"دينية النواب": إقرار قانون "تنظيم الفتوى" خطوة نحو خطاب ديني موحد    الفاتورة شرط أساسي.. متحدث "البترول": تعويضات لمتضررين من أزمة البنزين "كاش"    رويترز عن مصدر: سيتم الإفراج عن الأسير ألكسندر عيدان يوم الثلاثاء    رئيسة الحزب الاشتراكي الألماني تعلن اعتزامها عدم الترشح مجددا لهذا المنصب    على أمل تعثر نابولي... إنتر ميلان يتجاوز تورينو بثنائية في الدوري الإيطالي    بعد تعادل ليفربول وأرسنال.. جدول ترتيب الدوري الإنجليزي    استدعاء فنان شهير للتحقيق في واقعة دهس موظف بكرداسة    "سيكو سيكو" في المقدمة.. تركي آل الشيخ يكشف آخر إحصائيات شباك التذاكر السعودي    وفاة سيدة في عملية ولادة قيصرية بعيادة خاصة والنيابة تنتدب الطب الشرعي بسوهاج    البرلمان العربي يوجّه رسائل عاجلة للأمم المتحدة وحقوق الإنسان واليونسيف لإنقاذ أطفال غزة    «بيانولا» «نوستالجيا» «ابن مين» حركة مسرحية ساخنة منتصف العام    محمد توفيق: قابلت صنع الله إبراهيم بعد رفضه جائزة ال100 ألف جنيه.. وتعلمت منه كيف تدفع ثمن أفكارك    ترامب: سأعلن الخبر الأكثر أهمية بعد قليل    أول تعليق من هانز فليك بعد اكتساح برشلونة نظيره ريال مدريد في الدوري الإسباني    تنطلق 22 مايو.. جدول امتحانات الصف الأول الإعدادي الترم الثاني 2025 محافظة أسيوط    مركز السينما العربية يمنح جائزة الإنجاز النقدي للناقد العراقي عرفان رشيد والقبرصي نينوس ميكيليدس    أمينة الفتوى: لا حرج في استخدام «الكُحل والشامبو الخالي من العطر» في الحج.. والحناء مكروهة لكن غير محرّمة    الاعتماد والرقابة الصحية: القيادة السياسية تضع تطوير القطاع الصحي بسيناء ضمن أولوياتها    البترول تنفي وجود تسريب غاز بطريق الواحات.. لا خطر في موقع الحادث السابق    القبانى يُظهر «العين الحمرا»..وتساؤل عواد يثير الجدل فى السوشيال ميديا    بث مباشر.. مدبولي يستقبل 150 شابًا من 80 دولة ضمن النسخة الخامسة من "منحة ناصر"    وزير الخارجية والهجرة يلتقي قيادات وأعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي    جيش الاحتلال: نقل لواء المظليين من الجبهة السورية إلى غزة لتوسيع الهجوم    النائب محمد طارق يكشف كواليس إقرار قانون تنظيم الفتوى    قريباً.. «الأوابك» تصدر تقريرها الربع سنوي حول تحليلات وبيانات وتوقعات السوق العالمي    الإفتاء توضح كيف يكون قصر الصلاة في الحج    هل هناك حياة أخرى بعد الموت والحساب؟.. أمين الفتوى يُجيب    إصابة طالبة سقطت من الطابق الثالث داخل مدرسة فى بشتيل بالجيزة    محافظ شمال سيناء يستقبل رئيس الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية    محافظ الغربية: إطلاق أكبر قافلة طبية علاجية بمركز قطور    محامية: نشوز الزوج يمثل خطرًا كبيرًا على تماسك الأسرة    وزير الخارجية الفرنسي: العلاقات مع الجزائر «مجمدة تمامًا»    حملات مكثفة لإزالة الإشغالات والتعديات بمدينة العاشر من رمضان    فرص مفاجئة.. اعرف حظ برج الجوزاء في النصف الثاني من مايو 2025    سقوط مسجل شقى خطر بحوزته 25 كيس أستروكس معدة لتوزيعها بالفيوم    تفاصيل ضبط المتهم بالتعدي على الكلاب الضالة في البحيرة    نقيب الصحفيين الفلسطينيين: إسرائيل تشن ضدنا حرب إبادة إعلامية    محافظ أسوان يوجه للإسراع بإستكمال المشروعات المدرجة ضمن خطة الرصف بنسبة 98 %    الصور الأولى من فيلم هيبتا: المناظرة الأخيرة    الرياضية: النصر يقترب من الموافقة على رحيل لابورت    طرح 3 شواطئ بالإسكندرية للإيجار في مزاد علني| التفاصيل والمواعيد    جنى يسري تتألق وتحرز برونزية بطولة العالم للتايكوندو للناشئين تحت 14 سنة    السكرتير العام المساعد لبني سويف يتابع سير منظومة العمل بملف التصالح بالمركز التكنولوجي في الواسطى    فتح باب التسجيل للتدريبات الصيفية بمكاتب المحاماة الدولية والبنوك لطلبة جامعة حلوان    خلف الزناتي: تنظيم دورات تدريبية للمعلمين العرب في مصر    انطلاق قافلة دعوية مشتركة بين الأزهر الشريف والأوقاف    رئيس ائتلاف ملاك الإيجارات القديمة يرفض مشروع قانون الحكومة    محافظ الشرقية يشهد حفل قسم لأعضاء جدد بنقابة الأطباء بالزقازيق    الأحوال المدنية تستخرج 32 ألف بطاقة رقم قومي للمواطنين بمحل إقامتهم    هل يجبُ عليَّ الحجُّ بمجرد