أتابع منذ فترة، وبتركيز شديد، نشاط اللواء محمد ابراهيم وزير الداخلية، الذي زار منذ قرار تعيينه، عدة محافظات، ومواقع، للتأكيد أن الأمن في مصر «مستتب» و«جيد» لأن القرار الذي صدر لصالح الرجل، كان يهدف في الأساس، إلى اعادة «الأمن» إلى الدولة، التي تتعرض كل يوم، لهزات مجتمعية، لا تستطيع - هذه الدولة - مقاومتها بسهولة، ولا يستطيع الأمن أن يواجهها وحده، لأنها ناتجة عن «أخطاء» قد يكون بعضها متعمداً حتى نعيش حالة القلق الأمني، ولا نتوقف عن السقوط في «بئر الخوف» العميق، الذي يجعل الناس تكره الثورة، والذي فجروها!! ويجعل الناس - أيضاً - يكرهون اليوم الذي أصبحت فيه البلاد حرة لا تعاني من الاستبداد!! وهي سيناريوهات تهدف - على ما يبدو - إلى أن يتحول 25 يناير القادم، من عيد قومي، إلى يوم لجلد الذات، والندم على تخلصنا من الاستبداد الذي منحنا الأمن العام.. والندم على التخلص من الرئيس الذي كان ضامناً للاستقرار وحامياً لنا من الفوضى، حتى لو كان هذا الاستقرار مزيفاً، ويأتي على حساب كرامتنا، ومستقبلنا ووطنيتنا!! المهم.. أن وزير الداخلية بزياراته المتكررة للمحافظات والمواقع، يسعى لطمأنة الناس، وهذا شىء يحسب له، ولكنه في نفس الوقت، يحسب ضده، لأنه في الوقت الذي يبذل فيه هذا المجهود، في رحلات مكوكية، لا يشعر الناس بالأمن!! مازال الانفلات هو سيد الموقف، وسيطرة البلطجية على مواقع عديدة هو المشهد الغالب، ورسائل وزير الداخلية التي سعى من خلالها لطمأنة الناس، وصلت للمواطنين الصالحين، لكنها - قطعاً - لم تصل لمن يخالفون القانون ويقطعون الطرق ويسلبون حقوق الآخرين ويروعون الآمنين في بيوتهم!! عندي ل «اللواء محمد ابراهيم»، ثلاث حكايات، عن مخالفات واضحة للقانون، ولا تحتاج لمواجهتها زيارة مكوكية، ولا تستدعي تغطية اعلامية، لرحلة يقوم بها هنا أو هناك، ولكنها - فقط - تحتاج مواجهة حاسمة، لنعرف، هل نحن فعلاً نعيش في وطن آمن، لا يهتم جهازه الشرطي، بالأمن السياسي فيه، على حساب الأمن الاجتماعي، وضمان المواطنين لحياتهم وأموالهم وبيوتهم؟ الحكاية الأولى.. سمعتها من شخصين، مختلفين، أولهما، زميل لنا، يمتلك سيارة مرسيدس من موديل قديم نوعاً، استوقفه عدد من البلطجية منذ أسابيع، على الطريق الدائري، بالقرب من احدى قري القليوبية، وسرقوا سيارته تحت تهديد السلاح، وتركوه يواجه الطريق والحسرة على سيارته، التي اشتراها بعد حصوله على قرض، لسداد ثمنها، ولأنه لا يريد الموت كمداً، فقد ظل يبحث عن سيارته في كل مكان، الى أن توصل الى «وسيط» قال: له إن السيارة موجودة في الحفظ والصون، لدى «عصابة» متخصصة في سرقة السيارات فوق الدائري، وأنهم قالوا له أن «حلاوة» استعادة السيارة!! أي مكافأة اعادتها مبلغ بسيط قدره عشرة آلاف جنيه، واضطر الزميل مرغماً، على الموافقة، وذهب مع «الوسيط» إلى القرية التي لا نريد ذكر اسمها لأن معظم أهلها طيبون، وهناك، رأي ما لا يمكن تصديقه، عصابة تضم عشرات الأفراد، بعضهم في الشوارع يعمل ناضورجياً، والبعض الآخر، فوق الأسطح يعمل قناصاً لمن يجرؤ ويقترب من هذا الوكر!! دخل زميلنا العزيز إلى القرية وكله إصرار على استعادة سيارته، وتحدث معهم بجدية وقال لهم: «سوف أستعيد سيارتي أو يستعيد أهلي جثتي» فقد كان الرجل يعتقد بعد أن رأى هذا المشهد أنه سيتعرض لعملية نصب، ليقع ضحية مرة اخرى لهذه العصابة الجبارة، والغريب أنهم قالوا له «لا تخف» سوف تستعيد سيارتك، وبالفعل دفع «الدية» واستعاد سيارته وجسده وعمره وحياته بمعجزة!! نفس المشهد سمعت تفاصيل قريبة منه حكاها لي سائق تاكسي يبحث عن سيارته المسروقة، فقد قال إن شاباً استوقفه وطلب منه توصيله إلى احدى المناطق في حلوان، بالقرب من طريق مدينة 15 مايو.. وعندما وصل الرجل إلي المكان المطلوب، نزل الشاب طالباً منه الانتظار قليلاً، ليفاجأ بأن الشاب استدعى خمسة رجال، هجموا على