إسرائيل تعلن إدخال 344 شاحنة مساعدات إلى قطاع غزة    إنجاز ريال مدريد| رقم قياسي جديد ينتظر الأهلي قبل مواجهة مازيمبي    تحرير 78 مخالفة فى حملة تموينية بالإسماعيلية    منها «ضمان حياة كريمة تليق بالمواطن».. 7 أهداف للحوار الوطني    موعد اجتماع البنك المركزي المقبل.. 23 مايو    الطماطم ب5 جنيهات .. أسعار الخضراوات والفاكهة اليوم الجمعة 26 إبريل    إنفوجراف| ارتفاع أسعار الذهب مع بداية تعاملات اليوم الجمعة 26 أبريل    وزير الإنتاج الحربي يتابع موازنة الشركات للعام المالي 2023 2024    بعد ساعات من تطبيقه.. لماذا لجأت الدولة لعودة العمل ب التوقيت الصيفي؟    أستاذ تخطيط: تعمير سيناء شمل تطوير عشوائيات وتوفير خدمات    دراسة مشروع واعد لتحويل قناة السويس إلى مركز إقليمي لتوزيع قطع الغيار    إزالة 30 حالة تعد ضمن المرحلة الثالثة للموجة ال22 بالبحيرة    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مسجد النصر بشمال سيناء    رئيس الصين لوزير الخارجية الأمريكي : يجب على البلدين الالتزام بكلمتهما    احتجت على سياسة بايدن.. أسباب استقالة هالة غريط المتحدثة العربية باسم البيت الأبيض    أمريكا تعد حزمة مساعدات عسكرية جديدة إلى أوكرانيا    خبير: الاحتلال وغياب أفق التسوية وراء تصاعد المواجهات الدم وية في غزة    وزير التعليم العالي يبحث مع نائب رئيس جامعة لندن تعزيز التعاون المشترك    حسام المندوه : الزمالك جاهز لموقعة العودة أمام دريمز .. وهناك تركيز شديد من الجميع    تواجد مصطفى محمد| تشكيل نانت المتوقع أمام مونبلييه في الدوري الفرنسي    تشافي يطالب لابورتا بضم نجم بايرن ميونخ    اتحاد جدة يكشف تفاصيل إصابة بنزيما وموقفه من مباراة الشباب    أرسنال يختبر قوته أمام توتنهام.. ومواجهة محفوفة بالمخاطر لمانشستر سيتي    نقيب أطباء الأسنان يدلي بصوته في انتخابات التجديد النصفي بلجان الإسكندرية    بلطجية يقتحمون الشقق فى الإسكندرية .. الأمن يكشف حقيقة المنشور المثير    «الداخلية»: ضبط متهم بإدارة كيان تعليمي وهمي في الاسكندرية    مأساة في حريق شقة «التجمع الأول».. النيران تلتهم طفلين وتصيب الثالثة (تفاصيل)    أمن القاهرة يكشف غموض بلاغات سرقة ويضبط الجناة | صور    عرض افلام "ثالثهما" وباب البحر" و' البر المزيون" بنادي سينما اوبرا الاسكندرية    أفكر في الزواج للمرة الثانية، أبرز تصريحات صابرين بعد خلعها الحجاب    توقعات علم الفلك اليوم الجمعة 26 أبريل 2024    في ذكرى ميلادها.. أبرز أعمال هالة فؤاد على شاشة السينما    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من الحرمين الشريفين    دعاء صباح يوم الجمعة.. أدعية مستحبة لفك الكرب وتفريج الهموم    الصحة: إجراء فحص طبي ل 1.688 مليون شاب وفتاة مقبلين على الزواج    تنظيم قافلة طبية مجانية ضمن «حياة كريمة» في بسيون بالغربية    طريقة عمل هريسة الشطة بمكونات بسيطة.. مش هتشتريها تاني    نائب وزير خارجية اليونان يزور تركيا اليوم    طرق بسيطة للاحتفال بيوم شم النسيم 2024.. «استمتعي مع أسرتك»    كارثة كبيرة.. نجم الزمالك السابق يعلق على قضية خالد بو طيب    حزب الله ينشر ملخص عملياته ضد الجيش الإسرائيلي يوم الخميس    رمضان صبحي: نفتقد عبد الله السعيد في بيراميدز..وأتمنى له التوفيق مع الزمالك    الشركة المالكة ل«تيك توك» ترغب في إغلاق التطبيق بأمريكا.. ما القصة؟    منها «عدم الإفراط في الكافيين».. 