الأعلى للإعلام يعاقب عبد العال    أحمد المسلماني يدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب    روني يهاجم صلاح ويطالب سلوت بقرار صادم لإنقاذ ليفربول    «بعد ضجة البلوجر سلمى».. نصائح مهمة تحميكي من التشتت وتثبتك على الحجاب    مظهر شاهين: برنامج «دولة التلاوة» نجح فى أن يعيد القرآن إلى صدارة المشهد    الأمن السورى يمدد حظر التجول فى حمص    ننشر قرار زيادة بدل الغذاء والإعاشة لهؤلاء بدايةً من ديسمبر    تنميه تعلن عن تعاون استراتيجي مع VLens لتعجيل عملية التحول الرقمي، لتصبح إجراءات التسجيل رقمية بالكامل    شاهد بالبث المباشر الآن.. مباراة الدحيل × الاتحاد بث مباشر دون "تشفير" | دوري أبطال آسيا للنخبة    ضبط المتهمين بالرقص بدراجاتهم النارية داخل نفق بالشرقية    تأجيل محاكمة القيادي يحيي موسي و24 متهم آخرين بتنظيم " الحراك الثوري المسلح "    وزير التعليم يلتقى ممثلين من إيطاليا لتوقيع برتوكول لإطلاق 89 مدرسة تكنولوجية    مسلم يفجر مفاجأة ويعلن عودته لطليقته يارا تامر    يسرا ودرة يرقصان على "اللي حبيته ازاني" لحنان أحمد ب "الست لما"    نقابة الموسيقيين على صفيح ساخن.. النقيب مصطفى كامل: لا أحب أن أكون لعبة فى يد عصابة كل أهدافها الهدم.. وحلمى عبد الباقى: فوجئت بتسجيل صوتى يحتوى على إهانات وكلمات صعبة عنى ولن أسكت عن حقى    محمد مسعود إدريس من قرطاج المسرحى: المسرح فى صلب كل الأحداث فى تونس    المستشار الألماني يستبعد تحقيق انفراجة في مفاوضات السلام الخاصة بأوكرانيا خلال هذا الأسبوع    الرئيس التنفيذي لهونج كونج يشكك في جدوى العلاقات مع اليابان بعد النزاع بشأن تايوان    خلال زيارته لوحدة بني عدي.. محافظ بني سويف يوجه بمتابعة رضيعة مصابة بنقص هرمون الغدة الدرقية    "القاهرة الإخبارية": القافلة 79 تحمل أكثر من 11 ألف طن مساعدات إلى غزة    وزيرة التنمية المحلية تتابع سير انتخابات مجلس النواب بمحافظات المرحلة الثانية    وزير قطاع الأعمال يبحث مع سفير ألمانيا تعزيز التعاون الصناعي والاستثماري    ضبط 1038 مخالفة مرورية لعدم ارتداء الخوذة    إصابة 8 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص فى ترعة على طريق دمياط الشرقى بالمنصورة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فاجتهد ان تكون باب سرور 000!؟    احزان للبيع..حافظ الشاعر يكتب عن:حين يختلط التاريخ بالخطابة الانتخابية.    «الرزاعة»: إنتاج 4822 طن من الأسمدة العضوية عبر إعادة تدوير قش الأرز    إصابة 8 عمال زراعة بتصادم سيارة وتوكوتك ببني سويف    المرأة الدمياطية تقود مشهد التغيير في انتخابات مجلس النواب 2025    رغم بدء المرحلة الثانية…انتخابات مجلس نواب السيسي تخبط وعشوائية غير مسبوقة والإلغاء هو الحل    وكيل الأزهر يستقبل نائب وزير تعليم إندونيسيا    تشابي ألونسو: النتيجة هي ما تحكم.. وريال مدريد لم يسقط    اليوم.. إياب نهائي دوري المرتبط لكرة السلة بين الأهلي والاتحاد    الداخلية تواصل عقد لقاءات مع طلبة المدارس والجامعات للتوعية بمخاطر تعاطى المواد المخدرة    استقبال 64 طلبًا من المواطنين بالعجوزة عقب الإعلان عن منظومة إحلال واستبدال التوك توك بالمركبات الجديدة    مدير أمن القليوبية يتفقد لجان انتخابات مجلس النواب للاطمئنان على سيرها بانتظام    كأس العرب - حامد حمدان: عازمون على عبور ليبيا والتأهل لمرحلة