كتب د. محمد عادل: يتجه العالم إلى أزمة ديون وكساد خلال السنوات القليلة القادمة بسبب الارتفاع المستمر للديون الحكومية، والتى وصلت إلى مستويات خطيرة وغير مستدامة فى أغلب الاقتصاديات المتقدمة، وفى العديد من الاقتصاديات الناشئة، وسط توقعات بمزيد من الارتفاع خلال السنوات الخمس والعشرين المقبلة، ما لم تشهد تحولات كبيرة فى الإنفاق. جاء ذلك فى تقرير لإدارة المستقبل بوزارة شئون مجلس الوزراء والمستقبل بمكتب رئاسة مجلس الوزراء بدولة الإمارات العربية المتحدة، بالتعاون مع مؤسسة كوبنهاجن لدراسات المستقبل، تحت عنوان: «توقعات مستقبلية 100 توجه عالمى لعام 2050». وأشار التقرير إلى أن الدين العالمى فى ارتفاع مستمر نتيجة لاقتراض الحكومات والأفراد والمؤسسات، ووصولًا إلى مستويات غير مسبوقة ليترتب عليه حساسية متزايدة تجاه معدلات الفائدة المثبتة اصطناعيًا عند مستويات منخفضة، وهو ما جعل السياسات السلبية لمعدلات الفائدة تنتشر حاليًا كالوباء بين البنوك المركزية فى الاتحاد الأوروبى واليابان وسويسرا وأمريكا. ويقدر حجم الديون العالمية بنحو 217 تريليون دولار نهاية الربع الثالث من عام 2016 وفقا لأرقام معهد التمويل الدولى، ليسجل قفزة غير مسبوقة ويتجاوز 325٪ من الناتج المحلى الإجمالى، ويصل حجم ديون الصين إلى 25 تريليون دولار متجاوزًا الناتج المحلى الإجمالى للصين بنحو 240%، وتعتبر الشركات الحكومية من أكبر المستفيدين، والبنوك الحكومية أكبر الدائنين. ويعد إصدار سندات الدين السيادى لدول مجلس التعاون الخليجى خلال العامين الماضيين من بين أكبر الإصدارات المسجلة لبلدان الأسواق الناشئة. وفقا لما ذكره المرصد الاقتصادى لمنطقة الخليج، وصندوق النقد الدولى الصادر فى يونيو 2017. ويتوقع التقرير حدوث تباطؤ فى النمو العالمى مما يشكل ضغوطًا كبيرةً على قادة الدول التى تشهد تزايدًا سريعًا فى تعداد سكانها، منوها بأنه على الرغم من قيام استراتيجية الحكومات باتباع سياسات ما بين التقشف والإنفاق، إلا أنه لم تقم أى دولة ذات اقتصاد كبير على مدار العقد الماضى بتقليص نسبة دينها إلى الناتج المحلى الإجمالى. تشير توقعات صندوق النقد الدولى، إلى تحقيق تقدم محدود فى معالجة أعباء الديون المفرطة فى قطاع الشركات، وكبح نمو الائتمان، وتفضيل السياسات للحفاظ على نمو مرتفع نسبيًا لإجمالى الناتج المحلى على المدى القريب. إلا أن هناك حالة من القلق نتيجة لارتفاع الدين الحكومى فى الاقتصاديات المتقدمة، والديون الأسرية المتنامية، والارتفاع السريع للدين الصينى. ويهدد الدين العام المرتفع برفع معدلات الفائدة على الدين السيادى، ليطغى على الاستثمار العام، ويزيد من تضخم الأسعار، بالإضافة إلى تكاليف الرعاية الصحية نتيجة لاتجاه التركيب السكانى نحو الشيخوخة فى الدول المتقدمة مما يخلق ضغوطا على ميزانيات هذه الدولة، وقدرتها على تمويل إنفاقها. وذكر تقرير إدارة المستقبل الإماراتى أن حكومات الأسواق الناضجة تعتبر من أكبر المستدينين إذ تبلغ ديونها نحو 50 تريليون دولار، فيما يقدر الدين السيادى حاليًا بنحو 115٪ من الناتج المحلى الإجمالى، مقارنة بنحو 70% قبل عقد من الزمن.