شاب يستيقظ كل يوم بالصباح الباكر معتمداً على راحة يديه ليكسب لقمة عيشه منها وهو وأخوته، من مواليد البحيرة قرر أن يواجه مشكلة البطالة التى يعانى منها الشباب المصرى بصفة عامة، ليتوجه للقاهرة ليفتح مشروع خاص به ولأخوته من خلال محل لبيع مأكولات ساخنة يقبل عليهم المواطنيين بفصل الشتاء، بأعتبارها أكلات موسمية. يقوم بتجهيز 4 كيلو من الدقيق بصورة يومية ليعجنه بيدية خصوصاً أنه المكون الرئيسى للوجبة التى يعدها، والمعروفة فى فصل الشتاء من أشهر المأكولات الشعبية التى يتهافت عليها المواطنيين ليكتسب منها جسدهم حرارة تدفهم من برد صقيع الشتاء، أكلة "المخروطة والكسكسي". راحة اليد جزء من أعضاء الجسد التى لا غنى عنها فما بالك بشاب فى سن العشرون يعمل طوال 12 ساعه فى عمل أكلة "المخروطة والكسكسي" والمتعارف عليها وسط كافه الطبقات بداية المهن الكادحة وصولاً للراقية، يقف الشاب وسط محال عمله يعجن الدقيق المسكوب أعلاه السمن المغلى ليحضر وجبته التى تتميز بأكلها ساخنة، ومن ثم يتركة الكسكسي لعملية التخمير التى تعد العامل الرئيسى ليصبح طازج وجاهز للبيع للمواطنيين. أما عن أكله "المخروطة" فهى معروفة بالشعرية باللبن التى تعجن وتفرد ثم توضع بمكينة التقطيع لتخرج من الجانب الأخر لها عجين مطول يتم تسويته على نار هادئة، وأهم ما يميز تلك المأكولات أنها توضع بأوانى ألومنيوم ضخمة تغطى بقطعه قماش حتى تحتفظ بحرارتها. ومن هنا قامت محررة "الوفد" بالذهاب لأحدى محلات المأكولات الساخنة للحديث معه عن كيفية تحضيره لوجبة "المخروطة والكسكسي" ، فضلاً عن تفاوت أسعارها مع غلاء الدقيق الفاخر المكون الأساسى للوجبة. "محمد" صانع المأكولات الشتوية فى زهور الشباب يعمل بالمهنة منذ 5 سنوات لتوارثها من أسرته وهذا الدفع وراء تمسكه بالعمل بها دون أن يبالى بالتوجه للعمل بأى من المهن الحرفية كالنجار والكهرباء وغيرها بصفه خريج دبلوم صنايع، قائلا:" انا عندى 20 سنة تعلمى متوسط ومفكرتش اشتغل بالشهادة لأنى حابب الشغلانة ووارثها فى الأصل" ليكتفى بتلك المهن التى يتحدث عنها بوجه رسمت عليه ملامح الرضا والصبر والقناعه بما قسمه الله له فى هذه الحياه،أما عن الحديث بساعات عمله والتى تحتسب 12 ساعة يومياً وصفها بكل طلاقه وكأنها بضع الدقائق ليس ألا لحبه بالمهنة، قائلا:"بالنسبة للشغل ببدء بعجن الدقيق وطلع منه منه مخروطة وكسكسي وبشتغل حوالى 12 ساعة فى اليوم". وأشار إلى الزبائن الذين يتهافتوا لتلك الوجبات لتدفئتهم بالشتاء:" هى اكلة شعبية شتوية وبعجن دقيق كتير عشان الزبائن الدايمين التردد على المحل بصفة مستمرة"، مبيناً أنه يتعامل مع غلاء الدقيق الفاخر بصورة بها كافة معانى الصدق والأمانة ليتكبد الخسارة مقابل تقديم للمواطن وجبة صحية ونظيفة فى أرتفاع بسيط لا يذكربسعر الوجبة لمعرفة بحالة المواطن المادية وعدم حرمانه من تناول تلك الوجبات لتكون ثمن "المخروطة" الكيلو ب10 جنيهات مقابل "الكسكسي" 9 جنيهات. بل ويظل فى أستخدام أجود أنواع الدقيق لم خيانه ثقه المواطنين ولأستمرار مصدر رزقه الوحيد، قائلاً:" انا بجيب اجود انواع الدقيق الفاخر حتى لو غلى بجيبه عشان دى صحة بنى ادمين وممكن نستحمل الخسارة بس اهم حاجة النضافة والأكل يطلع بصورة كويسة. وبخصوص اليومية التى يقدرها فى اليوم له فتقدر ب100 جنيه يومياً مقابل تمسكه بمهنة ورثها عن أسرته ليرضى برزقه ولا يفكر فى الأستغناء عنه. والمتعارف أن تلك الوجبات لها مخاطر عده تصل للحروق حال تحضيرها وذلك يأتى من خلال التعامل مع البخار المتصاعد من الأوانى على شعلات البوتجاز بصورة مستمر ، علاوة على "فرك" الكسكسي السخن لينضج ويصبح فى مستوى الطهى المطلوب، ولكن الخبرة هنا هى الدرع الواقى لتفادى أى مخاطر او ألم لصانع الكسكسي ليتجنب كل ما هو ضار.