استطاعتي، أم يجوزُ لي تأجيلُه؟.. الأزهر للفتوى يوضح    وزير الخارجية يؤكد على موقف مصر الداعي لضرورة إصلاح مجلس الأمن    تأجيل محاكمة 41 متهم ب "لجان العمليات النوعية بالنزهة" استهدفوا محكمة مصر الجديدة    خبر في الجول - عمر خضر يقترب من الغياب أمام غانا بسبب الإصابة    ارتفاع كميات القمح المحلي الموردة للشون والصوامع بأسيوط إلى 89 ألف طن    محافظ الدقهلية يحيل مدير مستشفى التأمين الصحي بجديلة ونائبه للتحقيق    ماذا يحدث للشرايين والقلب في ارتفاع الحرارة وطرق الوقاية    عاجل- البترول تعلن نتائج تحليل شكاوى البنزين: 5 عينات غير مطابقة وصرف تعويضات للمتضررين    الدوري الفرنسي.. مارسيليا وموناكو يتأهلان إلى دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملفات ساخنة تواجه وزير التنمية
نشر في الوفد يوم 31 - 01 - 2018


أعدت الملف: نادية مطاوع - اشراف: نادية صبحى
برصيد من الثقة والخبرة، تولى اللواء أبوبكر الجندى، الرئيس السابق للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، حقيبة التنمية الإدارية، وعقد المصريون الآمال على المحارب القديم الذى ترك القوات المسلحة عام 2005 برتبة لواء أركان حرب، ليكون سفيراً لهم فى محاربة فساد المحليات، وتحقيق التنمية الحقيقية التى يرنو إليها المصريون كل فى محافظته منذ عقود. ورغم أن الوزير الجديد بدأ عهده بتصريح أثار ضده الكثيرون، واعتبره البعض إهانة للصعايدة، إلا أن تفسيراته بعد ذلك أكدت أنه يحمل آمالاً كبيرة للمضى قدماً فى واحد من أهم الملفات المهملة منذ سنوات، وهو ملف تنمية الصعيد.
الأوراق المطروحة أمام وزير التنمية المحلية كثيرة على رأسها - كما ذكر هو - ملف قانون الإدارة المحلية الذى طال انتظاره، فمنذ صدور دستور 2014 والجميع فى انتظار هذا القانون الذى ستقام على أعمدته أول انتخابات محلية بعد ثورتين، قامتا لمحاربة الفساد، وقد أولى الوزير أهمية خاصة لهذا القانون الذى سيسمح بمحاسبة المحافظين أمام المجالس الشعبية المنتخبة. كذلك هناك أوراق التعديات على الأراضى الزراعية والعشوائيات التى تغتال الجمال فى مصر، والوسيلة الوحيدة للقضاء عليها تكمن فى تحديد كردونات للمدن والقرى والنجوع والكفور، وهى المهمة التى طال انتظارها لأكثر من 15 عاماً كاملة دون أن تتم، فهل يحقق الوزير آمال المصريين فى المحافظات المختلفة بإعلان الحرب على الفساد والعشوائيات أو يخرج على يديه قانون الإدارة المحلية للنور؟
40٪ من المبانى مخالفة.. و30٪ يبنون دون ترخيص .. كردونات المدن والقرى.. فوضى فى انتظار الحسم
تعد كردونات المدن والقرى أحد أهم الملفات المطروحة على مائدة وزير التنمية المحلية، فغياب تحديد هذه الكردونات كان سبباً فى التهام مساحة كبيرة من الأرض الزراعية الخصبة تقدر بنحو 180 ألف فدان كل عام، نتيجة البناء على الأراضى الزراعية، وهى أيضًا السبب فى العشوائيات التى أصبحت جزءاً أصيلاً من معظم محافظات الجمهورية، لذلك فتحديد هذه الكردونات أصبح أمراً مصيرياً لا بد أن يسعى الوزير الجديد إلى الانتهاء منه بالتعاون مع الوزارات المعنية حفاظاً على أراضى مصر وثروتها العقارية.
كردونات المدن والقرى مسئولية مشتركة بين وزارات الاسكان والتنمية المحلية والزراعة والمحافظات، ولكن هذه المسئولية تاهت خلال السنوات الماضية، وهو ما أسفر عنه ضياع مساحات شاسعة من الأراضى الزراعية قدرت بأكثر من مليون ونصف مليون فدان خلال الثلاثين عاماً الماضية، منها ما يقرب من نصف مليون فدان خلال سنوات ما بعد ثورة يناير 2011 وحدها.
ناهيك عن مشكلة العشوائيات التى أصبحت منتشرة فى 20 محافظة من محافظات الجمهورية، حيث إنه فى غياب التنظيم يقوم المواطنون بالبناء على أطراف المدن وداخلها دون حساب لارتفاعات المبانى وعلاقتها باتساع الشوارع، وهو ما نتج عنه عشوائيات من نوع جديد، ليست عبارة عن عشش ولا خيام مثلما هو متعارف عليه، وإنما عمارات شاهقة الارتفاع فى شوارع ضيقة خانقة لا تمت للجمال ولا التنظيم بصلة، ودائماً ما تجد المحافظات والأحياء نفسها مضطرة لتوصيل المرافق إلى هذه المبانى المخالفة، ما يعطيها شكلاً قانونياً، بينما تفتقد المدن والأحياء لكل صور الجمال وتصبح العشوائيات هى العنوان، وكل هذا بسبب عدم وجود تحديد لمساحات المدن والقرى والعزب والنجوع وهو ما يعرف بالكردونات.
