احتفالية غير عادية أقامتها نقابة الصحفيين لتكريم أشهر قارئ في مصر يتمتع بقدرات فوق العادة. يصف الكاتب الصحفى "رحاب الدين الهوارى" عم محمد بأنه "قارئ حقيقى يعادل أمة" ، ويقول في وصفه: "تراه منحنيا لايقوى على الوقوف ، متحدثا بكلمات لا يقدر على استدارتها، منفعلا بأياد مرتعشة وعيون براقة ، مليئة بخبرات السنين ، تخرج كلماته كطلقات الرصاص، لا تفرق بين صغير وكبير، فالكل فى الابداع سواء". ويضيف رحاب الدين الهوارى: هكذا تعرفت على أشهر قارئ فى مصر ، نبت ربانى خالص فى أرض استفحل فيها النبت الشيطانى، ابتعدت عن عقله وقلبه كل امراض المثقفين. ولكن جسدا هزيلا وسبعين عاما يحملها على ظهره، تؤكد أن الرجل خرج لتوه من غرفة العناية المركزة. جاء فقط كى يقول رأيه فى كاتب أو كاتبة، ربما لم تسمع عنه من قبل، لكنه جاء فقط، ممزقا براثن الموت التى تكتم على أنفاسه، ليقول كلمته ورأيه بلا تجميل أو تزويق، بلا حذلقة وبلا مقدمات سوى التأكيد على أنه ليس ناقدا، والرزق على الله. وعم محمد قارئ نهم ، فهو صاحب ذاكرة قوية، هذه الذاكرة تذهب الى التاريخ مرة ، وتذهب الى الجغرافيا مرات عديدة، وهذا بحكم تجوله فى شتى أنحاء مصر منذ أن تركه والده الذى كان يعمل فى مجال السينما. ولد فى مقتبل الحرب العالمية الثانية ، والتحق بالعمل فى وكالة إعلامية 1951،وهو فى العاشرة من عمره. ولعم محمد عادات لا يمكن التنازل عنها، لا علاقة لها بأولاد الذوات، ويكره الندوات المكيفة، ولكنك ستراه متربعا ومنتشيا على الترابيزة المهترئة فى ورشة الزيتون ، أو يحل ضيفا على ندوة الأحد التى يعقدها محمد جابر غريب على رصيف سور الكتب بالسيدة زينب. وفى نقابة الصحفيين هب الدكتور عبد المنعم تليمة واقفا لاستقبال الرجل استقبال الفاتحين. ويقول عنه الكاتب الكبير فؤاد قنديل إن عم محمد نوعية أخرى غير كل من عرفت،فهو صاحب ذهن متقد للغاية وذاكرة حديدية..قارئ نهم للكتب والصحف، ويقضى كل وقته فى القراءة وحضور الندوات.. يمتلك رؤى متعددة ومتجددة، وكثيرا ما تكون طازجة، وفى أكثر الحالات تتفوق على كثير مما نسمعه من الأفكار التى تصدر أحيانا من كتاب كبار.