«على واحدة ونص» .. هذا هو المصطلح الأشهر في دنيا الرقص والراقصات .. أعرق فرق الرقص المصري ، ظهر بها نوع جديد من الرقص ، ليس له علاقة ، ب «الواحدة » ولا بال « نص».. الرقصة الجديدة من نصيب الفرقة القومية للفنون الشعبية ، وتعرض بنجاح كبير طوال السنوات التسع الأخيرة .. بطل الرقصة الجديدة هو نفسه المدير المالي والإداري للفرقة ، ويشاركه فيها كل مسئولي وزارة الثقافة، والغريب أن الرقصة لا يتم عرضها للجمهور ، ولكنها تتم خلف الكواليس! وهكذا جار الزمان على الفرقة الاستعراضية التي تكونت عام 1960 ،بقرار للدكتور ثروت عكاشة وزير الثقافة - في ذلك الوقت- بهدف تأصيل الرقصات الشعبية في كل ربوع مصر وتحولها إلى فن وتقديمه للعالم كله .. وعلى مدى 57 عاما قدمت الفرقة أعمالا فنية خالدة ..على رأس ما أبدعته رقصة المانبوطية ،التي ظلت الفرقة تعرضها لسنوات طويلة ،بناء على رغبة الجماهير ، ووصل الأمر لدرجة أن التليفزيون صورها في الستينيات أيام الأبيض والأسود وكانت من فقراته المكررة والمحببة للجمهور. من المانبوطية (رقصة الصيادين) إلى رقصة أم الخلول، ورقصة التنورة المستوحاة من الطقوس الصوفية ، ورقصة الغوازي الشهيرة بمدينة سناط بالدقهلية، ورقصة الحصان التي تجسد رقص الحصان العربي ، ورقصة الحجالة الشهيرة بمرسى مطروح و رقصة الدبكة السورية ورقصة الشمعدان الاندلسية والتي تسمى رقصة الهوانم لأنها كانت تقدم في القصور الملكية، إضافة إلى رقصات بنات قبلي ، والأنفوشي وحلاوة زمان ، والجيزاوي ، والطيارة .. وغيرها وغيرها .. وعلى مدى تاريخها ،نقلت فرقة الفنون الشعبية إبداعاتها إلى ما يزيد على 150 دولة ، استقبلت هذا الفن المصري بترحاب كبير ، ولهذا حصدت الفرقة عشرات الجوائز وشهادات التقدير ودروع التكريم ، من كل الدول التي عرضت فيها أعمالها. ولم تقدم الفرقة فنًا راقيًا أسعد مئات الملايين في كل دول العالم ،فقط ، ولكنها كانت جامعة فنية تخرج فيها فنانون برعوا في التمثيل ، من أشهرهم مشيرة إسماعيل وعايدة رياض ، وكلتاهما بدأت حياتها الفنية في الفرقة القومية للفنون الشعبية. فرقة بهذا التاريخ، وهذا العطاء الفني ، ويعمل بها 150 راقصًا وراقصة وكورال وعازفون وعمال ..تشهد حالة غريبة طوال العشر سنوات الأخيرة .. فبعد خلو منصب المشرف المالي والإداري للفرقة ، قرر رئيس الإدارة المركزية للبيت الفني للفنون الشعبية ، انتداب موظف من البيت الفني لتولى هذا المنصب ، وبعد فترة اكتشفوا أن المؤهلات العلمية للمشرف الجديد لا تتيح له تولي هذا المنصب ، فقرر إبعاده والبحث عن مشرف جديد.. ومرت شهور وهم يبحثون عن شخص مؤهل لتولي منصب مسئول مالي وإداري لإحدى أشهر فرقة فنية في الشرق الأوسط ، وانتهى البحث : «مفيش .. مفيش حد يصلح لتولي منصب المدير المالي والإداري للفرقة»! تقرر استمرار تكليف ذات الموظف الذي قالوا إن مؤهلاته لا تتيح له تولى المنصب ، ولكن التكليف هذه المرة كان مؤقتا ، ولحين اختيار مشرف جديد مستوفي شروط شغل المنصب .. والمفاجأة أن هذا كله حدث في عام 2009 .. وحتى الآن لا يزال المشرف المؤقت في منصبه ، ولا يزال مسئولو وزارة الثقافة يبحثون عن مشرف جديد للفرقة ! والكارثة أن المشرف المؤقت تورط مع آخرين في اختلاس سلفتين من المال العام ، وتمت إحالته والآخرين لنيابة عابدين ، وبعد التحقيقات وسماع الشهود وكل أطراف الواقعة، قال وكيل النيابة الذي تولى التحقيق « الاتهام ( يقصد اختلاس السلفتين) ثابت ثبوتا يقينيا كافيا لإحالتهم ( المتهمين ) للمحاكمة الجنائية» ، ولكن لأن المتهم الأول سدد المبالغ المختلسة، اكتفت النيابة بإحالة جميع المتهمين للجهة الإدارية التابعين لها لتوقيع الجزاء الإداري المناسب عليهم ، لإخلالهم بمقتضى الواجب الوظيفي ، وعدم محافظتهم على أموال الجهة التي يعملون بها ومخالفتهم القواعد والأحكام المنصوص عليها في القوانين واللوائح المالية » وبالفعل أحيل المتهمون للمحاكمة الإدارية وصدرت في حقهم قرارات بالخصم من رواتبهم ، تراوحت بين خصم 20 يومًا و3 أيام ، وكان نصيب المشرف المالي والإداري للفرقة القومية للفنون الشعبية خصم 8 أيام من راتبه. ورغم كل هذا لا يزال ذات المشرف المؤقت يتولى الشئون المالية والإدارية للفرقة!.. والعجيب أن هشام عطوة رئيس الإدارة المركزية للبيت الفني للفنون الشعبية أصدر قرارا في مايو قبل الماضي، بإبعاد المشرف المالي للفرقة، ولكن شيئا لم يحدث حتى الآن .. وما زال الرجل في منصبه يتحكم في كل صغيرة وكبيرة بإحدى أهم فرقة فنية في مصر !.. فهل عقمت وزارة الثقافة حتى لم يعد فيها من يصلح لتولى منصب يتولاه منذ حوالي 9 سنوات غير مؤهل له؟.. سؤال ننتظر إجابته من وزير الثقافة حلمي النمنم.