ومنذ سبعينات القرن الماضى وانتشار ظاهرة البناء العشوائى على الأراضى الزراعية فى المدن والقرى، أصبحت عملية إيجاد كردونات للقرى والمدن ضرورة حتمية، ومن ثم تم تغيير مسمى هيئة تخطيط القاهرة الكبرى التى تم إنشاؤها عام 1965 إلى الهيئة العامة للتخطيط العمرانى عام 1973 لتكون مسئولة عن إعداد المخططات العمرانية لجميع قرى ومدن الجمهورية، ولكن مسلسل البناء العشوائى استمر نتيجة لعدم وجود مخططات تستوعب زيادة الطلب على المساكن فى الوادى والدلتا، ورغم تجريم البناء على الأراضى الزراعية فى تسعينات القرن الماضى، وما صحبه من صدور قوانين التنظيم فى المدن وتجريم البناء بدون ترخيص أو مخالفة التراخيص، خاصة بعد انهيار عدد من العمارات السكنية فى ذلك الوقت، إلا أن الظاهرة استمرت تتحدى الحكومة وكل الوزارات، وفى عام 1999 صدر قرار جمهورى برقم 390 بإنشاء وزارة التنمية المحلية، ودورها هو التنسيق بين مختلف الجهود التى تعمل لتنمية المجتمعات المحلية ووحدات الإدارة المحلية فى جميع المحافظات، والإسهام فى خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالتعاون مع المحافظات، وبذلك أصبحت الوزارة معنية بخطة تحديد كردونات المدن والقرى، بالإضافة للدور الأصلى لوزارة الزراعية المنوط بها حماية الأراضى الزراعية فى مصر.
ورغم تعدد الجهات المسئولة عن تحديد الكردونات العمرانية للقرى والمدن، فإن هذه المهمة لم تتم، مما دفع عدداً من نواب البرلمان إلى التقدم ب9 طلبات إحاطة للدكتور هشام الشريف وزير التنمية المحلية السابق حول عدم تحديد كردونات للقرى والمدن منذ ما يقرب من 15 عاماً، وانتقد النائب فتحى قنديل، عدم الانتهاء من الأحوزة العمرانية فى القرى والمدن طوال هذه المدة، ما أدى لانتشار العشوائيات فى المدن ومعاناة المواطنين فى القرى للحصول على رخصة بناء ما يضطرهم للبناء المخالف.
وطالب النائب بدر النويشى، بسرعة الانتهاء من الكردونات للحد من العشوائيات التى زحفت على معظم المحافظات، ووقف نزيف التعدى على الأراضى الزراعية، موضحاً أن هناك 30% من المواطنين يبنون بدون الحصول على رخصة بناء، و40% منهم يبنون مبانى مخالفة ما يتسبب فى ضياع مليارات على الدولة.
وأكد الدكتور محمد عصام الدين أستاذ الأراضى والمياه بكلية الزراعة جامعة القاهرة أن تحديد الأحوزة العمرانية للقرى والمدن مطلب قومى منذ سنوات طويلة لحماية الأراضى الزراعية التى لا تقدر قيمتها، فخلال العقود السابقة فقدت مصر مساحات كبيرة من أجود الأراضى الزراعية الخصبة التى لا يمكن تعويضها بسبب التساهل فى البناء عليها، واعتبار الأمر مجرد مخالفة يتم التصالح فيها، وكان على الدولة ضرورة تحديد هذه الكردونات وتجريم البناء على الراضى الزراعية وعدم التصالح مع مرتكب هذه الجريمة وهدم العقارات المخالفة، لمنع تكرار هذه الجريمة التى أضرت بمصر كلها وطعام شعبها، بينما استفاد منها حفنة قليلة من المخالفين.
ورغم أن تقارير وزارة الزراعة أكدت أن إجمالى تحديث برنامج الاحوزة العمرانية للعزب والنجوع والكفور حتى 20-6-2017 بلغ 14 ألفاً و710 فى 15 محافظة، إلا أن الأمر يحتاج إلى تضافر كافة الجهود للانتهاء من تحديد الأحوزة العمرانية لكافة قرى ومدن الجمهورية لمنع البناء العشوائى فى المدن والقرى وفقاً للدكتور مصطفى حشيش، أستاذ العمارة وخبير التخطيط الدولى، الذى أشار إلى أن غياب وجود كردونات للمدن هو السبب فى انتشار المبانى العشوائية فى كل مكان، حيث يقوم المواطنون بتشييد مبان لا تراعى الشكل الجمالى ولا شروط التراخيص وأولها شرط الارتفاع الذى يجب ألا يزيد على مرة ونصف المرة من عرض الشارع، ولذلك تنتشر المبانى المخالفة، وتجد الأحياء نفسها مضطرة إلى توصيل المرافق وبذلك تقنن المخالفات، وتحديد كردونات للمدن يقضى على هذه الظاهرة، مع ضرورة تفعيل قوانين البناء وقيام موظفى الأحياء بدورهم فى تنفيذ لقانون، وعدم توصيل المرافق للمبانى المخالفة.
