كتب - كريم عبد المحسن: كما هي العادة مع كل مباراة لمنتخب مصر، ينهال النقد والهجوم على الجهاز الفني للفراعنة، بقيادة الأرجنتيني هيكتور كوبر، والتي بلغت ذروتها بعد تعادل الفريق القومي مع كولومبيا سلبيًا يوم الجمعة الماضي بملعب أتلانتا، ضمن استعدادات الفراعنة لكأس العالم 2018 في روسيا. ولعل السبب الرئيسي في الهجوم على كوبر وجهازه، هو اعتماد المدير الفني على الكرة الدفاعية بالدرجة الأولى وإغلاق كل المساحات المؤدية لمرمى منتخب مصر. لكن الواقع أن الدفاع ليس أزمة كوبر، بالعكس فإن الشكل الدفاعي لمنتخب مصر قوي جدًا، ربما تحدث بعض الأخطاء، لكنها تبقى أقل كثيرًا مما يرتكبه نفس اللاعبين مع أنديتهم، ويرجع السبب في ذلك إلى طريقة لعب كوبر التي تعتمد على أسلوب ال Compact وتقارب الخطوط. دعونا نتفق أولًا أن منتخب مصر من الطبيعي جدًا أن يدافع أمام كولومبيا، الذي يحتل المركز ال16 عالميًا، وصعد لكأس العالم 5 مرات وخرج من البطولة النسخة الماضية من الدور ربع النهائي. وبالرجوع إلى عصر حسن شحاتة نجم الزمالك السابق عندما كان مدربًا لمنتخب مصر، وهي فترة "الجيل الذهبي" كما يرى قطاع كبير جدًا من الجماهير والنقاد ونجوم الكرة السابقين، نجد أن المنتخب عندما واجه إيطاليا وأمريكا والبرازيل في كأس القارات 2009، كان هدفه الأول الدفاع. في لقاء البرازيل على سبيل المثال، المنتخب لعب بطريقة 4/5/1، الحضري وأمامه وائل جمعة وهاني سعيد وأحمد سعيد أوكا، وعلى الطرفين أحمد فتحي وسيد معوض، ولاعبي وسط ملعب حسني عبد ربه ومحمد شوقي، وأمامهما الثنائي أحمد حسن ومحمد أبو تريكة، ومحمد زيدان مهاجم وحيد، اعتمد المنتخب على الدفاع أولًا حتى إن هدف الفراعنة الأول كان محمد زيدان بمفرده وسط مدافعي البرازيل. في الشوط الثاني اطمأن لاعبو البرازيل للنتيجة، وبدأ لاعبو المنتخب يحصلون على الثقة، إلى أن سجلوا الهدف الثاني ثم الثالث، ورغم الأداء الرائع للفراعنة، إلا أن المنتخب في لقاء إيطاليا دافع باستماتة، بدليل أن عصام الحضري كان نجم الفراعنة الأول بعدما تصدى لأكثر من هجمة خطرة للاعبي الطليان. الفارق الجوهري بين جيل المعلم حسن شحاتة وجيل كوبر ليس في الكرة الدفاعية لأن مبدأ الدفاع موجود خاصة إذا كنت تواجه خصمًا قويًا، لكن الفارق الحقيقي، هي امتلاك جيل حسن شحاتة 7 لاعبين في القوام الأساسي، كلهم لديهم القدرة على تسجيل الأهداف في أي وقت، حسني عبد ربه وأحمد فتحي ومحمد أبو تريكة وأحمد حسن وعماد متعب ومحمد زيدان وعمرو زكي، وحتى محمد ناجي جدو عندما انضم للمنتخب حديثًا في عام 2010 كانت قدراته عالية على إنهاء الهجمات في الشباك، هذا بخلاف إمكانيات هؤلاء اللاعبين فنيًا والثقة التي حصلوا عليها بفضل النتائج الرائعة التي حققوها في مسيرتهم مع منتخب مصر. أما في جيل كوبر، فإن هذه الميزة تتجلى فقط في محمد صلاح نجم ليفربول وبفارق كبير عن باقي نجوم منتخب مصر، في كرة القدم يمكن تعزيز قدرة لاعب لديه موهبة تسجيل الأهداف، لكن صعب أن تعطي لاعب درسًا في كيفية إحراز الأهداف وهو لايملك هذه الموهبة أصلًا. بمعنى آخر، محمد صلاح لديه موهبة في تسجيل الأهداف، تطورت وبلغت ذروتها مع ليفربول، في المقابل، فإن محمود عبد الرازق شيكابالا لايجيد اللعب بالرأس إطلاقًا ولم يسجل برأسه طوال مسيرته، فهل يمكن تعليمه طريقة إحراز الأهداف بهذا الشكل الآن ؟ .. بالطبع لا. أزمة كوبر الحقيقية تكمن في عدم قدرة المنتخب على التحول من الدفاع للهجوم، منتخبنا يدافع بشكل جيد، يؤمن مرماه بأفضل طريقة، لكن ماذا بعد ؟، ماذا يجب أن تفعل بعدما تستخلص الكرة ؟، هذا هو التحدي الأكبر لكوبر وجهازه، والمطلوب إيجاد حلول فنية داخل الملعب، سواء بتقليل الالتزام الدفاعي للاعبين أصحب السرعات مثل تريزيجيه، أو تثبيت رأس الحربة وسط دفاعات المنافسين ليكون محطة يعتمد عليها المنتخب في المرتدات. الحل الثالث الذي يمكن لكوبر اللجوء له هو تغيير طريقة اللعب، بشكل يضمن إغلاق المساحات وفي الوقت ذاته يؤمن للمنتخب القدرة على عمل هجمات مرتدة منظمة، مثل طريقة 4/4/2 دياموند، بوجود لاعب ارتكاز "رقم 6" ولاعب على يمينه وآخر على يساره، وأمامهم صانع لعب وثنائي هجومي، ولايشترط الاعتماد على مهاجمين صرحاء، فيمكن اللعب بمهاجم وبجواره محمود عبد المنعم كهربا كلاعب حر يتحرك في المساحات التي يتركها الدفاع. وفي حالة اللعب بهذه الطريقة يمكن الاعتماد على طارق حامد في وسط الملعب وعلى يمينه محمود عبد العزيز أو محمد النني أو عمر جابر وعلى اليسار محمود تريزيجيه حيث كان يشغل هذا المركز في بعض الفترات أثناء فقد المنتخب للكرة، مع وجود عبد الله السعيد مهاجمًا، ومحمود كهربا بجوار مروان محسن في الهجوم، ويمكن الاعتماد على أيمن أشرف ظهير أيسر ومحمد عبد الشافي وسط أيسر حيث لعب في هذا المركز أثناء وجوده بالزمالك تحت قيادة جورفان فييرا موسم 2012/2013. ربما يكون لدى كوبر بعض الأخطاء مثل أي مدرب في أي فريق، لكن الجمهور لديه خطأ أكبر، في أنه لا يدرك قدرات فريقه، ومنافسيه أيضًا.