كتب : أمجد مصطفى تقييم الأفلام بالإيرادات كارثة.. والمشاركة فى المهرجانات لمجرد المشاركة.. سقطة السينمائيون المصريون عجزوا عن تقديم فيلم للقاهرة السينمائى مجرد ظهور اسم مصر فى ترشيحات الاوسكار أفضل فيلم أجنبى، حدث مهم جداً للسينما المصرية، ولنا كمصريين لأننا دائما نتطلع ان نكون فى مقدمة الصفوف فى شتى المجالات، خاصة الفن لأننا دولة لها تاريخ فى عالم السينما والغناء والمسرح، وقدمنا للبشرية اسماء كبيرة فى السينما بينهم عمر الشريف ويوسف شاهين كمخرج وفاتن حمامة وسعاد حسنى ورشدى أباظة وفريد شوقى وكمال الشناوى ومحمود مرسى ويحيى شاهين وشكرى سرحان وصلاح أبوسيف كمخرج وهند رستم، ونجيب الريحانى وعادل إمام مئات من نجوم ومخرجى السينما. وفى الطرب يكفى أن نقول إننا بلد أم كلثوم وعبد الوهاب وعبد الحليم حافظ. ولهذا ليس من الغريب أن تكون مصر فى مقدمة صفوف الإبداع، وبالتالى وجود فيلم مصرى فى منافسات افضل فيلم اجنبى امر غير قابل للنقاش، والمفروض ان يكون سنوياً لدينا فيلم فى القائمة القصيرة التى تضم الخمسة أفلام المرشحة لنيل جائزة أفضل فيلم أجنبى، ولمَ لا ونحن الأعرق فى منطقة الشرق الأوسط وافريقيا، والعالم عرف السينما المصرية منذ أكثر من مائة عام، لكن على ما يبدو أن المسئولين عن السينما لا يعون تاريخنا، ولا يقدرون قيمتها، وبالتالى اصبحنا نصدر للمنطقة العربية أسوأ الافلام التى لا تصلح للمنافسة حتى فى أصغر المهرجانات والمسابقات. كل عام نسمع عن تشكيل لجنة مكونة من اكثر من 30 ناقدا وسينمائيا مهمتهم ترشيح فيلم مصرى للدخول فى مسابقة أوسكار افضل فيلم أجنبى، وهذه اللجنة تشكلها نقابة السينمائيين، وكل عام نجد صخبا يخرج من اللجنة يصل لحد المشاجرات بسبب اسم الفيلم الذى من المقرر ان يشحن عبر احدى الطائرات الى نيويورك ليدخل المنافسة. اللجنة من خلال متابعتى لأعمالها خلال السنوات الأخيرة، همها هو رضا بعض المنتجين والشركات، لذلك تكون المشاجرة حول اسم الفيلم الذى سيركب الطائرة لم أسمع مرة أن هناك مناقشات تطالب بعدم سفر أى فيلم الى هذه المسابقة المهمة حفاظاً على تاريخنا، لأننا خلال السنوات الأخيرة لم نصنع الفيلم الذى يصلح لتمثيلنا فى الخارج. بدليل أن القاهرة السينمائى، يظل يبحث عن فيلم مصرى يصلح للمشاركة فى المسابقة، وفى الافتتاح فلا يجد، وكم من المهرجانات التى شاركنا فيها بأفلام وخرجنا منها صفر اليدين، أما عن الأوسكار فكل عام يخرج الفيلم المصرى من التصفية الاولى، وهذا ليس له سوى معنى واحد ألا وهو أننا لا نملك القدرة على المنافسة. وبالتالى فالأفضل لهذه اللجنة أن تخرج للناس وتقول عبارة واحدة لم نجد الفيلم الذى يمثلنا، أما المشاركة لمجرد المشاركة، فهذا لا يليق بنا كدولة لها تاريخ كبير فى السينما أن نذهب كل عام ونخرج بهذه الطريقة، خاصة ان المنافسة فى قسم اوسكار الافلام الاجنبية أهم بكثير من الاوسكار المخصص للسينما الامريكية، لسبب بسيط ان اوسكار أفضل فيلم اجنبى يتنافس عليها كل دول العالم فى حين جائزة أفضل فيلم أمريكى مخصصة للسينما الامريكية فقط. آن الأوان أن نقول للعالم إننا لا نملك سينما حقيقية، وأننا نصدر أعمالا من نوعية عبده موتة وافلاما لا تصلح حتى للاستهلاك المحلى، وسنظل نصدر مثل هذه النوعية من الافلام طالما أن القائمين على هذه الصناعة مقتنعون انهم يقدمون سينما، وطالما ان الافلام تقيم الآن من خلال شباك التذاكر والإيرادات. وبالتالى المعركة الآن ليست فى إنتاج عمل يرضى عشاق السينما الحقيقية، ويرضى غرورنا كمصريين لنا باع طويل فى السينما، المعركة الآن هى فى كم تصدير الهيافة والسذاجة، ووضع أفلام تخاطب المراهقين. السينما التجارية لا تصنع تاريخا، ولا تصنع ريادة، ولا تصنع فنا حقيقيا يمكننا أن نصدره لعالمنا العربى، وللعالم أجمع، ولن نعود كما كنا روادا، ونحن نرى أن المنافسة تحسم من خلال العائد. تاجر المخدرات أكثر البشر تحقيقا للربح، فهل هذا معناه أن نتاجر جميعا فى المخدرات، سينما الهلس لا تفرق كثيراً عن المخدرات، كلاهما يصنع إنسانا فاقدا للأهلية، كلاهما يصنع بقايا إنسان، كلاهما يفسد الذوق العام، لذلك على لجنة الأوسكار وأعلم أن بها مجموعة مهمة من النقاد، وكذلك من السينمائيين، وكثير منهم لديه غيرة على وطنه، فعليهم أن يواجهوا هذا العبث الذى نعيشه، وألا يرضخوا لمقولة أن «تذهب أفضل بكثير من ألا تذهب»، فالغياب فى هذه الحالة أفضل، الغياب أفضل من أن يسخر منا العالم، صناعة فيلم بالمقاييس العالمية تحتاج الى الكثير، فالقضية ليست فى موضوع يناقش ظاهرة معينة، السينما عمل متكامل: موضوع ورؤية بصرية وسمعية، علينا أن نقول مرة واحدة لا لهذا الإسفاف المنتشر فى جسد المجتمع المصرى. السينما التي نصنعها الآن هى سرطان يحاول أن يقضى على الفضيلة بداخلنا.. وعلى نقابة السينمائيين كما أعدت وشكلت لجنة للأوسكار، أن تشكل لجنة لإعادة السينما الى وضعها الصحيح، هناك مخرجون كبار يجلسون فى منازلهم، يمكنهم أن يعيدونا الى رحاب السينما العالمية.. وجود هؤلاء المخرجين وكُتّاب السيناريو وصمة عار على جبين كل صُناع السينما وبالأخص نقابة السينمائيين.