المجموعات    الفيضانات توقف حركة القطارات وتقطع الطرق السريعة جنوبي تايلاند    هبوط المؤشر الرئيسي للبورصة بمنتصف التعاملات بضغوط تراجع أسهم قيادية    طريقة عمل سبرنج رول بحشو الخضار    أحمد صيام يعلن تعافيه من أزمة صحية ويشكر نقابة المهن التمثيلية    بانوراما الفيلم الأوروبي تعلن برنامج دورتها الثامنة عشرة    رئيس الطائفة الإنجيلية يدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب: المشاركة واجب وطني    د. أحمد ماهر أبورحيل يكتب: الانفصام المؤسسي في المنظمات الأهلية: أزمة حقيقية تعطل الديمقراطية    وزارة الدفاع الروسية: مسيرات روسية تدمر 3 هوائيات اتصالات أوكرانية    البرهان يهاجم المبعوث الأمريكي ويصفه ب"العقبة أمام السلام في السودان"    الوزراء: مصر في المركز 65 عالميًا من بين أفضل 100 دولة والأولى على مستوى دول شمال إفريقيا في بيئة الشركات الناشئة لعام 2025    كيفو: محبط من الأداء والنتيجة أمام ميلان.. وعلينا التركيز أمام هجمات أتلتيكو مدريد المرتدة    وزير الصحة يستعرض المنصة الرقمية الموحدة لإدارة المبادرات الرئاسية ودمجها مع «التأمين الشامل»    الرعاية الصحية بجنوب سيناء تتابع خطة التأمين الطبي لانتخابات مجلس النواب    أسباب ونصائح مهمة لزيادة فرص الحمل بشكل طبيعي    رئيس حزب الجبهة الوطنية يدلى بصوته في انتخابات النواب 2025    سعر صرف الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 24 -11-2025    مسلم: «رجعت زوجتي عند المأذون ومش هيكون بينا مشاكل تاني»    أدعية المظلوم على الظالم وفضل الدعاء بنصرة المستضعفين    تامر حسني يعود إلى مصر لاستكمال علاجه.. ويكشف تفاصيل أزمته الصحية    فون دير لاين: أي خطة سلام مستدامة في أوكرانيا يجب أن تتضمن وقف القتل والحرب    موعد مباريات اليوم الإثنين 23 نوفمبر 2025| إنفوجراف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحلات حج الأقباط إلى بيت المقدس ازدهرت أثناء الحكم الإسلامى وانحسرت مع الاحتلال الصهيونى
نشر في الوفد يوم 06 - 01 - 2012

لأجلك يا مدينة الصلاة اصلي.. لأجلك يا بهية المساكن.. يا زهرة المدائن.. يا قدس يا قدس يا مدينة الصلاة أصلي... عيوننا إليك ترحل كل يوم.. تدور في أروقة المعابد.. تعانق الكنائس القديمة.. وتمسح الحزن عن المساجد
. هى القدس درة المدائن، تهفو إليها القلوب ويسعى إليها مختلف الأجناس والديانات بحثا عن ظلال السكينة التى تلقيها المآذن وترسلها الكنائس وترسمها الصوامع، يحج إليها الأقباط من كل صوب، حيث تبدأ الرحلة بالصوم والصلاة ثم زيارة القبر ثم زيارة جبل صهيون وجبل الزيتون ووادى يهوشافاط وبيت لحم وجبل تابور وغيرها من الأماكن المقدسة التى شهدت معجزات السيد المسيح ثم يستحم الحاج فى نهر الأردن ويأخذ غصن نخل من أريحا ليقدمه عند رجوعه إلى الخورى ليضعه على المذبح كعلامة على استكمال زيارته ولذلك يسمى زوار فلسطين بالنخليين ويسمى الحاج عند المسيحيين بالمقدس نسبة إلى بيت المقدس. ولم يقتصر المسيحيون فى حجهم على زيارة الأماكن المقدسة فى فلسطين بل يذهب بعضهم إلى مصر لزيارة الصوامع التى أقام فيها القديس أنطونيوس الكبير والقديس بولس الطيوى أول ناسك هناك ويقصد آخرون مدينة روما ثانى الأراضى المقدسة حيث يزورون ضريحى القديسين بطرس وبولس وحضور اليوبيل المبارك الذى كان يقام آخر سنة من كل قرن ثم اصبح آخر كل 33 سنة ثم كل 25 سنة.
