بينهم أبو تريكة.. قبول طعن 121 متهمًا على إدراجهم بقوائم الإرهاب    وزيرة الهجرة تترأس أولى اجتماعات اللجنة العليا للهجرة    عاشور: دعم مستمر من القيادة السياسية لبنك المعرفة المصري    الصور الأولى لأبطال فيلم "تاني تاني" قبل عرضه    2.3 % ارتفاعًا في أسعار الذهب العالمية خلال أسبوع    هاكاثون التكنولوجيا الأول «الأبرز».. ننشر حصاد «التعليم العالي» في أسبوع    وزير النقل يتابع انتظام جداول تشغيل القطارات    «الإحصاء»: 24.5% انخفاضا في عدد الوفيات بسبب حوادث الطرق خلال عام 2023    مراسل إكسترا نيوز: العمليات العسكرية برفح الفلسطينية لم تتوقف    أشرف أبوالهول: مصر ستقدم أدلة ل«العدل الدولية» بشأن انتهاكات إسرائيل خلال 76 عاما    روسيا: تدمير أربع قنابل جوية موجهة من طراز "هامر" فرنسية الصنع فوق مقاطعة بيلغورود    «التالتة تابتة».. نهائي إفريقيا بين الأهلي والترجي ل«فض الشراكة»    تحرك عاجل من كاف قبل ساعات من مباراة الأهلي والترجي بسبب «الجزائري».. عاجل    رسميًا.. إشبيليه يعلن رحيل كيكي سانشيز    حركات استعراضية.. كواليس فيديو لشابين عرضا حياة المواطنين للخطر| فيديو    «الفلك الدولي» يحدد موعد أول أيام شهر ذي الحجة وعيد الأضحى 2024    إصابة 4 أشخاص في حادث تصادم بكورنيش الساحل    «أجل التعليم والبحث العلمي» موضوع الاحتفال باليوم العالمي للمتاحف 2024    بحضور نجوم الفن والمشاهير.. «الهضبة» يشعل حفل زفاف ريم سامى    محافظة القاهرة تنظم رحلة ل120 من ذوي القدرات الخاصة والطلبة المتفوقين لزيارة المناطق السياحية    فيلم فاصل من اللحظات اللذيذة يحتل المرتبة الثالثة في شباك التذاكر    البان كيك بالعسل.. أسهل حلوى يمكن إعدادها في المنزل    صيف 2024 الأشد حرارة.. تحذيرات من انتشار فيروس خطير    «الصحة العالمية»: دور محوري للتمريض المصري في تطوير الرعاية الصحية    سقوط 3 تشكيلات عصابية تخصصت فى سرقة السيارات والدراجات النارية والكابلات بالقاهرة    الأحجار نقلت من أسوان للجيزة.. اكتشاف مفاجأة عن طريقة بناء الأهرامات    أسعار سيارات جي ايه سي 2024 بعد الانخفاضات الأخيرة    محافظ كفرالشيخ يتابع أعمال المرحلة الأولى لرصف شارع المحرقة بدسوق بتكلفة 2.9 مليون جنيه    إسرائيل تعلن اغتيال قائد لواء رفح في حركة الجهاد جنوب غزة    «صحة مطروح» تطلق قافلة طبية مجانية بمنطقة النجيلة البحرية الإثنين    جوري بكر تتصدر «جوجل» بعد طلاقها: «استحملت اللي مفيش جبل يستحمله».. ما السبب؟    مفتي الجمهورية: يجوز التبرع للمشروعات الوطنية    طلاب الإعدادية الأزهرية يؤدون امتحاني اللغة العربية والهندسة بالمنيا دون شكاوى    «الري»: بحث تعزيز التعاون بين مصر وبيرو في مجال المياه    ب5.5 مليار دولار.. وثيقة تكشف تكلفة إعادة الحكم العسكري الإسرائيلي لقطاع غزة (تفاصيل)    الصحة الفلسطينية: ارتفاع حصيلة الحرب العدوانية على غزة إلى 35386 شهيداً    معهد القلب: تقديم الخدمة الطبية ل 232 ألف و341 مواطنا خلال عام 2024    اليوم.. 3 مصريين ينافسون على لقب بطولة «CIB» العالم للإسكواش بمتحف الحضارة    ما أحدث القدرات العسكرية التي كشف عنها حزب الله خلال تبادل القصف مع إسرائيل؟    "النواب" يناقش تعديل اتفاقية "الأعمال الزراعية" غدا الأحد    محافظ المنيا: استقبال القمح مستمر.. وتوريد 238 ألف طن ل"التموين"    صحة غزة: استشهاد 35386 فلسطينيا منذ 7 أكتوبر الماضي    ضبط تشكيل عصابي تخصص في النصب والاحتيال على المواطنين والاستيلاء على أموالهم    جهود قطاع أمن المنافذ بوزارة الداخلية خلال 24 ساعة فى مواجهة جرائم التهريب ومخالفات الإجراءات الجمركية    موعد مباراة بوروسيا دورتموند أمام دارمشتات في الدوري الألماني والقنوات الناقلة    تشكيل الشباب أمام التعاون في دوري روشن السعودي    أبرزهم رامي جمال وعمرو عبدالعزيز..نجوم الفن يدعمون الفنان جلال الزكي بعد أزمته الأخيرة    نهائي أبطال إفريقيا.. 3 لاعبين "ملوك الأسيست "في الأهلي والترجي "تعرف عليهم"    مسئولو التطوير المؤسسي ب"المجتمعات العمرانية" يزورون مدينة العلمين الجديدة (صور)    محمد صلاح: "تواصلي مع كلوب سيبقى مدى الحياة.. وسأطلب رأيه في هذه الحالة"    25 صورة ترصد.. النيابة العامة تُجري تفتيشًا لمركز إصلاح وتأهيل 15 مايو    "الإسكان": غدا.. بدء تسليم أراضي بيت الوطن بالعبور    ما حكم الرقية بالقرآن الكريم؟.. دار الإفتاء تحسم الجدل: ينبغي الحذر من الدجالين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 18-5-2024    حادث عصام صاصا.. اعرف جواز دفع الدية في حالات القتل الخطأ من الناحية الشرعية    حظك اليوم وتوقعات برجك 18 مايو 2024.. مفاجآة ل الدلو وتحذير لهذا البرج    الأرصاد: طقس الغد شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا على أغلب الأنحاء    قبل عيد الأضحى 2024.. تعرف على الشروط التي تصح بها الأضحية ووقتها الشرعي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أشرف العشماوى صاحب النهايات العادلة: نجيب محفوظ وقع إهداءً على ثلاث من رواياته لمن حاولوا اغتياله
عندما يكون القاضى مبدعاً
نشر في الوفد يوم 05 - 07 - 2018


حوار - نهلة النمر:
ظلت مسألة الأجيال فى الحياة الأدبية فى مصر هى العناوين الأبرز فى الدراسات النقدية لسنوات طويلة. كأن نقول «جيل الستينات» و«جيل السبعينات»...، ونحمّل كل منها ملامح خاصة وربما جينات تفصله عمن سبقه أو من يليه. فتظل هزيمة 1967 رفيقة درب لكتابها، ويبقى جيل الثمانينات عالقًا فى المنطقة الرمادية التى طالما وصفوه بها.
وعلى الرغم من أن العالم اتفق على أن عمر الجيل ثلاثة وثلاثون عاماً، إلا أن تقسيم الأجيال الأدبية فى مصر جاء بالعشرات، وهو ما يمكن أن نعده أمرًا ساذجاً. ومن يتابع المشهد الأدبى فى مصر الآن، يلحظ أن ثمة تجاورًا وروابط مدهشة قائمة بين الأجيال من المبدعين. فى مشهد يكرس لأن يكون البقاء للأجمل، وللقدرة على تقديم إبداع عمره جديد وليس عمر صاحبه. فيمكن أن يظل كاتب واحد يتصدر المشهد عقودًا بناءً على قيمة ما يقدمه، بينما يمكن أن يظل المشهد فارغًا عقودًا طويلة، ما دام لم يظهر كاتب تتوافر لديه أدوات الكتابة التى تساعده على البقاء. لذلك سيظل كل من لا يزال على الساحة فى مصر يكتب ويبدع من كتَّاب الألفية الثالثة، الذين سنحاول أن نقدمهم هنا فى سلسلة حوارات لا تهتم سوى بما يكتبون، بداية من الذين بدأوا بعد 1967 والكتّاب الأحدث والكتّاب الذين يكتبون فقط منذ أعوام.
