قضية محاكمة مبارك هى القضية الاولى التى تشغل المصريين باهتمام وسوف يؤثر القرار النهائى لقضاة المحكمة فى الشارع المصرى وسوف يكون رد الفعل غير متوقع ومختلف من شخص لاخر، والحقيقة اننا اصبحنا امام صراع بين القانون والعدالة ، فاذا لم يحقق القانون العدالة فيصبح القانون لا فائدة له ويجب تغييره ، وخاصة اذا كان العدل ظاهرا لا يحتاج للالتفاف عليه ،وهذا القانون الموضوعى ليس مقدسا فهو من واضعى البشر ويطرأ عليه تغييرات وفقا لواضيعه وما يتمشى مع ظروف الزمن والمصلحة العامة والهدف الذى اسس من اجله وبالتالى تغييره واجب اذا لم يحقق الهدف الاسمى له وهو تحقيق العدل ، واذا كان يمكنا استغلال القانون فى تحويل الحق الى باطل فسحقا لهذا القانون ،وبالتالى يحق لنا ان نضع علامات استفهام على صلاحية هذا القانون الذى لا يرى الحق . ولتوضيح رؤية ما اقول هناك عدة اسئلة مباشرة فى قضية محاكمة مبارك: من ينكر ان النظام السابق طيلة ثلاثون عاما افسد كل جوانب الحياة فى مصر ؟ من ينكر ان هذا النظام السابق قضى على اجيال عديدة متتالية ؟ من ينكر ان النظام السابق قد حول المصريين الى فقراء ومرضى ومهاجرين ؟ من ينكر ان هناك الالاف قد قضوا سنوات من عمرهم فى السجون بدون تهم او تهم ملفقة؟ من ينكر ما فعله جهاز امن الدولة والشرطة فى ترويع المواطنيين وقهرهم وازلالهم ؟ من ينكر ان هناك شهداء ؟ من ينكر ان اموال الدولة وممتلكاتها سخرت لفئة فاسدة نهبوا كل ثروات مصر ؟ من ينكر ضياع هيبة مصر فى العالم الخارجى وسقوط دورها الاقليمى والعالمى ؟ من ينكر التعاون مع اسرائيل واعداء المصريين الذين قتلوا شباب المصريين فى حروب عديدة ؟ من ينكر حرق الكنائس وغلق المساجد واثارة الفتن بين المصريين ؟ من ينكر نشر الجهل والامية بسبب الاعلام الفاسد والاقلام المدفوعة والمسخرة فى قلب الحقائق وتزوير الواقع ؟ من ينكر ان النظام السابق خلق حالة عداء مجتمعى بين الشعب وتحويل المجتمع الى فقراء واثرياء وفوارق طبقية غير معلوقة ولا يمكن تصورها ؟ من ينكر ان هناك الالاف العلماء قد هجروا مصر بسبب عدم ايجاد فرصة فى المجتمع ؟ من ينكر انتشار المخدرات والسموم بين شباب مصر ؟ من ينكر تحويل مصر الى دولة تستورد معظم قوتها من الخارج ويتجكم فيها الدول بعدما كانت موردا رئيسيا لكافة السلع الغذائية ؟ من ينكر ...... ؟ فريد الديب هو واحد من أشهر المحامين المتخصصين فى القضايا الجنائية فى مصر، عرف بتوليه الدفاع فى قضايا شغلت اهتمام الرأى العام أكثر من مرة ،منها قضية الجاسوس "عزام عزام" الذى أدين بتهمة التجسس ونقل معلومات عن المنشآت الصناعية المصرية إلى إسرائيل وحكم عليه بالسجن خمسة عشر عاماً مع الأشغال الشاقة والذى أطلق سراحة بعدها فى 2004 تطبيقًا لاتفاقية بين مصر وإسرائيل تقضى بإطلاق سراح ستة طلاب مصريين كانوا قد أعتقلوا فى الأراضى الفلسطينية المحتلة مقابل الإفراج عن "عزام عزام".،وكذلك تولى قضية "هشام طلعت مصطفى" التى ربما تكون واحدة من أطول مرافعات الدفاع فى تاريخ القضاء المصرى، إذ امتدت مرافعة هشام طلعت مصطفى خمس جلسات واستطاع فيها الديب أن يخفف الحكم من الإعدام إلى السجن 15 عامًا، وكذلك فإنه في يوم الثاني والعشرين من شهر فبراير لعام 2011، قبل "الديب" الدفاع عن وزير الداخلية المصري السابق "حبيب العادلى" في قضايا الفساد الموجهة ضده ،وآخر القضايا التى تولى الدفاع فيها هى الدفاع عن "مبارك" فى قضايا قتل المتظاهرين والحصول على فيلات له ولنجليه، من رجل الأعمال "حسين سالم" بأقل من سعرها الحقيقى و تصدير الغاز لإسرائيل بأسعار أقل من العالمية، وكذلك تولى الدفاع عن باقى أفراد الأسرة. اذن اننا امام سخصية غير عادية تستطيع بالذكاء واستغلال القانون ان يثبت براءة المتهم لكن ،هل يستطيع فريد الديب ان ينكر مسؤلية النظام السابق فى انه المسؤل عن الاجابة على تلك الاسئلة التى طرحتها ،وانه شخصيا مطالب بالرد عليها بصفته المدافع عنه فى تلك القضايا !! واذا كنت ارى انه يؤدى وظيفته المهنية ولابد من الدفاع عن موكله ، لكننى كنت اتمنى ان يطلب الرحمة ولا يطلب البراءة ، وان لا يصرح بايمانه ببراءة موكلة ، كانه كان لا يعيش فى مصر ، ويرى ويسمع مثل بقية المصريين ، بل ان الكثيرين من السياسيين الاجانب ومنظمات حقوق الانسان العالمية اعترفت بجرائم النظام السابق على الرغم انها لا تعايش ما يمر به المصريين يوميا ، كما ان هناك مسؤلية ضخمة على المحامين الذين يدافعون عن الضحايا فى اثبات التهم ، بكل الطرق وان كانت ظاهرة لا تحتاج لاثبات ، الا ان القانون لا يعترف الا بما هو مثبت وحقيقة دون تعاطف ، ولدينا مجموعة محامين على قدر كفاءة لا تقل عن فريد الديب يتولون تلك القضية ونثق فى ان الحق سوف يقول كلمته مهما طالت مدة القضية . اننا امام قضية ضمير فى المقام الاول ،والحكم فيها سوف يؤسس لمبادىء فى المستقبل ، وايمان المصريين بان القضاء يستطيع بالضمير والقانون معا ان يحق الحق ويزهق الباطل .