3 نصائح لتقليل تأثير التوقيت الصيفي على صحتك    اكتشاف فيروس إنفلونزا الطيور في 20% من عينات الألبان في الولايات المتحدة    واعظ بالأزهر: الإسلام دعا إلى صلة الأرحام والتواصل مع الآخرين بالحسنى    جامعة الأقصر تحصل على المركز الأول في التميز العلمي بمهرجان الأنشطة الطلابية    لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟    أدعية السفر: مفتاح الراحة والسلامة في رحلتك    فضل أدعية الرزق: رحلة الاعتماد على الله وتحقيق السعادة المادية والروحية    حكاية الإنتربول مع القضية 1820.. مأساة طفل شبرا وجريمة سرقة الأعضاء بتخطيط من مراهق    أبناء أشرف عبدالغفور الثلاثة يوجهون رسالة لوالدهم في تكريمه    بعد سد النهضة.. أستاذ موارد مائية يكشف حجم الأمطار المتدفقة على منابع النيل    سلمى أبوضيف: «أعلى نسبة مشاهدة» نقطة تحول بالنسبة لي (فيديو)    أحمد كشك: اشتغلت 12 سنة في المسرح قبل شهرتي دراميًّا    مواقيت الصلاة بعد تطبيق التوقيت الصيفي رسميًّا    تامر حسني باحتفالية مجلس القبائل: شرف عظيم لي إحياء حفل عيد تحرير سيناء    مخرج «السرب»: «أحمد السقا قعد مع ضباط علشان يتعلم مسكة السلاح»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دمشق.. من الموت إلى الحياة
نشر في الوفد يوم 01 - 02 - 2017

السوريون يهزمون دوى القذائف فى «سوق الحميدية» و«المسجد الأموى» و«قلعة صلاح الدين»
العاصمة العريقة تقاوم الدمار والدم بالأمل فى المستقبل
المجىء إلى سوريا فى هذه الظروف لم يكن ضد القرار الصعب لكن الأصعب هو حجم التخويف والترويع والفزع أحياناً الذى كنت أراه فى عيون كل المحيطين عندما علموا بقرارى الذى تأخر شهراً كاملاً.. واجتمعت رغبتى فى المغامرة وتغيير جلدى الصحفى مع تشجيع رئيس التحرير الأستاذ سيد عبدالعاطى وبدعم معنوى من صديقى نقيب السينمائيين المخرج مسعد فودة ورئيس اتحاد النقابات الفنية المخرج عمر عبدالعزير لخبرتهما الكبيرة فى سوريا وتحفيز كبير من صديقى الصحفى محمد مهاود وجدت نفسى مدفوعاً لشغف التجربة الاستثنائية فى هذه الظروف الاستثنائية.. وتم الترتيب حتى وجدت نفسى على باب طائرة المؤسسة السورية للطيران، وبعد ساعة والنصف وجدت نفسى وزميلى المصور محمد فوزى فى قلب مطار دمشق.
وفى هذه الظروف التى تمر بها سوريا على مدار «6 سنوات» من الحرب والتصدى لمؤامرات التقسيم وقف المد للربيع العربى الذى طال دولا عربية كثيرة، من الطبيعى أن تجد ظروفا معوقة أدت لتأخر الطائرة نحو «40 دقيقة»، ووصلنا لمطار دمشق، وكانت الشمس قد فارقت النهار، وذهب الدفء، ووجدنا أنفسنا فى جو وصلت درجة حرارته إلى درجتين فوق الصفر.. لكن دفء مشاعر الترحاب وحفاوة الاستقبال كانت هى الإحساس الأكبر.. قطعنا المسافة من مطار دمشق إلى فندق الشام، ذلك الفندق الكلاسيكى العريق بوسط العاصمة دمشق فى أقل من نصف الساعة.
كان الضوء الخافت والحواجز الأمنية بين كل أقل من «400 متر» هى العنوان الرئيسى للمشهد الأول فى عاصمة التاريخ «دمشق» أو المدينة السابعة فوق الأرض كما يطلقون عليها.
وصلنا فندق الشام فى ضيافة وفد من وزارة الإعلام وراجعنا برنامج الزيارة على مدار أسبوع كامل، انقسم بين دمشق وحلب وبعد ذلك تناولنا العشاء وظللت أبحث عن شىء أفعله يرضى فضولى الصحفى وآثرت ألا يمضى يومى الأول دون أن أحقق إنجازا صحفيا يخفف ضغوط البرنامج والزيارة حتى التقيت المهندس باسل خراط المسئول السياسى.