تنمية الصعيد.. أهم الأولويات . 56٪ نسبة الفقر فى الوجه القبلى.. وأسيوط تحتل المركز الأول
قامت الدنيا ولم تهدأ بسبب تصريحات اللواء أبو بكر الجندى حول أبناء الصعيد، وأنهم سبب العشوائيات فى القاهرة، ولكن كلام الرجل الذى تحامل عليه البعض كان يحمل بين طياته بارقة أمل فى المضى قدماً فى مشروعات تنمية الصعيد التى طال انتظارها لسنوات، وهو ما أكده بعد هذه التصريحات بأيام قليلة حينما أعلن أثناء تكريمه فى الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، أن ملف تنمية الصعيد أهم أولوياته، وأكد الجندى أن كل قرية من قرى الصعيد لها ملف لديه، ومن هنا ستبدأ عملية التنمية للقضاء على الفقر والبطالة فى الصعيد، ورغم أن الرجل رفض الاعتذار عن تصريحاته وفقاً لرغبة بعض نواب البرلمان، إلا أن حديثه بعد ذلك حمل ما هو أهم من الاعتذار اللفظى، حيث أكد أن وزارته لديها خطة لتحقيق المهمة التى كانت من قبل مستحيلة وهى «تنمية الصعيد».
ورغم أن صعيد مصر يتكون من 10 محافظات يعيش بها ما يقرب من 35 مليون نسمة يمثلون حوالى 29.7% من سكان مصر، إلا أن نصيبهم من مشروعات التنمية كان أقل القليل، ومن ثم أصبحت محافظات الصعيد تعانى من ارتفاع نسبة الفقر بها والتى وصلت إلى 56% وفقاً لتقديرات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء الذى كان يرأسه اللواء الجندى، هذا بالإضافة إلى ارتفاع معدلات البطالة ونقص الخدمات وعدم توافر فرص العمل، وهو ما أدى إلى انخفاض مستوى المعيشة، وما ترتب عليه من هجرة أبناء الصعيد إلى المدن خاصة القاهرة للبحث عن لقمة العيش.
ويكفى أن ما وصل إليه حال محافظات الصعيد من تدنى فى الخدمات ومستوى المعيشة، حتى وصلت نسب الفقر إلى أعلى معدلاتها فيها، حيث احتلت محافظة أسيوط المركز الأول على خريطة الفقر فى مصر بنسبة 60٪، وجاءت قنا فى المركز الثانى بنسبة 58٪، واحتلت سوهاج المركز الثالث بنسبة 55٪، والأقصر 48٪، وأسوان 39٪، والمنيا 30٪، والوادى الجديد 25٪.
ولم يقتصر الفقر على العوز وعدم القدرة على تدبير الاحتياجات الأساسية بل امتد إلى الخدمات والمرافق كالمدارس وعدم وجود مياه شرب نظيفة فى العديد من القرى، والصرف الصحى الذى لا يغطى سوى 12% من القرى والنجوع، وانتشرت الأمراض الفتاكة بين أبناء الصعيد ولم يجدوا منها شافياً بسبب تدنى الخدمات الصحية والفقر الشديد الذى تعانى منه المستشفيات فى الأطباء والعلاج.
وطوال السنوات الماضية لم تدرج محافظات الصعيد على خريطة التنمية الفعلية فساءت حالة مواطنيها أكثر وأكثر، وانعدمت فرص العمل، واكتفت الحكومات المتعاقبة بالحديث عن تنمية الصعيد من خلال التصريحات فقط، حتى أصبحت به أفقر محافظات مصر، وأفقر قراها ونجوعها، وأصبح أهله أفقر مواطنى مصر، رغم أن الصعيد غنى بمياهه وأرضه الخصبة وبعض الموارد الطبيعية والسياحية التى لو حسن استغلالها لأصبح الصعيد من أغنى محافظات مصر، فيكفى أن نذكر أن مدينة الأقصر وحدها بها ثلث آثار العالم، بالإضافة لما هو موجود فى محافظات أسوان والمنيا وسوهاج من آثار عظيمة، وما يتمتع به إقليم النوبة من تراث إنسانى.
من هنا فرض ملف تنمية الصعيد نفسه على الحكومة الحالية وأعلن الرئيس السيسى 9 قرارات فى ختام مؤتمر الشباب الثانى المنعقد فى أسوان العام الماضى على رأسها: إنشاء الهيئة العليا لتنمية جنوب مصر، والتى تهدف إلى الارتقاء بالخدمات العامة وتوفير فرص عمل والعناية بآثار النوبة، باستثمارات تصل إلى 5 مليارات جنيه خلال الخمس سنوات القادمة.
وإطلاق مشروع قومى لإنشاء مناطق صناعية متكاملة للصناعات الصغيرة ومتناهية الصغر، وتبدأ المرحلة الأولى منه بإنشاء 200 مصنع صغير بكل محافظة من محافظات الصعيد، مع استمرار العمل فى توسيع نطاق إجراءات الحماية الاجتماعية من خلال تطوير برنامج تكافل وكرامة، ليتضمن برامج تشغيل لأبناء الأسر التى يشملها البرنامج من خلال إطلاق مشروعات كثيفة العمالة، مع زيادة الجهود الموجهة لتحسين مستوى جودة الحياة بالصعيد من خلال العمل على استمرار تكثيف الجهود فى مجالات الصحة والتعليم والنقل والإسكان.
والإسراع فى تنفيذ مشروع المثلث الذهبى قنا - سفاجا - القصير على خمس مراحل متتالية، والذى يهدف إلى إنشاء مناطق للصناعات التعدينية ومناطق سياحية عالمية، بحيث يصبح هذا المثلث منطقة عالمية جاذبة للاستثمار.
والعمل على تحويل أسوان إلى عاصمة للاقتصاد والثقافة الأفريقية والاحتفال بمرور 200 عام على اكتشاف معبد أبو سمبل للترويج السياحى لمصر وإقامة احتفالية كبرى بهذه المناسبة.
وإنهاء كافة المشروعات التنموية بمنطقة نصر النوبة ووادى كركر، وتخصيص مبلغ 320 مليون جنيه للانتهاء من تلك المشروعات قبل نهاية يونيو 2018.
