الفارون: جيراننا المسلمون أخفونا وأمنوا رحلة هروبنا.. ونخشى على أقاربنا في العريش حصر تلاميذ المدارس والجامعات لاستكمال دراستهم بالإسماعيلية شهود عيان: القتلة لا تتجاوز أعمارهم 17 عاماً عايدة: خايفة علي أبنائي الخمسة رامي: ذبحوا صديقي أمام أبنائه وأكلوا الحلوي من ثلاجته صباح: الحياة اختلفت تماماً بعد ثورة يناير رمسيس: الخروج من العريش استغرق 8 ساعات علامات الخوف والرعب مازالت تسيطر على ملامح الصغار والكبار الذين وصلوا من العريش للإسماعيلية بعدما اضطروا لترك مدينتهم عقب اعتداءات متتالية شنتها الجماعات الإرهابية المسلحة على الأسر المسيحية مؤخراً وأودت بحياة نحو 7 أقباط. أما الكنيسة الإنجيلية بالإسماعيلية فكان الموقف محزناً مع توافد عشرات الأسر في سيارات ميكروباص وحافلات قادمين من العريش.. لجان من الشباب والفتيات من أبناء الكنيسة يستقبلون الأسر النازحة ويسجلون بياناتهم قبل أن يتم تسكينهم.. بدا إرهاق السفر وهول الموقف على الجميع.. فبين مشاعر الراحة للنجاة بأرواحهم من المهالك وبين مشاعر القلق على ذويهم الذين لم يتمكنوا من اللحاق بهم بعد.. بدا المشهد مرتبكاً ومتبايناً. قليل من الملابس والأمتعة هي التي استطاع هؤلاء المواطنون أن يحملوها معهم وهم خارجون من مدينتهم التي طالموا عاشوا وشهدوا فيها ذكريات لسنوات طويلة من الأمن والأمان، تركوا منازلهم وأمتعتهم وذكرياتهم وجيرانهم وفروا بأنفسهم وأطفالهم طالبين النجاة من اعتداءات الإرهابيين المسلحين في العريش. رفضت الأسر نشر تفاصيل هويتهم كاملة خوفاً من أن يتعقبهم الإرهابيون بعد عودتهم لسيناء ولكن كانت لديهم الرغبة في الإفصاح عن معاناتهم مع الإرهاب طوال السنوات الثلاث الماضية. تقول «عايدة. س» 45 سنة سيدة متزوجة «لدي 5 أطفال وزوجي يعمل تاجرا وهو مريض بالكبد اضطر مع الوضع المتوتر والصعب في العريش مؤخراً ووقوع حوادث اعتداءات على المسيحين أن يمكث في المنزل ولا ينزل إلا يوماً للعمل خوفاً من أن يتعقبه الإرهابيون»، وتابعت: «خرجنا من العريش بعد حوادث القتل والحرق لمنازل المسيحيين التي وقعت يومي الأربعاء والخميس الماضيين بالعريش حيث قتل الإرهابيون نحو 3 مسيحين داخل بيوتهم وقاموا بحرق منازلهم»، وأضافت: «أنا خايفة على عيالي وماكانش أمامي حل إلا أن نسيب أنا وجوزي العريش ونرحل لأي مكان بعيدا عن سيناء ويد الإرهاب». «مقتل وائل صديقي هو ما أرعبني وهزني من الداخل» هكذا بدأ رامي مكرم سائق تاكسي من العريش حديثه مع «الوفد» وقال «كانت حوادث القتل فردية ولم تكن تتم بشكل جماعي للأقباط حتى الشهر الحالي جاءت الأحداث كلها متلاحقة ومتتالية». فاستهداف الأقباط بات واسعاً وكانت أبرزها حادث مقتل صديقي «وائل يوسف» صاحب سوبر ماركت حيث دخل 3 ملثمين عليه المتجر وقاموا بإطلاق الرصاص عليه أمام زوجته وأولاده. وتابع «بلغ من جبروت القتلى أنهم بعدما أتموا قتل صديقي قاموا بفتح ثلاجة السوبر ماركت وشربوا مياهاً غازية وتناولوا الحلوى أمام زوجة القتيل وأولاده الذين أصابهم الهلع من هول المشهد»، وأضاف: «تعددت الحوادث والاعتداءات بالقتل والحرق وهو ما دفعني لتصفية أعمالي والهروب مع زوجتي وأطفالي