كتبت- بوسي عبد الجواد لم تفلح علامات الكبر التي تجلت في ملامحها أن تسلب من عيناها السمراوتين بريقها الساحر الذي تغزل فيه الأدباء والفنانون وذابوا فيها عشقًا، فلقبونها ب"سمراء النيل" لملامحها المصرية الأصيلة، حيثُ صُنفت من بين أجمل 10 نساء في العالم، وفقاً لمجلة "التايم" الأمريكية، هي الفنانة القديرة مديحة يسري التي تحتفل اليوم بعيد ميلادها ال95 فى غرفتها بأحد المراكز العلاجية. بدأ ولعها بالتمثيل والمجال الفني منذ نعومة أظفارها، رغم نشأتها في كنف عائلة كانت ترى أن الفن من سلبيات المجتمع، فلم ترضخ لخواطرهم التي كانت بالنسبة لها رجعية وغير منطقية، فقاومت أفكارهم بكل ما أوتي لها من حيلا، ففي أول دور بطولة لها في فيلم "أحلام الشباب" مع فريد الأطرش، طلبت من الشركة المنتجة أن تضع شرطا جزائيا في العقد الخاص بها، يتم دفعه حال اعتذارها عن العمل، وجاء ذلك لعلمها بما يمكن أن تكون عليه ردة فعل والدها، وسبقها حدسها الفني، وطلب منها والدها إلغاء تعاقدها فطالبته شركة الإنتاج بدفع قيمة الشرط الجزائي، فلم يكن أمامه إلا الرضوخ لرغبة ابنته. حققت نجاحا كبيرا في حقبة الخمسينات، بعد تجسدها لعدة أفلام ناجحة، منها لحن الخلود، وأمير الانتقام، وإني راحلة وغيرها من الأفلام التى اقترب عددها من 90 فيلمًا، والتي سطرت أسمها بجانب نجمات السينما في سماء الفن. تعتبر يسري فيلم "الأفوكاتو مديحة" من الأفلام القريبة إلى قلبها، نظرا لقرب الدور من شخصيتها التي تحمل شيئا كبير من النضال والثورية، بجانب أن القضية التي كان يتطرق لها الفيلم حيثُ كان يثني على دور المرأة في المجتمع وينادي بحقوقها في المساواة وحرية التعبير عن الرأي. رغم جمالها الذي تغزل فيه وعشقه الأديب الكبير والمفكر عباس محمود العقاد، وكتب عنه الصحف العالمية والفرنسية إلا أنها تعرضت للخيانة من أزواجها الخمسة، فلم تكن محظوظة في حياتها الزوجية، وظلت تنتقل من رجل وآخر بحثا عن الحب والحضن الدافئ والأمان حتى وجدته مع الممثل محمد فوزي، الذي قدمت معه أغلب أعمالها الفنية. مرت يسري بالعديد من الآلام، فآلام المرض التي نهشت في جسدها مبكرا، لم تؤلمها بحجم الآلم الذي ذاقته بعد فراق أبنها الوحيد عمرو من الفنان الراحل محمد فوزي في حادث سير، حيثُ اصيبت بانهيار عصبي حاد بعد سماعها الخبر، ولم تستطع تجاوز محنتها إلا بقراءة القرآن الكريم وحج بيت الله الحرام. لم تكن وفاة أبنها هي الصدمة الأولى في حياتها، فتعرضت لصدمات عديدة، فيمكننا أن نقول أنها "حمالة آسية"، كانت صدمتها الأولى بعد وفاة زوجها محمد فوزي رغم انفصالهما إلا أنها ظلت ترافقه في رحله مرضه. عاشت فتاة أحلام الشباب ظروفًا صعبة، بعد تأميم كل أملاكها وحسابها فى البنك فى فترة الستينيات، واضطرت لبيع مجوهراتها حتى تنفق على نفسها، وجعلت من مكتبها منزل تأوي فيه، بعد بيع منزلها. زارها المرض مبكرا، فأصيبت بهشاشة العظام في مرحلة من عمرها ونجت من الشلل بالعلاج بالخارج.