«اللهم اكفنى شر المرض» دعاء توارثناه خوفاً من المرض، ومع ارتفاع الاسعار قام بعض الأطباء بربط أسعار الكشوفات بعياداتهم بارتفاع سعر الدولار، فأصبح الدعاء «اللهم اكفنى شر الأطباء، أما المرض فأنت رحيم بى». والسبب ارتفاع أسعار «الفيزيتا» الى نار تحرق جيوب المرضى كما يكوى المرض أجسادهم، حيث وصلت أسعار «الفيزيتا» بالعيادات الخاصة لنحو 2500 جنيه.. وربما ألف دولار فى بعض العيادات للمرضى العرب. كما ان بعض الاطباء يرفضون اجراء التحاليل الطبية خارج عياداتهم.. وهو ما دعا الدكتور أحمد عماد، وزير الصحة، الى وضع أسعار استرشادية لقيمة كشف الأطباء في العيادات والمستشفيات الخاصة بما يضمن حقوق المريض والطبيب وعدم استغلال حاجته للشفاء. وأصدر «عماد» قرارا وزاريا رقم 543 لسنة 2016 بتشكيل لجنة لتحديد قيمة أسعار الخدمات التى تقدمها المنشآت الطبية، وتختص هذه اللجنة بتحديد أجور الخدمات الطبية داخل المستشفيات والعيادات الخاصة، حيث يتم مناقشة وضع تسعيرة إجبارية للكشوف الطبية «الفيزيتا» لأكثر من 250 ألف طبيب في 90 ألف منشأة طبية خاصة، رافضين إقرار «الفيزيتا» دون الرجوع للجهة الخاصة بالأطباء. من جانبها، أعلنت نقابة الأطباء أنها تلقت العديد من الشكاوى الخاصة بارتفاع أسعار الكشوفات الخاصة وهو ما جعل مجلسها يقرر تشكيل لجنة لوضع حدين أقصى وأدنى لسعر الكشف. الغريب ان هناك قانونا يحمى المرضى ويحفظ حقوقهم وهو قانون نقابة الأطباء رقم 45 والذى ينص فى مادته ال 46 والخاصة بتنظيم تقدير الأتعاب على أن يضع مجلس النقابة جدولاً بالحد الأقصى للأتعاب التي يتقاضاها الأطباء فى حالات الاستشارة والعلاج والعمليات الجراحية، على أن يعتمد هذا الجدول من وزير الصحة. المقترح واجه الكثير من الاعتراضات من جانب الأطباء، معللين رفضهم بارتفاع أسعار الأدوية والمستلزمات الطبية.. لكنه لاقي ترحيباً شديداً من المرضي الذين عبروا عن استيائهم لما وصلت إليه ضمائر الأطباء بعد الأخطاء الطبية المتكررة.. فنجدهم يستغلون حاجة المرضي إلي الشفاء، خصوصاً ان كثيرا من المرضي تقدموا بشكاوي إلي نقابة الأطباء من ارتفاع أسعار الكشوفات وأسعار العمليات الجراحية. «الوفد» حاورت الطرف المغلوب علي أمره في الأزمة وهم المواطنون لتستمع إلي شكاواهم من أسعار الأطباء والذين كشفوا انهم يدفعون مبالغ طائلة طلباً للعلاج بعد تدهور مستشفيات الحكومة. معاناة المرضي سحر عبدالمنعم، ربة منزل، تؤكد ل«الوفد» ان أسعار الكشف لدي بعض الأطباء مرتفعة جداً، مضيفة انها أصيبت بارتخاء في الصمام الأورطي بالقلب وذهبت لأحد الأطباء المشهورين وهو أستاذ أمراض القلب وعيادته بمنطقة باب اللوق، وكان سعر الكشف 500 جنيه وبعد أن أنهي الكشف أخبرها بأنها ليست مصابة بشىء رغم تأكيد كثير من الأطباء إصابتها بالمرض وينبغي التدخل الجراحي السريع.. وفي النهاية دفعت ثمن «كشف» مبالغا فيه ولم تحصل علي علاج. أما حازم حافظ فيحكي معاناته مع أطباء الجهاز الهضمي قائلاً: «أعاني من ألم في القولون وذهبت للعديد من الأطباء ولكن أشهرهم كان طبيبا بحي العجوزة ولديه مركز