قضت الدائرة الأولى فحص بالمحكمة الإدارية العليا برفض الطعن المقام من شركة لاكتو ضد وزارة الصحة وبتأييد قرار وزير الصحة والسكان بحظر تداول واستخدام لبن الأطفال والرضع (بيبي زان 1) المنتج بمعرفة شركة لاكتو مصر لإنتاج الألبان وأغذية الأطفال وبتأييد قراره بإيقاف خط إنتاج لبن الأطفال, وبعدم قبول الطعن بالنسبة للتليفزيون المصرى ورئيس قطاع الأخبار به ورؤساء تحرير الوفد والجمهورية والأخبار وأخبار اليوم وأخبار الحوادث وصوت الأمة وروز اليوسف والأهرام. صدر الحكم برئاسة المستشار أحمد الشاذلى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى ومبروك حجاج نائبى رئيس مجلس الدولة. استند الحكم إلي (8) مبادئ، منها أن عدم قبول الطعن ضد التليفزيون والصحف وحرية الاعلام فى تنوير الرأى العام هي امتداد لحرية الشعب، حيث قالت المحكمة إن مبدأ حرية الاعلام واستقلاله بات من المبادئ الأساسية في الانظمة الديمقراطية الحديثة وهو يعني حق الشعب في أن يتابع مجريات الحوادث والافكار وتوجيهها بما يتفق وإرادته، فحرية الاعلام هي امتداد لحرية الشعب وهي تساهم بتأثير قوي في تكوين الرأي العام أو توجيهه، كما ان استقلال الاعلام بات ركناً جوهرياً في ظل تلك الانظمة الديمقراطية ويعتمد علي ما يقدمه الناس من آراء وأنباء وتدفق موثق للمعلومات ومن ثم يكون للإعلام دور خطير في التعبير عن الرأي العام وتكوينه وتوجيهه وذلك ليبسط الحقيقة امام الشعب وتبصيره بما يجري حوله، ولما كانت الصحف المذكورة والتليفزيون المصرى أدت دورها المنوط بها دستورياً في الرقابة الشعبية وتوجيه الرأى العام في أدق الرعاية الصحية بما يضمن صحة ملايين أطفال مصر, فمن ثم يغدو اختصامهم اختصاماً لغير ذي صفة فى إصدار القرارات الطعينة الأمر الذي يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى بالنسبة لهم لدورهم فى تنوير الرأى العام. وأشارت المحكمة إلى أن قانون الطفل استحدث مجموعة من القواعد لحماية أمنه الصحى ولا يجوز إضافة مواد ملونة أو حافظة إلى الأغذية والمستحضرات المخصصة لتغذية الرضع والأطفال إلا إذا كانت مطابقة للشروط: وشددت المحكمة على حظر الترويج لأي منتج له صلة بتغذية الرضع والأطفال من خلال إعطاء عينة أو أكثر مجانية من منتجة إلا بتصريح سابق من وزارة الصحة. وألزمت المحكمة المنشاَت الصحية الحكومية وغير الحكومية المعنية برعاية الأم والطفل بتطبيق آليات المستشفي صديقة الطفل الرضيع: وأوضحت المحكمة أن المشرع عنى بقدر كبير من تثقيف الأمهات اللاتى لديهن أطفال رضع فألزم المنشاَت الصحية الحكومية وغير الحكومية المعنية برعاية الأم والطفل بتطبيق آليات المستشفي صديقة الطفل الرضيع، وذلك بالالتزام بتطبيق الخطوات العشر لإنجاح الرضاعة الطبيعية والمدونة الدولية لقواعد تسويق بدائل لبن الأم، واستشهدت المحكمة بما استقر عليه المشرع بأن الأغذية تكون فاسدة أو تالفة، إذا تغير تركيبها أو خواصها الطبيعية من حيث طعمها أو رائحتها أو مظهرها نتيجة تحليلها كيماوياً أو ميكروبياً. وأفادت المحكمة بأن قانون الطفل حرص على دور الدولة لحماية التنشئة الصحية والنماء الصحي للأطفال هو حجر الزاوية لازدهار ورفاهة المجتمع. وذكرت