كتبت - بوسى عبد الجواد: الجمهور والفنانون أكبر داعم لنا فى مواجهة أموال الأوبرات العربية وجود فنانة على مقعد الوزير يسهم فى حل أزمات كثيرة جاء قرار وزير الثقافة د.إيناس عبد الدايم بتولى دكتور مجدى صابر رئاسة الأوبرا فى محله، فهو ليس بغريب عن أهل الدار، الذى نشأ وتربى داخل أروقتها الشامخة، حيث يعتبر أول راقص باليه مصرى ظهر على خشبة دار الأوبرا عند افتتاحها فى عرض باليه «أبوسمبل»، وتدرج فى مناصبها، حيثُ عمل معيدًا بالمعهد العالى للباليه، ثم مدرس مساعد بالمعهد العالى للباليه قسم تصميم وإخراج الباليه، ومدرس دكتور بالمعهد العالى للباليه، وأستاذ مساعد دكتور بالمعهد العالى للباليه، ورئيس قسم تصميم وإخراج الباليه، ورئيس لجنة الترقى لدرجة أستاذ مساعد وعضو لجنة الترقى لأستاذ بالمعهد العالى للباليه، رئيس لجنة العلاقات الثقافية بالمعهد العالى للباليه، نائبًا للمدير الفنى لفرقة باليه أوبرا القاهرة ومصممًا ومخرجًا منفذًا للفرقة، ثم تولى رئاسة البيت الفنى لمدة عام، حتى أصدر قراراً بقيامه بأعمال مهام رئاسة الأوبرا. بين الجدية والشفافية هكذا قرر صابر أن يُتابع سير العمل داخل أروقة الأوبرا المصرية بعد تنصيبه رئيسا لها، حيثُ يسعى جاهداً لتحقيق المعادلة الصعبة للنجاح، فى أن يكون صاحب الشخصية الحاسمة المتخذة للقرارات، والشخصية الودودة القريبة للفنانين وموظفو الأوبرا حتى أصغر عامل بها. من خلال محاورتى له أيقنت إيمانه بالكوادر الشابة باعتبارها الركيزة الأساسية للتطوير والتحديث، حيثُ تعهد بتقديم كوادر قيادية شابة ذات تاريخ نظيف فى الهيكل الإدارى للأوبرا على أن تكون الأولوية لأصحاب الكفاءات. يعتبر صابر نفسه أمام تحدِ كبير، خاصة أنه تولى المهام بعد دكتورة إيناس عبدالدايم التى شهدت الأوبرا فى عهدها تطوراً ملموساً، واستعادت جزءاً كبيراً من ريادتها. فى لقاء جمعنا بالدكتور مجدى صابر بعد توليه المنصب الجديد، للتعرف على خططه المستقبلية التى سوف يُدير على أساسها هذا الصرح الفنى العظيم، وتحدثنا معه عن المعوقات والتحديات التى تحول دون تحقيق بعض طموحاته لمستقبل الأوبرا، وألقينا نظرة على ملامح شخصية مجدى الفنان راقص الباليه المشهور.. ليدور الحوار على النحو التالى: بداية، قبل أن أتحدث معك عن الحاضر والمستقبل.. أريد أن أرجع بك الزمن إلى الوراء.. وأذكرك بلحظة وقوفك على مسرح الأوبرا المصرية عند افتتاحها كأول بطل مصرى فى عرض باليه أبوسمبل.. - ذكرتِنى بأجمل سنوات عمرى، تلك المرحلة فى عمرى صنعت منى شخصاً مختلفاً عما كنت عليه فى السابق، فأصبحت أكثر مسئولية والتزاماً، لا أنكر أننى لم أستطع إيقاف دموعى كلما تذكرت هذه المرحلة، فهى لحظة تاريخية فى حياتى، حقيقى النجاح له طعم آخر، هذه المرحلة فى عمر الأوبرا المصرية كان هناك اهتمام كبير من جانب الدولة بالفن الأوبرالى. هذا الاهتمام الذى منحك فرصة كبيرة فى مقتبل العمر.. سيحفزك للاهتمام بالمبدعين الشباب؟ - بلا شك، أنا مؤمن بفكر وطاقات الشباب، وسوف يكون هناك اعتماد كبير على الكوادر الشابة فى الفترة المقبلة، ومنح فرص للشباب المبدعين سواء فى فرق الباليه أو الأوركسترا أو السيمفونى وغيره من الفنون فى الدور القيادى. ما أول الملفات التى ستبدأ العمل عليها؟ - هناك ملفات هامة سنبدأ العمل عليها من الآن، الأولى تتمثل فى كيفية توفير حياة كريمة لفنانين الأوبرا، والمحافظة على تواجد الكوادر الفنية، سواء فرق أو أوركسترا أو باليه من خلال حل مشكلة تدنى الأجور، التى تهدد بانسحاب كثير منهم، أمام الإغراءات المالية التى تعرضها الأوبرات العربية، والفضائيات كذلك، فهؤلاء يعتبرون ثروة فنية لا يمكن تعويضها بملايين الدولارات، ثانى أهم ملف سوف نعمل عليه هو التجديد والتنويع فى العروض الفنية المُقدمة، وثالث أهم ملف، وأرى أنه من الملفات التى سوف تخدم الأوبرا بشكل كبير هو البحث عن رعاة للفعاليات التى تقيمها الأوبرا، خاصة المهرجانات. كيف ستتغلب على المعوقات التى تواجه الأوبرا فى ظل الأزمة الاقتصادية التى تمر بها البلاد الآن؟ أولاً أحب أن أعبر عن سعادتى بتولى د.إيناس عبدالدايم، منصب وزير الثقافة، فهى واحدة من أبناء الأوبرا، فعلت الكثير من أجلها واستعادت جزءاً كبيراً من ريادتها، هذا سوف يسهل المهمة علينا لأنها أدرى منى بحجم المعوقات التى تواجه الأوبرا، فهى سوف تكون الصوت المتحدث نيابة عن الأوبرا مع كبار المسئولين، كما سوف يكون هناك خطط مُحكمة لسير العمل بشكل مقنن، وسوف يكون هناك نوع من الإلحاح على وزارة المالية لتوفير دعم مالى أكبر للأوبرا المصرية. وما أولى الخطوات التى ستبدأ بها مع قيادات الأوبرا؟ - أركز حالياً على دار أوبرا أكتوبر الجديدة، والإسراع من إنجاز وتشييده فى أقرب وقت، فهو حالياً فى طور الانتهاء ولم يتبق على انتهائه سوى التشطيبات النهائية، وسيكون جاهزاً قريباً لاستقبال العروض الفنية على مسارحه. من بين الملفات الساخنة التى تنتظرك.. لماذا وضعت أوبرا أكتوبر تحديداً على رأس أولوياتك؟ - المبنى الجديد سيتغلب على مشكلات عديدة يعانى منها أبناء الأوبرا، المتمثلة فى زيادة عدد البروفات للتدريب، وهو ما سيتوافر فى مبنى أكتوبر الجديد الذى سوف يكون مزوداً بصالات تدريبات مكثفة ومُجهزة حتى تتمكن الفرق الموسيقية من تحضير بروفاتها، كما أنها تزيد من فرصة جماهير الأوبرا بتنظيم حفلات أكبر، وسوف أهتم كذلك بتوافد العديد من الفرق الأجنبية المميزة على نفس النهج الذى بدأته د.إيناس عبدالدايم. وما الاختلافات الجوهرية التى تميز أوبرا أكتوبر عن نظيراتها فى القاهرة؟ - لا توجد اختلافات، ولا يمكن تشبيه المبنى الجديد بمبنى أوبرا القاهرة التى تعتبر الأم، ولكن المبنى سوف يكون مميزاً، حيث يتمتع بمساحة جيدة، كما أنه به غرف تدريبات، وقاعة عرض كبيرة، وصالات تدريبات للموسيقى والباليه، وهذا ما نحتاج إليه فى الوقت الحالى، تزويد عدد البروفات. حققت دار الأوبرا فى عهد د.إيناس عبدالدايم، أرقاماً قياسية فى توافد الجمهور إلى حفلاتها.. هل هذا النجاح يعظم من المسئولية المُلقاة على عاتقك؟ - بالتأكيد، د.إيناس أخذت بيد الأوبرا لآفق أكثر رحابة، أريد أن أستمر أو على الأقل أحافظ على تلك النجاح، وأسعى أن أجتهد فى تتويجه بنجاحات جديدة، المسئولية شىء مرعب ولكن تواجد د.إيناس وزير ثقافة يطمئننا ويمنحنا أملاً فى غد أفضل. ما السلاح الذى ستستند عليه الأوبرا فى منافستها الشرسة مع الأوبرات العربية الأخرى؟ - سلاحنا يكمن فى الفن الهادف الذى نقدمه والخبرة الموجودة لدينا، فنحن قادرون على تقديم عروض فنية على أعلى مستوى وبأقل تكلفة. ولكن ينقصنا الموارد المالية التى تعتبر السلاح الأقوى الآن؟ - بالفعل هؤلاء لديهم موارد مالية تمكنهم من استضافة أقوى فرق فى العالم، لكنهم يفتقرون للخبرات الموجودة لدينا فى دار الأوبرا المصرية، وللجمهور المصرى المعروف بعشقه للفنون، وفرقة الموسيقى العربية والأوركسترا، أعتقد أن هذا كفيل بترجيح كفتنا فى المنافسة. هناك فريق يرى أن مهرجان الموسيقى العربية يحتاج إلى العودة للاهتمام بالقوالب العربية؟ - يهدف المهرجان فى المقام الأول إلى الحفاظ على التراث الشرقى، وفنون الموسيقى العربية بكافة أشكالها، ولكن التجديد والتنويع هنا مطلوب، فلا بد من مواكبة التغيرات بشرط ألا تخرج عن النص ودون الإخلال برسالة المهرجان الذى نشأ لأجلها، حتى نستطيع مواكبة الحراك الثقافى، فما حدث هو تطوير فى المهرجان وليس انحرافاً عن رسالته، والحمد لله حققت حفلات المهرجان فى دوراته الأخيرة نجاحاً جماهيرياً كبيراً، وأغلبها رفع شعار «كامل العدد». تُعانى دار الأوبرا دائماً من عدم قدرتها على استقطاب نجوم كبار وعالميين فى مهرجاناتها وفعالياتها، فهل هناك نية لتقديم مشروع للحكومة لحل أزمة أجور الفنانين الكبار؟ - بالفعل، سوف يتم إعداد لجنة تضم كل خبراء الأوبرا من الموسيقيين والعازفين، وإعداد دراسة أو مشروع متميز لحل الأزمات التى تواجه الأوبرا وعرضها على د.إيناس عبدالدايم. نريد أن نطلع على ملامح الخطة التى سوف تتبعها لحل مشكلة أزمة الرعاة لفعاليات ومهرجانات الأوبرا؟ - هناك فريق قانونى يعمل على إنشاء دراسة قانونية وتفصيلية لتعديل لوائح التسويق فى الأوبرا، حتى يتسنى لنا إيجاد رعاة بشكل مقنن وقانونى ورسمى لمختلف فعاليات ومهرجانات وحفلات الأوبرا. باعتبارك راقص باليه.. هل ترى أن «فن الباليه» مهدور حقه فى مصر؟ - هذا حقيقى، هناك راقصون وراقصات باليه متميزون لن يحظوا بشهرة واسعة، وتتجاهل الدولة تكريمهم، وهذا الوضع ينطبق نفسه على العازفين والموسيقيين، نحن نعانى من أزمة حقيقية لا بد أن نعترف بها وهى قلة عدد الراقصين المصريين، لذا سوف انصب اهتمامى وتركيزى فى الفترة المقبلة على «فن الباليه» ليس بسبب أننى راقص باليه أننى أنحاز له، ولكن لأنه فن من فنون الأوبرا المُهملة، سنكثف من عروض الباليه الكلاسيكية، خاصة بعد النجاح الكبير التى تحققه فى شباك التذاكر، وخلال الشهور المقبلة سوف يتم عرض باليه جديد يُعرض لأول مرة فى تاريخ مصر بعنوان «بياديركا» واستعنا فيه بمخرج إيطالى، كما سيتم تقديم عرض «كارمينيا بورانا» بشكل جديد ومختلف عن الشكل الذى قُدمت فيه سابقاً. برأيك: لماذا يعانى أبناء الأوبرا فى الظهور والانتشار؟ - هذا السؤال يمكنك طرحه على الفضائيات وصُناع الموسيقى الذين دائماً ما يُديرون ظهرهم للمواهب الحقيقية وأبناء الأوبرا، فهم يرون أن عمل دعاية لنجم مشهور أربح لهم، الأوبرا تمتلك ثروة فنية لا توجد فى أوبرات البلدان العربية الأخرى، ولكن تحتاج لمزيد من الاهتمام والرعاية من جانب الدولة والمنتجين. وأخيراً.. هل نرى خلال الفترة المقبلة تغييراً فى إحدى قيادات الأوبرا؟ - ما يهمنى الآن أن تعمل كافة القيادات على قلب رجل واحد، سوف يكون هناك دور كبير للكوادر الشابة فى الدور القيادى، كما قلت سابقاً أنا من أشد المؤمنين بأفكار الشباب فهم مستقبل مصر. ألم تخشَ أن يحدث التغيير هذا فى قيادات الأوبرا نوع من الخلل؟ - بالتأكيد الاستقرار من أهم مقومات النجاح، لكن يجب الاستفادة من المبدعين الشباب، ومنحهم فرصة فى الظهور والانتشار وتحقيق النجاح وإثبات ذاتهم، فهناك نماذج لا حصر لها تؤكد ثراء مصر بعقول متميزة وحالات إبداعية منتشرة فى كل ربوع مصر ولا تنتظر غير إرادة الدولة فى النهوض بهم من خلال أنصافهم والوقوف بجانبهم، كما أن الأولوية ستكون لأصحاب الكفاءات.