فى 10 يناير 1995، قالت المحكمة فى حيثيات حكمها: «إن تلك الجماعة أرادت أن تجرح بأيدى عناصرها أمن وسلامة بلدهم، فكان الجرح أولى بهم، وأوراق الدعوى تنبئ عن أن فلول الإرهاب تسعى دائمًا إلى التجمع وإعادة تكوين مجموعات تبغى اغتيال الرموز الفكرية، فما كان نجيب محفوظ إلا رمزًا للفئة المفكرة، فتأجج بين ضلوعهم أن يكون مقتله كمن قتل المفكرين جميعًا».
ثم أعقب القاضى كلمته بحكمه بإعدام اثنين، وبالسجن المشدد المتفاوتة سنونه على باقى ستة عشر متهماً. لتكتب كلمة النهاية فى تلك القضية التى شغلت الرأى العام لدى العالم أجمع، والمتمثلة فى محاولة اغتيال الروائى العالمى نجيب محفوظ.
فى هذا التاريخ لم يدر بخلد أحدنا، أن أحد أفراد فريق التحقيقات الذى تولى هذه القضية، سيصبح يومًا ما كاتبًا يذيع صيته مع أول عمل روائى له، حين كتب «زمن الضباع» فى 2010، التى قيل عنها فيما بعد إنها نبوءة تحققت، ليصدر بعدها رواية «تويا» وتصل إلى القائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية عام 2013، أما رابع عمل له وهو «البارمان» فقد فاز بجائزة هيئة الكتاب كأحسن رواية عام 2014، وكان قد سبقها برواية «المرشد»، ثم توالت أعماله بانتظام، حتى بلغت سبع روايات، منها: «كلاب الراعى»، «تذكرة وحيدة للقاهرة»، وأخيرًا «سيدة الزمالك»، إلى جانب كتاب توثيقى وحيد هو «سرقات مشروعة».
الكاتب أشرف العشماوى يعد الآن واحدًا من أهم الروائيين فى مصر والعالم العربى، تناولت مشروعه السردى عدة ببلوجرافيات متمثلة فى ثلاث رسائل ماجستير ودكتوراه، وتدرس أعماله بالجامعات المصرية والعربية، كما ترجمت بعض رواياته لأكثر من لغة. اعتذر «العشماوى» عن حمل الحقيبة الثقافية فى حكومة شريف إسماعيل الأخيرة عندما عُرضت عليه، معللًا الرفض بأنه وإن كان يملك رؤى ثقافية يمكنها ضبط بعض زوايا الثقافة فى مصر، إلا أنه لا يملك الوقت والقدرة على إدارة أربعة وأربعين ألف موظف.
على الرغم من أن الكاتب الكبير أنيس منصور قال له: «لا تجعل الوظيفة تأكل موهبتك» بعد قراءته لروايته الأولى، إلا أن «العشماوى» لم يستطع التخلى عن منصة القضاء، فأخلص لها مثلما أخلص للأدب واشترك وأشرف على التحقيقات فى قضايا شهيرة ومثيرة، كمحاولة اغتيال نجيب محفوظ، وقضية خط الصعيد عزت حنفى، وكذلك قضية التمويل الأجنبى، كما حقق فى قضايا سرقات الآثار ومحاولات تهريبها.
● أشرف العشماوى وكيل النائب العام، كان أحد المحققين فى واقعة اغتيال الكاتب الكبير نجيب محفوظ، ما ذكرياتك عن تلك التحقيقات؟ وعن لقاء العم «نجيب»؟
- بدأت سطور الحكاية منتصف أكتوبر من عام 1994، يومها علمت مثل غيرى بخبر محاولة اغتيال الأديب الكبير، ولم أكن أعرف أبعاد وملابسات الحادث، ولم يدر بخلدى على الإطلاق أننى سأكون أحد المحققين فى الواقعة، ولم تكن رواية «أولاد حارتنا» حديثة الصدور حتى نضعها على قائمة الدوافع لارتكاب الجريمة، فغرقت فى حيرة مع زملائى بالنيابة حتى ظن بعضنا أن مرتكب الحادث شخص مخبول ممن يهوون الشهرة على الطريقة الأمريكية.
