رأى الخبير في الجماعات الإسلامية الشيخ عمر بكري فستق السوري الأصل، بأن «الشعب السوري سيدفع الثمن غاليًا إذا تأخر الدعم الدولي» لأن «أنياب النظام حادة»، مشيرًا إلى أن ما من مواجهة حقيقية بين طرفين في سوريا وإنما المواجهة تقوم بها «آلة عسكرية مدمرة وشبيحة النظام في مقابل أناس يتظاهرون». ونوه فستق في حوار مع الوطن بالمبادرة العربية، معتبرًا أن سقوط الأسد مقدمة لسقوط نظامه، «وما إن «تفرط» أسرة الأسد تكر السبحة وتفرط كل حباتها الواحدة تلو الأخرى»، وقال إن «مجرد سقوط بشار الأسد أو مجرد خروجه من البلاد انتصار للثورة السلمية في سوريا». وعلى صعيد متصل بالمبادرة العربية، رأى فستق أن «عدم احتجاج روسيا على قرار جامعة الدول العربية يدل على أنها قد وافقت من حيث المبدأ على خروج أسرة الأسد من الحكم على أن تحفظ مصالحها في سوريا»، مشيرًا في هذا الإطار إلى أن «إغراءات اقتصادية كبيرة قدمت لها». من جهة أخرى، قال فستق إن بعض كوادر المعارضة السورية الموجودة في لبنان «تستفز النظام السوري وتحاول استدراجه إلى شمال لبنان لتخفيض الضغط عن أهلها في سوريا»، ولفت إلى أنه في حال تطورت المواجهات في سوريا فإن الدعم المالي الذي تقدمه القوى السلفية في لبنان للمعارضين السوريين «قد يتحول إلى دعم عسكري مباشر ويصبح شمال لبنان منطلقا لعمليات عسكرية». وفي ما يلي نص الحوار: رفضت دمشق بشكل قاطع مبادرة جامعة الدول العربية في حين أن عددًا من الدول الأوروبية تلقفها. فهل تعتقد أن هذه المبادرة ستقر في مجلس الأمن؟ - لا شك أن هناك محاولات جادة من أجل حل الأزمة السورية، وتحت غطاء رفع الظلم عن الشعب السوري المقهور تتحرك دول العالم خاصة أميركا وأوروبا، ولكن في نفس الوقت هناك هواجس لدى الكثير من المسلمين من التدخل الأوروبي والأميركي في المنطقة من زاوية شرعية، لأن الإسلام يحرم تدخل القوات الأجنبية أو دخول قوات أجنبية إلى بلاد المسلمين، ولكن قراءاتي هي أن الشعب المسلم المقهور في بلاد الشام عامة وفي سوريا خاصة اصبح على استعداد لقبول فكرة دخول قوات أجنبية ولو كانت صليبية على أن ترفع الظلم الواقع عليه كما حصل في ليبيا. فالشعب الليبي وصل إلى مرحلة كان على استعداد فيها لتقبل تدخل قوات حلف «الناتو» من اجل التخلص من ظلم القذافي، وهذا الأمر تستغله دول الغرب، وللأسف لا يزال بشار الأسد يتمسك بالحكم مع أسرته على حساب البلد وعلى حساب الشعب. النظام والمعارضة وسياسة عض الأصابع هناك من يعتبر أن قرار جامعة الدول العربية الأخير يضاعف حماسة النظام السوري والمعارضة للعنف. ماذا تقرأ من جهتك في هذا القرار؟ - لا شك بأن قرار جامعة الدول العربية يضاعف قضية تمسك كل من الطرفين بموقفه، ونحن الآن أمام سياسة عض الأصابع من قبل الطرفين. النظام السوري لن يتواني عن استخدام العنف بل إنه سيزداد عنفًا كأنه يلفظ الرمق الأخير، وكذلك الثورة ستستمر تحت شعار أنها ثورة سلمية في رفض استعمال العنف تحت باب نيل دعم كامل من المجتمع الغربي، وفي نفس الوقت التيار الجهادي سواء كان تنظيم «القاعدة» أو السلفية الجهادية يرى أن عليه أن يتأنى وألا يتدخل في هذا الوضع، ولن يتدخل قبل أن يرى أن الفرصة أصبحت مؤاتية ومناسبة، وعندما يسمع التيار الجهادي