رئيس الأوبرا يشهد احتفالية ذكرى دخول المسيح مصر (صور)    تنسيق الجامعات.. برنامج هندسة الاتصالات والمعلومات بجامعة حلوان    ورشة تدريبية متخصصة حول الإسعافات الأولية بجامعة قناة السويس    أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 17 يونيو 2025    أسعار الدواجن اليوم الثلاثاء 17 يونيو 2025    تحذيرات ترامب لإيران تدفع النفط للارتفاع المؤقت وسط نفي أمريكي للتدخل في الحرب    8 معلومات عن سيارات سيتروين C4X المصنعة محليًا بنسبة مكون 45%    برسالة مشفرة، سفير الاحتلال في أمريكا: الجمعة سنجعل عملية البيجر تبدو بسيطة    الحرس الثوري الإيراني يسقط طائرة مسيرة إسرائيلية قرب منشأة نطنز النووية    12 صورة ترصد مران الأهلي الأول في نيوجيرسي استعدادا لمواجهة بالميراس    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 17 يونيو والقنوات الناقلة    وزير التعليم: تكثيف أعمال التفتيش والانضباط قبل دخول اللجان ومراجعة كاميرات المراقبة يوميًا    بالأسماء.. مصرع 3 عمال وإصابة 15 أخرين بحادث تصادم بين سيارتين في البحيرة    توافد طلاب الثانوية العامة بالإسماعلية على اللجان لأداء امتحان اللغة الأجنبية الثانية    "الخان" تحيي أمسية طربية في قصر الأمير طاز بقيادة فادي المغربي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 17-6-2025 في محافظة قنا    الأحد.. معهد تيودور بلهارس يُنظِّم الملتقى العلمي ال13 لأمراض الجهاز الهضمي والكبد بالشراكة مع مؤسسات فرنسية    طب قصر العيني يستقبل سفير الكونغو لتعزيز التعاون الأكاديمي    الجد بدأ.. توافد طلاب الثانوية العامة بكفر الشيخ على اللجان لأداء امتحان اللغة الأجنبية الثانية    رغم حرارة الطقس.. أولياء الأمور يرافقون أبناءهم في ثاني أيام الثانوية العامة    تشكيل الهلال المتوقع أمام ريال مدريد في كأس العالم للأندية    تركي آل الشيخ يكشف كواليس زيارته لمنزل الزعيم عادل إمام    قبل موقعة الحسم.. الأهلي يتدارك أخطاء إنتر ميامي استعدادًا لبالميراس    طقس اليوم الثلاثاء.. استمرار انخفاض الحرارة والأمطار تعود للسواحل المصرية    انتشار أمني بمحيط مدارس 6 أكتوبر لتأمين امتحان اللغة الأجنبية الثانية للتانوية العامة    تفتيش الطلاب والطالبات علي أبواب لجان امتحانات الثانوية العامة في الدقهلية    "فقرات استشفائية".. الأهلي يواصل تدريباته استعداداته لمواجهة بالميراس    «سكاي أبوظبي»: 240 مليار جنيه مبيعات مشروع «رأس الحكمة»    بعد أزمة الاستبعاد.. جلسة صلح بين ريبيرو ونجم الأهلي في أمريكا (تفاصيل)    سعر الذهب في مصر اليوم الثلاثاء 17-6-2025 مع بداية التعاملات    طريقة عمل كيكة الجزر، مغذية ومذاقها مميز وسهلة التحضير    سلوفاكيا تجلي مواطنيها ومواطنين أوروبيين من إسرائيل عبر الأردن وقبرص    ترجمات| «ساراماجو» أول أديب برتغالي يفوز بجائزة نوبل أدان إسرائيل: «ما يحدث في فلسطين جريمة»    إيران تشن هجوما جديدا الآن.. إسرائيل تتعرض لهجمات صاروخية متتالية    وزير الدفاع الأمريكي يوجه البنتاجون بنشر قدرات إضافية في الشرق الأوسط    بعد تصريحات نتنياهو.. هل يتم استهداف خامنئي الليلة؟ (مصادر تجيب)    «إرث الكرة المصرية».. وزير الرياضة يتغنى ب الأهلي والخطيب    3 أيام متتالية.. موعد إجازة المولد النبوي الشريف في مصر للموظفين والبنوك والمدارس    خامنئي يغرد تزامنا مع بدء تنفيذ «الهجوم المزدوج» على إسرائيل    إغلاق جميع منشآت التكرير في حيفا بعد ضربة إيرانية    أسعار الخضار والبطاطس ب الأسواق اليوم الثلاثاء 17 يونيو 2025    ماكرون: نؤيد وقف إطلاق النار ومستعدون ل مفاوضات نووية جديدة مع إيران    بعد إنهاك إسرائيل.. عمرو أديب: «سؤال مرعب إيه اللي هيحصل لما إيران تستنفد صواريخها؟»    تفاصيل محاضرة ريبيرو للاعبي الأهلي    ما هي علامات قبول فريضة الحج؟    محافظ كفر الشيخ يصدر كتاباً دورياً لغلق المحال فى مواعيدها وترشيد الكهرباء    "حقوق الإنسان" بحزب مستقبل وطن تعقد اجتماعًا تنظيميًا بحضور أمنائها في المحافظات    إلهام شاهين تروي ل"كلمة أخيرة" كواليس رحلتها في العراق وإغلاق المجال الجوي    حدث بالفن | عودة إلهام شاهين وهالة سرحان من العراق والعرض الخاص لفيلم "في عز الضهر"    بسبب إغلاق مطار بغداد.. إلهام شاهين تكشف تفاصيل عودتها لمصر قادمة من العراق    أمريكا: حالات الإصابة بمرض الحصبة تقترب من 1200 حالة    قطع أثرية بمتحف الغردقة توضح براعة المصريين القدماء فى صناعة مستحضرات التجميل    مستشارة الاتحاد الأوروبي: استمرار تخصيب اليورانيوم داخل إيران يمثل مصدر قلق    محافظ كفر الشيخ: إقبال كبير من المواطنين على حملة «من بدرى أمان»    ما الفرق بين الركن والشرط في الصلاة؟.. دار الإفتاء تُجيب    لمست الكعبة أثناء الإحرام ويدي تعطرت فما الحكم؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    «عبداللطيف» يلتقي منسق الأمم المتحدة لبحث تطوير منظومة التعليم قبل الجامعي    عضو ب«مركز الأزهر» عن قراءة القرآن من «الموبايل»: لها أجر عظيم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الديمقراطية التشاركية.. الميدان والبرلمان والشاشة
نشر في الوفد يوم 09 - 04 - 2012

مع أن الديمقراطية هي فكرة قديمة تم اختراعها في زمن الإغريق، فإنها ما زالت تشكّل عنواناً من عناوين التقدم الحضاري، بقدر ما تشكل صيغة صالحة وفعالة للحكم وممارسة السلطة السياسية، أو لإدارة الشأن العام وتنظيم العلاقة بين قوى المجتمع المتعددة والمختلفة.
ومع ذلك، لم تبقَ الديمقراطية على ما هي عليه، بل كانت تتطور وتتجدّد، في ضوء الأزمات وعلى وقع التحولات، سواء من حيث مفهومها أو من حيث مجالات ممارستها وآليات ترجمتها. ولذا لم تعد تقتصر على شكلها التمثيلي، كما ترمز إليه صندوقة الأصوات وآليات الاقتراع العام.
حيث يمارس الفعل الديمقراطي، بصورة موسمية، كمية، إحصائية، كل بضع سنوات. هذا مستوى من مستويات الديمقراطية ضروري ولا عودة عنه، ولكنه لم يعد يكفي، بل بات الاقتصار عليه من قبيل الخداع والتضليل.
من هنا جرى ابتكار أشكال جديدة، يتسع معها الإمكان أمام المواطنين، إن لجهة اختيار الحكام، أو لجهة المشاركة الفاعلة في صوغ السياسات والقرارات.
من أهم هذه الأشكال "الديمقراطية التشاركية". وهي تعني جملة أمور: الأول هو كسر المنطق المركزي، الفوقي، البيروقراطي، لصالح العلاقات الأفقية المفتوحة على التداول والتبادل والتحوّل. الثاني هو المشاركة اليومية، في مختلف دوائر المجتمع وأصعدته، في المناقشات العلنية والعمومية المتعلقة بتحسين الأحوال، أو تشخيص المشكلات وتقديم الاقتراحات بشأن معالجتها. الثالث هو توسيع عملية الدمقرطة (التحول الديمقراطي)، لكي تطال مختلف المجالات والحقول، بما فيها مجالات البحث العلمي التي يظن أنها بعيدة كل البعد، عما هو عمومي أو علني أو شعبي.
ففي مجال علم الحياة، مثلاً، يمكن لعشرات الألوف من الأشخاص استخدام التسهيلات التي يؤمنها انفجار المعلومات، عبر الشبكات والهواتف المحمولة، لتجميع المعطيات وتبادلها حول بنية الخلية ونشاطها، وهو عمل يستغرق منهم عدة أسابيع، بينما يحتاج إلى عدة سنوات لكي ينجز من قبل الباحثين المحترفين.
وهكذا نشهد اليوم، وكما جاء في الملحق العلمي لجريدة "لوموند" الفرنسية، نشوء "علوم تشاركية أو مواطنية"، تعمل على محو الحدود بين المحترفين من الباحثين، وبين الهواة والجمهور العريض. وهذا ينسف ثنائية العامة والخاصة القديمة، كما يكسر ثنائية النخبة والجمهور الحديثة.
بالطبع هناك الديمقراطية المباشرة، كما تتمثل في الاستفتاءات التي تجري في أوقات الأزمات، حيث يتاح لكل مواطن إبداء رأيه في القضايا الهامة أو الخيارات المصيرية، التي هي موضع خلاف أو جدال على المستوى الوطني.
وإذا كانت الديمقراطية هي في أصلها حكم الشعب، فلا شك أن التجمعات الشعبية الحاشدة في الساحات والميادين، هي أجلى وأعلى أشكال العمل الديمقراطي، وكما يجري ذلك، بنوع خاص، في اللحظات الثورية المتعلقة بتغيير الأنظمة السياسية وبناء أنظمة أخرى مكانها، كما جرى على امتداد العام الفائت في غير بلد عربي.
ولهذا، عندما تساءل البعض، في مصر، عن السبب الذي يدعو للعودة إلى "الميدان"، بعد تشكل "البرلمان" الذي بات يمثل الشرعية الديمقراطية، خاصةً وأن الانتخاب اتسم هذه المرة بقدر كبير من الشفافية والنزاهة.
كان جواب بعض الناشطين أنه ما زالت هناك حاجة ماسة إلى "الميدان"، إما لأن الثورة لم تكتمل ولم تحقق أهدافها، أو من أجل التصدي لمحاولات الالتفاف عليها، سواء من جهة البرلمان أو الحكومة أو السلطات القائمة أو القوى المضادة. ولكن الاستفتاءات والتجمعات في الميادين، هي لحظات استثنائية، ولا يمكن أن تتحول إلى عمل يومي دائم. وهناك أطر ومجالات أخرى، تمارس فيها الديمقراطية بصورة مباشرة حيّة ويومية.
ولا جدال في أن الإعلام هو المجال الأبرز لممارسة الديمقراطية التشاركية. وهذا ما تفعله القنوات الفضائية، عموماً، ببرامجها الحوارية، الحية واليومية، حيث تثار القضايا الملحّة والمشكلات الطارئة، لكي تناقش، وعلى نحو يشارك فيه المعنيون بها أو من يعانون منها، كما يشارك الخبراء وأهل الاختصاص، فضلاً عن المسؤولين في الحكومات والإدارات، الذين تجري استضافتهم لكي يشاركوا في المناقشة العلنية، أو يخضعوا للمساءلة العمومية.
