تستأنف محكمة النقض، فى جلستها اليوم برئاسة المستشار مصطفى شفيق، نظر الطعن المقدم من المتهمين فى قضية أحداث أسوان، التى وقعت فى شهر يونية، من عام 2014، وأوقعت 28 قتيلا، وعشرات المصابين، من أبناء قبيلة بنى هلال، وقبيلة الدابودية النوبية، حيث من المنتظر أن تعلن المحكمة قرارها فى الطعن المقدم من دفاع المتهمين، الذين توحدت كلمتهم وقلوبهم ودفاعهم، واتجهت أنظارهم نحو محكمة النقض، وسط حالة من القلق والترقب بين الأسوانيين، الذين كانوا قد طالبوا الرئيس عبدالفتاح السيسى، بالتدخل والعفو عن المتهمين، من أبناء القبيلتين، قبل ان يلجأوا للطعن فى الأحكام الصادرة من محكمة جنايات قنا، بحق عشرات المتهمين. وفى شهر مايو من العام الماضى، 2016، ووسط إجراءات أمن مشددة، قضت محكمة جنايات قنا المنعقدة، بمجمع محاكم أسيوط، أمس الأربعاء، بإحالة أوراق، 25 متهما، بقتل 28 شخصا، فى الأحداث التى وقعت بين قبيلتى بنى هلال والدابودية، فى القضية رقم 2793 جنايات قسم ثان أسوان لسنة 2014، والمعروفة باسم مذبحة أسوان لمفتى الجمهورية لإبداء رأيه الشرعى فى الحكم بالإعدام تجاه المتهمين منهم 15 بعائلة الدابودية و10 من عائلة الهلايل. وأحالت المحكمة أوراق كل من ميسرة هلال، عارف صيام أبو زيد، على بليلة، محمد جلال عبدالكريم، صبحى عبدالشكور محمد، عثمان كابوش، محمد جلال، محمد مصطفى حسين محمد، طه عارف صيام، محمود أحمد الدابودى، محمود ياسين الدابودى، عبدالمسيح جبرائيل محمد، محمد محمود، إبراهيم محمود أبوبكر، أحمد جمعة درديرى، أيمن عبدالستار همام من الدابودية. ومن الهلايل تمت إحالة أوراق مصطفى حسين أحمد، سعودى محمد طاهر، على حمد توفيق، محمود أحمد ميسرة، محمود حسن، إبراهيم محمود، محمد محمود أبو بكر عادل، محمود صبور سالم، عبدالحكيم صاوى، سالم صبور، سيد محمد أبوبكر أحمد جمعة، شاذلى عبد الحليم، محمود رمضان. ووصل يومها لقاعة المحكمة، 86 متهمًا، وقامت قوات خاصة بتأمين قاعة المحكمة بفصل متهمى العائلتين، منعًا لحدوث أى مشاحنات بينهم، وحضر 48 متهمًا من قبيلة بنى هلال و38 متهمًا من قبيلة الدابودية، من بين 163 متهمًا. وكانت تحريات الشرطة قد اسفرت عن تورط 163 متهما فى الأحداث من الجانبين، حيث أحيلوا للمحاكمة أمام محكمة جنايات قنا، ونقلت جلسات المحاكمة إلى أسيوط، لأسباب أمنية. وقد اشتملت القضية على سماع 18 شاهد نفى من ابناء قبيلة بنى هلال، و25 شاهد نفى من أبناء قبيلة الدابودية النوبية، و47 شاهد إثبات، وتكونت أوراق القضية من 1760 صفحة. وفى السابع من شهر يونية من العام الماضى، أصدرت محكمة جنايات قنا، المنعقدة بمجمع محاكم أسيوط، حكمًا بإعدام 26 متهمًا، لإدانتهم فى أحداث عائلتى الهلايل والدابودية التى شهدتها أسوان، وأسفرت عن مقتل 28 شخصًا، كما عاقبت 21 متهمًا بالسجن المؤبد، و3 متهمين بالسجن 15 عامًا، و10 متهمين بالسجن 3 سنوات، و3 متهمين بالسجن 10 سنوات، وحبس متهمين سنتين، كما برأت 100 آخرين. ولجأ أهالى المتهمين، إلى تقديم طعن فى الأحكام الصادرة بحق المتهمين، أمام محكمة النقض، والتى استمعت فى الأسبوع الماضى، إلى مرافعة دفاع المتهمين الذى استند فى طعنه لعدة نقاط قانونية، لإلغاء حكم الإدانة الصادر ضد المتهمين من محكمة جنايات قنا، طالبا إعادة محاكمتهم من جديد أمام دائرة أخرى، على رأسها الفساد فى الاستدلال، والقصور فى التسبيب، والخطأ فى تطبيق القانون، ومن جانبها طالبت نيابة النقض بإلغاء عقوبات الإعدام الصادرة عن محكمة أول درجة ضد المدانين فى القضية وإعادة المحاكمة. تشكيل لجنة للتحذير من مخاطر العنف القبلى: وقد وَحَدَت الأحكام الصادرة بحق المتهمين فى أحداث العنف التى شهدتها مدينة أسوان فى عام 2014، بين أبناء القبيلتين، وقالت مصادر بلجنة المصالحات العامة بمحافظة أسوان، إن عقلاء القبيلتين، عرفوا جيدًا مخاطر الصراعات القبلية، ويجمعون على ضرورة إفشال أى دعوات لإثارة الفتنة مجددًا بين أبناء المحافظة. فيما أعلن أشرف الهلالى، المتحدث باسم قبيلة بنى هلال، عن أن اجتماعا عقدته