تحقيق: نشوة الشربينى / إشراف: نادية صبحي إيمانًا بدور الواعظات فى مواجهة الفكر المتطرف، وحماية النشئ، جاءت مبادرة « وزارة الأوقاف " بالتعاون مع «الأزهر الشريف»، بتفعيل دور المرأة الدعوى، عن طريق التذكير والوعظ والإرشاد الدينى بالمساجد الكبرى والمراكز الإسلامية. المبادرة جاءت فى اطار الاهتمام المتزايد للرئيس عبد الفتاح السيسى، بمكانة المرأة الداعية، والحرص على ترجمة حراكها باتجاه مؤسسات الدولة مشاركة وتفعيلًا، وتسليحها بالعلم والثقافة وصحيح الدين، والارتقاء بقدراتها وتحقيق ذاتها، والعمل على تعزيز دور المرأة أو كما يطلق عليها «حاضنة الأجيال» فى المنظومة الأسرية، خاصة وأنها تشكل نصف المجتمع، من أجل إعداد أجيال مستنيرة تنبذ العنف، وتتخذ الوسطية والعلم والحوار الراقى منهجًا للحياة. إنصاف الكوادر النسائية فى الفترة الأخيرة، كان مذهلًا دون مبالغة، بعد تعيين 144 داعية فى شتى المحافظات، من أجل محاربة التطرف داخل الهيئات والمؤسسات الحكومية، ولا يزال مطلبًا ضروريًا زيادة تأهيل وتدريب الواعظات على الخطابة والاقناع والقضايا الشرعية والفقهية، وتعزيز دورها الدعوى ومغادرة التهميش، ونشر ثقافة الاعتدال والوسطية، والترابط والسلم الاجتماعى، وتضيق الأفق الفكرى على أصحاب الفكر المتطرف، وفق برامج التنمية الثقافية والدينية والاستقرار الاجتماعى، كضرورة ملحة. وقال الدكتور عادل عامر، الخبير القانونى، مدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية: «الدعوة شرف كبير، وعمل عظيم، فهى ميراث النبوة، وأساس معرفة الناس بالخالق (سبحانه وتعالى)، ومهمة الداعية هنا التذكير وليست الهداية، فقد أحب الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) هداية عمه، ولكنه مات على غير ذلك، كما أن الخلط بين الوسيلة والغاية، أوقع بعض المتطرفين فى التشدد والغلو، والخالق لا يقبل إيمان المكره، لأنه أتى عن غير رغبة، وغير طواعية لله». وأوضح – الخبير القانونى–أن المرأة هى الشريك الأساسى فى بناء الأسرة، وعلى أساسها يقام عمران البلاد، ومصالح العباد، فالإسلام رفع مكانة المرأة ومنحها من الحقوق ما لم تحظ به النساء فى بقية القوانين والشرائع، بداية من الخطبة، وعقد النكاح، وتربية الأولاد، وكذا الطلاق، والعدة، وقد حافظ الإسلام بتشريعاته العظيمة على أن تبقى الأسرة متماسكة لا يتطرق الخلل إلى أركانها، ومحافظة على وظيفتها فى تربية النشئ، حتى يكونوا أجيالًا صالحين ونافعين لوطنهم، لذا جاء دور الداعيات فى قضايا الأسرة، ومعالجة أسباب الشقاق بين الزوجين ورأب الصدع بينهما، وأيضًا مواجهة الفكر المتطرف، وهو عمل جليل، لا يقل عن عمل الائمة والدعاة الرجال فى المساجد. وأشار «عامر» إلى أن دور المرأة فى المجال الدعوى يمتد لتدريس الفقه والعقيدة للنساء، فتستطيع أن تسأل الداعيات من الفتيات والنساء عن الأمور الخاصة، والإجابة على جميع التساؤلات بصورة ميسرة، وبذلك ننمى الثقافة الدينية الصحيحة للفتاة والزوجة والأم بمعلومات دينية صحيحة موثقة، كما يجب أن تكون الداعيات على مستوى المسئولية. موضحًا أن دور الأزهر الشريف كان قويًا وواضحًا بتقوية