أى إنسان يجب أن يكون مؤهلا قبل الوقوف أمام الكاميرا سواء كان مقدما للبرنامج أو ضيفا، هذا التأهيل يمنعه من التصرف أو التفوه بشىء يخرج عن التقاليد العامة أو خدش الحياء بمعنى أن يكون مسيطرا على انفعالاته وألفاظه وخلافه سواء كان هذا الشخص إعلاميا أو فنانا اتجه إلى تقديم البرامج، لأن الشاشة تحتم عليه أن يكون مقدرا للجماهير الجالسة أمام الشاشات. كما أن هذا التأهيل سوف يمكنه من صناعة حلقة مترابطة ومتجانسة وليست: سمك لبن تمر هندى. قناة «دى إم سى»، التى افتتحت 14 يناير الجارى وسط احتفالات ضخمة استفزت مصر كلها نتيجة ما شهدناه من بذخ شديد - جاء على لسان المذيع الأول فيها أسامة كمال فى أولى حلقات برنامجه فى الليلة الأولى للقناة أنها أنشئت من أجل إعلام نظيف لا إثارة أو شحن سلبى ولا نشر للإحباط ولا خروج عن المهنية وهو الأمر الذى جعلنا جميعا نستشعر أن البرامج التى أنفق عليها الملايين سوف يهتم بكل ما جاء على لسان مذيعها الأول أسامة كمال بأن القناة سوف تحترم المشاهد فى كل شىء، وأنها سوف تقدم محتوى إعلاميا مختلفا وغير ما يقدم على الشاشات الأخرى، أى لا إثارة لا ألفاظ جارحة ولن نقول خارجه إلخ. لكن جاءت الحلقة الأولى من برنامج المطربة شيرين صاحبة الصوت الساحر «شيرى شو» لتؤكد عكس ما قاله السيد أسامة كمال وأتمنى أن يكون قد شاهد الحلقة، حتى يتابع بنفسه محتوى البرامج، التى تقدم على شاشته. فالحلقة الأولى التى عرضت مساء الأربعاء وأعيدت مساء الجمعة كانت عكس كل ما قاله السيد أسامة كمال بالتمام والكمال. ظهرت شيرين تغنى لسيدة الغناء العربى أم كلثوم فاعتقدنا أن البرنامج سيكون ذا محتوى جيد لأن البداية مع أم كلثوم ما أروعها بداية خاصة إذا كان الصوت هو صوت شيرين. لكن مع بداية تقديم الضيوف لاحظنا أن هناك حلقة غير متجانسة، فالضيوف لا يجمعهم موضوع قلنا: ربما تكون هناك فكرة جديدة سوف تجعل الأمر مختلفا، لكن مع مرور الوقت وجدنا الاسئلة غير مترابطة وكأنه حوار بين ثلاثة شخصيات كل منها يجلس فى استوديو آخر ومع مذيع مختلف ،الحوار منفصل عن الآخر لا يوجد رابط بين الضيوف الثلاثة أحمد فهمى والمطربة بوسى والممثلة السورية كندة علوش. فهى تسأل أحمد فهمى عن علاقته بحماه حسين فهمى وحماته ميرفت أمين ثم تنتقل بسؤال إلى كندة علوش إن كانت شاطرة ولا «بليدة» فى المدرسة أو عن حبها الأول ثم تتحدث مع بوسى أو حتة المهلبية كما وصفتها عن زواجها الأول، وهذا يعنى أن الأمر كما قلنا «سمك لبن تمر هندى» والتوليفة الخاصة بالضيوف غير متجانسة، والحوار مفكك كما لو أنه من كل أغنية «كوبليه». وإليكم بعض ما جاء فى الحلقة حتى تكتشفوا هذا التفكك. الممثل أحمد فهمى تحدث «كعادته فى كل البرامج» عن علاقته بالدنجوان حسين فهمى