اعتبرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن تنظيم "القاعدة" يواجه ما اعتبرته ب"كارثة" مع سقوط الأنظمة العربية الاستبدادية واندلاع الثورات الشبابية التي تهدف إلى إرساء الديمقراطية في العالم العربي، مشيرة إلى أن تاريخ "القاعدة" يوشك على الانتهاء مع انتشار المظاهرات السلمية التي أثبتت أنها قادرة على التغيير من دون تطرف. وتساءلت الصحيفة في تقرير لها بعنوان" مع سقوط الأنظمة العربية القاعدة تختفي من التاريخ" إذا كان تنظيم القاعدة لعب أي دور في الثورات التي شهدها العالم العربي للإطاحة بقادتهم ، مؤكدة أن حركات المعارضة العربية كانت تنبذ العنف والتعصب الديني الذي يعتبر ركيزة مبدئية لفكر القاعدة . واعتبرت الصحيفة أن الحركات السلمية التي دعت إلى الديمقراطية تعد "لعنة" على القاعدة وبن لادن وأنها سوف تؤدي إلى ضعف العمليات الإرهابية لأنها أصبحت عديمة الجدوى لأن الشباب المسلم قدم بديلا جديدا وناجحا للإرهاب. ونقلت الصحيفة عن بول بيلار، الباحث في شئون الإرهاب والشرق الأوسط بوكالة المخابرات الأمريكية، قوله: "حتى الآن أؤكد أن الأحداث الحالية تعتبر رهيبة لتنظيم القاعدة ، فتطبيق الديمقراطية يعتبر أخبارا سيئة للإرهابيين. فالناس أصبح لديهم قنوات سلمية للتعبير عن مظالمهم وتحقيق أهدافهم ، وأصبحوا أقل احتمالا للتحول إلى العنف ". من جانبه ، حذر برايان فيشمان ، خبير الإرهاب في مؤسسة أمريكا الجديدة، من استغلال القاعدة لسقوط نظام الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي والرئيس اليمني علي عبدالله صالح الذي قد يتسبب في خلق ملاذات للخلايا الإرهابية - على الأقل لبعض الوقت . وقال ستيفن سايمون ، وهو زميل في مجلس العلاقات الخارجية وشارك في تأليف كتاب "عصر الإرهاب المقدس" إن التطورات في البلدان العربية تعتبر هزيمة استراتيجية للجهاد العنيف، فهذه الانتفاضات كشفت عن جيل جديد لا يهتم بفكر تنظيم القاعدة. واعتبر سيمون أن تصريحات أيمن الظواهري ، الرجل الثاني في تنظيم القاعدة، كانت "يائسة ومثيرة للشفقة". وأشارت الصحيفة إلى أن هناك أدلة على أن الانتفاضات الشعبية تجذب بعض الجهاديين.ونقلت عن أحد الجزائرين المرتبطين بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي قوله في مقابلة مطلع الأسبوع: "إن المسلحين كانوا عائدين من المنفى للانضمام إلى المعركة في ليبيا وتسليح أنفسهم من مخابئ الأسلحة الحكومية". وأضاف الرجل الذي يستخدم اسم ابو سليمان : "أنه مع حالة الفوضى في ليبيا وزيادة كره السكان للقذافي ، فإنه سيكون من الأسهل بالنسبة لنا تجنيد أعضاء جدد" متابعا:" أن الليبيين والتونسيين الذين قاتلوا في العراق أو أفغانستان يحاولون الآن العودة إلى ديارهم". وتابع:" هناك الكثير من العمل للقيام به، يجب أن نساعد الشعب في القتال ومن ثم بناء دولة إسلامية" . من جانبه، قال أبو خالد ، أحد الأردنيين الذين قاتلوا في العراق مع أبو مصعب الزرقاوي: " إن تنظيم القاعدة يمكن أن يستفيد على المدى الطويل من الآمال المحطمة ". متابعا:" سيكون هناك في مصر وبلدان أخرى العديد من المتظاهرين الذين يشعرون بخيبة أمل وعندها سنقدم أنفسنا كبديل وحيد ونحن على يقين أن ذلك سيفيدنا". إلا أن مايكل شوير ، الكاتب الأمريكي والمحلل السابق في وكالة الاستخبارات الأمريكية، أشار إلى أن الأمريكيين ، بما في ذلك العديد من الخبراء ، قد أخطأوا في الحكم على الانتفاضات التي تركز على العلمانية. ولفت إلى أنه تم إطلاق سراح الآلاف من الإسلاميين من السجون في مصر وحدها متابعا:" إن القاعدة ستحاول الاستفادة من الفرص ، إلا أنها تواجه لحظة غير مؤكدة ". وأشارت الصحيفة إلى أن القاعدة كانت مركز اهتمام السياسة الأمريكية وأن واشنطن دعمت الحكومات الاستبدادية في سبيل مواجهة القاعدة ، ولفتت إلى أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي دعا القذافي السبت إلى التنحى كان قد أشاد بدور القذافي في مواجهة الإرهاب. وتطرقت إلى برقية من السفارة الأمريكية في طرابلس إلى وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس عام 2008 تشير إلى أن " ليبيا شريك قوي في الحرب ضد الإرهاب" ، مشيرا إلى التعاون الاستخباراتي " الممتاز" وبجهود العقيد القذافي لمنع عودة المسلحين الليبيين من أفغانستان والعراق. واختتمت الصحيفة بأنه يجب على الإدارة الأمريكية الآن والاستخبارات الأمريكية التكيف مع الوضع الحالي وتحقيق التوازن لإدارة الأزمة التي تواجهها في جهود مكافحة الإرهاب. ونقلت عن كريستوفر بوسيك ،من مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي قوله: " يجب أن تعيد الولاياتالمتحدةالأمريكية التفكير ، وعلينا أن نوضح أن أمننا لم يعد يأتي على حساب الفقراء ولا على حقوق الشعوب في هذه الدول".