الواعظات وتخصيص دورات لهن لمواجهة الفكر المتطرف والتشويه المتعمد للسنة، والاهتمام بالمرأة فى المجتمع، والتربية الصحيحة للأبناء، وأن تؤدى واجبها تجاه الزوج والأبناء دون تقصير فى أى من هذه المسئوليات، وكذلك قامت وزارة الأوقاف بتفعيل أدوار مكاتب الإرشاد الأسرى وتوسيع مفهومه ليشمل الإرشاد الدينى بالمساجد الكبرى، وتعزيز دور المرأة فى المنظومة الأسرية، وتسليحها بالعلم والثقافة وصحيح الدين، وهما خطوتان مهمتان فى المرحلة الحالية، من أجل إعداد أجيال مستنيرة ترفض العنف وتتخذ الوسطية والعلم والحوار منهجًا للحياة، خاصة وأننا بحاجة لإعادة النظر فى منظومة القيم التى تحكم سلوكيات البشر، لتحقيق نهضة وتقدم المجتمع، لتأتى أهمية الدروس الدينية التى تدور حول القيم والأخلاق والمواطنة، وأهمية الرد على كل الأسئلة المتعلقة بقضايا المرأة، وهذه القضايا من الأفضل أن توجه للواعظة، مع أهمية تفعيل دور المؤسسات التعليمية، لأنها المسئول الأول التى تعنى بالقيم الأصيلة والمبادئ السليمة، مع التركيز على قيم المواطنة والنقد البناء والعمل الجماعى، وإرساء قيم التعددية وقبول الآخر بصرف النظر عن الدين أو الجنس أو اللون. وأوضح طارق زغلول، المدير التنفيذى للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان، أن للمرأة أهمية كبيرة فى المجتمعات، فهى المسئولة عن تربية النشئ، فيكون أما معتدل أو متطرف، لذا يجب الاهتمام بدور المرأة، وحماية حقوقها، والارتقاء بقدراتها، وتحفيزها على المشاركة فى العمل الدعوى بشتى صوره، ومن هنا جاء الدور الكبير للأزهر الشريف بتعميق مفهوم الحرية والاعتدال، وذلك عن طريق توجيه الخطاب الدينى للاهتمام بالمرأة. وأضاف – مدير المنظمة المصرية لحقوق الإنسان – أنه بالرغم من وجود العديد من الكليات الخاصة بالبنات فى جامعة الأزهر، إلا أن دور خريجيها مازال محدودًا، لذلك يجب وضع خطة لنشر ثقافة الوسطية والسلم الاجتماعى، وكذلك على وزارة الأوقاف العمل على أن يتبنى الخطباء فى المساجد لتلك القضايا الهامة وغرس قيم المواطنة، وتوجيه الدعوة للنساء لنشر قيم الوسطية، للقضاء على الأفكار المتطرفة والخاطئة، لاسيما وأن هناك أعدادا كبيرة من الفتيات أو الأمهات لم تستكملن المراحل التعليمية الأساسية، وبالتالى أصبح دور «الأزهر الشريف» و«وزارة الأوقاف» فى غاية الأهمية، لوعظ وتوعية هذه الفئة الأمية، وحتى لا ينجرف أبنائهن وراء أفكار خاطئة، تساعد على تدمير النشئ والأوطان. «مجمع البحوث الإسلامية»:«الداعيات» دورهن كبير فى تصحيح المفاهيم المغلوطة ونشر صحيح الدين. الدكتور محمد السيد الوردانى، المنسق الإعلامى لمجمع البحوث الإسلامية، التابع للأزهر الشريف، قال : إن مجمع البحوث الإسلامية بعث بالكوادر النسائية من الواعظات اللاتى يتسمن بسعة الأفق، والبعد عن التعصب، حتى يقومن بالعمل الدعوى بشتى صوره. وأوضح المنسق الإعلامى لمجمع البحوث الإسلامية أن مهامهن تتضمن إقامة الحلقات الدينية فى المساجد، من خلال شرح وتفسير الآراء الشرعية أو الأحكام الفقهية، وتصحيح الأفكار الخاطئة، بالإضافة إلى الرد على الأسئلة والاستفسارات المختلفة بصورة مبسطة