وأجريت معه حواراً بوصفه مسئولا شابا فى جهة مهمة واتفقنا سوياً على وضع خطة التحرك فى حلب لاحقاً.
وعلى غير عادتى، قررت الاستيقاظ مبكراً وبعد تناول الفطور، اصطحبنا مسئول من وزارة الإعلام السورية ومعه كل تصاريح التصوير ويحمل فى رأسه الكثير عن تاريخ العاصمة دمشق وبدأناها من أمام الفندق الذى يقع فى وسط العاصمة وفى قلب المربع الأمنى حتى وصلنا إلى سور قلعة صلاح الدين وما بين الفندق والقلعة مسافة أكثر من «2 كيلو متر» عبرنا خلالها أهم شوارع دمشق والأسواق التجارية مثل سوق الموبايلات وساحة «المرجة» الشهيرة ووجدنا حراك الناس فى الشارع يتحدى الخوف ولسان حالهم يؤكد أن دمشق آمنة وتمت السيطرة على المداخل والمخارج بالحواجز الأمنية التى يديرها الجيش السورى فى أحياء دمشق وتسمى المربع الأمنى بعمق «8 كيلو مترات مربعة» تضم كل الوزارات والمؤسسات السيادية والفنادق والأسواق والأحياء الراقية والتى تتخللها أحياء أقل رقياً، سألنا من قابلنا عن سر الضوء الخافت الذى يقترب من الظلمة ليلاً وعرفنا أنه نوع من التقشف لمواجهة أحمال الكهرباء التى تعرضت معظم محطاتها للضرب بالقذائف التى ظلت تلاحق دمشق وتسقط بشكل عشوائى فى كل مكان قبل إحكام السيطرة عليها وهناك أيضاً تقشف مائى بعد تعرض محطات المياه للضرب أيضاً لكن بعد التعزيز الأمنى أصبح الوضع أكثر أمناً مع استمرار التقشف الكهربائى والمائي.
وبعض من التقينا بهم فى الأسواق والمواطنين فى الشارع منهم من تنتابه مشاعر حائرة يريد الاستقرار سريعاً ورضى بالبقاء على الأرض، ومنهم من لمح لحالة الركود وارتفاع الأسعار مقابل الدولار، وكل أسعار الغذاء والنفقات الحياتية تضاعفت مع زيادة الدولار الذى كان سعره قبل الحرب «50 ليرة» للدولار ثم قفز إلى «150 ليرة» والآن سعره يصل إلى «500 ليرة» وهو ما ضاعف أعباء الحياة، لكن جميعهم يرون أن الأمن والاستقرار له ضريبة، كل شىء موجود ومتاح لكن أسعاره تضاعفت وحركة البيع والشراء تناقصت رغم نزوح عشرات آلاف فى المدن والقرى التى سيطرت عليها «داعش وجبهة النصرة» لدمشق بحثاً عن الأمان وهذا ضاعف أسعار العقارات وأعباء الحياة.
قبل أن نصل إلى قلعة صلاح الدين الملاصقة لأشهر أسواق سوريا ودمشق والأسواق العربية على الإطلاق سوق الحميدية، مررنا بساحة المرجة الشهيرة وهى مركز العاصمة ويتوسطه «عمود صاري» أعلاه مجسم صغير لقصر، وشيد هذا العمود كما هو واضح من لوحته السلطان الغازى «عبدالحميد خان ثانى» وخلف الصارى مسجد مشيد على الطراز الإسلامى اسمه مسجد سيف الدين يلبغا وهو حاكم قديم للمنطقة ويمر فى الميدان فرعان لنهر «بردى» الشهير، يمر فوقهما كوبرى من الخشب ويجلس فيه الشباب والأطفال وساحة صغيرة «لحمام أستيتيه» وهو قريب الشبه من «حمام الحما» حول المسجد الحرام بمكة وفى واجهة الساحة تقع محطة سكة حديد دمشق وخارج عربة قطار بخارى قديمة وكانت هذه المحطة تصل للحجاز والساحة محاطة بالفنادق والشركات والمكاتب والمحلات التجارية.
فى نهاية شارع ساحة المرجة يظهر سور قلعة صلاح الدين الشهيرة وأسفله تمثال مجسم للقائد صلاح الدين وهو يمتطى حصانه وحوله بعض رجاله، بُنى 1982م وآثار التفجيرات التى طالت دمشق تركت بصمتها على التمثال ويمتد سور القلعة حتى باب سوق الحميدية وحتى المسجد الأموى الشهير وبداخلها مسرح كبير وبعض القاعات التى تلقى فيها الدروس الثقافية ويمر عبر سورها الشمالى «فرعا نهر بردى».
