بعد تسم 3 آلاف تلميذ فى بضعة أيام بسبب الوجبة المدرسية، لابد من وقفة، صحيح أن وزير التربية والتعليم طارق شوقى أوقف مؤقتًا صرف الوجبات ولكن هذا الإجراء وحده لا يكفى. فمطلوب وعلى وجه السرعة إجراء تحقيق شامل وشفاف حول أسباب تسمم 3 آلاف تلميذ، وبناء على تلك التحقيقات تتم إحالة المتورطين فى تلك الجريمة للمحاكمة بتهمة الشروع فى قتل التلاميذ، وبالتزامن مع ذلك يجب البحث عن بديل لتقديم وجبة غذائية صحية وآمنة للتلاميذ. وهذا كله ضرورى، خاصة أن وجبة بلا طعم أو رائحة فرضتها وزارة التربية والتعليم على التلاميذ، ورغم تحذير أولياء الأمور لأبنائهم بعدم تناول وجبة الوزارة المسمومة إلا أن الوزارة لم تستجب لمطالب أسر الطلاب بتحويل الوجبة إلى دعم نقدى واكتفت بعد تكرار حالات التسمم داخل المدارس بقرار إيقاف صرف وجبات التغذية المدرسية (جافة – بسكويت) وكذلك الوجبات الموجودة بمخازن المدارس، على مستوى جميع المديريات التعليمية، وتناست البحث عن بديل لحين انتهاء الفصل الدراسى الثانى. كعادة كل عام، الوجبة المدرسية تنشر الرعب والفزع بين أولياء الأمور، بسبب زيادة حالات التسمم بين التلاميذ والتى فاقت كل الحدود هذا العام مقارنة بالأعوام السابقة، حيث وصلت فى أيام قليلة لأكثر من 3 آلاف تلميذ فى 3 محافظات.. وجبة غذائية متكاملة تشمل جميع العناصر الغذائية هذه المقولة تتردد كثيرًا على لسان المسئولين بوزارة التربية والتعليم، لكنها تصريحات غير مسئولة، بل مجرد شو إعلامى، فهى فى حقيقة الأمر «وجبة الموت» لا تسمن ولا تغنى من جوع ؛ ومع هذا يتناولها الطالب على مضض، فربما يذهب التلميذ الى منزله ولا يجد شيئًا ليأكلهن ومع هذا لم ترحمهم الحكومة، بل زينوا الوجبة فى عيون الأطفال من الخارج وتركوا آهات الأطفال داخل المستشفيات تحكى عن فساد ضمائرهم. الوجبات المدرسية جرى تعميمها فى مصر منذ أربعينيات القرن الماضى من خلال برنامج قومى للتغذية المدرسية، كان يستهدف المناطق الفقيرة والشعبية، ثم توسع فأصبح يشمل مختلف مدارس الجمهورية، لكنه أخذ شكلًا مختلفًا فى البعض من المدارس الحدودية، حيث يكون هناك مطبخ فى كل مدرسة، تقوم فيه الأمهات بالطهى لأبنائهن الذين يتناولون الطعام طازجًا، وذلك بمبادرات من بنك الطعام ورجال الأعمال. وفقا للتقارير الصادر من الإدارة المركزية للمعامل بوزارة الصحة، حول نتيجة فحص «عينة سموم» لعدد من تلاميذ سوهاج، أظهر الفحص أن جميع العينات سلبية لمركبات الكلور والفوسفور العضوى والكاربامات ولأملاح الرصاص والزئبق والزرنيخ، كما جاء اختبار سم الفأر غير العضوى سلبيًا. كمال مغيث الخبير التربوى ليس هناك بديل عن الوجبة الغذائية، والحديث عن بديل نقدى هو كلام فارغن وسيحول المدارس لدى الكثير من الأسر إلى مهنة مثل: ورش الميكانية ليذهب الطفل فى نهاية اليوم ب 5 جنيهات لأسرته. ويرى الخبير التربوى أن الحل هو تقديم وجبات ساخنة للطلاب كما كان يحدث كان قديمًا، حيث كان التلميذ يحصل على وجبة متكاملة مجهزة داخل المدرسة. وأشار