يعتبر شهر رمضان محطة مهمة في حياة الإنسان، ليعيد فيه ترتيب أوراقه، ومراجعة سلوكه وتصرفاته، وذلك في إطار جو إيماني الذي يوجد داخل هذا الشهر الكريم، خصوصًا العشر الأواخر منه، وإذا ما قرر الصائم الاعتكاف فيها، لتحقيق الغاية المرجوة، فلابد له من فهم هذه العبادة، فقهًا وسلوكًا وتربية. الاعتكاف هو لزوم الإنسان المسجد من أجل التعبد، والتقرب إلى الله بأى نوع من أنواع العبادات مثل الذكر، وتلاوة القرآن، وتدبر معانيه، والصلاة، ويعتبر سنة مؤكدة لمواظبة النبى "صلى الله عليه وسلم" عليه فى العشر الأواخر، وفيه ليلة القدر، حيث أنزل فيها القرآن، فكان لابد أن يحث المسلمين على القيام والاعتكاف في العشر الأواخر لما بها من أجر كبير. آداب الاعتكاف استحضار النية الصالحة، واحتساب الأجر على الله. إدراك قيمة الحكمة من الاعتكاف، وهى الانقطاع للعبادة. عدم خروج المعتكف إلا للحاجة الضرورية. الحرص على الاستيقاظ من النوم قبل كل صلاة بوقت كافٍ، سواء كانت فريضة، أو أجل. الإكثار من النوافل حتى لا يمل المعتكف من الجلوس فى المسجد، والتنوع في العبادات بالتسبيح، والتهليل، والصلاة، وقراءة القرآن، والاستغفار. الاستعانة بكتب العلم في تفسير القرآن للمساعدة في تدبره. خفض الكلام، والنوم، للتفرغ إلى العبادة فى المسجد. الحرص على الطهارة طول الوقت. التحلى بالقيم الحميدة مثل الصبر، والتعاون، وتطبيق السنة. أهداف الاعتكاف تقوية علاقة العبد بربه. تعويض كل تقصير في السنوات الماضية. تربية النفس على الإخلاص لله تعالى وهجر الرياء. تعويد النفس على المحاسبة والمراقبة، فهو بالاعتكاف يحاسب نفسه على ما فرطت ويعيد مراجعة أعماله في عامه المنصرم، ويذكرها بالله تعالى، ويجدد العزم على المتابعة. تربية النفس على الذكر والقرآن والتسبيح والتهليل، لكي يجعل لنفسه وردًا منها فيما بعد. تعويد النفس على ترك القواطع والشواغل عن الله، من الدنيا والرفاق والأعمال وغير ذلك، حتى تتربى وتتعود على مفارقتها. ترك كثير من العادات السيئة كالتدخين والسهر على القنوات والتوسع في المأكل والمشرب. تعويد النفس على الصبر وتحمل الطاعات. التدريب على اغتنام الوقت واستثماره وعلى تنظيم الحياة. الخروج من ضوضاء الدنيا واسترخاء الجسم والنفس لتعود أنشط لدينها ودنياها. ثوابه مضاعفة ثواب الأعمال الصالحة في رمضان، وذلك مما يدفع المعتكف إلى الاجتهاد في عبادته وتذلله لربه، قال إبراهيمُ: تسبيحةٌ في رمضان خير من ألف تسبيحةٍ فيما سواه، والاعتكاف من أجلّ الأعمال في رمضان. اقتران الاعتكاف بقيام الليل وصلاة التراويح، وهو ثواب عظيم،حيث جاء في فضل قيام ليالي رمضان قوله صلى الله عليه وسلم: "من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه". متابعته بالصوم الواجب، وهو صوم الفريضة، وبالتالي يكون المعتكف أكثر قدرة على تحقيق أهدافه من الاعتكاف، المتعلقة بتحقيق العبودية، ثم محاربة الطعام والشراب، الكلام، الخلطة، المنام. الاعتكاف في العشر الأواخر كان كمن أدى حجتين وعمرتين، وروى البيهقي وضعفه عن الحسين بن علي رضي الله عنهما قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": "من اعتكف عشرًا في رمضان كان كحجتين وعمرتين". الاعتكاف يومًا ابتغاء وجه الله، حيث روى الطبراني والحاكم والبيهقي وضعفه عن ابن عباس قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من اعتكف يومًا ابتغاء وجه الله جعل الله بينه وبين النار ثلاثة خنادق أبعد مما بين الخافقين أى المشرق والمغرب". يغفر الله الذنوب والمعاصي، فعن عائشة رضى الله عنها، أن النبي "صلى الله عليه وسلم" قال: "من اعتكف إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه".