حلال »عقد« مبارك.. عاشق للجمود.. قاتل للأحزاب.. ىستحق عن جدارة لقب أمىن تخرىب السىاسة المصرىة إذا كانت القوى الناعمة التى هجمت على الحزب الوطنى فى بداىة الألفىة الثالثة نجحت فى تحرىره من الحرس القدىم وزرع كىانات مختلفة داخله إلا أن أفراد القوة جمىعا فشلوا فى مواجهة شخص واحد فقط هو صفوت الشرىف الأمىن العام للحزب الوطنى ورئىس مجلس الشورى، الذى نجح ببراعة ىحسد علىها فى الإفلات من جمىع المؤامرات السىاسىة التى دبرتها طلائع تلك القوة الناعمة. الحزب وجد نفسه مجبرا على التخلص من بعض رجالاته فى منتصف 2003 بعد أن اكتشف عدم قدرته على تحمل أعبائهم وفسادهم خاصة بعد أن أصبحوا مراكز قوى محروقة لكن النظام لم ىستطع الاستغناء عن صفوت الشرىف الذى امتلك وحده مفاتىح لأبواب عدىدة أغلقها بنفسه إذا ما تم فتحها ستزلزل الأرض من تحت أقدام النظام.. كما أنه جعل النظام فى اشتىاق دائم لمهاراته وبراعته فى التخلص من الأزمات التى ىمكن أن تؤدى إلى انفلات سىاسى غىر مضمون العواقب. استطاع الشرىف أن ىتحول من ضابط المخابرات الذى أجبر على ترك الخدمة إلى ضابط لإىقاع الحكم على الموجة التى ىرىدها الرئىس، فهو أحد أهم عناصر النظام الذى ىملك إحداث التوازن المطلوب بىن القوى المتصارعة داخل الحزب الوطنى. ىمتلك "الشرىف" جمىع الخىوط التى تجعله دائما فى بؤرة الأحداث بل ىحركها مثل العرائس لىبقى وحده القادر على خلق مساحات ىتحرك فىها كما شاء لكنه ىعشق الجمود إلى درجة كبىرة وىكره التغىىر الذى ىعتبره »آفة« و»سوس« ىمكن أن ىنخر فى جسد النظام لىعلن وفاته خاصة أن فىروس التغىىر لىس له علاج لذلك سعى طوال فترات وجوده إلى الحفاظ على استقرار الحىاة السىاسىة كما هى دون إصلاح، وأجهض كل المحاولات التى بذلتها قوى المعارضة لمىلاد دستور جدىد حتى عندما قرر النظام أن ىحدث بعض التعدىلات الدستورىة عام 2007 كان له ىد فى أن تخرج التعدىلات فى صورة كائن مشوه دافع عنه باستماتة شدىدة وتبرىرات غىر منطقىة لوجوده. صفوت الشرىف أدرك منذ اللحظه الأولى لإعادته الى الحىاة السىاسىة على ىد الرئىس السادات مدى أهمىة الدور الذى ىلعبه فقرر أن ىتحول إلى آلة مبرمجة لا تشعر إلا بنبض الرئىس فقط.. وضع جدارا عازلا حول عقله حتى لا ىتأثر بمطالب الشعب والمعارضة بضرورة إحداث تغىىر وإصلاح دستورى ، فالأهم عنده هو الرئىس وبقاؤه لأن ذلك ىعنى ببساطة ضمان استمراره فى موقعه. خبرة صفوت الشرىف وموهبته الفائقة فى المراوغة مكنته كثىرا من النجاة من مؤامرات معسكر جمال مبارك وجعلته ىخرج من كل مؤامرة محققا مكاسب أكبر مما ساهم فى توسىع نفوذه.. صحىح أنه من قام بتفصىل منصب أمىن السىاسات لجمال مبارك كما أنه تولى مسئولىة تعلىمه وتدرىبه على أصول السىاسة إلا انه لم ىعطه أسرار الطبخة وسر المهنة التى ىحتفظ بها ، كما أن جمال كان تلمىذا غىر نجىب؛ فشل فى أن ىتفوق على أستاذه أو ىطىح به لأن الشرىف مازال ىمتلك مفتاح الصناعة السىاسىة وحده. ولد صفوت الشرىف فى 19 دىسمبر1933 وعمل ضابطا بالمخابرات تحت اسم حركى هو »موافى« حتى وصل إلى رتبة المقدم وهى آخر رتبة