حملة «تمرد الأمريكية» تجمع 3 ملايين توقيع وتهدد حلف «ترامب» لليمين الدستورية تظاهر عشرات الآلاف من الأمريكيين في مدن عديدة بالولاياتالمتحدة ضد الرئيس المنتخب دونالد ترامب وسط مخاوف لدى الأقليات والمهاجرين وفئات اجتماعية تخشى سياسات فاشية. وشارك آلاف لليوم الرابع على التوالي في مظاهرات خرجت في مدن رئيسية، من بينها نيويورك وشيكاغو ولوس أنجلوس وميامي وبورتلاند، علما بأن الاحتجاجات بدأت منذ الأربعاء في الجامعات والشوارع عقب الإعلان عن فوز المرشح الجمهوري على منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون. وقال متظاهرون إنهم لا يريدون أن يحكم الولاياتالمتحدة شخص مثل ترامب بسبب ما وصفوه بمواقفه العنصرية من الأقليات والنساء والمهاجرين الذين دخلوا البلاد بطرق غير قانونية. وفي لوس أنجلوس ندد محتجون بما سموه خطاب الكراهية من قبل الرئيس المنتخب ضد المسلمين، وكان ترامب تعهد خلال حملته الانتخابية بمنع دخول المسلمين القادمين من بلدان ينتشر فيها الإرهاب، وذلك بحجة حماية أمن الولاياتالمتحدة. كما تجمع آلاف المتظاهرين أمام برج ترامب بمدينة نيويورك رفضًا لرئاسة دونالد ترامب. وقد جرت المظاهرة في أجواء سلمية، لكن الشرطة سدّت المنافذ المؤدية إلى مقر إقامة الرئيس المنتخب. وانتقد ترامب الاحتجاجات واتهم وسائل الإعلام بتأجيجها، بيد أنه تراجع لاحقا عن تصريحاته وأثنى على المتظاهرين واصفا إياهم بالوطنيين. وعموما كانت مظاهرات أمس سلمية، في حين سجلت الجمعة أعمال عنف محدودة في بورتلاند، حيث أصيب رجل بالرصاص قرب إحدى المسيرات، وحطمت واجهات زجاجية لمحال تجارية. واعتقلت الشرطة بضع عشرات من المحتجين، من بينهم أربعة يشتبه في صلتهم بإطلاق النار في بورتلاند. واتخذت الشرطة إجراءات مشددة في نيويورك ومدن أخرى تحسبا لأعمال عنف ومواجهات. من ناحية أخرى، بدأت الأصوات تتعالى لمنع ترامب من حلف اليمين الدستورية يوم 20 يناير المقبل، ومنح المنصب للديمقراطية هيلاري كلينتون. وتنادي هذه الأصوات بأحقية كلينتون بالمنصب لأنها الفائزة بالأصوات الشعبية في انتخابات الرئاسة، فالفرز النهائي لصناديق الاقتراع أوضح أنها حصلت على 47.7% من الأصوات مقابل 47.1 % لترامب، وبالأرقام انتخبها 60 مليونا و470 ألفا من الأمريكيين، هم أكثر بنصف مليون تقريبا ممن انتخبوه، وبهذا اختاروها للمنصب الأرفع في أمريكا . لكن الذي حدث هو حالة نادرة، سبقتها 3 حالات في الماضي القديم والحديث، وجعلته رئيسًا. وسبب هذه الحالة، هي أن «المجمع الانتخابي» المكون من 538 مندوبا، يمثلون 50 ولاية، ويقرّون انتخاب من يحصل على أصوات 270 منهم، أعطى لترامب 306 ولهيلاري 232 صوتا، فكان هو الفائز دستوريا، وهي الرابحة شعبيا. المجمع الانتخابي وطبيعته تشبه ساحرا يجعل الخاسر رابحا أو العكس، وفعلها 3 مرات بتاريخ الانتخابات الأمريكية، آخرها حين فاز جورج بوش عام 2000 على آل جور