إعداد صفوت دسوقى: لا يوجد مواسم للنجاح.. تلك حقيقة أكدها وأثبتها صناع مسلسل «الطوفان» الذى عرض مؤخرا، واستطاع أن يشد انتباه الجمهور العربى من المحيط إلى الخليج .. ففى الفترة الأخيرة بات أغلب صناع الدراما يعلقون الرهان على موسم رمضان الدرامى، حيث ترتفع نسبة المشاهدة، ويتصاعد مؤشر المنافسة، ولكن فريق مسلسل «الطوفان» قرر العرض بعيدا عن رمضان، وفى موسم شتوى بارد، ويعد هذا تحديًا كبيرًا.. التحدىالثانى هو أن المسلسل مأخوذ عن فيلم «الطوفان» الذى تم إنتاجه عام 1985 من قصة وإخراج بشير الديك.. ومن النادر أن تحقق الأعمال الدرامية المأخوذة من أفلام سينمائية نجاحًا لافتًا للانتباه، لأن المشاهد بشكل تلقائى يعقد مقارنة بين الفيلم والمسلسل، ولا يرضى بالمستوى الرفيع حتى يتابع العمل الدرامى.. الحقيقة أن المسلسل استطاع القفز فوق تلك التحديات وسرق انتباه المشاهد العربى.. ولا خلاف أن المسلسل ضم كل مواصفات النجاح، فقد كتب وائل حمدى السيناريو بشكل رشيق ومثير إلى حد كبير، واستطاع ان يكتب الأحداث بروح العصر الحالى الذى نحياه، كما قدم المخرج الكبير خيرى بشارة العمل بشكل رائع، وجاء اختيار نجوم العمل موفقا، فكل فنان تم ترشيحه للدور اللائق به.. ومن يتابع العمل يكتشف أن المخرج نجح فى خلق مباراة تمثيلية بين كل النجوم المشاركين فى المسلسل.. وقد أجاد الجميع وفى مقدمتهم وفاء عامر والقديرة نادية رشاد، وأحمد زاهر وعبير صبرى وهنا شيحة وأيتن عامر وأحمد صفوت. أثبت فريق مسلسل الطوفان أنه يستطيع أن يقدم عملًا ناجحًا وجاذبًا للأنظار بعيدًا عن موسم رمضان الذى بات رهان صناع الدراما.. وقد حاورنا أبرز نجوم مسلسل الطوفان للوقوف على أسباب النجاح ومعرفة ردود فعل الجمهور الذى بات واعيا وناقدا جيدا للأعمال الفنية. وفاء عامر: عفوية «منيرة» سبب نجاحها.. وتوقعت أن تسكن قلب الجمهور من يتأمل مشوار النجمة وفاء عامر، يكتشف أن أرشيفها الفنى يضم مجموعة من الأعمال الفنية الرائعة فى السينما والمسرح والدراما التليفزيونية، ومن أهم سماتها أنها تبحث عن الدور المختلف الذى يضيف إلى رصيدها الفنى، فلا تعبأ بالأجر المادى قبل القيمة الفنية للعمل.. وفى مسلسل «الطوفان» كشفت وفاء عامر عن زوايا جديدة فى موهبتها الفنية، حيث قدمت ششخصية«منيرة»، تلك الابنة القريبة إلى قلب أمها والزوجة التى ترضى بالحياة فى ظل رجل، فلا تبالغ فىأحلامها، وأقصى أمانيها الستر وإنجاب طفل تسمع منه كلمة «ماما». سألنا وفاء عامر عن المغرى فى الدور، وأجابت قائلة: قبل قراءة السيناريو استوقفنى اسم المؤلف، وهو الكاتب الكبير بشير الديك، والمخرج وهو خيرى بشارة.. فكم تمنيت العمل معهما، وجاءت الفرصة فى«الطوفان».. كما أن وائل حمدى قدم معالجة درامية متميزة، وكتب السيناريو بشكل دقيق وملائم للوقت الحالى. وعن سبب نجاح شخصية منيرة، قالت:أتصور أن السبب الرئيسىفى نجاح شخصية«منيرة»هى العفوية الشديدة التى ظهرت بها، بالمناسبة