مع مراجعة موقف من لم يتم تعويضه فى الفترات السابقة لإنشاء السد العالى وما تلاها من خلال لجنة وطنية تُشَكَل من الجهات المعنية على أن تنهى اللجنة أعمالها خلال ستة أشهر على الأكثر.
هذه القرارات تعد نقلة نوعية فى نظرة النظام للصعيد الذى ظل مهمشاً خلال الأعوام الماضية، وبالفعل بدأت الحكومة فى النظر للصعيد بعين الاعتبار بإنشاء مناطق تكنولوجيا بمحافظات الصعيد لتوفير فرص عمل لأبنائها، بالإضافة إلى التوسع فى مشروعات الإسكان الاجتماعى وإعطاء الأولوية فى إنشاء المدارس والمستشفيات بمحافظاته العشر، ولكن الدكتورة ابتهال يوسف خبيرة التنمية البشرية أكدت أن التنمية يجب أن تنطلق من احتياجات كل محافظة ومواردها، فيجب دراسة أحوال كل محافظة من محافظات الصعيد وطبيعتها ومشكلات سكانها، وفيما تهتم الحكومة بالمرافق والخدمات يجب إشراك القطاع الخاص بإنشاء مصانع لتشغيل أبناء الصعيد على أن تكون صناعات كثيفة التشغيل لضمان توفير أكبر عدد من فرص العمل لأبناء هذه المحافظات.
وفى تصريحاته أكد اللواء أبو بكر الجندى أنه سيزور الصعيد فى أولى جولاته، مشيراً إلى أنه سيتبع خطة 2030 فى تطوير قرى الصعيد، خاصة أنه شارك فى وضع الخطة وكل قرية لها ملف خاص لتنميتها، مؤكداً ضرورة توفير فرص عمل لأبناء الصعيد فى محافظاتهم.
يذكر أن إجمالى الاستثمارات العامة الموجهة لتنمية إقليم جنوب الصعيد خلال العام المالى الجارى 2017-2018 تبلغ حوالى 13 ملياراً و595 مليون جنيه بنسبه 7.1% من جملة الاستثمارات العامة، تبلغ الاستثمارات الحكومية منها حوالى 73.9 بينما تمثل استثمارات المنظمات غير الحكومية حوالى 26.1%.
وفيما طالب النائب محمد سليم عضو البرلمان عن دائرة كوم أمبو الحكومة بسرعة تقديم قانون تنمية الصعيد لعرضه على المجلس لإقراره، وذلك تلبية لاستحقاق دستورى نص عليه الدستور فى المادة 236، وتنفيذاً لتوجيهات القيادة السياسية فى تنمية الصعيد بالمرحلة الحالية، أكد وزير التنمية المحلية أنه بدأ بالفعل فى إجراءات مشروع قانون إنشاء هيئة تنمية جنوب الصعيد بالتنسيق مع وزارة العدل، مشيراً إلى أن إنشاء هذه الهيئة يهدف إلى وضع خطط للإسراع بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والعمرانية الشاملة لمناطق إقليم جنوب الصعيد بمشاركة أهلها فى مشروعات التنمية، وتحديد المشروعات ذات الأولوية والتى تحقق عائدات تنموية ونسباً مرتفعة من التشغيل.
منذ حلها عقب ثورة يناير .. المجالس المحلية..
7 سنوات عجاف!
منذ تم حل المجالس الشعبية المحلية فى أعقاب ثورة 25 يناير، والجميع يتطلع إلى إصدار قانون جديد للمحليات، يتم فى ضوئه انتخاب مجالس محلية ذات وظيفة رقابية فاعلة لضبط أداء الادارات المحلية، على أن يختلف هذا القانون عن كل القوانين السابقة التى فشلت فى مواجهة الفساد الذى أصبح عنوان المحليات، ومنذ عام 2012 والحديث لم ينقطع عن هذا القانون الحلم، إلا أنه لم يخرج للنور بعد، وبعد إصدار دستور 2014 والذى نص على اللامركزية وتحديد دور الإدارات المحلية، راحت الأحزاب والحكومات تتبارى فى وضع القانون الجديد إلا أن البرلمان ظل يؤجل مناقشته طوال الأعوام الماضية، حتى أكد اللواء أبوبكر الجندى مؤخراً أن هذا القانون يعتبر على رأس أولوياته مع تنمية الصعيد، ومن هنا عادت الأحلام مرة أخرى بخروج هذا القانون الذى طال انتظاره للنور.
ينص دستور 2014 فى باب الدارة المحلية، المواد من 175 وحتى 183 على أن تُقسم الدولة إلى وحدات إدارية تتمتع بالشخصية الاعتبارية، منها المحافظات، والمدن، والقرى، ويجوز إنشاء وحدات إدارية أخرى تكون لها الشخصية الاعتبارية، إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك.
وتكفل الدولة دعم اللامركزية الإدارية والمالية والاقتصادية، وينظم القانون وسائل تمكين الوحدات الإدارية من توفير المرافق المحلية، والنهوض بها، وحسن إدارتها، ويحدد البرنامج الزمنى لنقل السلطات والموازنات إلى وحدات الإدارة المحلية.
كما ينص الدستور على أن يكون للوحدات المحلية موازنات مالية مستقلة. يدخل فى مواردها ما تخصصه الدولة لها من موارد، والضرائب والرسوم ذات الطابع المحلى الأصلية، والإضافية، وتطبق فى تحصيلها القواعد، والإجراءات المتبعة فى تحصيل أموال الدولة.
وينظم القانون شروط وطريقة تعيين أو انتخاب المحافظين، ورؤساء الوحدات الإدارية المحلية الأخرى، ويحدد اختصاصاتهم.
كما نص على أن تنتخب كل وحدة محلية مجلسًا بالاقتراع العام السرى المباشر، لمدة أربع سنوات، ويُشترط فى المترشح ألا تقل سنه عن إحدى وعشرين سنة ميلادية، وينظم القانون شروط الترشح الأخرى، وإجراءات الانتخاب، على أن يُخصص ربع عدد المقاعد للشباب دون سن خمس وثلاثين سنة، وربع العدد للمرأة، على ألا تقل نسبة تمثيل العمال والفلاحين عن خمسين بالمائة من إجمالى عدد المقاعد، وأن تتضمن تلك النسبة تمثيلًا مناسبًا للمسيحيين وذوى الإعاقة.
وتختص المجالس المحلية بمتابعة تنفيذ خطة التنمية، ومراقبة أوجه النشاط المختلفة، وممارسة أدوات الرقابة على السلطة التنفيذية من اقتراحات، وتوجيه أسئلة، وطلبات إحاطة، واستجوابات وغيرها، وفى سحب الثقة من رؤساء الوحدات المحلية، على النحو الذى ينظمه القانون.
ومنع الدستور عدم جواز حل المجالس المحلية بإجراء إدارى شامل. بينما خول للقانون طريقة حل أى منها، وإعادة انتخابه، ورغم هذا التحديد الدستورى الدقيق للمحليات ودورها، ورغم النص على أن ينظم القانون هذه الأدوار، إلا أنه لم يخرج بعد للنور، وهو ما وقف حجر عثرة فى طريق إتمام انتخابات المحليات طوال الأعوام الماضية.
وعقب تشكيل البرلمان تقدمت بعض الأحزاب على رأسها حزب الوفد بمشروع قانون للإدارة المحلية يكرس اللامركزية التى نص عليها الدستور، فيما تقدمت الحكومة بمشروع قانون ناقشته لجنة الإدارة المحلية بالبرلمان تمهيداً لعرضه على اللجنة العامة.
ويتضمن المشروع الجديد 156 مادة مقسمة على 3 فصول، وأهم ما يميز هذا القانون وفقاً لتصريحات الدكتور على عبدالعال، رئيس البرلمان، أنه يمثل نقلة نوعية فى مجال الإدارة المحلية فى مصر، وسيغلق كل منافذ الفساد، فيما أكد عبدالفتاح محمد، عضو مجلس النواب، أن القانون الجديد يعطى الحق لعضو المجلس المحلى بعزل المحافظ، ويحد من الفساد فى المحليات، حيث إنه ينص على تشكيل مجالس محلية شعبية منتخبة، تمنح الحق لأعضائها فى الرقابة الحقيقية على المسئولين فى القرى والأحياء والمحافظات، مشيرا إلى أن النواب يمكنهم عزل المحافظين الفاسدين، حيث سيكون لأعضاء المجالس الشعبية المحلية الرقابة الكاملة على كل أجهزة المحافظة.
وتعتبر اللامركزية هى أهم مميزات القانون الجديد حيث يمنح سلطات أوسع للمحافظين، ويضع إجراءات رادعة للمخالفين منهم تصل إلى العزل من الوظيفة، إلا أن ما يعيب هذا القانون وفقاً للدكتور حمدى عرفة الباحث المتخصص فى الإدارة المحلية هو عدم خضوع هذا القانون للحوار المجتمعى، مشيراً إلى أن الحكومة كان يجب عليها أن تجرى حواراً مجتمعياً حول هذا القانون يشمل الأحزاب والقوى السياسية والحقوقيين ومنظمات المجتمع المدنى لضمان توافق الجميع حوله، وأضاف أن تطبيق مبدأ اللامركزية فى القانون الجديد أمر صعب لأنها ستحتاج إلى 5 سنوات على الأقل لكثرة عدد الموظفين فى المحليات، وأضاف: أن المحليات تعانى من فساد شديد فى كل النواحى لذلك لا بد من قانون حازم لردع المخالفين، مع ضرورة قيام المهندس شريف اسماعيل رئيس الوزراء بتعيين نائب له للتنمية المحلية يقوم بوضع استراتيجيات وخطط للنهوض بالمحليات وتذليل العقبات التى تحول دون المحافظين وقيامهم بدورهم.
1034 منطقة عشوائية فى 20 محافظة .. سرطان العشوائيات ينهش المحافظات
كالسرطان انتشرت العشوائيات فى قلب مصر، حتى أصبحت 20 محافظة تعانى منه، حيث تنتشر 1034 بؤرة سرطانية فى محافظات الجمهورية، يعانى سكانها الذين يقدر عددهم ب 16 مليون نسمة من الإهمال والتهميش، يعيشون فى ظروف معيشية بائسة، فقر، أمراض فتاكة، نقص حاد فى الخدمات، جهل يحاصرهم ويحاصر أبناءهم بسبب نقص عدد المدارس، تنتشر بينهم الجرائم المختلفة، منهم من يزاحمون الموتى سكناهم، ومنهم من يعيشون وسط ثعابين الجبال وحياته، يعيشون فى مناطق لا تصلح لحياة البشر، ينظر الموت إليهم كل لحظة، تارة يحنو عليهم ويقبض عدداً منهم أسفل صخرة من صخور الجبل، وتارة يتركهم يموتون كل لحظة بسبب الخوف والعوز.
هذا الملف فشلت كل الحكومات السابقة فى مواجهته، وكان بمثابة التحدى الأكبر لكل وزراء التنمية المحلية، فهل ينجح الوزير المحارب فى مواجهته.
