كتب - مصطفى دنقل: كثيراً ما نسمع من المرضى فى العيادات والمستشفيات شكوى من عسر الهضم، ويتصور الكثير من الناس أنه مرض فى حد ذاته له أعراض ثابتة فى كل المرضى وله فحوصات وعلاج واحد. يقول الدكتور طلعت المدنى، استشارى الباطنة والجهاز الهضمى وعضو الكلية الملكية البريطانية: فى الحقيقة أن ذلك خطأ شائع إلى حد كبير وعند تفحص شكوى المريض بعناية من جانب الطبيب المعالج يجد اختلاف مفهوم هذه الشكوى من مريض لآخر بصورة شديدة التباين والاختلاف فمن المرضى من يقصد بها هو وجود فضلات الطعام بشكلها الكامل فى البراز ومنهم من يقصد بها وجود آلام متفرقة فى البطن بعد الطعام، ويقصد بها البعض آلام المعدة والحموضة وارتجاع المرىء بعد الأكل، وآخرون يقصدون بها وجود إسهال أو حتى إمساك مزمن إلى آخر ذلك، وهنا يتضح أنه على الطبيب المعالج تحليل شكوى المريض جيداً لأن عسر الهضم قد يعطى أياً من الأعراض السابقة أو مجموعة منها ولكن نفس هذه الأعراض تصاحب أيضاً أمراضاً أخرى بالجهاز وليست كلها عسر هضم كما يجىء من وصف المريض، بالإضافة إلى وجود نسبة كبيرة من المرضى لديهم عسر فى الامتصاص وليس فى الهضم، فهضم الطعام تقع مسئوليته على الجزء العلوى من الجهاز الهضمى وحتى الأمعاء الدقيقة، أما أى خلل فى الجزء السفلى من الجهاز الهضمى من الأمعاء الدقيقة يؤدى إلى عسر الامتصاص ولكل من الحالتين أسبابه وطرق تشخيصه وعلاجه. ويضيف الدكتور طلعت المدنى: أهم أسباب عسر الهضم التلوث والميكروبات البكتيرية والفطرية والطفيليات مثل الأميبا الجيارديا، وهذان النوعان هما الأكثر انتشاراً، فمن النادر أن نجد تحليل براز مريض يخلو من هذين الطفيليات فى مصر وبالطبع فإن علاج عسر الهضم هنا يتطلب علاج هذه الميكروبات والطفيليات والتخلص منها، وهناك أسباب أخرى كثيرة لعسر الهضم مثل الخلل الحركى فى المعدة والأمعاء الذى لا يعطى الفترة اللازمة لبقاء الطعام فى الأمعاء لإتمام عملية الهضم وبالتالى التخلص من الطعام بسرعة، وهذا النوع هو الذى يؤدى إلى نزول الطعام بالبراز بالشكل الكامل رغم وجود نقص فى الإنزيمات الهاضمة التى تفرزها المعدة والأمعاء والبنكرياس وبعض هذه الأنزيمات أو الهرمونات متنوع وأسبابه كثيرة منها نقص إنزيم اللاكتيز وهو نوع شائع فى المصريين يؤدى إلى عسر الهضم شديد عند تناول الألبان ومشتقاتها وهو كثير الحدوث فى الأطفال ويستمر مع بعض منهم حتى البلوغ وما بعده أو نقص الإنزيمات الأخرى المسئولة عن هضم الدهون والبروتين أو نقص هرمونات الهضم بالبنكرياس والذى يكون أحياناً بدون سبب عضوى واضح أو نتيجة أمراض التهابات أو أورام البنكرياس ولحسن الحظ أن النوع الأخير هو أقل الأنواع أو أكثرها ندرة ومضاعفات عسر الهضم كثيرة أهمها مضاعفات نقص وصول الغذاء للجسم وحالة ضعف عام ونقص بالبروتين والفيتامينات ولوازم الطاقة التى يحتاجها الجسم من السكريات والدهون. ويرى الدكتور طلعت المدنى أنه لتجنب عسر الهضم بكل أشكاله وأعراضه هناك نصائح عامة قد تساعد أغلب الناس على تجنب هذه الشكوى منها مضغ الطعام جيداً أو التأكد من سلامة الأسنان خاصة فى الأطفال وكبار السن، والانتظام فى مواعيد الطعام بقدر الإمكان وعدم النوم مباشرة بعد الأكل ولا تكون وجبة العشاء عالية الدسم والدهون ثم يعقبها النوم مباشرة والتركيز على وجبة الإفطار والغذاء بصفة أساسية وجعل وجبة العشاء الأقل من حيث الكمية وإذا كانت وجبة العشاء هى الرئيسية بسبب ظروف العمل مثلاً كما هو الحال مع أغلب الناس حالياً فيجب عدم الاستسلام للنوم مباشرة بعد الأكل بل الحركة لمدة ساعتين على الأقل وممارسة الرياضية ولو بصورة بسيطة تساعد على انتظام حركة الأمعاء وبالتالى إعطاء الفرصة الأمثل لهضم الطعام والنظافة الشخصية ونظافة المأكولات وتجنب الإصابات والنزلات المعوية والتى يعقبها عسر الهضم لفترات طويلة أحياناً، وعدم الإكثار من الأكل عالى الدسم والدهون والمواد الحريفة مثل الشطة حيث أن الإكثار من هذه المواد يسبب ارتباكاً فى حركة الهضم وبالتالى عسر الهضم. وأخيراً الأدوية التى تحتوى على إنزيمات هاضمة بديلة ومكملة لعملية الهضم ولكن استخدام هذه الأدوية يجب أن يكون تحت إشراف الطبيب المعالج وفى أقل الحدود الممكنة حيث أن كثرة استعمالها بدون إذن الطبيب كما هو متبع للأسف فى بلادنا يؤدى إلى نتائج عكسية أحياناً.