من تنظيم «قاعدة» وسلفية أن المجتمع الدولي سيتدخل وسيحل المشكلة بالطريقة اليمنية أو بالطريقة السلمية عندئذ لا يتدخل، والتيار الجهادي يعتبر أن هذه المرحلة هي استراحة محارب، وان عليه أن يكتفي بالتفرج وجمع الغنائم، غنائم إطلاق سراحه من السجون، وغنائم جمع الأموال وإيجاد حاضنة جهادية له، وغنائم إيجاد مواقع متقدمة له. تقول إن الوضع الراهن هو عبارة عن عملية عض أصابع. إذا لم يحصل أي تدخل خارجي في سوريا من سيعض أصابعه أولا؟ النظام أم المعارضة؟ -لا شك بأن النظام أنيابه حادة وشديدة وقوية، وستدفع المعارضة الثمن غاليا لناحية ارتفاع عدد القتلى. ففي سوريا ما من مواجهة حقيقة بين طرفين وإنما المواجهة هي من آلة عسكرية مدمرة وشبيحة النظام السوري في مقابل أناس يتظاهرون، وفي النهاية سيدفع الشعب السوري ثمنا غاليا إذا تأخر الدعم الدولي. سقوط آل الأسد مقدمة لسقوط النظام بحسب المبادرة العربية يجب على الرئيس السوري بشار الأسد التنازل عن صلاحياته لنائبه، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو هل يستطيع الشعب السوري الانتقال إلى المستقبل الذي يريد إذا تنازل الرئيس الأسد عن السلطة؟ وهل الأسد هو العقبة الرئيسية؟ - أنا أظن أنها بداية، بحيث إن سقوط بشار الأسد وأسرته يمثّل الحل الأول الذي قد يُستتبع بحلول أخرى. فبمجرد أن يقتل صدام حسين ويقتل القذافي أو ينفى الرئيس السوري، يعتبر الشعب السوري أنه قد حقق الانتصار الذي يريد لأن القضية ارتبطت بشخصه وارتبط العنف كله بأسرته، ولذلك ما إن «تفرط» هذه الأسرة تكر السبحة وتفرط كل حباتها الواحدة بعد الأخرى. فاليوم بدأت أسرة الأسد ثم بعدها النظام البعثي وبعدها تتحول القضية إلى شعب يحكم، وهذا كله يصب في مصلحة الشعب بحيث يرتفع عنه الظلم والاستبداد ويشعر بأن الأمور قد عادت إلى مجراها الطبيعي، وأنا أظن أن مجرد سقط بشار الأسد أو خروجه من البلاد انتصار للثورة السلمية في سوريا. أي ترى أن سقوط الرئيس بشار الأسد مقدمة لسقوط أركان نظامه؟ - لا شك أن سقوط بشار الأسد معناه أن حزب «البعث» سينتهي في سوريا، وهنا تجدر الإشارة إلى أن أسرة الأسد أسرة ذكية لأنها ورثت الطائفة العلوية بالدماء، كما أن ثلثي الطائفة العلوية متورطة بدماء أهل السنة، وهذا أسلوب كان يستخدمه الأسد، ولا نجد أسرة علوية إلا ولها في دماء السوريين السنة إما ابنة خطفوها وتزوجوها بالغصب عن أهلها أو أن هناك مالاً قد أخذ، أو أن شخصًا قد قتل، وهذا معروف. فأسرة الأسد قد ورطت الطائفة العلوية، ومخرج هذه الطائفة الوحيد الآن هو تحويل كل نقمة أهل السنة على آل الأسد. روسيا في موقف لا تحسد عليه موقف روسيا من المبادرة العربية الأخيرة اتسم بالتضارب بحيث أن وزارة الخارجية الروسية أكدت ثبات موقفها في حين أن ميخائيل مارجيلوف المبعوث الخاص للرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف إلى إفريقيا قال إنه ليس بوسع روسيا فعل المزيد. هل فتحت موسكو الباب أمام تغيير الموقف الروسي تجاه سوريا أم أنها تناور؟ - أنا أعتقد بأن روسيا الآن أصبحت في موقف لا تحسد عليه. فقد استطاعت أميركا وأوروبا عن طريق جامعة الدول العربية أن تروض روسيا بحيث لم يعد بمقدور الأخيرة التدخل في سوريا، ثم أن هناك إغراءات اقتصادية كبيرة قدمت لها، وهذه كلها تجعلها تسعى الآن لحفظ ماء وجهها، وهي في نهاية المطاف خسرت كثيرا بسبب مواقفها المتعنتة في دعم النظام السوري، وأظنها الآن ستحاول إصلاح الموقف بعملية اعتدال في قرارها تقول فيه للنظام الأسدي قد فعلنا الكثير وعليك الآن أن تتخلى عن الحكم، وعدم احتجاج روسيا على قرار جامعة الدول العربية يدل على أنها قد وافقت من حيث المبدأ على خروج أسرة الأسد من الحكم على أن تحفظ مصالحها في سوريا. دعمنا المالي سيصبح عسكريا من المعلوم أنكم كسلفيين في شمال لبنان وأكثر تحديدًا في طرابلس وفي وادي خالد ناصرتم الثورة السورية منذ بداياتها. فما هي وسائل الدعم لمناهضي النظام في سوريا انطلاقا من الشمال اللبناني؟ -لا شك بأن الدعم الذي قدم من قبل أهل السنة عامة ومن قبل التيار السلفي خاصة في شمال لبنان هو دعم لا يتجاوز الدعم الإنساني من خلال إيجاد مأوى للاجئين وتأمين الطعام والشراب لهم ودعمهم بالمال، وهناك أيضًا من قدّم اكثر من هذا، ولكن إذا تطورت المواجهات في سوريا فإن الدعم المالي قد يتحول إلى دعم عسكري مباشر، ويصبح شمال لبنان منطلقا لعمليات عسكرية تنطلق فيها المعارضة السلفية وقد يناصرها الكثير من أبناء الحركة السلفية لقتال النظام السوري فيما لو دخل إلى لبنان، وطبعا المعارضة السورية تستفز النظام السوري وتحاول استدراجه إلى شمال لبنان. فمن الواضح أن بعض كوادر المعارضة السورية في شمال لبنان تحاول استفزاز النظام السوري واستدراجه إلى لبنان لتخفيض الضغط عن أهلها في سوريا، كما أن المعارضة السورية في شمال لبنان تستدرج الحركة الإسلامية السنية في شمال لبنان إلى مواجهة، وهذه المواجهة ستؤدي حكما إلى تدويل القضية، والتدويل يرى فيه الأجنبي فرصة مناسبة للتدخل بالسلاح ضد النظام السوري. المعارضة السورية تأمل بمنطقة عازلة في شمال لبنان ولكن هذا اعتراف بأن هناك منطقة عازلة في شمال لبنان؟ - نعم. المعارضة السورية تعتبر شمال لبنان منطقة آمنة لوجودها وأن كانت هناك بعض الضغوط من قبل الأجهزة الأمنية اللبنانية ومن قبل الجيش اللبناني بسبب العلاقات اللبنانية – السورية التي تعود إلى كون الحكومة القائمة هي حكومة محايدة وليست مناصرة للشعب السوري كما كان ينبغي على حكومة لبنان أن تناصر الشعب السوري. لبنان يعتبر منطقة آمنة وقد يتحول شمال لبنان إلى منطقة عازلة، ولكن حاليا المعارضة السورية تريد منطقة عازلة ليس في لبنان بل في ارض سوريا لأنها إذا استطعت أن تحصل على منطقة معزولة من التدخل السوري تستطيع أن تتحرك فيها سلميًا أمام المجتمع الدولي لتسمعه أن الأكثرية الساحقة في سوريا تريد إسقاط الأسد ونظامه. ألم تصبح المنطقة العازلة أمرًا واقعًا في وادي خالد؟ - هذا ربما من آمال المعارضة السورية ولكن في الحقيقة لم تصبح بعد منطقة عازلة لأن سيطرة الجيش اللبناني وقوى الأمن اللبنانية وموقف لبنان المؤيد للنظام السوري وان كان يعتبر نفسه محايدا تمنع ذلك. هل من شيء تود إضافته؟ - أتمنى على النظام السوري وعلى أسرة الأسد على وجه التحديد أن تأخذ هذه المبادرة كمخرج للخروج من عنق الزجاجة لأنه الآن قد تم محاصرة سوريا النظام وسوريا الأسد كما هو حاصر سوريا الشعب. نقلا عن صحيفة الوطن القطرية