شخصية «منيرة» موجودة فى كل بيت مصرى، ولذا سكنت الشخصية قلب كل المصريين، الناس فى الشارع تنادينى باسم الشخصية وأتصور أن هذا الأمر أكبر دليل على النجاح. وبسؤال وفاء عامر عن وجود سمات مشتركة بين «منيرة» وشخصيتها الحقيقية قالت: بالفعل توجد أكثر من سمة، وأتصور أن أبرزها هى البساطة فأنا أتعامل مع كل الناس بشكل بسيطوتلقائى، ولا أحب التكلف والمبالغة فى التصرفات والتعامل مع الناس. وبشأن المشاهد الصعبة فى العمل،قالت: لا يوجد مشهد صعب ومشهد سهل، فقد تعلمت منذ خطواتىالأولى فىالوسط الفنىأن الوقوف أمام الكاميرا مسئولية، ومهمة إقناع المشاهد بالشخصية التىأجسدها ليست سهلة،لذا أتعامل معأىمشهد مهما كان بسيطا بشكل جاد، وأذاكر الشخصية بصورة دقيقة قبل الوقوف أمام الكاميرا. وعن ردود الفعل، قالت: تلقيت اتصالات من داخل مصر والخارج،وكلها تحمل إشادات، وعندما أمشى فى الشارع أرى نظرات الإعجاب فى عيون الجمهور، وكثيرًا ما أسمع جملة «حرام عليكى يا وفاء خلتينا نبكى»،فبتوفيق من ربنا توحدت مع شخصية «منيرة»، ولذا وصلت للناس، وسكنت قلوبهم، وهذا مؤشر على النجاح. بشير الديك: العمل أثر فى الناس.. ولغة الحوار بعيدة عن الابتذال أكد السيناريست بشير الديك، مؤلف «الطوفان»،أنه من أشد المعجبين بالمعالجة الدرامية التى قدمها الثنائى وائل حمدى ومحمد رجاء، وقال: قرأت السيناريو قبل التصوير،وأعجبتنى جدا لغة الحوار التى جاءت بعيدة تماما عن موجة الابتذال التى سيطرت على الأعمال الدرامية فى الفترة الأخيرة. وعن رأيهفى العمل بعد المشاهدة، قال: تحفة فنية، فقد شاهدت كل حلقات العمل وأرى أنه من الأعمال الدرامية الاستثنائية التى تستحق أن يصفق لها الجمهور، فقد أعاد المسلسل الجمهور إلى الدراما الاجتماعية. وحول أداء النجوم، قال: لمست بعين الناقد وجود منافسة قوية بين كل نجوم العمل، لذا تفوق الجميع، وظهر العمل بشكل باهر، ولكن توجد علامات فى التمثيل، ومنها الفنانة الموهوبة وفاء عامر التى صنعت حالة خاصة، كانت تؤدى ببساطة وثقة المحترفين، ولذا نجحت، وأشاد بها الجميع.. والعلامة البارزة فى المسلسل هى الفنانة القديرة نادية رشاد التى قدمت دور الأم الحائرة بطريقة جميلة، وكانت أغلب انفعالاتها تبدو طبيعية إلى حد كبير، ولا أنكر أن كل فريق العمل كان متميزا. وبشأن الفرق بين مسلسل «الطوفان» والفيلم الذى تم إنتاجه عام 1985 قال: البناء الدرامى واحد، والشخصيات لم تتغير، ولكن تم إعطاء مساحات واسعة للشخصيات، وهذا أمر طبيعى،خاصة أن زمن الفيلم السينمائى قصير، ولذا يتم اختزال الأحداث ويظهر السيناريو فى شكل إيحاء أقرب إلى الشعر، لكن العمل الدرامىأقرب إلى فن «البوح»، فلا يوجد اختزال، ويتم تقديم الرواية بتفاصيل وأبعاد دقيقة. نادية رشاد: احترمت نفسى وابتعدت عن الساحة.. وأنصفتنى الأيام بدور «صفية» يحسب لصناع مسلسل «الطوفان»إعادة اكتشاف الفنانة والكاتبة نادية رشاد،التى غابت عن الساحة الفنية سنوات