إصابتان إحداهما حرجة في قصف إسرائيلي على جنوب لبنان    تعرف على. المستبعدين من قائمة المنتخب في مواجهة الدنمارك بمونديال اليد للناشئين    أسوان تسجل 49 درجة لأول مرة في 2025.. موجة حر شديدة تضرب جنوب الصعيد غدًا    راغب علامة: مصر ولبنان في قلبي من جوا.. والفن والثقافة يربطان البلدين بروابط قوية    رئيس الأعلى للإعلام يكرم رائد الإعلام العربي فهمي عمر    أوبك تتوقع ارتفاع الطلب العالمي على النفط العام المقبل    منسقة الأمم المتحدة: إطلاق الاستراتيجية الوطنية للشباب يعكس اهتمام مصر بالرياضة كقوة ثقافية ومحرك للتنمية    دعم السيسي وإنشاء مصنع للتحصينات الأبرز.. رسائل رئيس أوغندا من قلب القاهرة    محافظ الجيزة ينعي وفاة الدكتور علي المصيلحي وزير التموين والتجارة الداخلية السابق    ما نتائج تمديد ترامب الهدنة التجارية مع الصين لمدة 90 يوما أخرى؟    الأمم المتحدة تدعو إسرائيل للسماح بدخول الصحفيين الدوليين لغزة دون عوائق    فرنسا توقف تأشيرات حراس أمن شركة العال الإسرائيلية    وزير التعليم العالي يفتتح المجمع الطبي لمؤسسة "تعليم" بمحافظة بني سويف    إقبال كبير على تذاكر مباراة ريال مدريد أمام تيرول    الحسيني وهدان يتوج بذهبية الكونغ فو في دورة الألعاب العالمية    وسام أبو علي يستعد للسفر إلى أمريكا خلال أيام.. والأهلي يترقب تحويل الدُفعة الأولى    رئيس جامعة أسيوط يستقبل محافظ الإقليم لتهنئته باستمرار توليه مهام منصبه    ضبط سائق لحيازته 53 ألف لتر سولار بدون مستندات تمهيدًا لبيعها بالسوق السوداء في الأقصر    بعد قليل.. مؤتمر الهيئة الوطنية لإعلان النتيجة الرسمية لانتخابات الشيوخ    غدا.. المسرح يحتفي بعيد وفاء النيل في مكتبة القاهرة الكبرى والهناجر    جنات تتحدث عن تصدرها التريند ب "ألوم على مين"    رامي صبري وروبي يجتمعان في حفل واحد بالساحل الشمالي (تفاصيل)    ما الحكمة من ابتلاء الله لعباده؟.. داعية إسلامي يُجيب    الشيخ رمضان عبدالمعز: قبل أن تطلب من الله افعل مثلما فعل إبراهيم عليه السلام    محافظ البحر الأحمر يبحث شكاوى المواطنين بالتأمين الصحي في الغردقة ويوجه بسرعة حلها    وكيل صحة الإسماعيلية تُفاجئ وحدة أبو صوير البلد لمتابعة إنتظام سير العمل وتحيل المقصرين للتحقيق    طريقة عمل البصارة على أصولها بخطوات سهلة وأرخص غداء    كريستيانو رونالدو يطلب الزواج من جورجينا رسميًا    محافظ الفيوم يُكرّم السيدة «مبروكة» لحصولها على شهادة محو الأمية    اتحاد الكرة الإسباني يرفع الضغوط عن حكام الليجا بقرار خاص    «طبيعي يزعل ولكن».. شوبير يعلق على أنباء مفاوضات بيراميدز مع الشناوي    غدًا.. قطع المياه عن مدينة أشمون في المنوفية 8 ساعات    «مصيلحي» و«المصيلحي».. قصة وزيرين جمعهما الاسم والمنصب وعام الموت    وزيرة التخطيط تشارك في إطلاق الاستراتيجية الوطنية للشباب والرياضة 2025-2030    كريستال بالاس يهاجم يويفا بعد حرمانه من الدوري الأوروبي    الطقس غدا.. موجة شديدة الحرارة