العشوائيات فى مصر إرث قديم بدأ ظهوره إلى بدايات القرن الماضى، حيث ضاقت سبل العيش بمواطنى المحافظات، فهاجر عدد كبير منهم إلى المدن الكبرى خاصة العاصمة القاهرة، ونظراً لارتفاع أسعار الإيجارات بالنسبة لهذه الفئة راحوا يسكنون العشش على أطراف المدن، ويقيمون فى مساكن غير آدمية فى أحضان الجبال، وراحت هذه المناطق العشوائية تتسع وتستقبل العديد من أبناء المحافظات المختلفة، وزاد من الطين بلة عجز الحكومة عن توفير مناطق صالحة للسكنى لهؤلاء البسطاء، وانضمت إليهم فئات أخرى فى السبعينات وحتى بداية الألفية الجديدة بعدما توقفت الحكومة عن بناء المساكن، وتفرغت لإنشاء الشاليهات والمساكن الفارهة لعلية القوم، من هنا زادت الظاهرة وانتشرت حتى أصبحت تعانى منها 226 مدينة من أصل 234 مدينة فى محافظات مصر، وتحتل العشوائيات مساحة 160.8 ألف فدان تمثل 38.6% من الكتلة السكنية فى مصر، وفقاً لإحصاءات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.
وتنقسم المناطق العشوائية فى مصر إلى: مناطق خطورة داهمة وعددها 372 منطقة تحتاج إلى 8.5 مليار جنيه لإزالتها ونقل سكانها إلى مناطق أكثر أمناً، ومناطق قابلة للتطوير، وأخرى غير قابلة للتطوير، وتحتل محافظة الدقهلية المركز الأول فى العشوائيات، حيث توجد بها 109 بؤر، بينما تأتى القاهرة فى المركز الثانى ب81 منطقة عشوائية، وأرجعت الدراسات أسباب انتشار العشوائيات فى مصر إلى الهجرة من الريف إلى الحضر، وفشل الحكومات طوال الأعوام الماضية فى توفير مساكن لمحدودى الدخل واتجاهها لإنشاء مساكن للأثرياء، مع فشل جهودها لتطوير الصعيد للحد من ظاهرة الهجرة إلى المدن الكبرى، بالإضافة إلى غياب دور هيئة التخطيط العمرانى والمحليات فى فرض رقابة على عملية البناء، كذلك فإن المستوى الاقتصادى المنخفض والفقر دفعا المواطنين إلى السكنى فى أماكن غير آدمية.
ومنذ عام 1993 والحكومة تضع خططاً للقضاء على العشوائيات باءت جميعها بالفشل الذريع، بل إنها انتشرت وزادت وتوغلت فى كل ربوع مصر، ولم تفلح معها خطط التطوير حتى تم استحداث وزارة للعشوائيات عام 2014 لم تستمر سوى 14 شهراً فقط وتم إلغاؤها، وانتقل ملف العشوائيات بعدها إلى وزارة الإسكان ليخرج وقتها الدكتور مصطفى مدبولى وزير الإسكان مؤكداً أنه سيتم القضاء على العشوائيات وتطويرها خلال 3 سنوات، مشيراً إلى أن عملية التطوير ستحتاج إلى حوالى 60 مليار جنيه، وسيتم الأمر بالتعاون بين الوزارة والمحليات.
ورغم أن مدة ال 3 سنوات التى حددها الوزير مر منها عامان تقريباً، إلا أن ما حدث خلالهما يؤكد أن تطوير العشوائيات يتم بسرعة السلحفاة، وأن الأمر يحتاج إلى سنوات طويلة، وهو ما دفع الدكتور حسين جمعة رئيس جمعية التطوير العقارى إلى القول بأن تطوير العشوائيات يجب أن يكون خطة حكومة وليس خطة وزارة بعينها، فيجب أن تشارك فيه كل الوزارات المعنية كالإسكان والتنمية المحلية والمحافظات، ولابد من إنفاذ القانون بكل حسم ووضع مخطط عام للقرى والمدن، وكل من يخالف يخضع للعقاب حتى لا تنتشر العشوائيات مرة أخرى، وأضاف أن التعامل مع العشوائيات يجب أن يتم من خلال تحديد مفهومها وتطوير ما يمكن تطويره منها، وهدم غير الصالح منها وإنشاء مساكن بديلة لسكانها.
منها الرشوة والواسطة واستغلال النفوذ .. فساد المحليات.. «أم المعارك»
ما زال فساد المحليات هو التحدى الأكبر أمام كل من يتولى حقيبة التنمية المحلية، فرائحته تملأ كل ربوع مصر، وأصابعه تشير إلى كل من يعمل فى المحليات، وقضية الفساد التى اتهم فيها محافظ المنوفية، هشام عبدالباسط، ما زالت حاضرة فى أذهان الجميع، ومن ثم فالقضاء على الفساد فى المحليات لابد أن يكون أول وأهم معارك الوزير الجديد، فالرجل الذى قضى عمره محارباً فى صفوف القوات المسلحة لابد الآن أن يبدأ معركته مع الفساد الذى «عشش» فى كل الإدارات المحلية فى بر مصر.