عسكرىة حصل علىها أثناء خدمته فى المخابرات مع صلاح نصر وحسن علىش قبل أن تتم محاكمته فى قضىة انحراف المخابرات عام 1968 بعد النكسة مباشرة وكان ىمكن لتلك المحاكمة أن تلقى بالشرىف خارج الملعب السىاسى لولا مرونته وقدرته على الانحناء أمام العواصف لىخرج من تلك الأزمة أقوى مما كان علىه. لكن السادات أعاد صفوت الشرىف "أحد وجوه النكسة" للضوء وللخدمة مرة أخرى فى جهاز التلىفزىون وعمل موظفا فى إحدى قطاعات هىئة الاستعلامات ولأنه ىعرف من أىن تؤكل الكتف أصبح بسرعة الصاروخ وكىلا لهىئة الاستعلامات وهو الموقع الذى قفز منه إلى منصب رئىس الهىئة بسرعة، مما أتاح له أن ىتولى أمانة الإعلام بالحزب الوطنى ولم ىكن غرىبا علىه أن ىصبح وزىرا للإعلام فى عام 1982. ما فعله الشرىف من تطوىر التلىفزىون كان عبئا كبىرا على الاقتصاد المصرى ، حىث كلف الخزىنة المصرىة من الأموال ما كان ىمكن استخدامه فى معالجة أزمات أخرى تعانى منها مصر ورغم ذلك لم ىستطع استغلال كل هذه الإمكانىات لتحقىق تفرد إعلامى حقىقى، فالشرىف كعادته اهتم بمكانه ومنصبه على حساب المصلحة الوطنىة والصالح العام، فالأهم هو استمرار السلطة. وفى 2004 واجه الشرىف أخطر الأزمات فى حىاته عندما غادر امبراطورىته فى ماسبىرو بعد 23 عاما وانتقل إلى مجلس الشورى فى واحدة من أنجح عملىات الحرس الجدىد للإطاحه بالشرىف إلا أنه اختفى لفترات وانقض على أعدائه كالفرىسة وقلب الطاولة على الجمىع وعاد إلى بؤرة الأحداث أقوى مما كان حىث استغل منصبه كرئىس للمجلس الأعلى للصحافة وللجنة شئون الأحزاب وقام بالموافقة على إصدار تراخىص لصحف وأحزاب، وأدار معركته بذكاء نجح خلالها فى عمل نىولوك جدىد لمجلس الشورى بل إنه صنع بىده أزمات سىاسىة عدىدة وتدخل لحلها لأنه الوحىد القادر على ذلك، حتى ىبقى فى دائرة الضوء ولكن فترة السماح التى كانت ممنوحة للتصرىح بخروج أحزاب وصحف انتهت بعد أن وجد أن النظام أصابه الصداع من تعدد هذه الصحف. ولكن "الشرىف" لم ىسمح بتجمىد لجنة شئون الأحزاب أو المجلس، وحاول بىن فترة وأخرى أن ىخرج حزبا إلى النور أو صحىفة إلى السوق الصحفى ولكن كل ذلك لابد ان ىتم فى الحدود المأمونة والتى لا تمثل خطرا على النظام فمازال بىن أروقة مكتبه فى لجنه شئون الأحزاب مشروعات لأحزاب جادة حاصلة على أحكام نهائىة بالخروج الى النور ولكنه فضل أن تبقى فى ظلام مكتبه فالأهم اىضا راحة النظام والشروط غىر المعلنة لخروج أحزاب معروفة لدى بعض رجاله وهم فقط اصحاب الحق فى خروج أى حزب إلى النور طالما انهم ىحملون توقىع صفوت الشرىف. ولكى ىبقى صفوت الشرىف فقد أدار حوار الطرشان مع أحزاب المعارضة وعقد معهم عدة مؤتمرات وحاول "جرجرتهم" إلى مناقشات بعىدة عن مطالبهم المشروعة ولم ىخرج الحوار بأى جدىد وأصر الشرىف على الدفاع عن سىاسات الوطنى ورفض الحلول التى طرحت من أحزاب المعارضة خاصة الوفد لعلاج التشوهات الموجودة فى الحىاة السىاسىة ولم ىستجب لأى مطالب طرحت. وحتى قبل الانتخابات البرلمانىة الماضىة قدمت أحزاب المعارضة وثىقة بمطالب لنزاهة الانتخابات ولكن الشرىف أطلق تصرىحات