أعلن المهندس طارق قابيل، وزير التجارة والصناعة، عن انخفاض عجز الميزان التجارى لمصر مع نهاية عام 2016 بنحو 9 مليارات دولارات، موزعة بين 7 مليارات دولارات منها انخفاضاً فى الواردات، و2 مليار دولار زيادة فى الصادرات، فهل سيكون لتعويم الجنيه تأثير على مزيد من خفض عجز الموازنة عام 2017، أم أن هناك متطلبات يجب أن تكون مصاحبة لتعويم الجنيه. وأكد تقرير للمركز المصرى للدراسات الاقتصادية أن تراجع الواردات نتيجة للإجراءات التى اتخذتها الحكومة والجهاز المصرفى للحد من نمو الواردات بهدف تحفيز الصناعة المحلية والحد من استنزاف الموارد الدولارية. وطالب التقرير بإجراء تحليل حساسية شامل لتأثير تغيرات أسعار الصرف على مؤشرات التصدير وكلفة الواردات، خاصة أنه من المرجح تحسن تغيرات أسعار الصرف من القدرة التنافسية التجارية، مطالبة بتسهيل المعاملات التجارية الخارجية مثل تسهيل إصدار التراخيص وإجراءات التخليص الجمركى والمعاملات الضريبية وتكلفة تمويل الصفقات وتقليص عدد الإجراءات والموافقات المطلوبة، إلى جانب تنفيذ استراتيجية للتنمية الصناعية. وانتهى التقرير إلى أن تخفيض قيمة الجنيه المصرى وحده لن يحقق التأثير المتوقع على زيادة تنافسية الصادرات، منوهًا بأنه لإجراء خفض حقيقى للعجز فى الميزان التجارى يتطلب توسيع القاعدة الإنتاجية والعمل على رفع جودة المنتجات المصرية سواء لتغطية احتياجات السوق المحلى ومواجهة المنافسة فى الأسواق المحلية، والتصدير للخارج. ومن جانبها قالت عزة فؤاد نصر إسماعيل، الخبيرة الاقتصادية، إن النموذج النظرى لصندوق النقد يفترض أنه يترتب على تخفيض العملة المحلية رفع درجة القدرة التنافسية السعرية للصادرات وزيادتها، إلى جانب التحول نحو الطلب على السلع المنتجة محلياً بدلاً من تلك المستوردة، أو يشجع الصناعات البديلة للواردات، وهو ما يساعد على تخفيض العجز فى الميزان التجارى أو تحقيق فائض فيه، والعكس فى حالة رفع قيمة العملة المحلية. وأضافت: أنه فى الحالة المصرية لم يحدث ذلك بسبب ضعف مرونة الجهاز الإنتاجى لتلبية الطلب المحلى البديل للطلب على الواردات عند تحويل المقيمين فى مصر من الطلب على الواردات عالية السعر بعد تخفيض قيمة الجنيه المصرى أمام الدولار، وضعف مرونة هذا الجهاز عن تلبية الزيادة فى الطلب على الصادرات التى تصبح منخفضة السعر إلى جانب ضعف مرونة الواردات، حيث لن تستجيب بالانخفاض لارتفاع سعرها عند انخفاض الجنيه أمام الدولار، حيث تمثل الواردات المصرية ضعيفة المرونة أو غير مرنة من (الوقود والزيوت المعدنية ومنتجاتها من إجمالى الواردات 16.7٪، وتمثل واردات المواد الخام من إجمالى الواردات المصرية 11.6٪، وتمثل واردات السلع الوسيطة من إجمالى الواردات 23.9٪، كما تمثل الواردات الاستثمارية 24.5٪ من إجمالى الواردات)، أى حوالى 77٪ واردات لا غنى عنها للإنتاج وغير مرنة لكى يتم التحول عنها للإنتاج المحلى، وبالتالى ترتفع قيمة الواردات من مستلزمات الإنتاج والمواد الخام والسلع الاستثمارية اللازمة للإنتاج، مما يؤدى إلى زيادة عجز الميزان التجارى عند بداية الإصلاح الاقتصادى وينخفض المنحنى الممثل للميزان التجارى، ويعلق منهج صندوق النقد الدولى الآمال فى تحسن الميزان التجارى فى الأجل الطويل ويرتفع منح الميزان مشيراً لتحسن. وعن كيفية تحسين الميزان التجارى قالت عزة فؤاد: لابد على الأجل الطويل أن يتوفر ضمان وجود استثمارات وخريطة استثمارية فى إنتاج سلع للتصدير مباشرة بهيكل منوع، حيث يتنوع هيكل الصادرات ولا يعتمد فقط على الصادرات الأولية والزراعية غير مرنة العرض، والتى يتم من آن لآخر حظر استيرادها مثل البطاطس والفراولة والخضر والفواكه بقرارات من هيئة السلامة الغذائية بدعوى التلوث وريها بمياه ملوثة، فتقل الصادرات ولا يكون هناك قيمة لسياسة تخفيض قيمة الجنيه. وأشارت إلى التنافسية الحقيقية للصادرات ليست تنافسية سعرية نظرية كما يدعيها صندوق النقد الدولى، والتى عند تطبيقها فى الواقع تؤدى إلى انفلات تضخمى يعتذر من أجله الاقتصاديون عن المناصب الوزارية، ويموت من يبحث عن علاج، فلا يجد لارتفاع المادة الفعالة المستوردة اللازمة لإنتاج الدواء بالداخل، وإنما هو إصلاح قائم على خطط إنتاج متنوع ذي أولويات للتنمية بخريطة نحو الإنتاج الأنظف والسلامة الغذائية ذات السمعة الجيدة والمواصفات العالمية المقبولة. وتساءلت عزة نصر: إلى متى سيدفع المواطن المصرى ثمن فاتورة إصلاح صندوق النقد الدولى بعد أن أعلنت بعثة الصندوق أنها لم تكن تتخيل أن الجنيه المصرى سينهار أمام الدولار، فهل بعد ذلك نبحث عن اقتصاديون للحكومة الجديدة؟ أين كان الاقتصاديون عند بداية التفاوض؟ ومن واضع الدراسات التى على أساسها تم الاتفاق؟ وإلى متى يأكل المصريون الصادرات المصرية التى يتم رفضها من أجل صحة المواطن الغربى؟