يعتبر تكتل الكوميسا اكبر التكتلات الاقتصادية الافريقية والذى انشىء عام 1994، ويضم فى عضويته 20 دولة افريقية يبلغ عدد سكانها اكثر من 400 مليون نسمة وحجم تجارته يفوق 200مليار دولار ، ويهدف التكتل الى الوصول الى سوق مشتركة فى النهاية عن طريق تخفيض الرسوم الجمركية بشكل متدرج مبتداً بمنطقة تجارة حرة والوصول الى تكامل اقتصادى ذو توجه خارجى ، مع التخطيط لانشاء اتحاد نقدى مشترك وعملة واحدة عام 2025 ، عن طريق عدة اجراءات منها تحرير حركة راس المال والاستثمارات وتعظيم دور القطاع الخاص فى التجارة والاستثمار وخلق وسط ملائم لنمو المجتمع لكى يستثمر وينتج بكفاءة ، وتبنى مفهوم التوجه السوقى والرأسمالية السوقية ما يتيح للقطاع الخاص سلع تنافسية عالية الجودة والتاكيد على القطاعات التحويلية والزراعية ذات القيمة المضافة بالاضافة الى اهداف تطوير العلوم والتكنولوجيا وتحقيق السلام والامن والاستقرار للدول الاعضاء وانشاء محكمة عدل تحكم فى المنازعات والخلافات بين الدول الاعضاء ، وتضم مجموعة الكوميساCOMESA"" دول جنوب وشرق افريقيا وكلمة الكوميسا هى اختصار The Common Market for Eastern and Southern of Africa ويعتبر التكتل اكبر التكتلات الافريقية ومنافساً لغيره من التكتلات الافريقية وخاصة مجموعة " الساداك " التى تتزعمها جنوب افريقيا ، كما ان التكتل يضم كل دول حوض النيل مما يضفى له اهمية خاصة واستيراتيجية لمصر لتوضيد علاقتها مع هذه الدول للمحافظة على امتداد المياه من دول المنبع او التى يمر عليها حتى تصل لمصر، وكذلك يضم دولا عربية مثل جيبوتى والسودان والصومال ، مما يعنى تعدد الموارد والامكانات والثروات بالتكتل بالاضافة الى تعدد الثقافات والاعراق ..... كل ذلك يعطى للتكتل قوة ويتيح له امكانية النهوض لان يصبح قوة افريقية لها القدرة على التفاوض مع العالم خاصة فى مجال التجارة الخارجية وفى ظروف معاصرة اهمها اتفاقية التجارة والتعريفة الجمركية التى سوف تجعل العالم سوقاً مفتوحاً للجميع وتدعم حرية حركة الصادرات والواردات ورؤوس الاموال وتعزيز حقوق الملكية والاختراعات ونقل التكنولوجيا . وقد انضمت مصر للتكتل واصبحت عضوا كاملا فى 29/ 6 / 1998 وبعد مرور اكثر من تسع سنوات من انضمام مصر لتكتل الكوميسا يتضح انخفاض المكاسب والاهداف المرجوة من هذا الانضمام ويتبين ذلك فى انخفاض حجم الصادرات المصرية لدول التكتل ويرجع ذلك لعدة عوامل اهمها : مشاكل النقل والشحن وارتفاع المخاطرة وعدم الاستقرار السياسى فى كثير من دول التكتل ومشاكل تتعلق بالعملة المحلية للدول الاعضاء ، الا انه كان واضحا زيادة واردات مصر لكثير من السلع وخصوصاً من المواد الاولية وذلك لانخفاض سعر استيرادها عن نظيره العالمى مما يحقق مكاسب من فرق الاسعار لمصر ويعتبر عدم توافر المعلومات والبيانات عن الاسواق الافريقية وتامين التجارة المصرية مع الدول الافريقية معوقا كبيرا امام المصدرين ، وفى ضوء هذا الانخفاض الا ان هناك مكاسب تحققت من انضمام مصر للتكتل منها على سبيل المثال : تفعيل وتعزيز العلاقات المصرية مع دول حوض النيل حيث ان جميع دول حوض النيل اعضاء بالتكتل - تسهيل دخول شركات الادوية المصرية ودخول الفنيين والخبراء فى المجال الزراعى للعمل فى دول التكتل . نجد ان هناك مجموعة من الحاصلات التى تتمتع بميزة نسبية مصرية فى التصدير لدول التكتل ومنها البصل والبطاطس والارز والبرتقال ومجموعة من السلع الصناعية الوسيطة مثل اطارات السيارات والغزل