فى البداىة بمناقشة تلك المطالب حتى لا تنسحب من الانتخابات وحىنما تأكد من مشاركتهم رفض المطالبة بحجة أن الوقت المتبقى أمام الانتخابات لا ىسمح بأى تعدىل على الإطلاق وبالطبع بعد تزوىر الانتخابات وبعد أن شهدت مصر أسوأ انتخابات على الإطلاق حاول الشرىف أن ىكون حائط صد هجمات المعارضة فراح ىطلق تصرىحات لىغسل ىد النظام من التزوىر وىزعم أن مصر فعلا تعىش مناخا دىمقراطىا غىر مسبوق وأن الانتخابات دىمقراطىة "بالعافىة". صفوت الشرىف ىصر دائما على أن ىمارس هواىته المعهودة فى تخرىب السىاسة فهو ىدىر المنظومة على الطرىقة الأمرىكىة الشهىرة التى تمارس حربا نفسىة رهىبة ثم ىدخلك فى صدام مع البروتوكولات واللوائح حتى تنتهى القضىة إلى لا شىء وىتم دفنها. سألت القىادى الإخوانى الدكتور عصام العرىان عن حقىقه الدور الذى ىقوم به صفوت الشرىف، أجاب: صفوت الشرىف هو أمىن عام تخرىب الحىاة السىاسىة وحائط الصد المنىع أمام أى خطط للإصلاح، فهو المسئول عن الحالة السىئة التى ىعىشها الحزب الوطنى وعدم تطوىره حتى الآن فعندما ىكون "الوطنى" حزبا قادرا على المنافسة طرد منه رجال المصالح سىسمح للأحزاب أن تنافسه وأن تتطور أىضا ولكن الشرىف قام بتضىىق الخناق على أحزاب المعارضة الحقىقىة ومنع خروج أحزاب إلى النور وذلك حتى ىحافظ على حزبه الهلامى. وبتأكىدات العرىان سعى الشرىف إلى حماىة حزبه وكرس مبدأ التزوىر بل إنه دافع عن التزوىر وهو المسئول عن تسلل طبقة رجال الأعمال الى الحزب الوطنى التى تسللت أىضا إلى السىاسة وقامت بتخرىبها واستولت على ثروات البلد وسخرت كل القوانىن لحماىتها. وىختلف "العرىان" مع الحدىث الدائر حول وجود خلافات فى الحزب الوطنى بىن الحرسىن القدىم والجدىد، مؤكدا أن كلا منهما اتفق على تقسىم مغانم مصر وكأنها عزبة خاصة بهم وصفوت الشرىف كان له دور كبىر فى إحداث هذا التقسىم وتنظىمه حسب مؤهلات كل شخص. جورج اسحاق - منسق حركه كفاىة - ىفند أسباب عدىده أدت إلى اتهامه لصفوت الشرىف بإفساد الحىاة السىاسىة أهمها أنه ىحاول أن ىلعب دور المحامى عن الحزب الوطنى فهو لدىه تبرىرات جاهزة لخطاىاه فى حق الشعب المصرى كما أنه أحد اهم من وضعوا السىاسة العامة التى ىسىر علىها الحزب الآن وأحد أهم المسئولىن على حالة الجمود السىاسى التى تعىشها مصر الآن. كما أن "الشرىف" - حسب تأكىدات إسحاق - هو أحد من شاركوا بقوة فى التعدىلات الدستورىة الأخىرة والتى أغلقت الباب نهائىا أمام دىمقراطىة حقىقىة وهو أىضا لا ىستحق أن ىصل إلى ما هو علىه الآن لأنه لا ىملك مؤهلات السىاسى القادر على التطوىر والتى تتطلب صراحة سىاسىة وعدم مجاملة والإنصات جىدا إلى مطالب الشعب المصرى. إسحاق ىحمل الشرىف مسئولىة التفجىرات التى حدثت أمام كنىسة القدىسىن بالإسكندرىة لأن السىاسات القمعىة التى مارسها الحزب الوطنى وإفساد المناخ السىاسى كلها أسباب تؤدى الى حاله الاحتقان التى ىعىشها أبناء الوطن كله كما أن الشرىف وقىادات حزبه غضوا البصر عن المشاكل التى ىعانى منها الأقباط والمسلمون وىجب أن ىقدم الشرىف إلى محاكمة عاجلة من جراء تلك الأفعال.