منذو فترة انشأت بورصة حبوب فى اثيوبيا بمساعدة بعض الدول والهيئات الغير حكومية والمنظمات اليهودية الامريكية والاسرائيلية ، لتكون مركزا تجاريا افريقيا وسحب مركز التجارة من الشرق الاوسط وخاصة من مصر ،مع الرغم ان معظم الدول الافريقية مستوردة للحبوب من الخارج ،وقامت بعض الجهات اليهودية غير الحكومية وخاصة منظمة الاراضى اليهودية بتأجيرملايين الافدنة بنظام الانتفاع او التأجير لفترات طويلة ربما تصل الى مائة عام فى العديد من الدول الافريقية خاصة اثيوبيا وجنوب السودان وبالاتجاه الى دول الشمال الشرقى الافريقية وذلك فى تخطيط للمستقبل بعد التقارير التى افادت بتناقص الاراضى الزراعية عالميا ،وحدوث تناقص وعدم استقرار فى الكميات المعروضة عالميا من الحبوب خاصة القمح والذرة فى الدول الرئيسية مثل روسيا واوكرانيا واستراليا ، كما انه سوف تتعامل تلك البورصة التى تسمى ب" ECX" فى بعض المنتجات الزراعية الاخرى والتى تتميز فيها الدول الافريقية بميزة نسبية وتنافسية عالمية وتحتكر انتاجها لانها تزرع فقط فى تلك الدول نظرا لمتطلبات ظروف جوية معينة مثل " البن والشاى والتبغ والكاكو " . بلغ حجم تعاملات تلك البورصة تجاريا فى العام السابق نحو المليار دولار ، ومن المتوقع ان تقفز حجم تعاملاتها فى السنوات القادمة ،حيث الاتجاه العالمى سوف يكون التركيز على افريقيا لامتلاكها الاراضى الزراعية والمياة والعمالة ،وينقصها فقط الاموال التى يقوم عليها تلك المشروعات ،ويعتبر تغلغل اسرائيل والمنظمات اليهودية فى تلك الدول خطير بالنسبة لمصر والدول العربية حيث تسعى الى الاستيلاء على مساحات ضخمة من الاراضى والتحكم فى السلع الغذائية والمحاصيل الرئيسية ، والتى يعتمد على استيرادها لسد العجز فى الطلب عليها ،وعدم امكانية زيادة الانتاج لمحدودية المساحة والمياة بما يتلائم مع زيادة السكان . واذا كانت مصر ومنطقة الشرق الاوسط لا تنتج الحبوب للتصدير فهذا لا يمنع انشاء تلك البورصة ، حيث ان وظيفة البورصة تحديد الاسعار ومحطة للتجارة ، على غرار بورصة الدواجن والاسماك فى مصر ، وتفيد فى محاولة تحديد السعر وفقا للعرض والطلب ، وايضا توفير المعلومات التسويقية عن الكميات المنتجة والمستهلكة فى الدول والتنبؤ باحتياجاتها مستقبلا والدخول الى السوق الافريقى والعالمى حيث تتمتع مصر بعوامل افضل بكثير من اثيوبيا مثل الموقع الذى يربط بين القارات ومعبر لسير حركة التجارة وامكانية انشاء قواعد بيانات ،علاوة على امتلاك مصر للعقول التى تستطيع التخطيط وتنشيط تلك البورصة لتحظى بسمعه عالمية ،كما ان مصر لديها قدرات عالية فى مجال الاتصالات تفوق غيرها ، ولديها استقرار سياسيى عن الدول الافريقية ،،عوامل كثيرة سوف تكون السبيل لنجاح تلك البورصة اذا توفرت لدى مصر النية فى انشائها للاستفادة من مميزاتها العديدة ، وانشاء تلك البورصة لا يكلف كثيرا للدولة ، -" وهناك تجارب دولية يمكن الاستفادة منها مثل تركيا واليونان" - لكن يحتاج للتخطيط والتعاون مع الدول الافريقية بشكل يحقق مصالح مصر ومصالح تلك الدول . ان السوق الحر والنظام العالمى الجديد واتفاقية التجارة العالمية عوامل سوف لا تجعل اى دولة تفكر فى الانغلاق او الاكتفاء الذاتى بالاسلوب القديم يفيد اقتصادها او توفير احتياجات شعبها، لان المنافسة وفقا للمزايا النسبية والتنافسية للسلع المنتجة هى التى سوف تكون العامل الرئيسى فى الانتاج والا سوف تصبح الدولة مستورده وينعكس ذلك على الميزان التجارى للدولة والاقتصاد الكلى فى النهاية ، ولمواكبة النظام العالمى الجديد يتطلب تطوير الادارة واستخدام التقنية الحديثة فى الانتاج لتقليل التكاليف وتحسين الجودة وتوفير المعلومات وتسهيل حركة التجارة وعقد الصفقات والدعاية الدولية وفتح الاسواق والانتاج من اجل التصدير وفقا لمتطلبات السوق العالمى ..وتنشيط الصادرات ليس بالاموال وانما باتاحة الفرص وفتح الاسواق التجارية وعقد اتفاقيات مع الدول الافريقية خاصة حيث ان تلك الدول لا تتطلب مواصفات جودة عالية مثل الدول الاوروبية والعربية ،وبالتالى تستطيع مصر وبجهد قليل ان يكون لها حصة فى تلك الاسواق خاصة فى بعض المحاصيل والمنتجات مثل البصل والبطاطس والبرتقال والارز وبعض السلع النصف مصنعة . كما ان للتمثيل التجارى المصرى دور كبير فى تنشيط التجارة بين مصر والدول الافريقية ، واستحداث اسلوب جديد يتمشى مع الظروف الحالية وتغيير نظرة مصر لتلك الدول بان تلك الدول هى التى تحتاج مساعدة مصر ، والحقيقة ان مصر فى اشد مساعدة تلك الدول ، والتى تعتبر كنزا حيث تستفيد مصر من استيراد السلع والمواد الاولية باسعار اقل من الاسعارالعالمية ، وتصدير بعض المنتجات سوف يوفر لها اموالا ضخما فى النهاية افضل بكثير من التركيز على الدول الاوروبية او بالسير فلى الاتجاهين وعدم تجاهل السوق الافريقى ، ويساعد مصر فى ذلك انها عضوا فى منظمة الكوميسا وبعض المنظمات الافريقية ، والتى يمكن ان تزيد فاعليتها فى الفترة القادمة ، وينعكس ايضا على قضية المياة والتعامل مع دول حوض النيل . . يجب علينا ان نستفيد من تجارب بعض الدول فى افريقيا مثل الصين والهند واسرائيل وجنوب افريقيا ، ومحاولة الدخول الى هذه الاسواق مرة اخرى وفقا لاستراتيجيات وخطط جديدة تتوافق مع النظام العالمى الجديد ولاستفادة المتبادلة بين الدول وهى اساس قيام التجارة ، وانشاء بورصة فى مصر سوف يساعد كثيرا فى هذا الاتجاه .