بعد 21 عامًا من تولى خالد مشعل رئاسة المكتب السياسي لحركة حماس الفلسطينية، جاء انتخاب إسماعيل هنية خلفًا له من قبل مجلس شورى الحركة، خلال الانتخابات التي أقيمت في غزة والدوحة في وقت متزامن، أمس السبت. وتفوق هنية المقيم في غزة على المرشحين موسى ابو مرزوق ومحمد نزال المقيمين في قطر، لتكون هذه هي المرة الأولى التي يتم اختيار رئيس للحركة مقيم في داخل فلسطين وليس خارجها. وشهدت فترة رئاسة خالد مشعل، الذي لم تسمح له النظم الداخلية للحركة ترشحه مجددا، العديد من الاضطرابات للحركة في علاقاتها الخارجية، وترصد "بوابة الوفد" تأثير اختيار هنية خلفًا لخالد مشعل على سياسة حركة حماس وعلاقاتها الخارجية خلال هذا التقرير: قال الدكتور أسامة شعث، أستاذ العلاقات الدولية والمحلل الفلسطيني، إن انتخاب اسماعيل هنية ذو الخلفية ذات الأصول والتربية الداخلية في غزة، قد يعيد تسليط الضوء على حركة حماس من قلب غزة، خاصة أن الحركة انشغلت بالعلاقات الخارجية أكثر من تركيزها على المقاومة. وذكر في تصريحات خاصة ل "الوفد"، أن الخلفية الثقافية لهنية تختلف عن الخلفية الثقافية لخالد مشعل، فالأول من أبناء المخيمات والمقيمين في غزة على عكس مشعل، وبالتالي فإن ذلك من الممكن أن يغير من طريقة إدارة الأزمات الداخلية للحركة. وأشار إلى أن حركة حماس تواجه مجموعة من التحديات الداخلية والخارجية، وأن بها تيارين الأول يميل إلى المقاومة والعلاقة مع إيران، والأخر يميل إلى الانفتاح العلاقة مع تركياوقطر التي تميل إلى التسوية. وأضاف شعث، أن التيارين رغم اختلافهما أجمعا على وثيقة جديدة لحماس، التي تهدف إلى تسويق حماس دوليًا، كما أنهما يتفقان على أن تكون الحركة بديلا لمنظمة التحرير الفلسطينة في مسألة التمثيل والشرعية الفلسطينة . وبين أن هذه الوثيقة تسعى بشدة إلى اعادة تسويق حركة حماس في شكلها الجديد، وبخاصة مع المحيط العربي وتحديدا مصر، لأن مصر مفتاح أى حراك دولي لحركة حماس بسبب التلاصق الجغرافي، وأنها تريد التقارب معها لأنها طريقها للعبور إلى العالم. ورجح المحلل الفلسطيني، استمرار اقامة اسماعيل هنية في غزة بعد توليه رئاسة المكتب السياسي لحركة حماس، وحسب حاجة حركة حماس للتحرك الدولي قد يذهب. وحذر شعث من استمرار حركة حماس بالالتفاف على المؤسسات الرسمية الفلسطينية والتغريد خارج السرب الوطني، مطالبا بضرورة اعتراف حماس وانضمامها لمنظمة التحرير بعد اتمام المصالحة الحقيقية والجادة وتسليم حكومة الوفاق مقاليد الامور في غزة، قائلًا: إنه لطالما الهدف واحد فلماذا الاختلاف. قال السفير رخا أحمد حسين، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن اختيار حركة حماس كانت في حاجة إلى قيادة جديدة، بعدما أصدرت وثيقة جديدة في الفترة الماضية، تخلت فيها عن ارتباطها التنظيمي بجماعة الإخوان والقبول بالحل السلمي لحل الأزمة الفلسطينية. ورأى في تصريحات خاصة ل "الوفد" أن إسماعيل هنية الذي تم انتخابه رئيسًا للمكتب السياسي لحركة حماس، يختلف في فكره عن سابقه خالد مشعل، حيث أنه لديه تجربة عملية للمارسة الحكم في غزة، مشددًا على ضرورة ألا يظل القطاع في عزلة. وتابع حسين، أن هنية كان على قمة السلطة المسئولة عن غزة وأن قيادته للحركة من خلال تواجده فيها خلال الفترة المقبلة ستكون أقرب للواقعية السياسية، مشيرًا إلى أن انفصالهم عن الاخوان يعد تغيرا يؤخذ في الاعتبار بالنسبة لعلاقاتها مع الأطراف التي صنفت الجماعة كمنظمة إرهابية وخاصة مصر. اعتبر السفير نبيل بدر، مساعد وزير الخارجية السابق، أن اختيار اسماعيل هنية رئيسًا للمكتب السياسي لحماس، جاء بعد بيانهم الأخير التي تم الإعلان فيه عن توجهاتهم في المرحلة المقبلة. وأوضح في تصريحات خاصة ل "الوفد"، أن الحركة بذلك تحاول تكون في تجاه أكثر مرونة، ولكن مشكلتهم هي أنها تفتقر إلى الاقناع المناسب للأطراف المفترض أنها سوف تلاحظ تطور ما قد حدث في سياسة حماس، معتبرًا أن ذلك هو التحدى الاساسي أمام اسماعيل هنية. وأضاف بدر، أن هنية أمام عدة تحديات منها قدرته على رؤية تتناسب في المجال الفلسطيني والعالمي، موضحًا أن حماس تسعى لاستعادة مصداقيتها وعلاقاتها مع الأطراف العربية المؤثرة وخاصة مصر، وأن كل هذا يظل رهن اختبار. وتابع، كما أن هناك اختبارا لاسماعيل هنية، وهو مدى قدرته على التعامل مع السلطة الفلسطينية في المرحلة القادمة وتنفيذ الخطوات المطلوبة بما في ذلك اجراء انتخابات عامة للشعب الفلسطيني وانهاء مظاهر الانقسام والتشرذم، وأن كل ذلك يحتاج لمواجهة صريحة وجريئة من خلال التصريحات والتصرفات على المستويين العربي والخارجي. واسماعيل هنية من مواليد مخيم الشاطئ للاجئين في 1963، وتخرج من الجامعة الإسلامية بغزة عام 1987، وبدأ نشاطه في حركة حماس داخل الكتلة الإسلامية التي تمثل الذراع الطلابي لها في 1983. وسجن هنية في عام 1989 لمدة 3 سنوات لدى الاحتلال الإسرائيلي، وتعرض لمحاولة اغتيال إسرائيلية عام 2003، وترأس هنية كتلة التغيير والإصلاح التابعة لحماس عام 2006. وتم تكليفه في 2006 بتشكيل الحكومة، إلا أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أصدر قراراً بإقالة هنية من رئاسة الحكومة فيم 2007 إثر سيطرة حركة حماس على قطاع غزة، ومؤخرًا كان يشغل منصب قائد حركة حماس في قطاع غزة، ونائب رئيس المكتب السياسي للحركة.