عرفت مصر المحليات منذ قديم الأزل، ولكن فى السنوات الأخيرة أصبح الفساد مرادفاً للمحليات، حتى اعترف بذلك الدكتور زكريا عزمى، أحد أشهر رموز العصر السابق قائلاً عبارته الشهيرة «الفساد فى المحليات للركب»، ورغم هذا الاعتراف الصريح لم تتمكن الحكومات من محاربته، وظل صاحب اليد العليا فى المحليات، حتى أصبح إنهاء أى مصلحة لا يتم إلا بالواسطة أو بالرشوة، ودفعت مصر كلها فاتورة هذا الفساد الذى انتشر فى جميع المحافظات بمدنها ال214، ومراكزها ال184 ووحداتها المحلية والقروية البالغ عددها 1411 وأحياءها المختلفة، وأصبحت تهمة الفساد موجهة لجميع العاملين فى المحليات والذين يقدر عددهم ب3 ملايين و600 ألف موظف، وأصبح خبر إلقاء القبض على محافظ أو نائب محافظ أو مهندس فى أحد الأحياء أو موظف، أمراً عادياً لا يلتفت إليه الكثير، حتى إن اللواء محمد زكى عابدين وزير التنمية المحلية سابقاً أكد أن الفساد أصبح ثقافة داخل الأجهزة المحلية، والمواطن المصرى يدفع ثمن هذا كل يوم.
وصور الفساد فى المحليات كثيرة منها الرشوة والفساد والتى أصبحت جريمة شائعة فى كل مكان، فمنذ أيام تم إلقاء القبض على محافظ المنوفية بهذه التهمة، قبلها بأشهر قليلة وجه نفس الاتهام لنائبة محافظ الاسكندرية، والأمثلة كثيرة ومتكررة.
كذلك تنتشر بالمحليات صورة أخرى من صور الفساد وهى استغلال النفوذ والواسطة فمن لا يرضى عنه موظفو الأحياء والوحدات المحلية «يدوخ السبع دوخات»، ولا يمكنه إنهاء مصلحته ولا يستطيع الشكوى، أما من له واسطة أو يستطيع الوصول إلى المسئولين عن طريق الرشوة أو خلافه تنتهى كل مشكلاته حتى لو كانت توصيل المرافق لمبنى غير مرخص ومخالف لكل القوانين، أو مبنى على أرض مملوكة للدولة وخلافه، حتى أصبحت 90% من مبانى مصر مخالفة.
كذلك تعد الصناديق الخاصة التى يصل عددها فى المحليات إلى 6223 صندوقاً أحد أشكال الفساد فى المحليات التى عجزت الحكومات عن مواجهتها، حيث يصرف 85 % من إيراداتها على المكافآت واللجان الوهمية، ورغم وجود قانون فى مجلس الشعب لضمها للموازنة العامة للدولة، فإنها ما زالت تعد أحد التحديات الكبرى والأدلة الدامغة على الفساد المستشرى فى المحليات.
ورغم اعتراف كل من اللواء أحمد زكى عابدين والدكتور أحمد زكى بدر وزيرى التنمية المحلية بالفساد المنتشر فى المحليات، فإن أحداً لم يستطع مواجهته، ومع حل المجالس الشعبية المحلية بعد ثورة 25 يناير أصبحت المحليات تدار دون رقابة شعبية، وبذلك أصبح موظفوها يفعلون ما يحلو لهم، وإذا كان غياب الضمير يعد أحد أسباب انتشار الفساد فى المحليات، فإن الدكتور عادل عامر، أستاذ القانون المدنى، مدير المركز العربى للدراسات الاقتصادية والقانونية يرى أن السبب الأهم فى انتشار هذه الظاهرة هو غياب الرادع، حيث إن القانون ضعيف أمام مواجهة جرائم الفساد فى المحليات، فبغض النظر عن عقوبة الرشوة التى تصل إلى السجن، فهناك جرائم لو تم كشفها يكون عقابها إدارياً مهما كانت المبالغ المهدرة على الدولة، فنتيجة للبناء على الأراضى الزراعية ومخالفات المبانى تخسر مصر سنوياً مليارات الجنيهات، ولا يعاقب أحد، وإذا ثبت تورط أحد موظفى المحليات فى الأمر، فإن الجزاء يكون خصم عدة أيام من راتبه رغم كل خسائر الدولة.
لذلك يطالب الدكتور عامر بضرورة تشديد العقوبة على الموظف المسئول عن عدم تنفيذ القانون، مع تفعيل دور المجالس الشعبية المحلية فى القانون الجديد، وتفعيل دورها فى الرقابة على موظفى الوحدات المحلية ومساءلتهم، وحسن اختيار الموظفين، ومنحهم رواتب مجزية حتى نضمن عدم لجوئهم للتكسب من وراء عملهم.
ويلتقط مصطفى إبراهيم المحامى أطراف الحديث، مشيراً إلى أن أشهر أشكال الفساد فى المحليات هى الرشوة، وهذه الجريمة ترتكب كل يوم دون عقاب، وحتى الجرائم الكبرى التى يهتز لها الرأى العام، مثل رشوة محافظ أو نائب محافظ أو وزير، لا يتم التركيز عليها كثيراً ومن هنا لا يوجد عنصر الردع، وأشار إلى أن جرائم الرشوة تتدرج فيها العقوبة من السجن لمدة عامين وحتى 10 سنوات، وهى عقوبة كافية لردع أى متهم خاصة أنها من الجرائم المخلة بالشرف، إلا أن شيوعها تحت مسميات مختلفة، كالإكرامية أو إنهاء المصلحة جعل الكثيرين لا يلتفتون إليها، ومن ثم يجب فرض رقابة أكبر على موظفى المحليات، ورقابة الضمير أهم، ولكن إذا كان هذا غير متوافر، فلا بد من رقابة إدارية من الجهات المختصة كالجهاز المركزى للمحاسبات والرقابة الإدارية لضمان التخلص من فساد المحليات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.