القبيلة بمدينة أسوان، أسفر عن تشكيل لجنة دعوية وتوعوية، لزيارة عائلات الضحايا والمتهمين الصادر بحقهم أحكام قضائية، والتعريف بمخاطر الفتن والعنف القبلى، وحرمة الدماء، وتأكيد الإسلام على التحلى بروح التسامح ونشر السلام، والإيمان بالقضاء والقدر، وتشكيل لجنة للتواصل مع رموز قبيلة الدابودية والتنسيق معهم بشأن الدفاع عن المتهمين من أبناء القبيلتين. وبذلك التقارب بين القبيلتين، فشلت محاولات جهات محسوبة على تيارات إخوانية، لإثارة الفتنة مجددًا بين القبيلتين، وكان محافظ أسوان، اللواء مجدى حجازى، قد أجرى اتصالات بعد صدور الأحكام بحق المتهمين، مع عدد من الرموز الأسوانية، ونواب فى البرلمان، لتجاوز محاولات مشبوهة لإثارة الأزمة بين قبيلتى بنى هلال والدابودية مجددا، من قبل جماعات وصفتها مصادر أسوانية بالتخريبية، ونجحت بالفعل جهود محافظ أسوان والأجهزة الأمنية وعقلاء القبيلتين، ونواب البرلمان، وعدد من الشخصيات البارزة فى المحافظة، فى تفويت الفرصة على بعض دعاة التخريب. بداية الأحداث: وكانت الأحداث الدموية التى تفجرت بين قبيلتى بنى هلال والدابودية النوبية، قد بدأت بمقتل شابين فى شرق مدينة أسوان فى شهر يونية من عام 2014، واستمرت ثلاثة أشهر كاملة، كان حصادها وقوع 28 قتيلا من الجانبين، بجانب عشرات المصابين. اجتماع ال10 ساعات: وفى الرابع من شهر يوليو عام 2014، وفى اجتماع دام قرابة 10 ساعات متواصلة وبدأ مساء الأحد واستمر حتى فجر الاثنين، أعلن اللواء مصطفى يسرى محافظ أسوان آنذاك، عن بدء سريان هدنة بين قبيلتى بنى هلال العربية والدابودية النوبية لمدة ثلاثة أيام وذلك بعد قبول كبار قبائل وبيوت النوبة والشيخ أحمد عبدالصمد كبير قبيلة بنى هلال بأسوان تلك الهدنة، وجاءت التهدئة تتويجا لجهود لجنة مصالحة موسعة ضمت عددا من رموز القبائل والمشايخ فى المحافظة، فى التوصل إلى اتفاق بين الطرفين بوقف أعمال العنف لمدة 3 أيام متتالية لتمكين لجنتى المصالحة وتقصى الحقائق من القيام بعملهما وكشف الحقيقة واستكمال مساعى المصالحة. وأكد محافظ أسوان أنه سيتم تطبيق القانون على الجميع دون تفرقة، وأن أى خرق للهدنة من قبل أى طرف سيواجه من قبل قوات الجيش والشرطة بكل قوة، وذلك وفقا لما تم الاتفاق عليه خلال مفاوضات لجنة المصالحة مع شيوخ ورموز قبيلتى بنى هلال والدابودية. فيما تولى الشيخ كمال تقادم، أحد كبار لجنة المصالحات تحديد لجنة بكل منطقة مسئولة عن تطبيق الهدنة من قبل الطرفين، وعدم مرور كل طرف بأماكن تجمع الطرف الآخر تجنبا للاحتكاكات المباشرة بين الطرفين. مصالحة تاريخية: وفى شهر يوليو من عام 2014، وبعد ثلاثة أشهر من الترقب الحذر وسط أجواء من المحبة والإخاء وصيحات التكبير والتهليل والفرحة، تبادل عارف صيام عن قبيلة الدابودية وأحمد عبدالصمد عن قبيلة بنى هلال، التعهد بالعفو والصفح والاتفاق على الصلح «كرامة لوجه الله ورسوله»، مع الاعتذار لأهل أسوان ولمصر كلها عما بدر من القبيلتين أثناء الاشتباكات التى حدثت فى مطلع إبريل الماضى، وأيضاً اعتذارهم لأبناء الكوبانية والشلالية بالكرور عن كافة الأحداث المؤلمة التى شهدتها أسوان، وذلك خلال المصالحة التاريخية، بين القبيلتين، والتى جرت بحضور محافظ أسوان آنذاك، اللواء مصطفى يسرى، والدكتور عباس شومان وكيل مشيخة الأزهر الشريف والسيد محمود الشريف نقيب الأشراف، ومساعد وزير الداخلية لجنوب الصعيد والدكتور منصور كباش رئيس جامعة أسوان الأسبق، ورئيس لجنة المصالحة وأعضاء اللجنة العامة والقيادات الأمنية والدينية والحزبية والقوى السياسية والتنفيذية وعواقل وأجاويد القبائل الأسوانية، فيما قدم محافظ أسوان آنذاك الشكر لفضيلة الإمام الأكبر، الدكتور أحمد الطيب، على الرعاية الكريمة والمتابعة الدؤوبة للموقف أولا بأول، حيث كان شيخ الأزهر على اتصال دائم بلجنة المصالحة، ليثبت الأزهر الشريف أنه منارة التنوير والحصن المدافع عن أرض الكنانة من خلال سعيه الكريم لإخماد نار الفتنة وحقن الدماء ومواجهة الإرهاب والتطرف فى كل شبر من أرض مصر.