وتشير الروايات إلى أن أول حج للقدس كان فى أوائل القرن الثانى الميلادى ثم تتابعت منذ القرن الرابع الميلادى عندما اعتنق الامبراطور قسطنطين المسيحية عام 337 م وجعلها الديانة الرسمية للدولة الرومانية، ثم بدأ الكشف عن معالم القبر ومكان المهد والجلجلة وقامت الإمبراطورة «هيلينا» والدة قسطنطين بزيارة فلسطين وأنشأت 3 كنائس أشهرها كنيسة القبر المقدس ولم يبق منها سوى كنيسة المهد التى شيدت فوق مغارة بيت لحم، ثم توالى البناء بجهود الأباطرة ورجال الدين والأثرياء فأنشئت الكنائس والأديرة والمستشفيات وفنادق الحجيج ورافق ذلك حركة حج عظيمة استمرت بعد الفتح الإسلامى وشهدت ازدهارا ملحوظا حتى احتل الصليبيون القدس عام م ولم تتوقف بعد استعادة المسلمين القدس وتواصل قدوم الحجاج والكهنة المسيحيين إلى فلسطين طوال القرنين الرابع والخامس عشر. ومع قيام الكيان الصهيونى عام 1948م واحتلال معظم الأراضى الفلسطينية عام 1967 تراجعت حركة الحج وبدأت تنحسر بسبب الإرهاب والقمع وتشويه الأماكن المقدسة.
المبدعون وسحر الشرق
ترجمات قصص ألف ليلة وليلة والقصص والأشعار الخيالية التى كتبها أدباء وحجاج وقناصل الغرب عن الشرق الهبت جوارح الملايين واصابهم سحر الشرق بالهوس حتى أصبحت زيارة الشرق حلماً راود كثيراً من الأوروبيين عند مطلع القرن التاسع عشر الميلادي واندفع بعض الأدباء والشعراء الأوروبيين إلى زيارة بلدان الشرق مثل مصر وسورية ولبنان والأماكن المقدسة في فلسطين وزيارة مدينة القدس بشكل خاص لأنها تحمل بعداً دينياً وسجلوا مشاهداتهم وانطباعاتهم فى أعمال إبداعية كان لها رواج كبير.
يقف في طليعة المفتونين الكاتب الفرنسي فرانسوا رينيه دي شاتوبريان (1768- 1848) أحد زعماء الحركة الرومانتيكية في الأدب الفرنسي، وهو ً من الكتاب المؤثرين على الفكر الغربي من ناحية الاستشراق، قام شاتروبريان برحلة إلى الشرق خلال عامي 1806-1807 وأبحر من إسبانيا إلى اليونان ومنها سافر إلى تركيا من أجل الحصول على إذن للسفر إلى فلسطين لسببين أولهما أداء فريضة الحج وزيارة الأماكن المقدسة وثانيهما البحث عن صور شهداء المسيحيين الأوائل كما ذكر في مقدمة كتاب رحلته قائلاً: (إنما جئت الشرق لأفتش عن صور الشهداء)، والشهداء الذي يقصدهم شاتوبريان هم أبطال روايته الشهيرة التي سماها (الشهداء) وقص في تلك الرواية حياة النصارى الذين كابدوا في أول عهدهم الاضطهاد والعذاب في سبيل دينهم من قبل الرومان، أما انطباعاته عن القدس خاصة والشرق عامة فقد دونها في كتاب شوَّق به الفرنسيين إلى زيارة القدس مهبط الأنبياء وكان تحت عنوان (رحلة الطريق من باريس إلى القدس) ونشر في باريس عام 1811، وقد اتسمت كتابات شاتوبريان بمعاداته للعرب والمسلمين وحث في مقدمة الطبعة الثانية لرحلته التي صدرت عام 1826 فرنسا على احتلال الشرق.