والجلود وغيرها ،وتعتبر معظم دول التكتل دولا استيرادية للمواد الغذائية خصوصا الدول ذات الكثافة السكانية المرتفعة كاثيوبيا وكينيا واوغندا ويمكن تعزيز الصادرات المصرية اليها ، كما اننا نستطيع تصدير التكنولوجيا الحديثة فى مجال الاتصالات والمجالات العلمية ومكونات الكمبيوتر واقامة الطرق والمواصلات وغيرها وتستطيع مصر فقط بعلاقاتها التاريخية تحسين وزيادة قدرتها التصديرية ومنافسة الدول الاخرى كالصين وبريطانيا واسرائيل والولايات المتحدة والهند وجنوب افريقيا ،كما تستطيع مصر استيراد العديد من المنتجات وخاصة الخام حيث تتمتع هذه المنتجات باسعار نسبية منخفضة عن نظيرتها العالمية وخصوصا ان هذه الدول مليئة بالمواد الخام التى لاتوجد فى دول اخرى فمثلا يمكن استيراد الشاى والبن والتبغ من كينيا واثيوبيا والكاكاو من زيمبابوى والماس والذهب من رواندا وبوروندى . واذا كانت اسواق الاتحاد الاوروبى اكثر استقراراً اقتصادياً وسياسياً مما ينعكس على تفضيل هذه الاسواق لدى كثير من المصدرين الا ان هذه الاسواق تتطلب جودة فائقة للسلع التى تصدر اليها وتشترط وضع مواصفات قياسية معينة لا تقل عن نظيرتها للسلع المستوردة من دول اخرى غير مصر ، والشاهد على ذلك صعوبة دخول صفقات البطاطس لبعض دول اوروبا مثل فرنسا ، نتيجة وجود العفن البنى اوصفقات البصل الجاف رغم اعتراف الاوروبيين ان البصل المصرى يمتاز عن غيره بوجود المواد الحريفة لكنهم يفضلون عليه البصل المستورد من الدول الاخرى داخل الاتحاد الاوروبى طبقا للاتفاقيات الداخلية للاتحاد الاوروبى، ويفتح ابواب التصدير للحاصلات المصرية فى فترات معينة لا يكون فيها منتجات مماثلة فى دول باللاتحاد كما ان هناك حصص معينة للاستيراد من مصر وان كانت هناك جهود لاجتيازها ولم تستطيع مصر تجاوز حدود الحصص لعدم قدرة المنتجات المصرية على اجتياز المواصفات القياسية وكذلك بالنسبة للارز ، يفضل الاتحاد الاوروبى الارز الاسيوى عن نظيره المصرى . وبالنظر الى اسواق الكوميسا فهى اسواق متواجدة بمعنى لا تتطلب مواصفات معينة حيث ما يهم المستهلك فى تلك الاسواق السعر وان يكون ملائما مع دخله وذوقه وبالتالى نسطيع تصدير اى كمية طالما تتناسب مع هذين العاملين بالاضافة الى قدرة المنتجات المصرية منافسة نظيرتها من دول الصين واوروبا والهند وامريكا بالسوق الافريقى ، واذ نظرنا الى تجربة دولة فى السوق الافريقى هى الصين نجد انها تتبع سياسة الاغراق وانتاج سلع مخصصة تتفق مع الدخل والذوق فى تلك الدول باقامة مكاتب لقياس اذواق المستهلك ومتطلباته اى الانتاج من اجله ولا تستطيع دول اخرى منافسة السلع الصينية نتيجة انخفاض اسعارها لما تتمتع به من وفورات الانتاج الكثيف ولذلك تتحكم فى السعر الافريقى وتطرد بقية الدول منه . خلاصة القول : ان التركيز على اسواق دول الكوميسا افضل من الاسواق الاوروبية نتيجة استمرارية السوق وامكانية تصدير ما يمكن لنا تصديره بديلا عن المواصفات المعقدة التى تشترطها دول الاتحاد الاوروبى ويمكن ذلك عن طريق تأمين الحكومة المصرية لصفقات القطاع الخاص الى دول التكتل واقامة جسر بحرى او خطوط طيران والتركيز على بعض المدن الافريقية مثل كمبالا لتكن مخزنا للسلع المصرية تنطلق منها لبقية الدول او ان تقوم شركات حكومية بشراء المنتجات الزراعية المصرية باسعار معقولة ثم تتولى تصديرها للتكتل مما يحقق مكاسب للمزارعين المصريين وتحقيق فائض سعر لهذه الشركات مما ينعكس ايضاً على زيادة الانتاج والتشغيل والدخل .