مكون من طابقين، الأول للتحاليل الطبية والآخر للكشف.. وحينما قمت بالحجز كان موعد حضوري للكشف بعد شهر.. وعندما حان الموعد وبدأ الكشف أخبرني انه عليّ القيام بتحاليل طبية منها فيروس «سي» وغدة درقية وأخبرته أنني أتبع التأمين الصحي ويمكنني إجراء تلك الفحوصات للحصول علي تخفيض فأخبرني انه لا يثق في التحاليل الخارجية وأن عليّ أن أجريها داخل العيادة للحصول علي نتائج دقيقة، الغريب ان سعر الكشف 700 جنيه بالإضافة إلي مبلغ 1000 جنيه تحاليل طبية. أما فرحات سيف فيروى مأساته مع الأطباء قائلاً: «هناك طبيب متخصص فى جراحة المخ والاعصاب بمنطقة مصر القديمة يرفع أسعاره كل عام، حيث كان يتقاضى كشفا بقيمة 300 جنيه منذ عامين والآن سعر الكشف 450 جنيها.. والأهم انه قام بإجراء جراحة تسليك للأوعية الدموية في فقرات الرقبة لزوجتى العام الماضى بقيمة 50 ألف جنيه، وهذا العام رفع سعر العملية الى 70 ألف جنيه». أسعار خيالية محمود فؤاد، رئيس مركز الحق في الدواء، قال إن هذا المقترح نادينا به منذ سنوات منذ حكومة حاتم الجبلى، فمصر لديها 115 ألف عيادة.. واصرار الوزارة على اتخاذ ذلك المقترح وإدخاله حيز التنفيذ خطوة جيدة من جانب الوزارة.. ويمكن تحديد أسعار الكشف الطبي في العيادات الخاصة وفقًا للمنطقة ودرجة الأستاذية، فنسبة القطاع الخاص للخدمات الصحية في مصر تصل لحوالي 66%. وأشار «فؤاد» الى أن بعض الاطباء يستغلون حاجة المريض الى طبيب ذى خبرة عالية، وهنا عندما نسأل الطبيب عن سبب ارتفاع سعر الكشف يتهرب بحجة انه لا يريد استقبال مرضى كثيرين بالعيادة. وأوضح انه على لجنة وزارة الصحة أن تحدد كشف «الممارس» وتضع له حدا أقصى.. ونفس الأمر مع الاستشاري الحاصل على الدكتوراه والأستاذ الجامعي، مؤكدًا أن الأمر قد يحتاج إلى وقت لتنفيذه، ولكنه اقتراح جيد يستحق العناء.. ويتساءل مدير مركز الحق فى الدواء، موضحاً ان الأطباء أصحاب الخبرات العالية دائماً ما يعلنون انهم لا يستغلون علمهم فى تحصيل مكاسب مادية من المرضى وعليهم أن يجيبوا: «هل قام أحد من أصحاب الفيزيتا المرتفعة بعقد ندوات ليستفيد الاطباء الصغار من علمهم، فهم يحصلون على تأشيرات للسفر للخارج لحضور مؤتمرات ودورات علمية لمعرفة أحدث طرق العلاج»؟ على محروس، رئيس إدارة العلاج الحر بوزارة الصحة، أكد ل«الوفد» ان مقترح تحديد قيمة الكشف مازال قيد المناقشة ويتضمن تحديد قيمة «الفيزيتا» للطبيب الممارس ب100 جنيه حداً أقصى و200 جنيه للإخصائى و400 جنيه للاستشارى الحاصل على الدكتوراه والاستشارى أستاذ الجامعة 600 جنيه الى جانب 10 جنيهات للمراكز التابعة للمساجد ولن يتم تطبيق أي منظومة دون مشاركة النقابة والجمعيات والكيانات الطبية. وأشار الى أن القطاع الطبى يحتاج الى رقابة وتنظيم، رافضاً إنكار تعرض المرضي للظلم ممن يدفعون ضعف ثمن الخدمة في القطاع الخاص بعد أن فقدوا الثقة فى القطاع الحكومى أو إذا كانوا غير قادرين على توفير نفقات العلاج.. ولذلك ليس أمامنا حل سوى تطبيق التسعيرة، ويتساءل: «هل هناك رقابة على باقى المهن كالمحاماة على سبيل المثال»؟