أكد الشيخ خالد الجندي أن النظام الحاكم حصد وزر ما فعله من قبل بعد محاربته لأهل الحل والعقد الذي أوصى الشرع بضرورة وجودهم لمواجهة مثل هذه الظروف التي طرأت على الأمة بعد ثورة 25 يناير، وانعدام ثقة الشباب المتظاهرين في ميدان التحرير بهم، مما أدى إلى رفض الاستماع إليهم للتوصل إلى صيغة شرعية تصل إلى حل هذه الأزمة. وطالب الجندي الرئيس مبارك بالتنحي الفوري عن منصبه من رئاسة الجمهورية بعد أن أصبحت هذه المطالب إرادة شعبية أثبتتها الجموع الغفيرة في ميدان التحرير بقلب العاصمة، وهو ما لم يستطع أي فرد أن ينكر على الأمة إرادتها أو تزييف الحقيقة التي حاولت وسائل الإعلام الحكومية تضليلها ولكنها لم تنجح. وكان لبوابة "الوفد" هذا الحوار مع الداعية الشيخ خالد الجندي للوقوف على حقيقة موقفه من ثورة شباب 25 يناير والرأي الشرعي فيها. الوفد- في البداية نريد معرفة رأيك فيما يحدث الآن بالتحرير؟ **ما يحدث في ميدان التحرير هذه الأيام هو ثورة مباركة ضد الظلم والاستبداد قام بها شباب عفيف طاهر استطاع أن يفعل ما لم يفعله جيلنا وأجيال سابقة، حتى أحزاب المعارضة بكل رموزها سواء الإخوان أوغيرهم لم تستطع إنجاز ما أنجزه هؤلاء الرجال الشرفاء من شبابنا. وأنا أؤكد أن الشباب بثورته المباركة هذه قد أعاد للشعب المصري نخوته بل أعادها للأمة الإسلامية كلها، وأنا ادعو كل الشرفاء في مصر للانضمام إلى هذه الثورة المباركة لتصحيح ما تم إفساده في سنوات الاستبداد والظلم، كما ادعو الله أن يوفق هؤلاء الشرفاء في نجاح ثورتهم البيضاء التي لم نشاهد فيها حالة سرقة واحدة أو حالة تحرش أو تخريب. الوفد - هل هناك إمكانية لجمع شمل هؤلاء الشباب تحت قيادة واحدة تسمو بأهدافهم؟ أنا اتمنى أن يوفقهم الله بتكوين جماعة أو ائتلاف شريف يستكمل بهم ما أنجزوه وأن تجتمع أطيافهم تحت لواء واحد وكلمة واحدة تستطيع العبور بالمصريين جميعهم إلى الخير والعدل والسلام. الوفد- ما هو رأي الشرع في ثورة شباب 25 يناير خاصة بعدما اعتبره بعض السلفية بأنه خروج على الحاكم وأكدوا تحريمه؟ الحقيقة أن إرادة الشعوب لا تتعارض مع ما يحض عليه الشرع الحنيف، خاصة وأننا وجدنا وتأكد لنا بالدليل والبرهان بأن مطالب المعتصمين في ميدان التحرير هي إرادة شعبية جمعت بين أطياف فئات المصريين باختلاف انتماءاتهم، لذلك لا بد من الاستجابة لمطالب الأمة لانه لا تجتمع الأمة على باطل، وأنا أطالب الرئيس بشخصي أن يتنحى فورا نزولا عند رغبة أبنائه من المصريين ليبدأوا عهدا جديدا يستطيعون من خلاله رسم مستقبل أفضل. والرد على من يقول بحرمة ما يحدث في التحرير هو أن هناك ضرورة ملحة لمصلحة الأمة ألا وهي إصرار المعتصمين على تنحي الرئيس وقد تحول هذا إلى مطلب شعبي، بعد أن دفع أكثر من 300 شاب من أبنائنا الشرفاء ثمن هذه الحرية بدمائهم وأرواحهم كما أصيب الالاف على يد بلطجية موالين للحزب الوطني في فعلة أعادت لنا العصور الجاهلية الأولى. هذه كله يجعلنا نمعن التفكير في مصلحة الأمة وتغليب إرادة الشعب على مصلحة الفرد، كما أن الشرع يحرص على ضرورة حقن الدماء ودرء الفتنة، ومن ثم تقتضي المصلحة العامة تنحي الرئيس عن منصبه وهذا لن ينقص من قدره شيء، تصديا لانتشار الفوضى في البلاد وحقنا لدماء المسلمين. الوفد- ما هو دور أهل الحل والعقد في حل مثل هذه الأزمات؟ **للأسف النظام الحاكم فرغ أهل الحل والعقد من مصداقيتهم بعدما غل أيديهم عن قول كلمة الحق والنصيحة.. فأين هم أهل الحل والعقد من الأساس؟. لقد تطورت الأمور إلى هذا المنحنى الخطير بسبب غياب أهل الحل والعقد والقضاء عليهم ومحاربتهم، وهو ما دفع ثمنه النظام الآن بعد أن تخلى عنه العلماء أصحاب المصداقية عند الجماهير ولم يسمع لعلماء أخرين مع النظام الحاكم بسبب فقدان ثقة الجماهير بهم وتسميتهم بعلماء السلطان، ما أدى إلى تلاشي دور أهل الحل والعقد وعدم قدرتهم في التأثير على جموع المتظاهرين، وهذا أخطر ما يواجهه المسلمون في حال غياب المرجعية التي ظهرت آثارها الآن وهددت بشق الصف في المجتمع. وأنا أطالب بضرورة استعادة الأزهر لدوره واستعادة ثقة الجماهير فيه، حتى يكون للمسلمين مرجعية واحدة تقف بهم عند طاعة الشرع وتجنب نواهيه، وتجنبهم أثار التشرذم والتفرق وشق الصف، كما أطالب باستعادة العلماء لحريتهم المسلوبة في التعبير عن أرائهم الشرعية وعدم تدخل الأجهزة الأمنية شئون المؤسسات الشرعية والدينية، بشرط عدم تطرف أو تشدد فئة علمية أو شرعية على غيرها. الوفد - هل تتحمل وسائل الإعلام الحكومية مسئولية التضليل الحادث بشأن المتظاهرين وإطلاق الشائعات عليهم حتى حدثت الطامة الكبرى؟ نعم بالفعل.. أنا أحمل أجهزة الإعلام الحكومية مسئولية التضليل الإعلامي الذي مارسته ضد أبنائنا الشرفاء في ميدان التحرير، كما ادعوهم لتصحيح وجهة النظر عن هؤلاء الأبطال والاعتذار لهم فورا. الوفد- بعض العلماء يعتبر ما حدث يوم الاربعاء الماضي بعد الاعتداء على المتظاهرين بأن القاتل والمقتول في النار مستدلين بحديث النبي"ص" فما رأيك. هذا استدلال خاطئ.. فمن يطبق حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي قال فيه: "إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار" مخطئ، خاصة وأن الحديث لا ينطبق على معتصمي التحرير في هذه الحالة لأن ثورتهم كانت سلمية لم تشهد أي اعتداء بالسلاح على أحد، كما أنهم هم المعتدى عليهم وقد أمر الله برد الاعتداء في القرأن مصداقا لقوله تعالى: "فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم". ورد الاعتداء هنا يأتي من قبل دفع الصائل، والصّيال حرام، لأنّه اعتداء على الغير، لقوله تعالى: "وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ"، وقول الرّسول صلى الله عليه وسلم: "كلّ المسلم على المسلم حرام: دمه، وماله، وعرضه"، كما أن الاستسلام للصائل في نفس الوقت حرام أيضا لقوله تعالى: "وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ"، فالاستسلام للصّائل إلقاء بالنّفس للتّهلكة، لذا كان الدّفاع عنها واجبًا مصداقا لقوله تعالى: "وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ". الوفد - البعض يستخدم فزاعة الإخوان المسلمين والدولة الدينية للتخويف من تنحي الرئيس مبارك فما رأيك؟ لا يوجد في الإسلام دولة دينية وقد أكد الشيخ الشعراوي رحمه الله على أن المسلمين لا يريدون دولة الدين ولكن يريدون أن يحكموا بالدين،وعلى هذا فالنظام الإسلامي يتقبل كل الأطياف في المجتمع ويسمح لها بممارسة حقها في المواطنة وأداء الواجب على حد سواء، فالإسلامء لا يفرق بين جنس أو لون أو طائفة. أما التخويف من حكم جماعة الإخوان فلقد أعلنوا موقفهم صراحة بأنهم لن يترشحوا لمنصب رئاسة الجمهورية وهو ما يمحو هذه المخاوف التي لا أساس لها.