مغيث الى أن قرار وقف الوجبات على مستوى الجمهورية هو إنقاذ لوزير التربية والتعليم قبل إنقاذ الأطفال لأنه فى حالة وفاة الطلاب سيكون مصير الوزير هو الحبس، والقرار جاء دون وضع بديل للوجبة. وأكد «كمال» أننا فى كل عام نرى حالات تسمم ولا نعرف من المسئول رغم أن الوزارة غيرت تعاقدها مع المسئولين عن إعداد الوجبة، وعليه أطالب بقوانين رادعة وتحقيقات شفافة لكشف المتورطين فى تلك الجريمة. جريمة متواصلة كشفت مصادر ل«الوفد» أن وزارة الصحة عاينت بعض المخازن الخاصة بالوجبات المدرسية وتبين عدم صلاحيتها، فى عام 2014 حدثت نفس الحادثة، وفى نفس المحافظة سوهاج شكلت الوزارة لجنة لمتابعة أبعاد الحادث وأفاد تقرير اللجنة أن نتيجة التحليل الكيميائى الوارد من الإدارات الصحية بسوهاج، يفيد بسلبية التسمم الغذائى من أية ميكروبات ضارة، كما صدر تقرير اللجنة الثلاثية التى تشرف على التغذية المدرسية متضمنًا سلامة الوجبة وصلاحيتها للاستهلاك الآدمى. وقتها خرج المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم، أحمد حلمى: إن حوادث إصابة التلاميذ بالتسمم ترجع إلى سوء تخزين المواد الغذائية التى تشملها الوجبة، رغم أن فترة صلاحيتها لا تزال سارية، لافتا إلى أن الشئون الإدارية بالإدارات التعليمية تتابع بيانات الموردين وتقارير معامل الصحة عن نسبة التسمم وأسبابه، فى المقابل أصدر بعض المحافظين داخل المحافظات التى حدثت فيها حالات الاشتباه فى التسمم، قرارا بمنع توزيع وجبات التغذية على التلاميذ فى جميع المدارس، سواء كانت حليبًا أو بسكويت، تحسبا لتكرار حوادث التسمم. عادل الشريف، عضو مجلس النواب، يرى أن طلاب المدارس لا يستفيدون من الوجبة المدرسية، وللاسف مصيرها سلة المهملات مطالباً بتحويلها إلى دعم نقدى يمنح للتلاميذ الفقراء، تجنبا لتكرار حوادث التسمم. وأشار إلى أن الطلاب المقتدرين يرمون الوجبة الغذائية المقدمة لهم، وهذا يعتبر إهدارا للمال العام، لذلك يجب إلغاؤها، وتحويلها لأموال للتلاميذ الفقراء، عوضا عن الفساد المنتشر داخل قطاع التغذية داخل الوزارة. محمد المفتى عميد كلية التربية بجامعة عين شمس أكد أن وجبات مدارس الخمسينيات والستينيات، التى حصل عليها فى مرحلة رياض الأطفال، وكانت عبارة عن وجبة غذائية ساخنة كل يوم فى نهاية اليوم الدراسى، مكونة من أرز وخضار ولحم مفروم والفاكهة. أما فى المرحلة الابتدائية، فكانت هناك حصة مخصصة لتناول الطعام، وكان هناك مطعم فى كل مدرسة تقدم فيه الوجبات الساخنة، والحال نفسه كان فى المدرسة الإعدادية ولكن فى الثانوى اختلف الأمر وأصبحت تعطى لنا ما أطلق عليه المنح الأمريكية مرتين فى العام، وكانت عبارة عن قطع كبيرة من الجبن وعلب من اللبن الجاف والسمن، يكفى لمدة طويلة. ويرى المفتى أن وزارة التعليم كانت تقدم هذه الوجبات المجانية، لاقتناعها بمبدأ تربوى أرادت أن تنفذه وهو أن «العقل السليم فى الجسم السليم» وتحقيق النمو الشامل والمتوازن للمتعلم وهو النمو المعرفى والعقلى والجسمى.