وأمطار تصل لحد السيول والعظمى 41 درجة    حجز نظر استئناف المتهم بقتل مالك قهوة أسوان على حكم إعدامه للقرار    خصم يصل ل25% على إصدارات دار الكتب بمعرض رأس البر للكتاب    وكيل وزارة الصحة بالدقهلية يحيل المدير الإداري لمستشفى الجلدية والجذام للتحقيق    كامل الوزير: عمل على مدار الساعة لتحقيق مستوى نظافة متميز بالقطارات والمحطات    «تعليم كفر الشيخ» تعلن النزول بسن القبول برياض الأطفال ل3 سنوات ونصف    الرئيس السيسي يستقبل اليوم نظيره الأوغندي لبحث تعزيز العلاقات الثنائية    12 أغسطس 2025.. أسعار الأسماك في سوق العبور للجملة اليوم    الجمعة.. فرقة واما تحيي حفلا غنائيا في رأس الحكمة بالساحل الشمالي    محافظ الجيزة يترأس اجتماع اللجنة التيسيرية لمشروع تطوير منطقة الكيت كات    الأمم المتحدة: أكثر من 100 طفل يموتون جوعا في غزة    الدقهلية تبدأ مهرجان جمصة الصيفي الأول 2025 للترويج للسياحة وجذب الاستثمار    مصرع طفل غرقا في ترعة باروط ببني سويف    الداخلية تضبط تيك توكر يرسم على أجساد السيدات بصورة خادشة للحياء    وزير الصحة يبحث مع المرشحة لمنصب سفيرة مصر لدى السويد ولاتفيا التعاون الصحى    رسميًا.. باريس سان جيرمان يتعاقد مع مدافع بورنموث    وزير الصحة يبحث مع مدير الأكاديمية الوطنية للتدريب تعزيز البرامج التدريبية    هل يجب قضاء الصلوات الفائتة خلال الحيض؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    أمين الفتوى: "المعاشرة بالمعروف" قيمة إسلامية جامعة تشمل كل العلاقات الإنسانية    الليلة.. قصور الثقافة تطلق فعاليات المسرح المتنقل بقرية الشواشنة في الفيوم    تنطلق الخميس.. مواعيد مباريات الجولة الثانية من بطولة الدوري المصري    العظمي 38.. طقس شديد الحرارة ورطوبة مرتفعة في شمال سيناء    مواقيت الصلاة في أسوان اليوم الثلاثاء 12أغسطس 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ناصر رسخ لاحتكار الخطاب السياسى (1-2)
عبد اللطيف: أبوية السادات قناع لاستبداد الحاكم
نشر في الوفد يوم 25 - 02 - 2012

الدكتور عماد عبد اللطيف، واحد من نقاد الأدب الذين اقتحموا مجال تحليل الخطاب السياسي من منظور لغوي، فقد حصل على الدكتوراه في مجال تحليل الخطاب السياسي.
وخلال الأيام الأخيرة أصدرت الهيئة المصرية العامة للكتاب مؤلفا جديدا لعبد اللطيف بعنوان: "استراتيجيات الإقناع والتأثير في الخطاب السياسي، خطب السادات نموذجا"، وحول الخطاب السياسي ودروه وطرائق تحليله كان ل"بوابة الوفد" معه هذا الحوار.
منذ بداية كتابك واتخذت موقفا من نظام يوليو واتهمته بقطع عملية التواصل السياسي بين السلطة والجماهير، في حين ثمة رؤية تقول بأن الفترة كانت فترة حراك وتواصل سياسي.. فما رأيكم؟
لا خلاف على أن الفترة من 1956 حتى 1967 كانت فترة حراك سياسي ثري، لكن من المؤكد أيضًا أن هذه الفترة ترسخ فيها مبدأ احتكار المؤسسة الرئاسية للخطاب السياسي الجماهيري، وحجب كل القوى السياسية المعارضة عن التواصل مع الجماهير.
