تثار حاليًا قضية بالغة الخطورة وتحتاج إلى حكمة وحنكة فى التعامل، هى ملف إيجارات المساكن القديمة. وهذا الملف شائك ومُعقد وهناك أصوات تنادى الآن بضرورة إيجاد قانون جديد ينظم العلاقة بين الملاك والمستأجرين. وهى خطوة تحتاج إلى صبر وتؤدة فى مناقشة هذا القانون، من أجل تحقيق المصلحة للطرفين المالك والمستأجر، ولا يجوز أبدًا بأى حال من الأحوال الجور على طرف لحساب الآخر. إذا كان الملاك يشكون مر الشكوى من قلة الإيجارات، التى لم تعد مناسبة لهذا الزمن الجديد الذى نعيش فيه، فإن المستأجرين هم أيضًا يجب ألا يقع عليهم الغبن والظلم فى تحديد القيمة الإيجارية، أو إخراجهم من مقر إقامتهم.. لا بد من تحقيق المصلحة للطرفين، وهذا هو الأمر الشائك فى الموضوع.. الأنباء الواردة حتى الآن تركز على هذا الأمر، ولا يجوز الانتصار لطرف ضد الآخر، فكما أنه من حق الملاك رفع القيمة الإيجارية، لا بد من مراعاة ظروف المستأجرين وعدم الغلو فى قيمة الإيجار. وهذه هى مبادئ لا ينبغى تعديها. تحرير العقود بين الملاك والمستأجرين لا يعنى أبدًا طرد هؤلاء المستأجرين، وهم يشكلون نسبة عالية داخل المجتمع، ولا بد أولًا من توفير المساكن المناسبة لهم إذا أصر الملاك بعد تحرير العقود على عدم التجديد لهم، بالإضافة إلى ضرورة مراعاة ظروف هذه الفئة من المصريين.. فإذا كنا نبحث عن ترضية الملاك، فلا يجوز أن نظلم المستأجرين. فهؤلاء المستأجرون الفقراء الذين لا يستطيعون توفير المسكن الملائم، لا بد من مراعاة ظروفهم الخاصة، وألا يكون هناك غلو فى قيمة الإيجار. لجنة الإيجارات الحكومية هى التى ستكون الفيصل فى هذا الشأن، وهى التى ستحدد القيمة الإيجارية فى حالة عدم التوافق بين المالك والمستأجر.. المهم ألا يتضمن القانون الجديد طرد المستأجر، فهذه ستكون الطامة الكبرى، فإذا كان المالك يريد إيجارًا مناسبًا للواقع المعاش حاليًا، فليس معنى ذلك طرد المستأجر؛ لأن ذلك سيكون هو الطامة الكبرى، ويعد خطرًا فادحًا على الأمن القومى، ولا يرضى به أحد.. ويجب ألا نستهين بأعداد المستأجرين للشقق منذ عقود طويلة. فتح هذا الملف لم تقدر عليه أنظمة كثيرة، وإذا كان لا بد من تصحيح العلاقة بين المالك والمستأجر، وتحرير العقود بينهما، فهذا لا يعنى بأى حال من الأحوال طرد المستأجر، وعدم المغالاة فى القيمة الإيجارية، أو أن تكون فوق طاقة المستأجرين. نحن مع تصحيح العلاقة بين المالك والمستأجر، وضد ظلم أحد طرفى هذه العلاقة، وضد طرد المستأجر إذا كان لا بد من تحرير عقود الشقق القديمة. وأعتقد أن هذا الملف يحتاج إلى حنكة سياسية بالغة فى التعامل معه، ونكرر أنه يجب ألا يكون هناك غبن أو ظلم لطرفى المعادلة المالك والمستأجر.