السائق ووضعوا الأسلحة فوق رأسه، وسلبوه سيارته التي اشتراها بعرقه، وتركوه في الصحراء يلقى مصيره. إذن هذه الظاهرة.. التي تسمى بسرقة السيارات فوق الدائري، وفي المناطق النائية تحتاج الى مهاجمة أوكار هذه العصابات التي لا أعتقد أن الأجهزة الأمنية تجهل أماكنها، بل تعرفها تمام المعرفة وتستطيع تدميرها في ساعات حتى تصبح رسالة الطمأنة «عملية» وليست «اعلامية»!! الحكاية الثانية.. بطلها «وكر» غير أخلاقي، يعمل بدون ترخيص في شارع السودان، كتبت عنه في نفس هذه المساحة بتاريخ 19-10-2011 ونقلت مدى استهتار بعض الناس بالقانون، ففي العمارة رقم 218 مكرر بشارع السودان بالمهندسين، أمام سوبر ماركت الهواري، وبالتحديد في العقار الذي يوجد به حلواني آخر ساعة وستوديو تصوير شهير، يوجد «مسجد» و«ملهى ليلي» في نفس العقار، لا يفصل بينهما سوى حائط صغير!! والملهى تم افتتاحه بترخيص يقول أنه «كوفي شوب» يقدم الشاي والقهوة، والعصائر، ولكن أصحابه قاموا بتحويله إلى ملهي يبدأ العمل في الساعة الثانية عشرة ظهراً، ويقدم المشروبات الروحية والكحولية، ويرتاد هذا المكان الموبوء، سكارى وبلطجية، يروعون الآمنين، وتندلع بينهم المشاجرات بالأسلحة النارية!! كل هذا ليس مهماً، ولن أزعج وزير الداخلية بتفاصيله، فلن أتكلم عن مخالفة القانون وافتتاح ملهي بترخيص مقهى، ولن أتكلم عن المشاجرات، بالأسلحة وسط منطقة سكنية، لكنني سوف أقص عليهم مشوار السكان لإغلاق الملهى باختصار.. نجح الناس في الحصول على توقيع من المحافظ على عبد الرحمن ورئيس حي العجوزة أشرف شاش باغلاق الملهى بقرار المحافظ رقم 4417 لسنة 2011 وكان القرار يتضمن ملهى آخر مخالفاً في شارع الجهاد القريب من شارع السودان، وتم اغلاق الموقعين المخالفين بالشمع الأحمر، لكن الملهى الأول مازال يعمل في شارع السودان رغم «الشمع الأحمر» الذي تم نزعه، والملهى الثاني تم اغلاقه تماما ولم يجرؤ صاحبه على فتحه مرة أخرى في شارع الجهاد.. وإليك السبب.. فقد اتضح أن ملهى شارع الجهاد حظه عثر أنه يقطن في نفس العقار «سفير» مهم في وزارة الخارجية تمكن بعلاقاته من إغلاقه.. أما سكان الملهى الأول في شارع السودان فلم يتمكن أحد منهم من استقطاب سفير سابق أو حالي للسكن بجوارهم لاغلاق الملهي!! المهم.. أن هناك مشاجرة كبرى نشبت في هذا الملهى العجيب في شارع السودان يوم السبت الماضي.. وجاءت الشرطة وقبضت على السكارى.. وتركت الملهى مفتوحاً، وقال ضابط المباحث لصاحب الملهي «لم نفسك بقى»!! فرد عليه «حاضر يا باشا»!! ولم يحقق أحد من مديرية الأمن حتي الآن في سبب فتح الملهى المخالف مرة أخرى رغم إغلاقه بالشمع الأحمر؟ ولم يستجب أحد لعشرات الشكاوى، والمحاضر التي تم تحريرها في أقسام الشرطة والمديرية.. ونريد من وزير الداخلية الاجابة على السؤال: لماذا يبقى هذا الملهى مفتوحاً بالمخالفة للقانون ويخرج لسانه للجميع حكاماً ومحكومين؟! الحكاية الثالثة.. مهداة لوزير الداخلية رغم أنها تبدو من مظهرها ليست من اختصاصه، ولكنها مسئوليته الوطنية ومعه وزير البيئة، وهي مشكلة تحتاج من الأخير لتدخله الشخصي ومن الأول تدخله الأمني لأن هناك مخالفين للقانون يرتكبون جرائم قد تبدو بسيطة ولكنها تمثل تدميراً لحق المجتمع في الحصول على مياه نظيفة بدون أمراض.. في دسوق.. وتحديداً في شارع الجيش بحي السلام، أمام كافيتريا دهب، بجوار نادي القضاة، تمكن عشرات المواطنين من بناء بيوت لهم بدون ترخيص، فوق طرح النهر، ولأنهم لم يتمكنوا من توصيل المرافق، فانهم يقومون بالقاء الصرف الصحي، من خلال مواسير ضخمة في نهر النيل، ليصدروا الموت لجيرانهم وأبناء وطنهم!! جهاز الشرطة وجهاز البيئة يجب أن يقوما بدورهما لايقاف هذا القتل البطىء للمياه النظيفة فوراً!! كل سنة وأنتم طيبون بمناسبة عيد الثورة الأول.. ونريد أن يكون العمل بقدر الكلام والحب للوطن انعكاساً للانجازات.