أى سحر هذا الذي تقابله ما أن تطأ قدماك أرض مدينة غرناطة الأثرية بحى مصر الجديدة، غموض وجاذبية غريبة فى هذا المكان، يزول الغموض ويتلاشى العجب إذا تعرفت على تاريخ هذا الموقع الفريد، يعرفه سكان حى مصر الجديدة القدامى وما أقلهم الآن أما الجدد فكل ما يعرفونه عن المكان أنه كان سينما صيفية قبل 25 عاما ثم أغلقت وتركت مهملة.. المبنى الأثرى والأرض حولها تحولت مع مرور الزمن إلى مرتع للفئران وتجمع المهملات وتراكم الأتربة. مأمورية عمل أدخلتنى إلى مدينة غرناطة الأثرية يوم قررت شركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير مالكة المكان إعادة تطويره وفازت بمناقصة التطوير شركة المقاولون العرب لإدارة وصيانة القصور والآثار. فى حفل توقيع عقد التطوير تعرفنا على المكان الذى يعود تاريخه إلى 1905 أيام بدء إنشاء ضاحية مصر الجديدة التى كان إنشاؤها يهدف إلى جذب السكان إليها لتخفيف العبء على القاهرة ومن عوامل الجذب للضاحية الجديدة، أن يكون بها أماكن للترفيه، فتم إنشاء مبنى غرناطة الأثرى ومدرج سباق الخيل والنادى الذى شهد أول معرض للطيران أقيم فى مصر عام 1911 فى هذا المكان كان يقام سباق الخيول فى مصر وترتاده العائلات وعشاق الخيول فى هذا الوقت، كانت المنطقة المعروفة بحديقة الميريلاند تتبع حلبة السباق أيضاً قبل أن يتم تقسيم المنطقة والفصل بين الحديقة والمدرج، وفى عام 1961 تم نقل مدرج السباق خارج مصر الجديدة لتتحول إلى سينما صيفى ومكان ترفيهى وفى عام 2006 تم تسجيل المبنى من قبل التنسيق الحضارى كمبنى أثرى من الفئة الأولى وفقاً للقانون 144. عندما تدخل إلى المبنى وتترك العنان لخيالك تستشعر التاريخ وروحه وتذكرنى زميلة بفيلم النهر الخالد للفنانة فاتن حمامة والنجم عمر الشريف فى الرقصة الشهيرة التى جمعت بينهما فى «فراندة» النادى الذى التقيا فيه بعد غياب. السؤال الذى يفرض نفسه: من المسئول عن فقد كل هذا الجمال وتحوله إلى خرابة تنعى أياماً عظيمة وذكريات خالدة، العزاء الوحيد هو أنه أخيراً بدأت إجراءات إعادة إحياء المكان بمشروع تطوير قد يسهم فى إعادة جزء من التاريخ المفقود، الشكر للشركة القابضة للتشييد والتعمير وشركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير وشركة المقاولون العرب، التى أخذت على عاتقها مشروع التطوير والإحياء ليعيد لحى مصر الجديدة واحداً من أهم ملامحه الترفيهية التاريخية. ووفقاً لما تم إعلانه فى احتفال توقيع عقد التطوير فإن المشروع يشمل تطوير المقصورة الملكية والقباب وكل العناصر المعمارية التى تعرضت للتدمير وترميم المبنى، ومن المقترح استخدام المقصورة الملكية لإنشاء مطاعم والدور الأرضى لعرض تاريخ مصر الجديدة ومتحف صغير وقاعة لكبار الزوار، كما يشمل الدور العلوى مطاعم ومنه رؤية كاملة على حديقة المريلاند واستغلال السطوح لعمل سينما صيفى متنقلة. ويضم التطوير أيضاً مشروع تنمية مستقبلى خارج المبنى يدر دخلاً للشركة ومقترح تنمية المنطقة تحت الأرض احتراماً لقرار التنسيق الحضارى باعتباره مبنى أثرياً والمساحة المقترحة 5400 متر تحت الأرض بعمق 10 أمتار فى انتظار الافتتاح بعد 12 شهراً لنكون على موعد مع حلقة جديدة من حلقات استعادة تاريخ مصر.