طويلة.. جاءت عودتها بشكل يليق بحجم موهبتها الفنية، حيث قدمت دور الأم بشكل معبر جدًا،الأمر الذى أصاب المشاهد بالصدمة من فرط الإبداع والقدرة على التعايش مع الشخصية. كشفت نادية رشاد عن سبب غيابها عن الساحة قائلة:«ابتعدت عن الساحةلأننى احترمت نفسى، ورفضت الظهور فىأعمالتافهة، أو الظهور فى دور كومبارس لا يقدم ولا يؤخر.. فلا أبالغ إذا قالت إن بعض شركات الإنتاج كانت تريد التعامل معى باليومية، أمر محزن جدا أن تمتلك الموهبة، وتجد شركات الإنتاج تهملها، وتضعها فى الهامش. وعن «الطوفان» قالت: بصراحة شديدة كنت أظن أن المسلسل سهل، وفكرت فى الرفض قبل الاطلاع على السيناريو،ولكننى فوجئت بمستوى وشكل الكتابة، كما أن المسلسل يضم نخبة كبيرة من النجوم. وتابعت نادية رشاد: من حسن حظى أننى لم أشاهد الفيلم الذى تم إنتاجه عام 1985، فقد قدمت الدور فى الفيلم، الراحلة أمينة رزق، وعدم رؤيتىالفيلم جعلنى لاأتأثر بأداء الفنانة الكبيرة أمينة رزق، لذا قدمت شخصية صفية بأسلوبىأنا.. والحمد لله نجحت، ونال الأداء إعجاب الجمهوروالنقاد. وعن الفنانين المتميزين فى العمل، قالت: الجميع كان رائعاً، ولكن الفنانة وفاء عامر كانت ساطعة جدا، وقدمت شخصية«منيرة» بأسلوب عبقرى.. ولاأبالغ إذا قلت إن وفاء عامر غيرت جلدها تماماً، ونسجت شخصية «منيرة» بشكل مميز أبهر الجمهور، ونال إعجاب المتخصصين. وعن رأيها فى السيناريو، قالت: كما يعلم الجميع أنا كاتبة، وكان آخر مسلسلقدمتههو مسلسل «مباراة زوجية»، وبحكم الخبرة أستطيع القول إن السيناريو ممتاز جداً، ولغة الحوار راقية، ومعبرة عن حال المجتمع المصرى، «الطوفان» من وجهة نظرى يعد عودة للدراما الاجتماعية، حيث يرصد قصة أبناء تتغير نفوسهم، وينقلب حالهم بسبب الفلوس التى يرونأنها مصدر السعادة. رامى وحيد: غيرت جلدى.. وشخصية «ضياء»أرهقتنى يقول الفنان رامى وحيد عن تجربة «الطوفان»: كان نفسى أغير جلدى، فقد اعتاد الجمهور أن يرانىفى نمط محدد من الأدوار، وتمنيت أن أقفز إلى أرض جديدة، من خلالها أثبت للجميع أن بداخلى موهبة،وأننى قادر على التنوع.. والحقيقة أن الذى يستحق الشكر هو المنتج ريمون مقار، فهو منتج جرىء ومنحنى الفرصة التىانتظرتها طويلًا. وعن شخصية «ضياء» قال: قبل الحديث عن الشخصية يجب الاعتراف بأن العمل شدنى جداً لأنه يضم أسماء كبيرة فى التأليف بشير الديك، والإخراج خيرى بشارة، ونخبة مهمة ومؤثرة من الممثلين الذين سعدت بالعمل معهم.. وشخصية «ضياء» مركبة، وكل المشاهد صعبة لأنها تعتمد على الصراع، والتخبط النفسى. والحمد لله أديت الشخصية بشكل جيد لذا تركت بصمة فى عقل ووجدان الجمهور. وعن أهم إشادة بدوره، قال:أهم إشادةهىالتىبهرتنى فعلًا، ما كتبه السيناريست وائل حمدى، حيث كتب على صفحته الخاصة على «فيسبوك» يمدح الأداء وطريقة التعايش مع الشخصية، وهذا الأمر أسعدنى جداً، وأعتبر الطوفان نقطة تحول فىمشوارىالفنى، وأتمنى أن تكون الخطوات السابقة فى حجمها.
