لماذا كل المرشحين المحتملين لمنصب رئيس الجمهورية هم ممن فوق سن السبعين.. هل لأن الشباب الحقيقي يبدأ عمرهم.. بعد السبعين.. أم هل لأن الشباب يبدأون حياتهم.. وهم بعد السبعين وإن كنا نتحايل أحياناً دائماً بأن الشباب تبدأ أعمارهم، بعد الستين. شوفوا معنا أبرز المرشحين: عمرو موسي ابن القليوبية الذي عاش في الغربية عمره تجاوز السبعين بكثير.. منصور حسن ابن الشرقية يقترب عمره من الثمانين عبدالمنعم أبوالفتوح علي أبواب السبعين.. محمد سليم العوا كذلك.. وكذلك الفريق أحمد شفيق، فهل علينا أن نختار واحداً من هؤلاء أم ننتظر مرشحاً آخر -لم يظهر بعد- ربما يكون أصغر من هؤلاء.. انطلاقاً من معني أن المرشح الحقيقي لم يظهر بعد. أم نفاضل بين من هم أصغر سناً من هؤلاء مثل حمدين صباحي الصحفي ابن براري كفر الشيخ حيث البوص والغاب والحامول.. وبحيرة البرلس.. أم أبوالعز الحريري اليساري المشاكس جهوري الصوت.. السكندري الذي أزعج نظام ما قبل الثورة بل وأزعج الرفاق في حزب التجمع، أن نقارن بين الذين دخلوا حلبة السباق ولم يكونوا معروفين مثل الدكتور علاء رزق.. أم ربما نفاضل بين سيدتين أو أكثر ليصبح رئيس مصر سيدة، في سابقة لم تحدث في أي دولة عربية إسلامية من قبل، وإن حدثت في بعض الدول الإسلامية مثل باكستان وبنجلاديش. الكل يسأل عمن يختاره رئيساً لمصر إذ ربما تجلس علي المقعد سيدة لأول مرة منذ تولت هذا المنصب السيدة شجر الدر التي أصبحت سلطانة علي مصر بعد سقوط الدولة الايوبية ومصرع توران شاه.. ولتصبح أول سلطانة في العصر المملوكي البحري! وهي تجربة لم تتكرر في مصر بعد أن تنازلت شجر الدر عن السلطنة، ثم لقيت مصرعها مضروبة بالقباقيب وألقيت جثتها من فوق القلعة وبقيت دون دفن أياماً عدة!! ثم ما هذا الطوفان الرهيب في عدد المرشحين والمرشحات حتي تجاوز عددهم في الأيام الأربعة الأولي 400 مرشح.. وهل «كنا في جرة.. ثم خرجنا برة» وبعد أن كنا لا نشهد الا مرشحاً واحداً لرئاسة الجمهورية منذ دستور وانتخابات عام 1956 التي ترشح لها شخص واحد هو جمال عبدالناصر، وحصل في أول انتخابات لأول رئيس للجمهورية علي 5 ملايين و494 الفاً و555 صوتاً ولم يوافق عليه سوي 5267 شخصاً، وبذلك عرفنا «لعبة» الخمس تسعات إذ حصل علي كرسي الرئاسة بعد أن وافق علي انتخابه 99.9٪ وللأسف في يوم واحد هو 23 يونيه 1956 ثم الاستفتاء علي أول دستور للثورة وتم أيضاً انتخاب عبدالناصر رئيساً للجمهورية. ومنذ عرفنا نظام الاستفتاء علي رئيس الجمهورية لم نعرف نظام انتخابه ولم يجرؤ علي التقدم لهذا المنصب إلا الشخص الذي يرشحه النظام.. ولأن هذا النظام لم يكن يسمح الا بترشح شخص واحد.. فقد تعود كل المصريين علي ذلك.. لهذا كانوا لا يذهبون إلي الصناديق الا مرغمين ليصوتوا.. أما وقد قامت ثورة جديدة فقد تغير الحال. وفوجئ كل المصريين بالعشرات يتقدمون من اليوم الأول ربما بسبب القاعدة التي تقول: «أحب شيء للإنسان.. ما منع» فإن العشرات تقدموا.. حتي تحول الأمر إلي نكتة كبيرة ربما أشدها ايلاما هو ما قالته هذه السيدة لزوجها وهي تبكي: يا مقصر رقبتي بين ستات العمارة.. لانك الوحيد فيهم الذي لم يترشح للرئاسة!! والموضوع ليس هزلاً.. ولكن لأن هذه هي الديمقراطية وجدنا «قهوجي» يسحب أوراق الترشح.. ووجدنا مقعداً كذلك ربما اراد أن يحيي أو يكرر حكاية الرئيس الأمريكي روزفيلت الذي اصابه شلل الأطفال علي كبر من السن وعدل الشعب الأمريكي من دستوره ليسمحوا له بالبقاء رئيساً لأكثر مما نص عليه الدستور.. ووجدنا العجب.. في المرشحين أو في الذين سحبوا مظاريف الترشح.. وتلك أيضاً من مساوئ الديمقراطية. المهم أن الشعب المصري يقف الآن ليراقب.. هناك من يتحمس للفريق أحمد شفيق ويرونه الأفضل ادارياً وسياسياً حازماً ومصر الآن تحتاج هذا الاداري الحازم.. والشجاع وهناك من يتحمس للسيد عمرو موسي ابن محمود موسي النائب الوفدي في الثلاثينيات، وهو وزير الخارجية الذي غني له شعبان عبدالرحيم بسبب الكاريزما التي يتمتع بها لمواقفه من إسرائيل.. ولا غبار عليه الا حكاية الملايين الخمسة التي حصل عليها كمكافأة نهاية خدمة من الجامعة العربية.. والا عمره الذي يدور حول 77 عاماً وسوء علاقته مع بعض دول الخليج.. وهناك من يحتار بين مرشحي التيار الإسلامي د. محمد سليم العوا.. ود. عبدالمنعم أبوالفتوح.. والشيخ ابن الشيخ صلاح أبوإسماعيل.. ومن يحتار بين تيار الشباب. وبالمناسبة كانت مشروعات الدساتير القديمة تشترط الا يقل عمر المرشح عن 45 عاماً.. فلما جاء عبدالناصر خفض هذا الشرط 10 سنوات ليصبح ألا يقل عمر المرشح عن 35 عاماً أي لتنطبق عليه كل الشروط.. وقد ابتليت المنطقة العربية بمن عدل الدستور لكي يصبح الشرط أقل من ذلك حتي يترسخ- دستوريا- شرط السن لتحقيق التوريث!! أنا نفسي مازلت محتاراً فماذا افعل رغم كل خبرتي السياسية ودراستي للتجارب الدستورية.. وهل انا مع القائلين بأن من يصلح لهذا المنصب لم يتقدم بعد.. أم ان الأمل مازال موجوداً في كاريزما وطنية خالصة تتجمع حولها كل الأصوات.. أم ننتظر شاباً عفياً ام مرشحاً عجوزاً بعض الشيء ليجمع بين شباب القلب.. وخبرة الشيوخ. وإذا كنا نحن -معشر العاملين- بالسياسة في حيرة من أمرنا.. فماذا يفعل المواطن العادي.. أم سنجد من تخدعه العبارات البراقة كما خدعوا في انتخابات البرلمان حتي جاءنا برلمان لا يهش ولا ينشَّ فإذا هش كان قراره هو الخطأ نفسه!!