والنجمة ميرفت أمين بعد الزواج من ابنتهما منة، وقال إنه ينادى حماه بحسين أو «سحس»، وأنه شخصياً يخاف أن يسلّم عليه حتى لا «يوسخه» كما قال لأن له لون جلد أبيض ناصعا وخامة «حاجة تانية». وأكد أن زوجته منة، ورثت الهدوء من والدها، وفى التعاملات العادية وعند مخاطبته لميرفت أمين يسرح ويقول: دى ميرفت أمين اللى بتكلمنى. كما قدم «فهمى» قصصا عن الكلاب التى يقتنيها فى منزله وكيف تأثر بها أثناء تمثيل فيلم «كلب بلدى» وعلاقته بالنجم أحمد السقا، وتحدث عن مغامراته مع شقيقه الممثل كريم فهمى، وكيف تسببت مشاجرة بينهما فى المنزل لطرده من المنزل أسبوعاً كاملاً بسبب فاتورة التليفون الأرضى، واعترف بأن أسنانه كلها صناعية، لأن الأسنان الأصلية فقدت على مرتين الأولى فى مباراة كرة قدم والثانية عندما تلقى «علقة ساخنة». ثم انتقلت بالحوار معه عن اسمى دينا ومنة فى حياته، أحمد فهمى اعترف بأن والدته لطالما حلمت بإنجاب طفلة، وكانت تطلق عليه قبل مولده اسم دينا أملا فى أن يولد أنثى، كما أطلقت على شقيقه كريم اسم منة. أما كلام كندة علوش فكان حول حنينها للإنتاج والإخراج، ووصفت تجربتها فى الكتابة بمرحلة «الضياع» وقالت: قبل التمثيل كنت ضائعة فبعد التخرج في معهد الفنون المسرحية حاولت الكتابة والإنتاج والإخراج، ثم حصلت على فرصة التمثيل وكنت اعتبرها هواية لن تستمر طويلا، ولكن مع توالى الأعمال قالت: وجدت التمثيل فى دمي، ولكننى ما زلت أحن لأيام الإخراج، وردت عليها شيرين بأن التمثيل تجربة صعبة جداً كالولادة ننسى آلامها لكن نرغب فى تكرارها. وتحدثت كندة عن قصة حب «من طرف واحد» مع شخص يدعى عمار قالت إنها لا تتذكره الآن، ولكن تتذكر أنها أحبته كثيراً وهى صغيرة، وكانت تتخيل أن أغنيات الخصام والهجر والعتاب والخيانة كتبت خصيصا لهما. كندة كشفت عن تفوقها بالتعليم رغم أنها لا تذاكر وأكدت أنها كانت متمردة، واعترفت بأن حقيقتها على غير مظهرها الهادئ، مؤكدة أنها عصبية جدا وإن تخلصت من بعض التصرفات الحادة مؤخرا، وقالت إنها كانت تنفس عن غضبها بقيادة سيارتها بطريقة «قاتلة». أضافت: أنها لجأت لطريقتين للحكم على الناس، الأولى: كانت تفترض أن كلهم طيبون حتى يثبت العكس، والثانية: أن كلهم أشرار حتى يثبت العكس، وقالت: بطلت أسمع لقلبى وأفضل الحرص فى التعامل مع الناس لأن الحياة منحتنى دروسا أهمها: أننى أدفع ثمن سوء تقدير حقيقة الناس الكثير من الصدمة والمزيد من الوحدة. كما تحدثت عن كلبها «مولوتوف» وأكدت أنها ليست صاحبة الاسم، ولكن أطلقه صاحب الكلبة الأصلى وهو صديق قديم، وأضافت أنها تنادى كلبتها الآن باسم «طوفى» وتشاركها الحديث وتفضفض لها، ثم تقدمت بطلب استشارة من أحمد فهمى باعتباره خبيراً فى الكلاب قائلة: إن كلبتها تبلغ من العمر أربع سنوات ولم تتزوج، فهل يمكن تزويجها الآن أم الأفضل إجراء جراحة تعقيم، ورد عليها فهمى ساخرا: أنا مش حقدر أتجوزها، اعملى العملية فورا. كما استعادت كندة أقرب أدوارها لقلبها مؤكدة أنها تكن محبة خاصة لدور داليا فى مسلسل «أهل كايرو» وفتنة بمسلسل «أفراح القبة» كما تعتز بدورها فى فيلم «واحد صحيح» رغم أنه كئيب أكثر من اللازم! أما المطربة الشعبية بوسى التى ارتدت فستانا لا يجوز الظهور به على الشاشات اعترفت بأنها كانت تتمنى أن تكون ولداً كى تكون على حريتها، وقالت: كان نفسى أكون ولد لكى أكون براحتى ولا أحد يسألنى أتأخرتى ليه؟. وأقعد على القهوة وأمشى مع بنات براحتى. المطربة الشعبية تمنت لو عملت راقصة، وقدمت أغنية باللغة الهندية وأكدت عشقها لأفلام هوليوود، كما اعترفت بأنها لا تسمع أغنياتها داخل سيارتها إلا في حالة مراجعة البروفات، ولكنها تستمع لشيرين عبد الوهاب. كل هذه الإجابات بناء على أسئلة من شيرين ويبدو من تفريغ الحلقة أن الحكاية سمك لبن تمر هندى. الأغرب: أن شيرين مارست هوايتها فى الخروج عن النص كالعادة: وظهر ذلك عندما قالت إنها حينما تنتهى من حفلاتها وتجد 20 بنتا فى غرفتها فعندها تقول أه لو كنت راجل، وهذه الأمنية لا تعنى سوى أمر واحد فماذا سيفعل الرجل مع 20 أنثى. وهناك جملة أخرى قالتها للمطربة بوسى وهى «أصل إنتى حتة مهلابية». ثم لجأت مع بوسى الى حوار يشبه حوار المصاطب عندما ذكرتها بالزواج الأول قائلة: كان يوم أسود وإذا بالضيفة ترد عليها بنفس الجملة وكأنها وصلة ردح بين سيدتين فى الشارع . ثم عادت وأشارت شيرين فى موضع آخر من البرنامج إلى أنّها تُحب الرجل «الحمش» حسب وصفها، وقالت: «أحب الرجل الذى يدلعنى وعندما أتصرف بطريقة خاطئة يعاقبنى». أعود وأسأل أسامة كمال هل هذا هو الإعلام الذى تحدثت عنه فى الحلقة الأولى من برنامج «مساء دى إم سى». خروج شيرين عن النص لم يكن مفاجأة للأغلبية لأنها دائما ما تفعل ذلك فى كل البرامج، فهى أمام الكاميرا تتحدث وكأنها فى منزلها أو مع شلتها فى جلسة خاصة، الأمر قد يكون جيدا لو أنها تسيطر على ألفاظها، لأن العفوية المنضبطة مطلوبة، لكن سوابق شيرين لا تبشر أبرزها استخدامها للحذاء أثناء برنامج أحلى صوت مع «إم بى سى» وقبلة على الطير لكاظم الساهر. شيرين قد تكون عفوية فى أحيان كثيرة لكن العمل فى الإعلام يتطلب مواصفات خاصة لا تتمتع بها، وهى اعترفت بذلك خلال الحلقة بقولها: أنا مذيعة فاشلة، وبالتالى خروجها على الشاشة أمر محفوف بالمخاطر لأنها لا تمثل نفسها بل تمثل الساحة الفنية والإعلامية المصرية. وبالتالى مهما كان العائد الذى يتحقق من وجودها فهو لا يساوى اسم مصر التى قدمت لعالمنا العربى أهم مطربين وأهم إعلاميين إلى يوم الدين.