لم يكن 2011 عام الحظ للمرأة المصرية على الإطلاق، فعلى الرغم من تصدر بعض الناشطات للصحف العالمية، إلا أنها عانت الكثير من العنف والتهميش . فبمناسبة اليوم العالمي للمرأة، أعلنت مجلة " نيوزويك " الأمريكية عن قائمة تضمنت 150 امرأة من مختلف دول العالم وصفن بسيدات العام اللاتي حركن العالم، كان من بينهنّ 4 مصريات هن " د. نوال السعداوي ، الإعلامية والناشطة جميلة إسماعيل ، الناشطة سلمي سعيد التي كان لها دور فعّال في ثورة 25 يناير والناشطة الحقوقية داليا زيادة. بينما اختارت مجلة "أرابيان بيزنس" إسراء عبد الفتاح، الناشطة بحركة 6 أبريل، فى قائمة أقوى 100 امرأة في العالم العربي، واختارت المجلة نفسها الدكتورة داليا مجاهد ،مستشارة الرئيس الأمريكي أوباما لشئون العالم الإسلامي، ثالث شخصية في العالم العربي لعام2010 ضمن مائة شخصية أثروا في العالم، وذلك لدورها الهام في تصحيح مفاهيم العالم الغربي والأمريكي عن المسلمين وتقاليدهم ومفاهيمهم. وفي أكتوبر حصلت الدكتورة دينا شكري ،رئيس قسم الطب الشرعي بكلية الطب جامعة القاهرة، على منصب رئيس الأكاديمية المتوسطية للعلوم الشرعية، لتكون أول امرأة تتولى هذا المنصب . كما تم ترشيح الإعلامية بثينة كامل ،المرشحة المحتملة لرئاسة الجمهورية، لجائزة أشجع امرأة لعام 2011، إلا أنها رفضت الجائزة من قبل الولاياتالمتحدة لأنها الدولة المصدرة لمصر قنابل الغاز المسيلة بالدموع التي مات على إثرها العديد من الشباب. من جانب آخر منح البرلمان الأوروبي جائزة "سخاروف" التي يقدمها سنويا لحرية الفكر (من أهم الجوائز العالمية في مجال حقوق الإنسان) للناشطة أسماء محفوظ، كما أهدت الجمعية الفرنسية الأورومتوسطية د. كاميليا صبحي ،أمين عام المجلس الاعلي للثقافة، جائزة وشهادة التميز النسائي العالمي لعام 2011 . إقصاء حكومي وعلى الرغم من الشهادات الدولية بمكانة وقدرة المرأة المصرية إلا أن الحكومات المصرية عمدت إلى إقصاء النساء من المشهد السياسي، بداية من حكومة الدكتور عصام شرف الذي قام بإقصاء المرأة من حركة المحافظين بحجة الفراغ الأمني الذي تشهده البلاد، كما خلا التشكيل الوزراي في عهده أيضاً من النساء إلا الدكتورة فايزة أبو النجا ،وزيرة التخطيط والتعاون الدولي، والتي بقيت في حكومة الجنزوري. هذا بالإضافة إلى خلو لجنة التعديلات الدستورية من أي رمز نسائي، مما اعتبرته العديد من الناشطات الحقوقيات ضرب عرض الحائط بجميع الكوادر النسائية المصرية. برلمان ذكوري إضافة إلى هذا التهميش خاضت المصريات معركة برلمانية شرسة، لم تسفر إلا عن فوز مرشحة واحدة على قائمة حزب الحرية والعدالة في المرحلة الأولى من الانتخابات، وثلاث مرشحات في المرحلة الثانية . وأرجع الحقوقيون ذلك إلى نظرة التيارات الدينية إلى المرأة فضلاً عن إلغاء الكوتة النسائية التي كانت تخصص 64 مقعداً من مجلس الشعب للنساء. بينما رأى القانونيون سبب خلو البرلمان من التمثيل النسائي، بالإضافة لإلغاء الكوتة، هو قانون مباشرة الانتخابات الذي ألزم كل حزب بترشيح امرأة دون تحديد ترتيبها على القائمة فجاءت زينة لذيولها، فضلاً عن توسيع دوائر الترشيح الفردي مما جعل المنافسة شرسة للمستقلات، وأسفر عن خروج المرأة من التمثيل البرلماني. جدير بالذكر أن القوانين الحكومية لم تكن المصدر الوحيد لظلم المرأة حيث خلت الائتلافات الشبابية للثورة بدورها من القيادة النسائية، رغم مشاركتها على قدم المساواة خلال أيام الثورة . عنف متعمد وفي الوقت الذي أشادت فيه جميع المتظاهرات بداية من يوم 25 يناير باختفاء ظاهرة التحرش أثناء زحام المظاهرات، تعرض عدد كبير من النساء إلى عنف وتحرش خلال وقفتهنَ بميدان التحرير يوم الاحتفال باليوم العالمي للمرأة الموافق الثامن من مارس . وكان يوم 9 مارس بمثابة انتهاك صريح للناشطات والفتيات على أيدي الشرطة العسكرية، حيث تم إلقاء القبض على العديد من النساء بميدان التحرير وتم تعذيبهنَ داخل المتحف المصري، والانتقال بعدد كبير منهنَ إلى السجن الحربي وتم إخضاعنّ لفحوص العذرية إجبارياً فضلاً عن تعريتهنَ أمام الضباط والعساكر، ولم تخرج عن صمتها سوى سميرة إبراهيم صاحبة قضية "كشف العذرية". وكررت الشرطة العسكرية نفس العنف في أحداث قصر العيني وتم سحل الفتيات وتعريتهنَ في الشارع على مرأى من الجميع، فضلاً عن تهديد بعض المحتجزات في مجلس الوزراء بالتحرش على أيدي بعض ضباط الشرطة . فشل حقوقي وقد كشف كل العنف الذي تعرضت له النساء في هذا العام المليء بالأحداث عن سقوط أقنعة مؤسسات ورابطات حقوق المرأة الموجودة في مصر، فلم تشهد المصريات منهنّ أي تواجد ولا مبادرات على أرض الواقع، واكتفت تلك المؤسسات بالبيانات النظرية . ورغم البيانات الصادرة عنهم بتثثقيف النساء سياسياً أثبت الواقع عن استغلال المرشحين للأميات والبسطاء إما باستغلال النزعة الدينية أو الرشاوى الانتخابية، فضلاً عن عدم تضامنهم مع المرشحات أوإعطائهن دورات تدريبية في الدعاية و إعداد البرامج الانتخابية. كما لم يتضامن ( نظرياً وعملياً) مع المتظاهرات المنتهكات والمعنفات إلا مؤسسات تعد على أصابع اليد الواحدة، وخير دليل هو خلو جلسة قبول قضية "سميرة إبراهيم" صاحبة قضية كشف العذرية" من تواجد الصفوة من المتشدقات بحقوق المرأة في القنوات الفضائية، كما لم يعلنوا تضامنهم الكامل معها كما حدث في قضية "نهى رشدي" صاحبة أول قضية تحرش في مصر. ولم تصدر عنهم أي مبادرات كمؤسسات مجتمع مدني يهتم بحقوق الإنسان لوقف إهدار الدماء سواء في أحداث شارع محمد محمود أو مجلس الوزراء، وجاءت المبادرة من منى سليم ( صحفية شابة) بتكوين درع نسائي بشري لإحراج الشرطة ووقف الدماء المسالة على ميدان التحرير الذي خلا من تواجد منظمات حقوق المرأة التي لم تتضامن فعلياً مع أي أحداث جارية.