أما الأديب والمؤرخ والدبلوماسي والسياسي الفرنسي الفونس دي لامارتين (1790- 1869) الذي أحب الشرق، وعشق الحرية، ونادى بتحرير الشعوب المغلوبة على أمرها. فقد سار على درب مخالف لشاتوبريان وبدأ رحلته من ميناء مرسيليا في 1832 ومر بمالطا وأثينا حتى وصل إلى ميناء بيروت في ومنها توجه براً لزيارة دمشق وبعدها توجه إلى الأراضي الفلسطينية، وقد رافقه في رحلته تلك زوجته وابنته جوليا وحاشية كبيرة، وصل لامارتين وصحبه إلى القدس وكان وباء الطاعون متفشياً في المدينة، وقد بعث لامارتين رسالة إلى صديقه (فيرو) حدثه فيها عن الوباء المنتشر في القدس جاء فيها: (لقد طفت مدة خمسة وأربعين يوماً، فزرت الخليل وفلسطين.. وكان الطاعون متفشياً في القدس، لكن هذا لم يمنع من دخولي إليها، وعدت سليماً معافى مع حاشيتي الكبيرة بفضل الاحتياطات التي اتخذتها علي يد إبراهيم باشا)، وبعد تجوال لامارتين في القدس بهرته معالمها الدينية والتاريخية التي دفعته إلى التأمل والتساؤل عن سر عظمة المكان فيقول: (لو عشت في القدس، لاخترت، أنا الشاعر البسيط زمن الانحدار والصمت، لاخترت مكان إقامتي وحجر راحتي تماماً ما اختاره داوود، في صهيون إنه أجمل منظر في المنطقة.. )، هذه النزعة الدينية القوية لدى لامارتين دعته إلى الإيمان بالتآخي ما بين الأديان على خلاف ما روج له مواطنه الشاعر شاتوبريان، وبعد أن تحقق حلم لامارتين وزار الشرق وصف مشاعره قائلاًَ: (عبر كل حياتي كان الشرق هو حلمي الذي يبدو ظلمات العيش في موطن رأسي) وقد دون لامارتين ذكرياته وانطباعاته عن رحلته في كتاب بعنوان (رحلة إلى الشرق) ويذكر في مقدمة الرحلة: (هذا ليس بكتاب أو رحلة، إنه كتاب، أو بالأحرى قصيدة عن الشرق)، ويؤكد لامارتين كونه شاعراً أو فيلسوفاً وليس بحاج إلى الأماكن المقدسة، ولقد أثارت رحلة لامارتين إلى الشرق شجون الكتاب والشعراء والأدباء الغربيين وقال أحدهم: (إن لامارتين أكبر شاعر خيالي شهدته العصور)، أما جول ليمتر فيقول عن الشاعر لامارتين: (ليس هو شاعراً، إنما هو الشعر ذاته). وخلال الأعوام 1849-1852 قام الأديب والروائي الفرنسي غوستاف فلوبير (1821- 1880) برحلة إلى الشرق وزار مصر وفلسطين وسورية وقبرص، وذكر بأن الدافع إلى القيام برحلته هو جمع مواد ملحمة القرطاجية (سلامبو) نشيد المدنية والعبقرية الفينيقية، وصل فلوبير إلى القدس فى 1850 قادماً من بيروت، ودهش بجمالها وطبيعتها، وعبر عن ذلك في الرسالة التي بعثها إلى أمه قائلاً: (تبدو لي البلاد رائعة، على عكس ما تعرف به)، وأثناء تجوال فلوبير في المدينة تخيل السيد المسيح عليه السلام وهو يصعد (جبل الزيتون) في القدس، ثم استوقفه مسجد عمر رضي الله عنه ووصفه بالجميل، وقد دون انطباعاته وذكرياته عن رحلته المشرقية في كتاب جاء تحت عنوان (رحلة إلى مصر)، وتجد أيضا َ آثار رحلته ضمن أعماله الأدبية كمجموعته القصصية (هيروديا) أوفي روايته (تأملات سانت أنطوان وسلامبو).
ومن الأدباء والشعراء الأجانب الذين زاروا الشرق الأديب القاص والروائي والكاتب المسرحي الروسي نيقولاي غوغول (1809- 1852) صاحب قصة المعطف ورواية الأرواح الميتة، فبعد زيارته لإيطاليا أبحر غوغول سنة 1848 من ميناء نابولي، على متن الباخرة المتوجهة إلى بيروت واستقبله صديق دراسته قسطنطين بازيلي وقد استضافه بازيلي في منزله في بيروت بضعة أيام، وبعدها اصطحب غوغول صديقه بازيلي لزيارة الأماكن المقدسة في فلسطين وأداء فريضة الحج، ليحقق غوغول حلمه بزيارة القدس في فترة أزمته الروحية والفكرية، وتجول غوغول في أحياء القدس وأسواقها وزار المعالم الدينية والتاريخية،
ولكنه لم يحصل على ما كان يحلم به من طمأنينة روحية، وهذا ما دفعه إلى مغادرتها بعد بضعة أيام من وصوله إليها، وذكر غوغول في نصوص رحلته التي دونها ونشرت ضمن مجموعة أعماله الكاملة الصادرة في موسكو عام 1952 عن الفائدة التي جناها من رحلاته وأسفاره التي قام بها إلى ألمانيا وسويسرا وباريس وروما وروسيا وبلاد الشرق ويصف نفسه على أنه أصبح مرهف الإحساس في كل شيء يجيد الاستمتاع بالأشياء الصغيرة من تدرج الألوان في الطبيعة، وأبرزت الكلمة الشعرية الحية مراميه البعيدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.