ولد الشاعر التشيكي ميروسلاف هولوب في 13 يبتمبر 1923، وهو واحد من الشعراء الكبار الذين تُرجمت أعمالهم إلى 30 لغة، ويحظى بشعبية هائلة، بخاصة في البلاد الناطقة بالإنجليزية. وعلى الرغم من أهميته الكبيرة، فإن هولوب يعد من الشعراء المجهولين في العالم العربي، ولا نكاد نجد ترجمة لأي عمل من أعماله، والتي بدأ نشرها عام 1958، لذا فقد قامت مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر بالقاهرة، بإصدار مختارات شعرية له بعنوان "أفكار موجزة عن الخرائط"، قام بترجمتها وتقديمها الشاعر والمترجم عبد الكريم كاصد. ويرى كاصد أن أهم ما يميّز شعر هولوب هو نزعته الإنسانية، واحتفاؤه بالأشياء العادية، واعتماده الواقعة سواء أكانت تاريخية أم يومية، علمية أم متخيلة لاكتناه ما هو أبعد من مظهرها الخارجيّ المألوف. وهو إذ يبتدع طريقته في التعامل مع الأشياء، فإنه يرسّخ في الوقت ذاته مفهومًا شعريًّا رحبًا اعتمده شعراء كبار في العالم في ثقافات شتّى على اختلاف مناحيهم الفكرية: جاك بريفير وجان فولان ويوجين غيلفك في الشعر الفرنسي، شيمس هيني وفيليب لاركن في الشعر الإنجليزي، سايفرت وهولان في الشعر التشيكي، هربرت زييغنييف وشمبورسكا في الشعر البولوني، مارين سوريسكو في الشعر الروماني، يانيس ريتسوس في الشعر اليوناني، وغيرهم في الشعر العالمي الذي شهد قرنه العشرون أهم الأصوات الشعرية في تاريخ الشعر. وتتكون المختارات من أقسام أربعة ضمّ الأول منها قصائده التي هي أقرب إلى الواقعة اليومية والتاريخية التي تتكشف عن جوهرٍ آخر مغاير لجوهرها الشائع المعروف، فيما ليس غلب على القسم الثاني طابع الحكاية الشعبية الذي ينعته الشاعر الإنجليزي تيد هيوز بالسريالية بمفهومها المجازيّ الواسع، لما تحتويه الحكاية الشعبية من مخيلة نادرة رغم مظهرها البسيط الذي يحتوي حكمتها. أما القسم الثالث فضمّ العديد من قصائده التي احتواها ديوانه الذي نقل إلى الإنجليزية بترجمتين تختلفان أحيانًا في الأسلوب والفهم في مواضع معينة وبعنوانين مختلفين أيضًا أحدهما: "على العكس" احتوى مجموعة من أشعار هولوب، والآخر:"ملاحظات عن حمامة من صلصال", وقد سبق أن نشرتُ ترجمة لبعضٍ من هذه القصائد في جريدة الحياة إثر رحيل الشاعر هولوب في الرابع عشر من يوليو سنة 1998 عن عمر يناهز الخامسة والسبعين. والقسم الرابع فقد احتوى عددًا من قصائده الواردة في آخر ديوان له مترجم إلى الإنجليزية بعنوان "هيجان" الذي غلبت عليه نبرة التشاؤم، كما ضم بعض قصائده التي انعكس فيها موقفه المعارض للسلطة وهي من قصائده المتأخرة قياسًا إلى مختاراته التي صدرت لأول مرة في اللغة الإنجليزية عن دار بنغوين، في أواخر الستينات. وبالإضافة إلى الشعر، كتب هولوب المقالات القصيرة في مختلف جوانب العلوم والبيولولجيا والطب؛ بخاصة علم المناعة، وقد نشرت بعض مقالاته تحت عنوان "بعد اللحظة الحاضرة" عام 1960، كما نشر هولوب كتابين حول زياراته للولايات المتحدة بعنوان "شبه ريبورتاج". ومن أجواء الديوان: سأندفع إلى واجهة الستارة حذرًا من تشابك خيوطي على المسرح سأهزّ أجراسي مرحًا، رافعًا قبّعتي وقبل أن يعرف محرّكو الدمى ما يحدث سأتكلم بصوتي تعرفون أنه صوتي الطالع من رأسي أوّل مرّة وآخر مرّة لأنهم سيعيدونني، فيما بعد، إلى الصندوق ملفوفًا بورق شفّاف سأقول ما أريد أن أقول من أجل أبديّة الغابة كلّها.