فى 11 فبراير العام الماضى أسقط الشعب مبارك ورجاله وأركان نظامه، وفى الذكرى الأولى للسقوط وتحديداً فى 11 فبراير الحالى أسقط الشعب المرجفين والمخربين والمتربصين بمصر.. مصر الوطن.. مصر البلد.. مصر المحروسة بعناية الله. سقط المتربصون وخاب ظنهم وارتد كيدهم إلى نحورهم.. وسجل المصريون يوماً جديداً فى سجل التاريخ.. يوماً كانوا فيه عند مستوى المسئولية.. يوماً صانوا فيه الأرض والعرض، وفرقوا فيه بين دعوة الحق ودعوة الباطل، أثبت الشعب المصرى أنه أذكى شعوب العالم.. لم يتوقف الأمر على قيامه بثورة سلمية أذهلت العالم،وذلك عندما خرج أكثر من «12» مليون مصرى فى ميادين المحافظات، ليسقطوا ديكتاتوراً استمر30 عاماً فى الحكم. ولا على خروجه للتصويت فى الانتخابات البرلمانية بنسبة حضور لم تحدث فى أعرق الدول الديمقراطية، ولكن توج ذلك برفضه لدعاوى العصيان المدنى التى كانت تستهدف تحقيق ثلاثية الشر: إسقاط الجيش وإسقاط الدولة.. واجهاض الانتخابات.. تحدى الشعب العصيان أو بمعنى أدق كما قالت صحيفة «الوفد» فى المانشيت الرئيسى لها: الشعب أعلن العصيان على العصيان. خرج المصريون جميعاً السبت الماضى الى مواقع العمل ولم تسجل أى هيئة أو مؤسسة أو منشأة حالة اضراب واحدة، ولم يسمع أحد عن أى إضراب أو اعتصام أو عصيان مدنى.. الأغرب من ذلك أن عدداً كبيراً من أفراد الشعب قطع إجازته «إجازة السبت» ونزل الى عمله متحدياً الدعاوى المشبوهة.. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل قام عمال مصر بتعليق لافتات على جدران المصانع والمؤسسات نددوا فيها بالعصيان و الداعين إليه. وعندما خرج أحد الداعين الى الاعتصام بتصريح يقول فيه إن العصيان ثلاثة أيام من السبت الى الاثنين، رأيت زحاماً فى القاهرة والجيزة يومى الأحد والاثنين لم يحدث من قبل.. ولأول مرة أفرح بالزحام فى شوارع المحروسة.. ولأول مرة ينتابنى الهدوء وأنا فى طريقي الى مقر الجريدة بالدقى رغم أن الزحام فاق كل التصورات.. وكان من توفيق الله أن أبرز الداعين للعصيان هو نفسه الذى دعا منذ أيام الى الاعتراف بحق الشواذ فى الحياة على أرض مصر والتمتع بكافة حقوقهم!! لقد استشعر المصريون الخطر خاصة عندما انكشفت خيوط المؤامرة ابتداء بتطبيق التمويل الأجنبى المشبوه وانتهاء بشريط الفيديو الذى ظهر فيه كبير المخربين وهو يشرف بنفسه على خطة تدمير المطارات والسكك الحديدية ومهاجمة مبنى وزارة الدفاع. إنها ملحمة شارك فيها المصريون على اختلاق طوائفهم ونجحوا فى حماية وطنهم الغالى.. فقد تحمل أئمة المساجد المسئولية وكانت خطبة الجمعة دعوة لوأد الفتنة واسقاط المخربين والحفاظ على الوطن.. وتوحدت رؤية الأزهر والكنيسة.. وانتفضت الأحزاب الكبرى الحرية والعدالة والنور السلفى والوفد، وارتفع صوت الدعاة خاصة الشيخ محمد حسان الذى طالب بقطع الإجازة والنزول الى مواقع العمل فى هذا اليوم حتى ينكشف أمر دعاة العصيان ونضعهم فى حجمهم الطبيعى وقد كان. وسقط معظم مرشحى الرئاسة الذين نافقوا دعاة العصيان ظناً منهم بأن لهم ثقلاً أو وزناً.. ولكن خاب ظنهم وسقطوا سقوطاً مدوياً.. وسقط الإعلام المشبوه الذى نفخ فى الكير واحترق بشظايا النيران. وسقط حاكم قطر بعد أن تنبه الشعب للسموم التى يبثها سواء فى قناته التى خصصها لمصر أو فى صحيفته اليومية التى يمولها لحساب أسياده.. كل هذا انكشف، وأقول لإعلام الشيخة موزة ماذا تقولون فى الأمير الذى انقلب على والده وأطاح به من الحكم.. ولماذا لا تفتحون هذا الملف.. على أية حال لقد انتصرت ثورتنا وأصبح عندنا برلمان منتخب وغداً سيكون عندنا رئيس منتخب وحكومة منتخبة وسنتفرغ بعدها لمساندة إخواننا فى قطر لاسترداد حريتهم والإطاحة بالديكتاتور الجاثم على صدورهم منذ زمن طويل. وسقط المذيع الذى كان يلهف 9 ملايين جنيه فى العام الواحد من التليفزيون المصرى أيام حسنى مبارك وكانت كل موهبته أنه يجيد اللعب على الحبال وتغطية أخبار الراقصات.. سقط هذا المذيع وضيوفه خاصة صاحب روايات الشذوذ الذى أصبح روائياً عالمياً. لقد تجلت الحقيقة فى هذا اليوم.. وسقطت الأقنعة.. وسقط المرجفون.. ووضعهم الشعب فى حجمهم الطبيعى.. كانوا أصغاراً.. أفراداً لا يتعدون العشرات.. وكان الشعب بالملايين هو البطل.. ذلك الشعب الذى سار خلف أحزابه ونوابه وعلمائه وانتصر لصوت الحكمة والعقل واستطاع أن يرد كيد المتربصين ويحمى الوطن الغالى من كل مكروه وسوء.