أكد خبراء ودبلوماسيون أن حل الأزمة الراهنة بين الدول التي قررت قطع العلاقات السياسية والدبلوماسية مع قطر وعلى رأسها مصر والإمارات والسعودية والبحرين يتعلق بمدى توافر الشروط والضمانات والثقة لما يتم الاتفاق عليه حال الجلوس على مائدة مفاوضات لإعادة الأمور إلى نصابها. واسترجع المراقبون عدم التزام قطر بما تم الاتفاق عليه في الرياض عام 2014 بشأن موقفها من دعم واستضافة العناصر الإرهابية، ومشاركتها في خلخلة الأمن العربي للدول، مطالبين بحتمية وجود ضمانان حقيقية وآليات لتنفيذ ذلك، في الوقت الذي أكدوا فيه أن الأمر لا يتعلق برحيل تميم بن حمد، بقدر تغيير السياسات القطرية تجاه الدول العربية. وعلق عمرو موسى، المرشح الرئاسي السابق وأمين عام جامعة الدول العربية الأسبق على مستقبل الأزمة، مشيراً إلى أن هناك أموراً تدعو للتأمل في الوقت الذي يتشكل فيه تحالف خليجي عربي أمريكى لحصار السياسة الإقليمية الإيرانية، يتعرض مجلس التعاون لأزمة جد خطيرة، إلى جانب أمر آخر وهو إنقاذ مجلس التعاون يأخذ اولوية لحظية عَلى ما عداه وتنتظر سياسة احتواء إيران إعادة الصف الخليجى وشروطه- بحسب قوله. وقال موسى في بيان رسمي نصاً «محتمل في ظل تلك التطورات أن يعاد النظر في بعض مفردات سياسة الاحتواء وربما بعض نتائج زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب..أقله في اُسلوب تنفيذها»، مستكملاً «اذا فشلت محاولات الوساطة التي لن تتوقف سوف نشهد استقطاباً حاداً في منطقة الخليج سوف تؤثر في فعالية التعاون الخليجي وسياسة الاحتواء». واستكمل موسى «نجاح هذه المحاولات يعني قبول قطر العودة إلى الاصطفاف والتوافق مع أسس السياسة السعودية الاقليمية ومع قيادتها، ربما مع تعديلات طفيفة، ويعنى كذلك قبول قطر لبعض التغيير لسياستها إزاء الإخوان وإزاء ايران قد يكون معظمه شكلياً». وعن مصر تحديداً، قال موسى «يبقي الوضع مع مصر، الدولة العربية الرئيسية غير الخليجية التى اتخذت إجراءات إزاء قطر بالتزامن مع قرارات دول الخليج الثلاث ولها وضعها الخاص، وأرى أن أى نجاح وساطة حاليا أو فيما بعد يجب أن يكون ضمن شروطه أخذ المشاغل المصرية بالاعتبار؛ هذا ضروري لاستمرار تفهم مصر وتأييدها سياسة الاحتواء». واختتم موسى «أعتقد أن نجاح أي وساطة ستتبعه وساطة مع مصر، خاصة إذا أدت إلى التزام قطري بشأن الإخوان ومصالح المصريين بقطر وسياستها الليبية، وقد يكون هذا صعبا تصور حدوثه الآن، ولكن للسياسة دروبها واحتمالاتها. من الضروري التحسب والتوقع والتحوط وحسن الإعداد والاستعداد». وقال الدكتور سعيد اللاوندي، أستاذ العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية إن الأيام القادمة من المقرر أن تشهد تدخلات ووساطة لحل الأزمة الراهنة، مشيراً إلى أن دولة الكويت الشقيقة تلعب هذا الدور منذ الساعات الأولى لقطع العلاقات مع قطر من قبل الدول المقاطعة لها بقيادة مصر والإمارات والسعودية والبحرين والدول الأخرى. وأضاف «اللاوندي» في تصريحاته ل«الوفد» أن أزمة الوساطة الحالية تتمثل في عدم الثقة من قبل الدول المقاطعة في نظام الحكم القطري الحالي بقيادة تميم بن حمد، حيث الشك في إمكانية تنفيذه لما يتم الاتفاق عليه في تخليه عن دعم الإرهاب والسعي لخلخلة أمن الدول العربية. وذكر «اللاوندي» بأن قطر لم تلتزم في عام 2014 باتفاقيات وتعهدات تم الاتفاق عليها في هذا الشأن، قائلاً «الأمر يتعلق بسؤالين: هل يلتزم تميم بما سيتم الاتفاق عليه، وهل تصدقه الدول المقاطعة بعد تخليه عن عهود سابقة؟!». واختتم «اللاوندي» حديثه بأن الأزمة الحالية ستستغرق مزيداً من الوقت، معللاً ذلك بأن طبيعة الأزمات العربية أنها تستغرق وقتاً طويلاً وقد تصل إلى سنوات، لأنها لم تنشأ إلا بعد نفاد الصبر، ومن ثم يستغرق الحل جهوداً كبيرة- بحسب قوله. وقال السفير محمد حجازي، مساعد وزير الخارجية الأسبق وخبير العلاقات الدولية إن عدم التزام قطر بما تم الاتفاق يزيد من تعقيد جهود الوساطة، مشيراً إلى أن قمة الرياض عام 2014 تم الاتفاق خلالها على وقف قطر لدعمها في استضافة العناصر الإجرامية والإرهابية، والإعلام السلبي الذي تمارسه ضد مصر والدول الأخرى، وعلاقتها بالقوى الإقليمية التي تساندها في هذا الاتجاه. وذكر السفير حجازي في تصريحاته ل«الوفد» أن عدم الثقة أصبح يسيطر على الموقف، مؤكداً أن الحل لا يتمثل فقط في رحيل تميم بن حمد عن الحكم، وإنما في تغيير سياسات النظام تجاه الدول، ويقين نظام الحكم الجديد حال رحيل النظام الحالي بخطورة الدور الذي تلعبه قطر ضد أشقائها قائلاً «قطر أصبحت خطر وليس قطر على الدول والمنطقة». وطالب السفير حجازي بحتمية وجود رقابة دولية على قطر حال نجاح جهود الوساطة لمراقبة تنفيذها للتعهدات، وليس الاقتناع بمجرد جلسة هنا أو هناك، أو إنهاء الموقف بمجرد تصريحات حتى لا نعود لنفس الدائرة المفرغة، إلى جانب حتمية وجود خطوات جادة من قبل قطر نحو هذا الاتجاه بمجرد الاتفاق عليه دون تسويف أو تأخير. واختتم حجازي حديثه «الفترة القادمة سيكون لها طابع خاص ومختلف، ومصر والدول العربية الأخرى لم يتخذوا موقفهم من فراغ، وإنما بعد عدم الالتزام واستمرار الخطر ومن ثم لابد من آليات تحقق ما يمكن الاتفاق عليه لإنهاء الأزمة».