لقد شهدت فترة الأربعينيات على وجه التحديد تنوع القوى السياسية التي تستطيع التواصل مع كل المصريين في كل مكان تقريبًا، كانت هناك الأحزاب العديدة وعلى رأسها الوفد، وقوى اليسار بتنوعاتها، وقوى الجماعات الإسلامية على اختلافها أيضًا، بالإضافة إلى القصر الملكي.
لكن نظام يوليو جاء ليؤمم الخطابة السياسية، ويحتكرها لنفسه، وأي شخص كان يسعى لتدعيم علاقاته بالجماهير كان نصيبه هو التنحية أو الإيذاء، حتى لو كان جزءًا من النظام ذاته.
خطابيا.. ما مؤشرات انقلاب السادات على نظام يوليو؟
من الضروري في البداية التأكيد على أن نظام السادات حافظ على هيكل النظام الناصري من حيث العلاقة بين الحاكم والمحكومين؛ فقد استمر شكل الاستبداد السياسي لمؤسسة الرئاسة، وطغيانها على المؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية أيضًا، وانعكس هذا على استمرار ملامح الخطاب الاستبدادي، الذي يقدم مصالحه الخاصة بوصفها مصالح الوطن، ويتهم كل من يعارضه أو يخالفه بأنه يعمل ضد مصلحة البلاد.
لكن خطاب السادات اختلف عن خطاب عبد الناصر إلى حد كبير في مضامينه وطرق الإقناع التي استخدمها وفي أسلوب أدائه.
فمن حيث المضامين انحاز السادات محليًا إلى الرأسمالية التي تتغنى بالديمقراطية والانفتاح وحرية الرأي، على الرغم من الفجوة العميقة بين ما كان يقوله وما كان يُمارسه على أرض الواقع، في مقابل انحياز عبد الناصر إلى الاشتراكية التي تتغنى بالعدالة الاجتماعية ومحاربة الاستغلال والسيطرة الخارجية. ودوليًا انحاز السادات إلى خطاب يداعب الغرب الأوروبي وأمريكا وإسرائيل تحديدًا، ويرسخ لعلاقات شراكة وتبعية لهذه الدول، في مقابل خطاب شديد العدائية للدول العربية، خاصة ما كان يُعرف بدول الرفض.
وذلك في مقابل انحياز عبد الناصر لأفكار القومية العربية، والوحدة العربية، وإلى علاقات عداء وصراع مع الدول الاستعمارية والصهيونية؛ من حيث أساليب الإقناع اعتمد السادات على ذخيرة من التراث القروي والشعبي، واستخدم لغة الفلاحين في القرى وطرقهم في الحكي.
كما وظف بشكل ناجح النصوص الدينية لوأد أية معارضة له، وتشويه أية مخالفة لمواقفه أو اختياراته، عن طريق تقديمها على أنها أفكار "ملحدة"، أو "كافرة".
هذه الطريقة كانت شديدة الفعالية في الشرائح غير المتعلمة من المصريين ممن لا يدركون الفرق بين الإيمان والكفر بوصفه علاقة شخصية بين الإنسان وربه، والمعارضة السياسية بوصفها حقا لكل مواطن.
ما الدوافع التي سعت بالسادات إلى تبني خطاب "الدولة الرعوية"؟ وهل كان يسعى إلى الانقضاض على أركان الدولة الحديثة؟
أتحفظ على مصطلح "الحكم الرعوي"، فنظام السادات تجسيد للحكم الأبوي الذي يحاول الحاكم فيه صياغة العلاقة بينه وبين المحكومين على أساس علاقة الأب بأبنائه في المجتمعات السلطوية، التي يسيطر فيها الأب ليس على ما يمتلكه الابن فحسب بل على إرادته أيضًا.
لقد شاع في خطاب السادات استخدامه لتعبيرات رب العائلة المصرية وكبير الأسرة وغيرها من التعبيرات التي استخدمت ببراعة لتحويل الرئيس إلى حاكم مستبد متوحش يحكم مدى الحياة.