يوم لقائى مع الكاتب نجيب محفوظ
وكان قد مر على محاولة الاغتيال بضعة أسابيع، ظللت أتحدث معه فى أمور عادية وبدا لى أنه مسرور لعدم استجوابه، كان يكفى أن ألقى سؤالًا بسيطًا أو أفتح موضوعًا عامًا ليفضفض بتلقائية، تركت له المساحة ليتكلم وحده، فنحن فى حضرة الأستاذ، وكان مجمل حديثه يدور حول قلقه على حال مجتمع ينزلق نحو هاوية التخلف والرجعية، طال الحديث وتشعب، وفى النهاية كان لا بد من إجراء التحقيق وسماع أقواله، لكن وقتها أخبرنى الطبيب بأن بقائى أكثر من ساعة معه يرهقه، فغادرت كما أتيت بأوراق بيضاء لم أدوّن فيها حرفًا، وعدت لمكتبى وأجّلت التحقيق ليوم آخر.
فى اليوم المحدد ذهبت بصحبة محقق وزميل آخر، وتولى رئيس النيابة مهمة سؤال «محفوظ» عن متهمين لم يرهم الأستاذ ولا يعرفهم، فقد كان لا يريد تذكر ملابسات الحادث برمته، لحظتها تفرغت لمراقبة وتأمل تعبيرات وجهه، ما بين التأثر والانفعال والحزن والمرارة وعمق النظرة، والقراءة لحادث رأى أنه بداية لإرهاب قادم لا نهاية قريبة له، إذا ما خفتت شمس التنوير وقد كان، قبل انصرافنا سألنى الأستاذ باهتمام: همّ ليه ضربونى يا حضرة الوكيل؟
كنت على يقين بأنه يعرف إجابة سؤاله وأن الأدباء والأصدقاء الذين التفوا حوله منذ اليوم الأول أخبروه بكل التفاصيل، حتى زميلى قالها له فى التحقيقات، ووقتها رفض «محفوظ» بشدة أن تقرأ روايته من منظور دينى، لكننى لمحت بريقًا غريبًا فى عينيه كمن يريد أن يسمع أمرًا مختلفًا أو لا يريد أن يصدق كل ما قيل له، أجبته بما اعتقدت أنه سيريحه وقلت إن من حاول قتله فعل ذلك لإصلاح المجتمع، فسألنى بنفس الاهتمام؛ وما وجهة نظره فى ذلك؟ قلت بتحفظ: لأنهم يرون أن المجتمع لن ينصلح حاله إلا بقتل الكفار. قلتها واعتذرت مقررًا إن تلك العبارة وردت بأقوال المتهم الذى كنت أستجوبه، فابتسم لى بمودة طالبًا ألا أعتذر، ثم فاجأنى سائلاً: أنا أعلم أنهم لم يقرأوا الرواية، لكن أريد معرفة ما إذا كانوا قد قرأوا غيرها؟
أسقط فى يدى، فقد أخفيت عنه أنهم لا يعرفون القراءة حتى لا أزيده ألمًا لرقة مشاعره، فأجبته بأننى غير متذكر، لم ييأس نجيب محفوظ واستأذن منا أن نسمح له بإهداء المتهمين بعض كتبه، وفسر دهشتنا من رد فعله على أنها موافقة منا، وطلب من زوجته إحضار ثلاث روايات من منزله الملاصق للمستشفى، إحداها كانت «بداية ونهاية» والثانية «اللص والكلاب» ولا أتذكر الثالثة، ويومها أملى الأستاذ الإهداء ولم يستطع الإمساك بالقلم ليوقع، فكتب ووقع الناقد رجاء النقاش الذى تصادف وجوده بدلًا منه، فى نهاية اللقاء صافحنى بحرارة قائلًا بجدية: لا بد أن أحدهم يقرأ..! أومأت بالإيجاب...!