الثلاثة». وقالت «صباح» في العقد الخامس من العمر «خرجت مع زوجي وابني باحثة عن الأمان بعدما طال الإرهاب بيوت الأقارب والمعارف من المسيحيين»، وتابعت: «عشت في سيناء 15 عاما لم أستشعر للحظة الخوف لكن الأمر عقب ثورة يناير بدا مختلفاً وازداد سوءاً في العامين الماضيين فهناك قسيس قتل منذ عدة أشهر وهناك معارف لنا تعرضوا للقتل والحرق». سيدة أخرى لم تتجاوز الثلاثين من عمرها وصلت ومعها طفلتاها دون العاشرة من عمرهما. أعربت عن مخاوفها من إجراء أي حديث صحفي وقالت ل«الوفد»: «الوضع صعب واحنا خرجنا بس لسه أهالينا جوه». ووافقتها الرأي قريبة لها والتي أعربت هي الأخرى عن قلقها بعد تمكنها وابنها من الخروج من العريش فيما لم يتمكن زوجها من الخروج لارتباطه بالعمل وعدم مقدرته على أخذ اجازة». في التاسعة مساء الجمعة وصلت أسرة رمسيس الى مقر الكنيسة الإنجيلية بعد يوم شاق من الخروج من العريش عبر دروب وطرق غير مستوية هرباً من العناصر الإرهابية.. رحلة شاقة قضتها الأسرة استغرقت نحو 8 ساعات قبل الوصول للإسماعيلية. وقال رامي الابن الأكبر للأسرة المكونة من 4 أفراد «تربطنا علاقة صداقة بأبورماني- السباك- آخر الضحايا الأقباط في العريش والذي قامت العناصر الإرهابية بذبحه» وتابع «أسرة الضحية روت لنا تفاصيل حادث قتله حيث قام المسلحون بقطع التيار الكهربائي عن المنزل وعدد من المنازل المجاورة قبل الهجوم على البيت وقاموا بالهجوم على البيت وتعقب «أبورماني» أعلى سطح منزله وقاموا بذبحه وبعدها قاموا بإشعال النار بالمنزل وفروا هاربين»، وتابع «إن المهاجمين أعمارهم لم تتجاوز السابعة عشرة على حسب رواية شهود العيان»، و«تواردت أنباء أن الإرهابيين رصدوا مبلغ 70 ألف جنيه لمن يدل على الأسر المسيحية ولكن هذا الأمر بات يتردد في جنبات المدينة ولا ندري إن كان صحيحاً أم شائعات» وتابع «بالأمس أخطرت الكنيسة بحتمية الخروج من العريش حفاظاً على أرواحنا وطالبتنا بتوخي الحذر والحيطة أثناء الخروج». وقال «بيتر» طالب جامعي «لا أعلم إن كنت سأتمكن من العودة للعريش مرة أخرى لأداء امتحاناتي أم لا؟.. فالأمر هناك صعب للغاية على الجميع وعلى الأقباط بصفة خاصة». السيدة ليلى في العقد الخامس من العمر طالبت هي الأخرى عدم نشر أسماء وصور الأسر المتضررة لتخوفها على تلك الأسر عقب عودتهم مرة أخرى لسيناء ومخاوفها على الأقباط الذين مازالوا بالعريش ولم يحالفهم الحظ حتى الآن للخروج. وقالت: «الوضع هناك صعب للغاية والرعب والهلع الظاهر على وجوه الأطفال والنساء يكفي ليعكس حجم الوضع السيئ بسيناء للأقباط». وافقتها الرأي سيدة في العقد الرابع من العمر ورفضت التصوير والإفصاح عن هويتها مطالبة بمراعاة مشاعرهم ومشاعر ذويهم، وأكدت أن الأسر المسيحية تكتوي بنار الإرهاب وليس أمها حل سواء الهجرة وإن كانت رحلة الهجرة في حد ذاتها بها الكثير من المخاطر خوفاً من استهدافنا على الطرق. وتابعت: «لولا مساعدة جيراننا المسلمين لنا وقيامهم بإخفائنا وتأمين رحلة السفر كان من المنتظر أن يصيبنا أذى ولكن الرب حفظنا وسلمنا». على الأعناق حمل أحمد وسمير– شباب من المتطوعين– العم والذي تجاوز من العمر السبعين