فالأبناء والبنات – خاصة في المجتمع الريفي الذي كان السادات يمجده عن قصد- لا يجوز لهم أبدًا أن يعترضوا على أبيهم، أو يخالفونه أو يعارضونه في العلن، وليس أمامهم إلا السمع والطاعة، وإن خالفوه أو عارضوه تحولوا إلى أبناء عاقين، يحق له البطش بهم والتبرؤ منهم وحرمانهم كلية من حقوقهم.
وتحت ستار وهم الرئيس الأب قام السادات طوال فترة حكمه بالبطش بمعارضيه، إما بإقصائهم عن وظائفهم، أو بإجبارهم على الرحيل إلى المنفى، أو بتشويههم معنويًا، أو بوضعهم في السجون والمعتقلات.
وليس من المستغرب أن السادات في خطبة 5 سبتمبر 1981 التي ألقاها بعد أن اعتقل خيرة عقول مصر ورموزها بداية من أساتذة الجامعة والعلماء والأدباء وصولا إلى كبار رجال الدين المسلمين والمسيحيين، قدم نفسه طوال الخطبة على أنه أب العائلة المصرية، وأن الأب يحتاج إلى الحزم مع أبنائه حتى يحقق السلامة للأسرة؟ وبالطبع فإن اعتقال كل المعارضين والزج بهم في المعتقلات دون تهمة أو محاكمة، هو أبعد ما يكون عن حزم الأب.
إضافة إلى أن الأبوة علاقة أبدية لا يمكن فكها أو التخلص منها، ولا ننسى أن السادات في ذروة تأكيده على أنه كبير عائلة مصر وأب المصريين غيَّر الدستور لكي يستمر رئيسًا مدى الحياة. وباختصار فإن الحاكم الذي يقدم نفسه بوصفه أبًا للشعب، يسعى تحت ستار هذا الادعاء الكاذب إلى استعباد الشعب، وقهره، وإلى الاستبداد بالسلطة والتنكيل بكل من يعارضه أو يخالفه.
ما العوامل التي دفعت بالشعب إلى قبول هذه الخطابات رغم أن مصر كانت بدأت تمر في مرحلة التحول الاجتماعي منذ 1952؟
هناك عوامل اقتصادية وأخرى معرفية وثالثة خطابية؛ لقد عانى المصريون بشدة من الحروب المتواصلة التي خاضتها مصر، وفي السنوات الأخيرة بخاصة من حكم السادات تزايدت معدلات الفقر.
فالكثير من أسر الطبقة المتوسطة التي كانت تعيش مستورة أيام عبد الناصر نفسها وجدت نفسها في فقر مدقع في أيام السادات بسبب الارتفاع الجنوني في الأسعار، وظهور طبقة الانفتاحيين أو القطط السمان التي امتصت خيرات البلاد، ووضعتها في بطونها.
والفقر يجعل المرء غير مشغول إلا بتوفير لقمة العيش, كما أن المجتمع المصري كان -ولا يزال- يعاني من معدلات أمية مخزية.
وعادة ما يكون الأميون أكثر عرضة للتأثر بالخطاب السياسي الرسمي، الذي يصل إليهم عن طريق التليفزيون والإذاعة، وهي أدوات ترويض الشعوب في تلك الفترة. وأخيرًا فإن خطاب السادات كان بارعًا بشدة في تقديم وعود المستقبل، فكان يروج طوال الوقت لحلم الرفاهية (وظيفة وسيارة وفيلا لكل مواطن)، وكان المصريون يصدقون! يقول لهم اربطوا الحزام لمدة عام، فيربطوا، وقبل أن ينتهي العام يطلب منهم أن ينتظروا عامين آخرين.. فيصبروا. والأعوام لا تنتهي، لكن الصبر أيضًا لا ينفد. وعنق الزجاجة التي كان يبشرهم طول الوقت بقرب الخروج منه يتحول إلى نفق بلا نهاية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.