اعترف ان قضية مصر الاولي الان هي الاستقرار السياسي وانتخابات الرئاسة ووضع الدستور.. ولكن هناك قضايا «أيضاً» خطيرة.. لو عالجناها الان لن تتكلف كثيراً.. أما إن تأخرنا فسوف تتكلف عشرات الاضعاف.. من تلك القضايا ما يتعرض له ميناء دمياط الان، حتي لا نفاجأ ذات صباح بأن الميناء قد اغلقته الرمال، والطمي وعجزت السفن عن دخوله.. رغم أن الميناء الوحيد في مصر علي البحرين الأحمر والمتوسط الذي لا تغلقه العواصف البحرية لانه انشيء داخل البر المصري.. وقلنا أمس إننا حياري، بين تشغيل كراكات تعيد المجري الملاحي وحوض السفن إلي عمقه التصميمي وهو 15 متراً.. وبين تطويره وتعميقه إلي عمق 18 متراً ليستوعب سفن الحاويات العملاقة القادمة أي الجيل الجديد من هذه السفن.. ونعترف أن مصر وهيئة ميناء دمياط فكرت في مشروع عملاق حتي يستقبل الميناء الجيل الجديد من سفن الحاويات.. وفي عام 2005 تقدمت 3 عروض لهذا الغرض وتم اختيار عرض شركة ديبكو الكويتية.. وتم التعاقد مع هذه الشركة في العام التالي ومنحها امتيازاً بنظام B.O.T ولكن مكتباً استشارياً كبيراً رأي أن التصميمات المقدمة من الشركة مخالفة للكود المصري فعدلت الشركة من التصميمات وبدأ العمل طبقاً لدراسة الجدوي.. وكان عرض الحوض 325 متراً اقترحت الشركة تخفيضه إلي 280 متراً لتوفير التكاليف ورأت اللجنة المصرية ان هذا يشكل خطورة علي عمليات تراكي السفن وللحقيقة رفض وزير النقل - وقتها - محمد منصور هذا التخفيض .. واستمرت الشركة في العمل علي اساس العرض القديم حتي 25٪ من حجم الأعمال. وكان مقرراً ان تنتهي هذه الاعمال وتفتتح أمام الملاحة يوم 7 يناير 2009.. ولكن الشركة تعثرت. فقد كانت زيادة العمق إلي 18 متراً يترتب عليها زيادة الاطماء من مليون ونصف مليون متر مكعب إلي ثلاثة ملايين متر.. وهذا يعني اننا ننشيء ميناء جديداً داخل الميناء.. وتوقف العمل.. هناك من يقول إنه توقف لاسباب مالية أي أن الشركة والمشروع تعثرا مالياً.. ذلك أن المشروع تمت ترسيته علي الشركة بمبلغ 170 مليون دولار.. لرفع 20 مليون متر مكعب.. كما ان ارصفة الحاويات تتكلف 800 مليون جنيه بما فيها تكاليف الستائر المعدنية. وكان المشروع يتضمن تعميق الميناء لعمق يتناسب مع 17 متراً للحوض و18 متراً للممر الملاحي وهذا كله كان يصل بالتكاليف إلي ملياري جنيه.. واحتارت هيئة الميناء.. هل تفسخ عقدها مع شركة ديبكو فتذهب الشركة إلي التحكيم الدولي وهذا يعرض مصر إلي عقوبات مالية كبيرة.. أو تذهب هيئة الميناء إلي مجلس الوزراء.. وهل الوقت ملائم لذلك ومصر تبحث عن لقمة العيش؟. وشركة ديبكو «دمياط الدولية للموانئ» تسهم فيها عدة توكيلات ملاحية عالمية و25٪ منها ملك شركة كي جي إل و5٪ تملكها هيئة ميناء دمياط وعندي تقسيم رأس مال الشركة بالتفصيل.. وكان هذا المشروع يستوعب 4 ملايين حاوية سنوياً وتم توقيع بروتوكول - أيامها - مع الدكتور فتحي البرادعي محافظ دمياط لأنه كان سيوفر ما بين 2000 و3000 فرصة عمل أمام الدمايطة.. وتم وضع العراقيل أمام شركة ديبكو، رغم أن تشوينات معدات محطة الحاويات موجودة وتم صرف 230 مليون دولار عليها كما أن كل معدات المحطة أوقفت منذ 3 سنوات وكل المعدات مشونة داخل الموقع وتم ايقاف اجراءات القرض. ونقول صراحة ان التكاليف كانت في بدايتها تصل إلي 680 مليون دولار وكانت تعطي عائداً يصل إلي 11٪ ونصف٪ الان اذا اعيد العمل فسوف تصل التكاليف إلي 1200 مليون دولار.. وهذا يخفض العائد إلي 5٪ فقط فمن يوافق علي ذلك؟! فهل هناك من له مصلحة في ايقاف العمل الكبير للمشروع الجديد لشركة ديبكو.. نقول مصلحة مالية في استمرار نظام التكريك الحالي أي التطهير البطيء الحالي وحسابات ما يتم رفعه من طمي ورمال من قاع الميناء.. سؤال يحتاج إلي اجابات سريعة. ولكن ما هو المفروض عمله الان قبل ان يفقد الميناء سمعته كأكبر ميناء للحاويات في شرق البحر المتوسط. المفروض الآن هو الاسراع في عمليات رفع جزء من قاع الميناء التي تشكل خطورة علي السفن، تم التعاقد مع كراكات عالمية للوصول إلي عمق الاساس وهو 15 متراً و14،5 متر في منطقة دوران السفن سواء بكراكات «الكاتر» أو كراكات «الهوبر» وأن تعرف كم ترفع الكراكة يومياً من الصباح إلي الغروب وهي عملية تتكلف بين 50 الفاً و100 الف جنيه يومياً. أما القضية الاخري فهل العقد الذي انشئت عليه ميناء شرق التفريعة.. وكان لصالح الثلاثي: محمد منصور وابراهيم كامل واحمد المغربي أي عقد تشوبه الشفافية وجاء لمصلحة الذين أفسدوا الحياة السياسية في مصر.. وهذا موضوع مقالنا القادم..