وفى سوق الحميدية الذى يبدأ بطول يصل إلى كيلو والنصف الكيلو متر، ويبدأ من الجهة الغربية بملاصقة سور قلعة صلاح الدين وينتهى بمدخل المسجد الأموى الشهير وساحته العريقة، تجد نفسك وسط الحياة بكل تناقضاتها: بشر ومعروضات من كل الطبقات وجميع أنواع البضائع والمنتجات السورية الشهيرة من ملابس ومنسوجات ومنتجات جلدية واكسسوارات ومعروضات فساتين زفاف تشتهر بها سوريا حتى أفخر أنواع الشيشة، ومحلات الملابس بكل درجاتها وأنواعها ومحلات الذهب والفضة والإكسسوارات ووسط الشارع تجد «الباعة السريحة» من يبيع «الورد» و«البالون» والملابس الرخيصة والهدايا، الشارع مزدحم والحركة دائبة لكن الفرجة هى المشهد الأكثر وضوحاً لارتفاع الأسعار التى ضاعفها ارتفاع الدولار والركود الاقتصادى بسبب الحرب، ومع ذلك هناك حالة رضا عند البعض عندما سألناهم عن الوضع التجارى لأشهر سوق عندهم فى ظل الحرب، قالوا: نعانى من الركود والأسعار مرتفعة والنشاط محدود، لكن نحمد الله أننا نعيش وننتظر الأمل بعودة سوريا لسابق عهدها والسوق من بدايته حتى الوصول لساحة المسجد الأموى يتخلله بعض النقاط الأمنية والحواجز التى يقف عليها الجيش، وتصل للتفتيش قبل الدخول للمسجد الأموى.
يظل المسجد الأموى هو الحالة الفريدة التى تتميز بها دمشق مع «الحميدية» و«ضريح رقية» وقبر صلاح الدين والقلعة.. فى ساحة المسجد على يمينه ساحة الحمام فى مشهد مهم وحوله الشباب والفتيات، وعلى سور باب المسجد تجد الأسر تتحسس دفء الشمس، دخلنا المسجد ووجدت عبقرية البناء تجسدت فى هذا الفن المعمارى والزخارف الإسلامية الفريدة فى الساحة وكل الأعمدة والنافورة وحتى بداخل قاعات الصلاة التى يصلى بها الرجال والنساء وبينهما حبل حاجز فقط وليس ساترا وداخل قاعة الصلاة هناك قبر سيدنا يحيى الذى كان موجوداً فى كنيسة وتمت إزالتها وبناء هذا المسجد الفريد.
وفى قاعة الوضوء قال لنا أحد المسئولين فى المسجد وأشار على حجر فى الحائط إن هذا الحجر عمره أكثر من «10» آلاف سنة. صلينا العصر بالمسجد وسرنا داخل دمشق القديمة بحواريها العريقة وحماماتها التجارية ومحلات الحلوى الشامية المتميزة. الحارات تشبه حارات خان الخليلى والحسين والجمالية فى مصر بمشربياتها وحجارة مبانيها التى تمتد لمئات السنوات حتى وصلنا لمقام السيدة رقية بنت الإمام الحسين مروراً بقبر القائد العظيم صلاح الدين الأيوبى خلف المسجد الأموى ودفن معه الشيخ «محمد سعيد البوطى» الذى يسمى شهيد العلم وقال من رافقنا إنه استشهد وهو يلقى دروس التفسير مع العشرات من تلاميذه فى مسجد يسمى الإيمان بقذيفة داعشية.
كانت جولتنا بين ربوع التاريخ فى دمشق التى يقول أهلها إنها ستعيش مرحلة الصمود وهم يرون أن الحرب الدائرة ليس لها علاقة بالعرقية أو الطائفية الدينية، مؤكدين أنهم عاشوا عشرات السنوات متجانسين، المسلم السنى بجوار الشيعى والدرزي والمسيحى فى منزل واحد، لم يعرفوا اختلافاً واتفقوا على حب الأرض والسلام.
ويضيف بعض أهالى دمشق: من يقاتلوننا على أرضنا يريدون أن نعيش فى ديمقراطية لكنهم استخدموا تجار الدين قبل «الدواعش» و«جبهة النصرة» ليقتلوا الأطفال والنساء والشيوخ ويتلقوا رواتب وأسلحة من دول أخرى بهدف تدمير سوريا وشعبها وتاريخها وحضارتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.