جرائم خطف الأطفال تحولت إلى ظاهرة تنذر بكارثة كبيرة خصوصاً أن العديد من هؤلاء الأطفال يتم العثور عليهم مقتولين بعد فترة وجيزة. كشف المجلس القومى للأمومة والطفولة فى تقريره الأخير أن حالات خطف الأطفال خلال العام الجارى بلغت 125 حالة خطف واتجار فى الأطفال. الكارثة كشفت تخاذل المراكز البحثية فى مصر عن القيام بدورها فى رصد هذه المأساة التى تدمى القلوب، لتضيع حقوق هذه الأرواح البريئة دون رادع من قانون أو تأصيل علمى لخطورة الظاهرة وتأثيرها المتنامى عن المواطنين. والأخطر من كل هذا أن المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية لا يملك إحصائية عن اختفاء الأطفال فى مصر ليعكس الوجه الآخر لفشل مراكز البحث فى مصر فى تغطية القضايا المجتمعية المهمة. «الوفد» ترصد الكارثة وتدق ناقوس الخطر وتلقى الضوء على قصة «شمس» آخر الضحايا التى أدمت قصتها القلوب وصعدت روحها البريئة إلى السماء ضحية لآخر قضايا خطف الأطفال. نهاية مأساوية تعرضت لها الطفلة «شمس» ذات الأربعة أعوام، حيث فقدت حياتها بسبب قرط ذهبى يقدر ثمنه ب500 جنيه، خرجت «شمس» كعادتها تلهو وتلعب أمام منزلها مع أقرانها من الأطفال مرتدية بدلتها الصفراء ويعلو وجهها ابتسامة صافية، حتى إن جاءها الشيطان متمثلاً فى سيدة فقدت آدميتها، وأقدمت على خطفها طمعًا فى قرطها الذهبى، وذهبت بها إلى منزلها والذى لا يبعد سوى أمتار قليلة عن منزل الطفلة، وكتمت أنفاسها للتخلص منها ثم وضعتها داخل جوال لتنهى حياتها طمعًا فى قرطها الذهبى. خطف «شمس» وقتلها واحدة من عشرات الحالات التى زادت فى الفترة الأخيرة، فبين الحين والآخر تتناول وسائل الإعلام قصصًا مأساوية لاختفاء الأطفال، وترصد دموع ذويهم أهالى الأطفال الذين عثروا عليهم قتلى بعد أيام من خطفهم، وأشار المجلس القومى للأمومة والطفولة فى تقريره الأخير إلى حالات خطف الأطفال خلال الربع الأول من العام الحالى حيث بلغت 125 حالة خطف واتجار بالأطفال. جد القتيلة يروى تفاصيل مقتل حفيدته التقت «الوفد» أسرة الطفلة «شمس» لترصد حكايات أشبه بما يحدث فى الدراما المصرية، وكانت البداية مع «رمضان على عبدالله»، جد الطفلة، موضحًا أن العائلة كانت مجتمعة فى المنزل كعادتها بشكل أسبوعى يوم السبت، 18 فبراير الماضى، مضيفًا: خرجت لأداء صلاة العصر، وخرجت «شمس» كعادتها للهو مع أبناء الجيران أمام المنزل، ومرت الساعات وقبيل صلاة المغرب اختفت الطفلة، وعشنا فى حالة من الفزع والخوف الشديد بعدما سألنا عنها فى كل مكان دون جدوى، ولجأنا لسيارات تجوب الشوارع تذيع عبر الميكروفونات أوصاف الطفلة، وقمنا بتحرير محضر شرطة لإثبات الحالة، كما استعنا بسيارات الصرف لإزالة المياه من الترع، خشيه لتعرضها للقتل وإلقائها بداخلها. عشرات من الروايات المختلفة أفاد بها أهالى المنطقة لأهل الطفلة، وقالوا إنها كانت تسير بصحبة سيدة مجهولة «شحاتة» فى منطقة «المنصورية»، وغيرها من الروايات فى «الصليبة» التى تشير لتواجدها بالمنطقة طبقًا للمواصفات المُعلن عنها بالمساجد. وواصل أهالى القرية جهود البحث عن الطفلة المختفية لمدة ثلاثة أيام وفى اليوم الرابع تم العثور على جثتها داخل جوال بلاستيك. صمت الرجل قليلاً لتدمع عيناه وهو يصف شكل الجثة وقال: «البنت ماكنش فيها نقطة دم لكن فمها ووجهها مليئان بالأتربة، فتوقعنا أنها تكون ماتت مخنوقة». «كانت بتحب الحضانة والقرآن».. بهذه الكلمات استهلت أمنية رمضان على أحمد، والدة الطفلة «شمس» حديثها، وقالت برغم سنها التى لم تتجاوز ال 4 أعوام كانت تعيش سنًا أكبر من سنها الحقيقية، وتشاركنى فى عمل المنزل، وكانت تحلم بان تصبح طبيبة، وشقيقها ضابطا. وحول سيناريو اختفاء ابنتها قالت: «كنا قاعدين فى البيت ووقت العصر، طلعت شمس تلعب مع الأطفال أمام المنزل ومكملتش 10 دقائق وسألت عليها، لكنها قد اختفت ولم يعلم عنها أحد شيئًا فأيقنت أنها قد خُطفت، خاصة أنها لا تذهب إلى أى مكان دون أن تخبرنى». وأضافت: «صدمنا حين عادت إلينا جثة، بعدما فقدت حياتها على يد جارة لنا». حديث أهالى المنطقة التقت «الوفد» عددًا