بقليل.. كانت علامات الإعياء والمرض واضحة على ملامحه من رحلة السفر التي استمرت لنحو أربع ساعات متواصلة بعد تسهيل الأجهزة الأمنية وقوات الجيش للسيارات الوصول للإسماعيلية. وبدأت كنائس الإسماعيلية أمس استقبال عدد من الأسر المسيحية القادمة من مدينة العريش بسبب الأحداث التى شهدتها سيناء خلال الأيام الماضية واستهداف «تنظيم بيت المقدس» لعدد من الأقباط وقتلهم على مدار الأسبوعين الماضيين. وقالت مصادر كنسية بالإسماعيلية إن الكنيسة الإنجيلية قد استقبلت 25 أسرة قبطية نازحة من مدينة العريش فى أعقاب أحداث القتل التى استهدفت الأقباط هناك، وتم الانتهاء من تسكينهم فى عدد من الوحدات السكنية المختلفة. وقد بلغ عدد الأسر المسيحية الفارة من الإرهاب حتي أمس 70 أسرة. وقال القمص سوريال عزيز، راعي كنيسة الملاك بالإسماعيلية، إن «عدد الأسر المسيحية التي وصلت خلال ال72 ساعة الماضية للإسماعيلية، وصل لنحو 70 أسرة، تم تسكينهم داخل نزل الشباب، وبيوت الشباب، ومساكن خاصة، وأخرى تابعة للكنيسة». أكد «عزيز»، أن الأسر تصل إلى مقري مطرانية الأرثوذكس الأقباط والكنيسة الإنجيلية، وتم حصر أعدادهم وبياناتهم. وأشار إلى أن الأجهزة التنفيذية بالمحافظة شكّلت لجانًا خاصة لحصر أعداد تلاميذ المدارس وطلبة الجامعات لإلحاقهم بالمدارس والجامعات، حفاظاً على مستقبلهم الدراسي. أضاف، أنه جارٍ تجهيز أماكن لاستقبال أي أعداد قادمة خلال الساعات المقبلة. وقال إن «الإرهاب لا دين له ولا وطن، وإن الإرهابيين يسعون لإحداث الفتنة في مصر، ولكن محاولتهم تبوء بالفشل، وتضافر الإخوة المسلمين مع المسيحيين يعكس حجم التلاحم بين نسيج الأمة المصرية». وقال فاخر عبدالعزيز وكيل وزارة التربية والتعليم بالإسماعيلية إن مدارس الإسماعيلية تفتح أبوابها لجميع التلاميذ المسيحيين المتضررين من الأعمال الإرهابية بسيناء والذين وصلوا أمس الأول الجمعة للإسماعيلية. وأعطى فاخر تعليمات لمديري الادارات التعليمية شمال وجنوب الإسماعيلية للتواصل مع المحافظة والكنيسة لحصر بيانات وأعداد التلاميذ في المراحل التعليمية المختلفة لإلحاقهم بالمدارس وتسليمهم الكتب المدرسية. وأصدر الدكتور ممدوح غراب رئيس جامعة قناة السويس قراراً بتشكيل فريق طبي يضم كافة التخصصات الطبية يترأسه الدكتور هاني الدمياطي مدير عام المستشفيات الجامعية لإجراء الكشف الطبي على الأسر المسيحية النازحة من العريش للإسماعيلية والتي وصلت لمقر الكنائس الإنجيلية والأرثوذكسية بالإسماعيلية. وأكد «غراب» انه تم التنسيق مع القيادات بالكنيسة لإجراء الكشف الطبي على المرضى منهم. وقال إنه يجري الآن بالتعاون مع رجال الكنيسة حصر أعداد الطلاب الدارسين بفرع جامعة القناة بالعريش لضمهم لزملائهم بجامعة قناة السويسبالإسماعيلية حرصاً على مستقبلهم الدراسي. وأعلنت الدكتورة كريمة حلمي وكيل وزارة التضامن الاجتماعي بالإسماعيلية فتح نزل الشباب الدولي بالإسماعيلية لاستقبال الأسر وتوفير سبل الإعاشة من أغطية وأسرة. وأكدت وكيل وزارة التضامن أنه تم حصر تلاميذ المدارس لإلحاقهم بالمدارس المختلفة في المراحل التعليمية بالإسماعيلية حرصاً على مستقبل التلاميذ الدراسي.