تساعد على فهم الإجابة، فضلًا عن عمل زيارات لعدد من المصالح الحكومية لوعظ السيدات العاملات عن قيم الإسلام. وأشار إلى أن الواعظات المشاركات فى العمل الدعوى، تم تدريبهن نظريًا وعمليًا، لخدمة الفكر المعتدل والدين الوسطى من مبدأ الحرية والتعايش والسلام وخدمة المرأة والمجتمع. وشدد المنسق الإعلامى لمجمع البحوث الإسلامية على أن الواعظات يمثلن عنصرًا دعويًا هامًا، لمواجهة التحديات، وإعداد الاجيال الصالحة. آمنة نصير : تحية لوزير الأوقاف لدعم المرأة المصرية وتجديد الخطاب الدينى فيما وجهت الدكتورة آمنة نصير، أستاذة الفلسفة والعقيدة بجامعة الأزهر، عضو مجلس النواب «التحية لوزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، لدعم ومساندة المرأة المصرية، وضبط الخطاب الدعوى، من خلال إعداد وتأهيل الواعظات والعمل على رفع الوعى الدينى والثقافى لديهن، بما أوصلها إلى هذه الصورة المشرقة.. لتصبح المرأة المصرية فى ساحة الوعظ والعلم، من خلال المساجد الكبرى، وهو « أمر محمود». واوضحت أستاذة العقيدة بجامعة الأزهرأن وعى المجتمع بالمرأة ارتفع وتعززت الثقة بقدراتها فى العمل الدينى والثقافى، بعدما استفادت من مساحة حرية الفكر والتعبير التى أعطت لها، لتحقق الكثير من الانجازات، وتشارك فى عملية التنمية بجوانبها المختلفة، وأثبتت أنها الأقدر على حمل المسئولية، إضافة إلى ذلك تتطلع الواعظات لتعزيز دور المرأة بشكل عام للمساهمة الفعالة فى محيط أسرتها ومجتمعها، وتسليحها بمهارات وقدرات فكرية للخروج من الأمية الدينية والثقافية، وتوسيع مدارك المرأة المصرية، وزيادة الوعى الإجتماعى، لذا سعدت بهن جميعًا وتمنيت لهن التوفيق والثبات الدائم. وأضافت أستاذة العقيدة بجامعة الأزهر–أن التاريخ الإسلامى زاخر بالعديد من النماذج المشرفة للمرأة المسلمة، بدءًا من أمهات المسلمين «عائشة وحفصة وأم سلمة»، فدور الواعظة فى الدروس والندوات الدينية هو نشر الفكر الوسطى، وصحيح الدين، ومجابهة أى أفكار متطرفة أو متشددة. عميد «الدراسات الإسلامية»: تعزيز دورها الدعوى ومغادرة التهميش «المرأة أمة بأكملها».. كما قال الدكتور محمد عبد العاطى عباس، عميد كلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر. وأضاف: أن المرأة احتلت مكانة مرموقة ومهمة فى المجتمع الإسلامى، بعد أن كانت قبل الإسلام مهانة لا قيمة لها، فقد كرمها الإسلام ومنحها حقوقًا كثيرة، حفظ لها إنسانيتها، واستطاعت المرأة أن تشارك الرجل بشكل فعال ومؤثر فى شتى المجالات، وخدمة وطنها والارتقاء به وتطويره. وعن متطلبات إعداد الداعيات، أوضح : أن المرأة تشكل نصف القوة البشرية، وهى الشريك الأساسى فى بناء الأسرة والمجتمع، والأكثر كفاءة وصمود، وبالتالى تنشئتهن وتثقيفهن دينيًا، عن طريق إعداد دورات تدريبية على مستوى عال، سواء فى مجال الخطاب والإقناع، أو القضايا الشرعية والفقهية كل ذلك، يساعد على خلق أجيال ملمة بتعاليم الإسلام الوسطى والإعتدال، والمبادئ السليمة، بعيدًا عن الغلو والتطرف، ليضاف لتاريخها المشرف أعمالًا إيجابية تخدم مجتمعها، مع ضرورة توفير مكافآت مجزية لهن، نظير ما يقمن به من عمل جليل.