بأصوات مندوبي المجمع، مع أن آل جور حصل على نصف مليون صوت شعبي زيادة عنه، فانتهت الحال به خاسرا وهو الرابح حقيقة، أي كالذي حدث لهيلاري. الأصوات موزعة في المجمع على الولايات، طبقا لعدد سكان كل ولاية وقوتها الاقتصادية، وهو لا يصوت مباشرة لأي مرشح، بل تتحول أصوات مندوبيه للمرشحين طبقا لفوزهم بالولايات، فحين يفوز أحدهم بأصوات سكان ولاية نيويورك مثلا، تصبح أصوات المجمع الانتخابي الممثلة نيويورك من نصيبه، حتى لو فاز بفارق صوت شعبي واحد فقط. إلا أن على ممثلي نيويورك في المجمع الانتخابي أن يقروا هذه الحالة، عبر تصويت آخر يقومون به شخصيا بعد 40 يوما، وهو تصويت نهائي يقرّ به المندوبون النتيجة نفسها عادة، كي لا يعاكسوا رغبات سكان الولاية التي يمثلونها، لكن من يدري؟ فربما ينقلب السحر على الساحر حقيقة في أمريكا، بقوة الضغط الشعبي. وتكاتف الغاضبون من فوز ترامب في اليومين الماضيين، وبدأوا بحملة تمرد هدفها حمل المندوبين في المجمع الانتخابي على تغيير أصواتهم التي انتقلت تلقائيا إلى ترامب من الولايات التي فاز بها، وعدد مندوبيها هو أكبر من عدد مندوبي الولايات التي فازت بها هيلاري، لذلك فاز بالتحول التلقائي لأصوات أولئك المندوبين إليه، لا بتصويتهم له مباشرة، إلا أن عليهم أن يدلوا بأصواتهم شخصيا ومباشرة يوم 19 ديسمبر، حيث يمكن لبعضهم أن يعاكس رغبة ولايته ويغير صوته ليصبح لصالح هيلاري، فإذا قام 38 منهم فقط بنقل أصواتهم من ترامب إليها، يصبح مجموعها 270 صوتا، فيما تقل حصة ترامب من 306 حصل عليها تلقائيا يوم الانتخابات لتصبح 268 صوتا، فيصبح الرئيس المنتخب خاسرا للانتخابات. وجذبت الحملة الهادفة لجمع 4 ملايين و500 ألف توقيع، حتى الآن أكثر من 3 ملايين عبر موقع Change.org بموقع شبكة Fox News التليفزيونية الأمريكية، وهو من إعدادها، وقالت فيه إن موقعا آخر اسمه Faithlessnow.com يجمع أيضا توقيعات الراغبين بتحريض الممثلين في «المجمع الانتخابي» للولايات التي فاز بها ترامب، على تغيير أصواتهم التي حصل عليها تلقائيا حين فاز شعبيا بتلك الولايات، بحيث يتم تجييرها لصالح هيلاري كلينتون، وهي مهمة صعبة، لأن المندوبين لن يسبحوا ضد التيار ويمنحوا أصواتهم لمن لم تصوّت له ولاياتهم، كما أن على الواحد منهم دفع غرامة ليست كبيرة لتعديل صوته، وهي ليست مشكلة، لأن المناصرين لهيلاري أعلنوا عن رغبتهم بدفعها عن المغيّر صوته لصالحها. والغريب أن ترامب الذي فاز بأصوات المجمع الانتخابي، لا شعبيا، كان حتى آخر لحظة من يوم الانتخاب نفسه، أكبر معاد لدستورية المجمع نفسه ومنحه حق انتخاب الرئيس، ونجد أيضا تغريدة أطلقها في حسابه يوم 6 نوفمبر 2012 يصفه فيها بأنه كارثة على الديمقراطية وأعاد تغريدها أكثر من 122 ألفا وحوالي 84 ألفا أبدوا إعجابهم بها. ترامب، نسبة لأنصار كلينتون، كان محقا، فالمجمع كارثة على الديمقراطية فعلا، وأكبر دليل أنه جاء به رئيسًا.