العميد عصام غانم مفتش الأمن العام بمحافظة أسوان - يروى لنا جريمة فى ذاكرته وقعت أحداثها فى مدينة جرجا منذ ثلاث سنوات، وما زالت عالقة فى ذهنه لأنها راحت ضحيتها سيدة عجوز، بعد خنقها وإحراقها دون ذنب اقترفته يداها الضعيفتان، وتوافقت مع المقولة الشهيرة بأن الجريمة لا تفيد، وتطابقت نهايتها مع قول الله عز وجل «إن ربك لبالمرصاد». ففى شهر إبريل عام 2013م، عندما كنت رئيسًا لفرع البحث الجنائى لقطاع جنوبسوهاج، تلقينا بلاغًا من أهالى المنطقة الصناعية بمدينة جرجا باشتعال النيران فى شقة سيدة عجوز تدعى حميدة عبداللطيف 84 سنة، فقمنا بالانتقال إلى مكان البلاغ بالتنسيق مع الحماية المدنية وتم إخماد الحريق وعثرنا على السيدة جثة هامدة وبها حروق خطيرة فى النصف العلوى من جسدها، وبحضور مفتش الصحة وتوقيع الكشف الطبى المبدئى، قرر بأنه لا يستطيع الجزم بسبب الوفاة، مما جعل النيابة العامة تأمر بتشريح الجثة لبيان سبب الوفاة، حيث تبين أنها ماتت بإسفكسيا الخنق ووجود كسر فى الرقبة، وبتفتيش الشقة تبين اختفاء مصوغاتها الذهبية التى كانت تقتنيها وهى عبارة عن خمس غوايش وخاتم ذهبى، وأيضًا مبلغ 2900 جنيه مصرى. وكان الأمر محيرًا للغاية، حيث إنها سيدة عجوز تعيش بمفردها وليس لها أعداء، كما أن أهلها لم يتهموا أحدًا، كما أن السيدة القتيلة لا تخرج من بيتها سوى مرة واحدة كل شهر عندما تقوم بصرف معاشها لتحضر جميع احتياجاتها من التموين والخضراوات من سوق المدينة، ولكن شاءت إرادة الله ألا تضيع دماؤها هدرًا، وينال المجرمون عقابهم، فقد همس فى أذنى أحد مصادرى السرية، بأن إنعام عبداللطيف 52 زوجة ابن القتيلة كانت موجودة صباح ذلك اليوم فى شارع مجاور للشارع التى كانت تسكن فيه القتيلة وبصحبتها سيدة أخرى، فقمنا باستئذان النيابة العامة لتفتيش منزل زوجة الابن والقبض عليها، وبتفتيش المنزل وجدنا بعض المصوغات الذهبية تتطابق مع المصوغات التى كانت تملكها القتيلة، كما وجدنا بطاقة السيدة ولم تبرر سببًا للاحتفاظ بها، وبتضييق الخناق عليها ومواجهتها بالتحريات وشهادة الشهود، انهارت واعترفت بأنها استعانت بصديقتها مروة صلاح 28 سنة من مركز البلينا، واتفقتا فيما بينهما على سرقة حماتها وقسمة ما يوجد بحوزتها من مال ومصوغات ذهبية، فقامتا بدخول الشقة، ثم قامت زوجة الابن بخنقها ولم تبد السيدة العجوز مقاومة نظرًا لضعفها وكبر سنها، ثم قامت صديقتها بإشعال النيران حتى تخفى معالم الجريمة، هربًا من الشرطة. قمنا بالتحفظ على السيدة داخل قسم شرطة جرجا والقبض على صديقتها، فاعترفتا بجريمتهما تفصيليًا، وأرشدتا عن المسروقات، وتمت إحالتهما إلى النيابة العامة فأمرت بحبسهما على ذمة التحقيقات، وأحالتهما محبوستين إلى محكمة جنايات سوهاج، فقضت بإجماع الآراء وموافقة فضيلة مفتى الجمهورية بإعدامهما شنقاً.