من أهالى المنطقة والجيران، فأشاروا جميعهم إلى أن أهل الفتاة المقتولة يتصفون بالكرم، وليس لهم أى عداءات مع الأهالى، والفتاة كانت تتسم بالأدب الشديد والجمال والهدوء، ولا تلهو سوى مع أطفال الأقارب والجيران. «المجرمة كانت غير سوية منذ أول يوم سكنت فيه بالمنطقة».. بهذه الكلمات استهلت فوزية حمدان، إحدى مقيمات المنطقة، وأشارت إلى أن القاتلة كانت تعتاد اللجوء لاستلاف الأموال من الجيران دون استرجاعها، فضلاً عن انطوائها الملفت للنظر. وتابعت: «هى وعيالها كانوا منعزلين بشكل غريب جدًا كل اختلاطها مع الجيران كان فى حدود تلبية متطلبات منزلها فقط من أموال، أو زيت أو سكر وخلافه». فيما قالت زينب جمال، إحدى قاطنات المنطقة: «أهالى «شمس» فى حالهم وأخلاقهم عالية جدًا ومفيش خلاف بينهم وبين أى حد، أنا ساكنة هنا من 15 سنة وماسمعتش عنهم حاجة وحشة، والبنت المقتولة كانت مؤدبة جدًا ومش بتلعب مع أى طفل إلا من أبناء الجيران فقط، ومش بتتطاول أبدًا على حد بالشتيمة كغيرها من الأطفال علشان متربية كويس». ولم يكن حادث شمس الأول من نوعها بل يعد واحدا من عشرات حوادث الخطف أقربها ما حدث فى شهر نوفمبر، حينما تغيب مهند محمد عبدالله «15» سنة طالب بالصف الثالث الإعدادى، عن منزله ببركة السبع شرق مساكن الأرض الطيبة. وقال محمد عبدالله والد الطفل، إنه قام بالبحث عنه لدى جميع أصدقائه لكنه لم يجده، وتوجه إلى مركز الشرطة بالدائرة وحرر محضرًا رقم 20/16 7499 بتاريخ 26 نوفمبر، أكد فيه أنه لا توجد أى خلافات بينه وبين نجله، وطالب الشرطة بتكثيف جهودها للعثور عليه وإعادته لمنزله. وفى الرابع من شهر يناير الماضى، قطع أهالى قرية المنشأة الجديدة التابعة لمركز السنطة بمحافظة الغربية، طريق «السنطة – شرشابة» اعتراضًا على اختفاء طالبة من القرية، تدعى ولاء متولى بدوى، 16 عامًا، طالبة ثانوي، أثناء رجوعها من الدرس الخصوصى، و لم يستدل على مكانها، ما أثار غضب أهالى القرية بالكامل، فتجمهروا أمام منزل الفتاة المختطفة وقطعوا الطريق ومنعوا مرور أى مركبة به وأغلقوه تمامًا. وفى نفس الشهر تجمهر المئات من أهالى قرية «ديو الوسطى» التابعة لمركز السنبلاوين بمحافظة الدقهلية، وقطعوا طريق «السنبلاوين تمى الأمديد»، أمام القرية، بعد اختفاء محمد عوض أبو زيد، 15 سنة، طالب بالصف الثالث الإعدادى، وأشار أحد أهالى القرية إلى أن الطالب خرج منذ الساعة الثامنة صباحا لشراء وجبة الإفطار لأهله ولم يعد حتى الآن. كما دشن طلاب كلية التجارة بجامعة عين شمس، فى نفس الشهر، حملة على صفحات موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» للبحث عن زميلتهم الطالبة بالفرقة الرابعة، والتى اختفت بعد أدائها امتحان مادة الإحصاء، وأكد زملاؤها أنهم شاهدوها آخر مرة فى موقف الميكروباصات القريب من الجامعة، وأشاروا إلى أنها معتادة أن تعود إلى منزلها فور انتهاء الامتحان وعدم الانتظار مع زملائها. وأكد الدكتور عمرو الأتربى، عميد كلية التجارة، على صفحته الشخصية، أن الطالبة أدت امتحانها، وشوهدت آخر مرة فى موقف الميكروباص. تحليل نفسى ودوافع القتل الدكتورة هبة عيسوى، أستاذ الطب النفسى بجامعة عين شمس، ترى أن القاتلة أقدمت على هذه الجريمة لثلاثة أسباب، أولاً لضعف الوازع الدينى بداخلها وعدم خشيتها من المولى عز وجل، ثانيًا لظروفها الاجتماعية والاقتصادية، والتى دفعتها لقتل الطفلة من أجل المال حتى وإن كان قليلاً. وتابعت: «الدافع الثالث لكونها غريبة عن المنطقة، فاعتقدت أن دائرة الشك لن تحيط بها بالقدر الكافى، ومنها أقدمت على الجريمة، وشاركت أهل المجنى عليها الواجب لتبعد عنها الشبهات». ويرى اللواء فؤاد علام، وكيل مباحث أمن الدولة الأسبق، أن ما يتم تداوله فى على وسائل الإعلام حول ما يسمى ب«ظاهرة اختفاء الأطفال» ليس له أساس من الصحة، مشيرًا إلى أنها حوادث فردية ليست تعنى ظاهرة. وتابع: «وزارة الداخلية تبذل قصارى جهدها لتحقيق الأمن العام، وما تتناوله الوسائل الإعلامية من ظاهرة اختفاء الأطفال مسيس من قبل جهات تريد إحداث بلبلة للرأى العام ليس إلا».