عدت لمكتبى وقرأت الإهداء، شعرت بعظمة الرجل وازداد انبهارى به ووجدت أن من واجبى تحريز الروايات المهداة على ذمة القضية لتكون تحت بصر القاضى الذى سينظر القضية بالمحكمة لتشكل وجدانه، ويرى بوضوح الفرق بين العالم والجاهل، بين الأديب المبدع المتسامح والهمجى صاحب الأفكار الرجعية المتخلفة، بين من يريد إعادتنا قرونًا للوراء ومن يريد إصلاحا حقيقيًا، يومها أملى أستاذنا الكبير على رجاء النقاش جملة الإهداء حسبما دونت بأوراقى الخاصة:
«إلى من يخالفنى الرأى أهدى سطورًا كتبتها لمصلحة مجتمع لن ينصلح حاله إلا بالثقافة».
● بحكم مناصبك القضائية التى توليتها، عملت محققًا فى قضايا سرقات الآثار وتهريبها، وهو ما تناولته فى كتابك التوثيقى «سرقات مشروعة»، ما الذى أردت أن يعرفه الناس من خلال هذا الكتاب، مفضلًا ألا يظل حبيس الملفات والأدراج؟
- باختصار أردت أن أقول إن القوانين المتعاقبة منذ عهد محمد على وحتى 1983 سمحت بسرقة الآثار وتهريبها، وكانت تعطى نصف الآثار المكتشفة للبعثات الأجنبية، أيضًا سمحت بخروج رأس نفرتيتى من مصر بالتزوير والتدليس ولا بد من العمل على
إعادتها، لأنها حقنا بالكامل. أيضًا أردت أن أقول إن تاريخ القوانين يكشف عن مهازل تعاملنا مع الآثار، يكفى أن يعرف المواطن أنه فى فترة الخمسينات من القرن الماضى كان يمكن لأى شخص الذهاب للمتحف المصرى بالطابق الثانى، حيث قاعة بيع الآثار المصرية ويطلب من البائع تمثالًا أثرياً، بل من حقه أن يلف هذا التمثال فى ورق الهدايا أو يحصل على شهادة لإخراجه من مصر وتصديره، كنا نعيش مهزلة، حتى إن اليونسكو وضعت مصر على القائمة السوداء عام 79 بسبب التهاون فى حماية الآثار المصرية. أنا كتبت بالمستندات والوثائق والصور تاريخ سرقة وتهريب آثار مصر من عهد محمد على باشا حتى ما بعد ثورة يناير2011.
● هل ثمة صلة بين أبطال رواياتك وبين عملك قاضيًا من خلال خبراتك المتراكمة كمحقق جنائى على مدار كل هذه السنوات؟
- الصلة بين عملى وكتاباتى موجودة والتأثير فى الاتجاهين متحقق، أنا حصلت على خبرات طويلة تقترب من ثلاثين عامًا فى العمل القضائى كمحقق ثم قاض جنائى وبينهما سنوات بالعمل فى الأحوال الشخصية والقضايا المدنية، هذه الخبرات أعطتنى تصورات واضحة لما عليه الشخصية من داخلها وساعدتنى بشكل كبير وأنا أكتب، وبالطبع استلهمت بعض القضايا وجوانب من مجرمين أو مجنى عليهم فى رواياتى وهذا طبيعى، لكن على الجانب الآخر الأدب والكتابة الروائية جعلتنى قاضيًا أكثر رحمة وأكثر إنسانية. إنما عملى القضائى لا علاقة له بالسياسة وأنا لا أشتغل بها ولا يسمح القانون لى بممارستها علنًا أو سراً، وما أريد أن أقوله سأضعه بين سطور رواياتى أو على لسان شخصياتى وأنا راض وقانع بذلك.
● فى محاكاة لرواية «مزرعة الحيوانات» لچورچ أورويل جاءت رواياتك «زمن الضباع» رمزية تحمل إسقاطات سياسية واضحة، وتدور أحداثها فى غابة افتراضية على لسان الحيوانات. هل يمكننا أن نعتبر أن تلك الرواية كانت استشرافًا لما شهدته مصر بعد ذلك من تغيرات سياسية بداية من عام 2011؟
- النقاد والصحفيون قالوا ذلك، أنا لم أقصد النبوءة بالطبع ولم أتوقع ما حدث فى 25 يناير أثناء كتابتها، لكن دعينى أقل لكِ شيئًا ربما لم أقله بصورة صريحة من قبل فى حوار صحفى، أنا كتبت رواية زمن الضباع متأثرًا بمن رأيتهم فى حياتى وبالمشاهير الذين التقيت بهم وأردت أن أقول حقيقتهم بصورة رمزية، تخيلت أننا فى غابة وأعطيت كل منهم صفة من صفات الحيوانات التى تلائم هيئته وسلوكه وكتبت، بالطبع هناك إسقاط سياسى رغمًا عنى، وبالطبع رواية «أورويل» كانت تشغلنى، وفى النهاية خرج العمل وكأنه نبوءة لما صار عليه الوضع فى مصر، أديبنا الكبير يحيى حقى كان يقول إن اللاوعى يغلب الوعى أثناء الكتابة ربما هذا ما حدث معى ولى.