المحكمة أن الثابت من أوراق الطعن أن وزارة الصحة تلقت في غضون شهر أكتوبر 2005 العديد من الشكاوى من ظهور أعراض مرضية على بعض الأطفال في عدة محافظات نتيجة لتناولهم لبن الأطفال (بيبي زان 1) الذي تنتجه شركة لاكتو مصر لإنتاج الألبان وأغذية الأطفال (الشركة التي يمثلها الطاعن بصفته) والاشتباه في فساده لتغير خواصه الطبيعية وظهور رائحة كريهة منه، فكلفت الوزارة لجان التفتيش والإدارة المركزية للشئون الصيدلية بالتفتيش على المصنع والصيدليات فتبين لها أن التشغيلات أرقام 169 و 172 و 173 و 174 و 175 و 177 و 188 و 191 و 192 غير مطابقة للمواصفات من حيث ما لحقها من رائحة الزناخة (التزنخ)، وبمتابعة الشكاوى وسحب عينات من مخزن الثبات وتحريزها للتحليل وسحب عينات من السوق المحلية وتحليلها بالمعامل المركزية لوزارة الصحة كانت النتيجة هي عدم المطابقة للمواصفات الطبيعية بظهور الرائحة الكريهة فتم التنبيه على المديريات باتخاذ الإجراءات المخزنية للتشغيلات محل الشكاوى مع إرجاعها للشركة المنتجة واستبدال عبوات صالحة بدلاً منها، وللتأكد من أسباب التزنخ بالعينات محل التحليل ومدى التزام المصنع بالإنتاج المطابق فقد قامت لجنة من إدارة تفتيش المصانع بالوزارة بتاريخ 23/10/2005 بالتفتيش على مصنع لاكتو مصر، فتبين للجنة مخالفة المصنع بعض قواعد التصنيع الجيد التي أدت إلى (عدم ثبات المستحضر) وتغير الرائحة ومنها – على نحو ما تضمنته تقاريرها المعملية. وخلصت المحكمة إلى أنه أصبح لزاماً على قاضى المشروعية أن يبصر المشرع بما كشفت عنه التطبيقات العملية للنصوص التشريعية وبحسبان أن مهمة المشرع تقف عن إصدار النص فيأتى دور القضاء فى توضيح مدى توافقها مع حياة المجتمع من عدمه, فقد تلاحظ للمحكمة التناقض بين أحكام قانون مراقبة الأغذية الصادر منذ خمسين عاماً وأحكام قانون الطفل ولائحته التنفيذية فيما يتعلق بالمستحضرات المضافة إلى منتجات الأطفال الرضع حال الإباحة أو الحظر بقيود مما يتعين على المشرع أن يعلى مفهوم قواعد نسخ النصوص التشريعية المتعارضة وصولاً لتوحيد الاحكام التى تنظم حقوق فئة الأطفال الرضع فى مصر وبما يتفق من الثورة الطبية الحديثة للكشف عن ميكروبات أو طفيليات من شأنها إحداث المرض بهؤلاء الأطفال الرضع الذين لا يملكون إلا حق الصراخ, كما تلاحظ للمحكمة كذلك تفاهة العقوبة وعدم فاعليتها فى المحيط الاجتماعى والمقررة لمخالفة حظر إضافة مواد ملونة أو حافظة أو أي إضافات غذائية إلى الأغذية والمستحضرات المخصصة لتغذية الرضع والأطفال دون أن تكون مطابقة للشروط المقررة قانوناً حتى تكون أغذية الأطفال وأوعيتها خالية من المواد الضارة بالصحة ومن الجراثيم المرضية وحظر تداول تلك الأغذية والمستحضرات أو الإعلان عنها بأي طريقة من طرق الإعلان, إلا بعد تسجيلها والحصول على ترخيص بتداولها وبطريقة الإعلان عنها من وزارة الصحة، حيث تمثلت العقوبة بالحبس لمدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تزيد علي ألفي جنيه أو بإحدي هاتين العقوبتين، إذ إنها عقوبة ضئيلة لا تتناسب مع حجم الجُرم الذى يرتكب في حق الأطفال الرضع وحماية الأمهات ولا تتفق مع غرض العقوبة العام أو الخاص.