مدارس فقهية لها مناهجها العلمية فكانوا يتحرجون من الفتوى على عكس الأمر الحاصل الان من تجرؤ غير المتخصصين على الافتاء الذين يجب عليهم الابتعاد عن دائرة الاجتهاد. ويضيف الدكتور محمد خفاجى أنه عندما تقدمت العلوم وتنوعت التخصصات فإن المسألة التى تتعدد فيها وجهات النظر وتختلف فيها الرؤى تكون بحاجة إلى نظر جماعى ، أى الاجتهاد الجماعى لا الاجتهاد الفردى ، تأسيسا على أن المسألة الواحدة التى تنازعتها فتويان فإن الأمر يقتضى ترجيح واختيار الفتوى الأصوب والأرجح ، وكل هذه الأقوال صارت من باب العلم العام ، فالمسائل الخلافية التى تتعدد فيها اَراء العلماء لا يجوز أن ينفرد بالافتاء فيها فقيه واحد ، فيكون الاجتهاد الجماعى هو السبيل الوحيد للافتاء فيها للعامة لترجيح واختيار الفتوى الاصوب والأرجح ، فليس كل ما يعلم بين العلماء المتخصصين يقال للعامة وإلا أحدثوا فتنة وإثارة للبلبلة وعدم استقرار المجتمع الدينى. ثامناً: مصر استوت على قمة العالمين العربى والإسلامى ، بحضارة تليدة وموروث ثقافى جعل منها الدولة الرائدة والقائدة: يقول الدكتور محمد خفاجى إن مصر استوت على قمة العالمين العربى والإسلامى ، ليس فقط بكثافة سكانها وموقعها المتميز ، وانما بحضارة تليدة وموروث ثقافة جعلت منها فى ثورات العرب وحروبهم وبانتصاراتهم ، الدولة القائدة ، وفى ميدان السلام والتعاون العربى بين دول العالم الدولة الرائدة ، فإن تعبير شعبها المعطاء – وقاضيها الإدارى جزء من هذا الشعب - عن مكنونه فى مسألة مصيرية تتعلق بالمخاطر التى تحاك للأمة العربية والإسلامية والإرهاب الموجه لمصر أو إحدى البلاد العربية والإسلامية بات أمرا لازما ليتشارك مع الموقف الرسمى للدولة فى نبذ كل عدوان أو تهديد به ، ينال مصر أو أحد الشعوب العربية ، وهو موقف مسبوق من مصر العربية فى قريب المشكلات العربية وبعيدها ، غاية الأمر ولزومه التزاما قانونيا على علماء وزارة الأوقاف والأزهر الشريف استنهاض الهمم لاتباع أساليب غير تقليدية لتجديد الخطاب الدينى بما يعبر عن أصالة هذا الشعب العظيم ودوره التاريخى فى الدفاع عن أمته العربية والإسلامية بما يكفل لها القيادة والريادة فى مواجهة أحلك الظروف التى تمر بها الأمة ، نتيجة استغلال الدين فى غير مقاصده والمفاهيم المغلوطة لأعداء الدين ، انحرافا عما فيه من سماحة وقيم ويسر ووسطية تكفل له الخلود. وغداً نستكمل الجزء الخامس من هذا البحث المتفرد.