وهكذا لم تعد الناس تنتظر موعد الانتخاب، كل أربع سنوات أو أكثر، لكي تحاسب النواب الذين انتخبتهم، سواء بالتجديد لمن كان ناجحاً ومخلصاً، أو بانتخاب ممثلين جدد، وإنما تنخرط في المراقبة والمحاسبة، على سبيل الاعتراض والنقد، عبر وسائل الإعلام المرئي، الذي يفتح الإمكان لممارسة شكل من أشكال الديمقراطية المباشرة، هو "الديمقراطية الميديائية" التي تتيح للفاعلين الاجتماعيين، من مختلف الشرائح والقطاعات، التدخل لإثارة القضايا ومناقشتها، أو لاقتراح الحلول بشأنها.
أخلص من ذلك إلى تناول مسألة شغلت الرأي العام والأحزاب السياسية، في مصر، تتعلق بلجنة وضع الدستور الجديد، وكان النقاش يدور بين اتجاهين:
الأول يعطي مجلس الشعب الدور الأبرز في تشكيلها على مستويين؛ الأول أن يكون نصف أعضاء اللجنة المائة، أي 50 عضواً، من المجلس نفسه، والثاني أن يكون للمجلس الحق في انتخاب أعضاء اللجنة، والتصديق على قراراتها.
أما أصحاب الاتجاه الثاني، فإنهم يرون أن تتألف اللجنة من خارج المجلس، من مختلف الحقول والقطاعات والفاعليات، سيما وأن المجلس له الحق في انتخابها والموافقة عليها.
وما أراه في هذه المسألة، هو أننا إذا أعطينا للمجلس النيابي الدور الأول في عملية تأليف اللجنة ومراقبتها، نكون قد غلبنا الديمقراطية التمثيلية التي باتت أعجز من أن تعبر عما يدور أو يعتمل في المجتمع المصري، من القوى والاتجاهات أو الميول والخطوط.
ولكن في حال أردنا تغليب منطق العمل التشاركي، فإن اللجنة يمكن أن تتشكّل من خارج البرلمان، أو أن يُعطى هذا الأخير حصّة نسبتها إلى الأعضاء المائة، كنسبة الحقل السياسي إلى بقية الحقول. وعندها قد يسمي المجلس عدداً من أعضائه لا يتعدى الخمسة عشر عضواً، يتم اختيارهم من بين الكتل والاتجاهات السياسية المختلفة، فيما تتشكّل غالبية أعضاء اللجنة من خارجه.
إن وضع دستور جديد، في أي بلد كان، هو عمل تأسيسي يتعلق بهيكل الدولة وأطرها ومؤسساتها، وعلى النحو الذي ينظم العلاقة بين السلطات؛ البرلمان والحكومة والرئاسة والإعلام والقضاء، ثم بينها مجتمعة وبين المجتمع بمختلف قواه ومؤسساته وفاعلياته، فلا يجوز أن يترك هذا العمل للبرلمان بأكثريته السياسية، أو أن تكون للبرلمان الغلبة على نشاطاته وقراراته.
خلاصة القول، إن لجنة الدستور ليست مجرد لجنة سياسية، وإنما هي لجنة وطنية تتألف من "خبراء" يتداولون في أمرها، من جميع المجالات والاختصاصات، بحيث يتداخل فيها البعد السياسي مع الأبعاد الأخرى، الثقافي والعلمي، القانوني والحقوقي، الاقتصادي والمالي، المهني والنقابي، الأهلي والمدني، العسكري والأمني... هذا إذا أردنا أن نتعامل مع المشكلات والقضايا الخطيرة والمصيرية، بلغة البعد المتعدد والفكر المركّب والتداول المنتج. من غير ذلك نحسب المشكلة حلاً، وبالعكس.
يبقى الأهم، أياً كانت طبيعة اللجنة، هو أن يكون الأعضاء من أصحاب الخبرة والإنجاز كل في مجاله، بحيث يكون بمقدورهم صوغ دستور يستجيب لحاجات ومطالب الناس، كما عبّرت عنها الثورات القائمة، بقدر ما يتيح للمجتمع أن يصنع وحدته وتقدمه أو نموه وازدهاره.
نقلا عن صحيفة البيان الاماراتية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.