● كثير من الأمهات الشابات أطلقن على صغيراتهن اسم «تويا»، تيمنًا باسم بطلتك فى الرواية التى حملت نفس الاسم؛ تلك الزهرة البرية التى تعيش فى قلب إفريقيا. فى هذه الرواية أنت نكأت الجرح الإفريقى القديم الذى تدفع مصر ثمنه الآن فادحاً، هل تتصور أننا فى وقت سابق تعاملنا مع إفريقيا بما لا يليق بها؟
نعم نحن أهملنا دورنا فى إفريقيا بعد جمال عبدالناصر، وفى ظنى أن السادات مال إلى الغرب أكثر وابتعد عن العرب وإفريقيا بذات المسافة التى اقترب فيها من أمريكا وأوروبا، ثم جاء مبارك لتكون العلاقات الإفريقية المصرية فى عهده باهتة بطيئة كسلحفاة، أعتقد انها سمة من سماته فى كل المجالات، أنا كتبت رواية «تويا» عام 1999 ونشرت 2012، وقتها نبهت فيها لابتعادنا عن إفريقيا وهذا دورى ككاتب، وأظن أننا ما زال الطريق أمامنا طويلًا فى هذا الشأن. أما تسمية الأمهات لبناتهن للاسم ذاته فهذا أسعدنى حقاً.
● فى كثير من كتاباتك أنت جعلت من المنسيين أبطالاً، مثلما كان فى روايتك «كلاب الراعى»، هل تذكر بطلًا منسيًا حقيقيًا مر عليك خلال عملك كوكيل للنائب العام كانت قصته نواة لتلك الرواية؟
- الحقيقة أن الامر ليس بهذه الصورة تماما، رواية «كلاب الراعى» وإن تحدثت عن منسيين تاريخياً، إلا أنها لا علاقة لها بعملى، أنا استلهمتها من الأحداث التى مرت بها مصر عام 2012 وقت حكم الإخوان ومحمد مرسى، وانقسام المجتمع وقتها وهرولة البعض ناحية اليمين مع انهم يساريون طوال حياتهم، كثير من المنافقين فى مجالات كثيرة ألقوا بأنفسهم فى حضن الإخوان، هؤلاء هم كلاب الراعى الذين يعيشون بيننا حتى الآن للأسف الشديد بعد التحول الثالث فى حياتهم. أيضًا الفكرة مرتبطة باسم الرواية فنحن نعرف أن الذئب يهاجم القطيع والكلاب تحميه من الذئاب، لكن ما الحال لو أن الراعى نفسه ذبح الشاة؟ هل يحميها الكلب من الراعى أم ينتظر نصيبه من لحمها بعد سلخها؟ هذا هو محور الرواية والسؤال الذى تحاول الإجابة عنه عبر التاريخ.
● «تذكرة وحيدة للقاهرة»، رواية تأخذنا إلى أقصى الجنوب، مسلطًة الضوء على مأساة النوبة والنوبيين. على الرغم من أن مصر لا تعانى مشاكل أقليات، لكن هل يمكننا أن نقول إن سكان الحدود دائمًا ما يدفعون الثمن غاليًا كى يعيش أهل المركز فى رفاهية؟
- معاناة أهل الجنوب موجعة من زمن طويل، النوبيون يعانون منذ أكثر من مائة عام، دفعوا بالفعل ثمنًا غاليًا مرات ومرات وقت بناء خزان أسوان ووقت تعلية الخزان، هَاجروا وهُجروا، باختصار كل قطرة ماء ننعم بها منذ 1964 فى بيوتنا أهل النوبة سبب مباشر فى توافرها، ولا بد أن نذكر لهم التضحية والفضل، ولا بد من مساندتهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.